جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-15@17:21:11 GMT

"منتدى الرؤية".. شفافية ونقاش هادف

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

'منتدى الرؤية'.. شفافية ونقاش هادف

 

سالم بن سيف العبدلي **

 

تشرفتُ بالمشاركة في منتدى الرؤية الاقتصادي في دورته الرابعة عشرة (2025)، والذي عقد الأسبوع الماضي بدعوة كريمة من الجهة المنظمة، جريدة الرؤية، وحضره عدد من المسؤولين والمختصين والخبراء الاقتصاديين.

وفي الحقيقة نعتبر منتدى الرؤية منصة ونافذة اقتصادية ومساحة مهمة لمناقشة القضايا الاقتصادية التي تهم الوطن، واقتراح الحلول المناسبة لها بكل شفافية ووضوح، خاصة في ظل حضور نخبة من المختصين من القطاعين العام والخاص وفي كل عام يخصص عنوان محدد لهذا الملتقى وكان عنوان هذا العام هو "الاستدامة المالية".

وركزت جلستا العمل على محورين؛ الأول: كان حول الاستدامة المالية في سلطنة عُمان. أما الحور الثاني فكان بعنوان "نحو مسارات عملية لتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني"، وقد تميزت المناقشات والمداخلات والأسئلة بالشفافية والوضوح، وكانت الصراحة واضحة عندما طرح موضوع التنويع الاقتصادي والذي حاز على مساحة كبيرة من النقاش.

بيان الأستاذ حاتم بن حمد الطائي أمين عام المنتدى ورئيس تحرير جريدة الرؤية، في بداية الملتقى، كان بمثابة المُحفِّز والمدخل للنقاش والتفاعل، فقد كان مدعومًا بالأرقام والمؤشرات؛ حيث أشار إلى العديد من النقاط فيما يخص الجانب الاقتصادي وأهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل. ومن أهم النقاط التي أثارها في بيانه أهمية معالجة الآثار السلبية في مسألة التوازن المالي وإعادة الهيكلة ودعم القطاع الخاص والبناء على ما تحقق من إنجازات وانتعاش الاقتصاد الوطني واتخاذ قرارات جريئة تسهم في تحقيق النمو ومسألة التوظيف لتحقيق "رؤية عُمان 2040" والوصول إلى النمو الاقتصادي المستهدف وهو 5% والذي حاليا لا يتجاوز 1.8%.

كذلك كانت مداخلة المكرم الدكتور ظافر الشنفري رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة، تتسم بالشفافية والوضوح والصراحة، ومدعومة بالأرقام، وقد وضع النقاط على الحروف وأثار عددًا من التساؤلات. وفيما يخص القوانين، أشار إلى أن مجلس الدولة راجع أكثر من 150 قانونًا؛ منها قوانين قائمة ومشاريع قوانيين، وأكد أن قوانيننا العُمانية ليست عائقًا في سبيل تحقيق الأهداف؛ بل إنها تُعد من أفضل القوانين على مستوى المنطقة، إلّا أن الإشكالية تكمن في اللوائح التنفيذية وعدم التطبيق، وضرب مثالًا بقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي ينص على قيام القطاع الخاص بتمويل وإدارة المشاريع الاقتصادية دون تكبد موازنة الدولة أي أعباء مالية، إلّا أن هذا القانون لم يُطبَّق بطريقة صحيحة.

كما أشار المكرم الشنفري إلى جانب السياسات التي أحيانًا تتناقض مع اللوائح، وضرب مثالًا بشركة الطيران العُماني والتي أعيد هيكلتها وجرى إغلاق عدد من الوجهات الناجحة، فيما يتعارض مع توجه سلطنة عُمان نحو تشجيع ودعم قطاع السياحة؛ (شخصيًا كان لي مقال تفصيلي حول هذا الموضوع مؤخرًا). لذا فإن هذه التناقضات تحتاج إلى معالجة وإلى برامج وطنية للتصحيح.

وأخيرًا طرح الشنفري، تساؤلًا حول نتائج خطة التوازن المالي التي نفذتها الحكومة، والتي أدت إلى نتائج إيجابية، وما إذا كانت نتائجها الإيجابية تحققت بفضل التنويع الاقتصادي أم أنها بسبب ارتفاع أسعار النفط؟

من أبرز النقاط التي عرَّج عليها الدكتور ظافر الشنفري في مداخلته المُثرية، أنه في عالم الاقتصاد يتسبب تقليص الدعم الحكومي لمشاريع التنمية ورفع الضرائب في التأثير سلبًا على معدل النمو وليس العكس، وذكر أن خفض معدل الدين إلى 30% أو 35% يمثل إنجازًا، لذا ينبغي تسخير الفوائض المالية لإقامة مشاريع تنموية واستثمارية.

ومن الأرقام والمؤشرات المهمة التي أشار إليها في تعقيبه هو أن نمو الناتج المحلي كان 1% فقط في عام 2023 وأن التضخم ضعيف، وبالتالي لا توجد حركة في السوق، وأن القوة الشرائية تراجعت بنحو 14% خلال السنوات الأربع الماضية، كما إن الاستثمار المباشر يعتمد على 80% من عائدات النفط والغاز، ولم تحقق قطاعات اقتصادية أخرى معدل النمو المخطط لها؛ فعلى سبيل المثال حقق قطاع السياحة فقط 2% نموًا، بينما القطاع السمكي حقق نموًا بـ1%، والصناعات التحويلية بأقل من 10% نموًا، وهذه الأرقام والمؤشرات تدعونا للتوقف عندها ومراجعة بعض السياسات والقوانين والإجراءات من أجل تسريع النمو وزيادة التنويع الاقتصادي.

في مداخلتي حول الموضوع، كنتُ صريحًا للغاية، وهذه الصراحة ناتجة عن غيرةٍ وحبٍ لهذا الوطن العزيز، وقد اختصرتُ الكلام بالقول إننا لا ينقصنا تشخيص المشكلة وطرحها؛ فدائمًا في الندوات والمؤتمرات المتخصصة وعبر مختلف الوسائل الإعلام المختلفة نطرحها ونُناقشها بالتفصيل.

وذكرتُ في مداخلتي أننا حضرنا مؤتمرًا في نهاية تطبيق "رؤية عُمان 2020"، قبل سنوات، وكان من بين الحاضرين رئيس وحدة تنفيذ رؤية ماليزيا، وأتذكر أنه طُرِح عليه سؤال حول أسباب نجاح رؤية ماليزيا، وأجاب بكل شفافية بأن ذلك كان بسبب وضوح الأهداف، والأهم من ذلك أن المسؤول الذي يُكلَّف بتنفيذ مهمة معينة خلال فترة محددة إذا أخفق في تنفيذها يُقال له مع السلامة، ويحل محله شخص آخر.

إذن نعلم الآن أننا تنقصنا الخطوة الأخيرة، وهي التنفيذ ثم التنفيذ، والمحاسبة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع أيضا بالتفصيل في أكثر من مقال ولقاء إعلامي.

وأخيرًا.. لقد خرج منتدى الرؤية الاقتصادي، بتوصيات مُهمة للغاية نأمل أن يُستفاد منها في تعديل وإصلاح المسار الاقتصادي في البلاد، وإطلاق مبادرات اقتصادية تضمن تحفيز نمو القطاع الخاص ورفد القطاعات الاقتصادية الحيوية بعوامل النمو والازدهار، مع الحرص على الموازنة بين السياسات المالية والاقتصادية وفق متطلبات التنمية واستدامتها.

** كاتب ومُحلِّل اقتصادي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فاروق: الرؤية الاستباقية للرئيس السيسي ساهمت في تحويل الأزمات إلى فرص عظيمة

» وزير الزراعة يؤكد على أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لدفع عجلة الاستثمار الزراعي

وزير الزراعة: الأمن والاستقرار الإقليمي ركناً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي.. وإنهاء الحرب في غزة ينعكس إيجابياً على استقرار المنطقة ككل
 

أكد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن القطاع الزراعي المصري يمثل أحد أهم ركائز الأمن الغذائي ودعامة أساسية للاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن الدولة تولي هذا القطاع اهتماماً بالغاً تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانطلاقاً من الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، التي وضعت أهدافاً واضحة لتعزيز الإنتاج الزراعي وتطوير سلاسل القيمة وتحسين كفاءة إدارة الموارد المائية.

الزراعة والغذاء

جاء ذلك خلال كلمته في النسخة الثالثة من مؤتمر "الزراعة والغذاء" الذي عُقد تحت عنوان: "الطريق إلى المستقبل.. تنمية مستدامة وصادرات تنافسية"، حيث شهد المؤتمر حضوراً رفيع المستوى ضم المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور شريف الجبلي رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب، وعدد من أعضاء مجلس النواب والخبراء والمستثمرين، وبعض قيادات وزارة الزراعة.

الزراعة: 2540 نشاطًا إرشاديًا في إطار خطة تطوير المراكز الإرشادية بالمحافظات

وأكد وزير الزراعة أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في المشروعات الزراعية القومية، مثل مشروع الدلتا الجديدة و مستقبل مصر للتنمية المستدامة، إلى جانب التوسع في الزراعة الذكية والصوب الزراعية، وإعادة تأهيل الترع وشبكات الري بالاعتماد على النظم الحديثة الموفرة للمياه، وهو ما يعكس التزام الدولة بتحقيق الأمن الغذائي المستدام رغم التحديات الجيوسياسية والبيئية.
ونوّه فاروق إلى أن الرؤية الاستباقية للقيادة السياسية هي التي حوّلت الأزمة إلى فرصة، حيث أثبتت جهود تطهير البحيرات والترع وتطوير المساقي والمراوي فعاليتها في استيعاب التدفقات المائية غير المنظمة خلال الأيام الماضية بعد أحداث سد النهضة الأخيرة التي تمت دون إخطار أو تنسيق.

وكشف وزير الزراعة عن تحقيق القطاع لقفزة في القدرة التنافسية، حيث بلغ إجمالي الصادرات الزراعية المصرية حوالي 7.5 مليون طن منذ بداية عام 2025، بزيادة قدرها 650 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي، متجاوزاً التحديات الجيوسياسية التي فرضت تغيرات عميقة على سلاسل الإمداد العالمية، لافتا إلى ان الموالح تصدرت قائمة الصادرات بكمية تجاوزت 1.9 مليون طن، تليها البطاطس.

وأضاف ان الصادرات الزراعية المصرية، قد شهدت أيضا تنوعاً شمل العنب والمانجو والطماطم والرمان، كذلك تمثل صادرات النباتات الطبية والعطرية وحدها 17% من إجمالي صادرات المحاصيل الزراعية لأول مرة، موضحا أن النجاح يمتد إلى فتح أسواق تصديرية جديدة لمنتجات مصرية، كان آخرها جنوب إفريقيا للرمان، والفلبين للبصل والثوم، والمكسيك للكركديه، وفنزويلا للموالح.

وأشار فاروق إلى اعتماد الخط الملاحي "الرورو" (RORO) بين دمياط وتريستا، الذي يمثل "ممرًا أخضر" لنقل الحاصلات الزراعية والخضروات سريعة التلف والمنتجات المصنعة إلى إيطاليا ومنها إلى أوروبا، مما يقلل من تكاليف وزمن وصول البضائع ويدعم مكانة مصر كمنطقة لوجستية مركزية، مشددا على أن التنمية المستدامة تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

الزراعة تستعرض حصاد أنشطة مبادرة المراكز الإرشادية الزراعية خلال سبتمبر

وأكد الوزير أن الدولة تؤمن بأن القطاع الخاص شريك أساسي في دفع عجلة الاستثمار الزراعي، وتطوير الصناعات الغذائية وسلاسل القيمة المضافة، لما لها من دور حيوي في تقليل الفاقد وتعظيم العائد الاقتصادي وخلق فرص عمل للشباب، مشيرا الى أن الدولة المصرية تضع تعزيز التعاون الدولي في مجال الزراعة والغذاء على رأس أولوياتها، عبر شراكات فعّالة مع المنظمات الدولية والإقليمية، لتبادل الخبرات والتقنيات الحديثة في مجالات الزراعة الذكية وإدارة الموارد المائية ومواجهة آثار التغير المناخي.
وأشار فاروق إلى أن التطورات الإقليمية تفرض ضرورة الاستقرار، مؤكداً أن إنهاء الحرب في غزة من شأنه أن ينعكس إيجابياً على استقرار المنطقة ككل، ويفتح المجال أمام عودة حركة التجارة والإمدادات، ويخفف الضغوط على أسواق الغذاء والطاقة، وأكد على أن الأمن والاستقرار الإقليمي يمثلان ركناً أساسياً لضمان تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي.

واختتم وزير الزراعة كلمته بالتأكيد على عزم الدولة على مواصلة مسيرة التنمية الزراعية المستدامة، انطلاقاً من رؤية القيادة السياسية التي تضع الزراعة في قلب استراتيجية بناء الإنسان والاستثمار فيه.

مقالات مشابهة

  • السفير الصيني لـ"الرؤية": هناك إجماع عالمي على مبدأ "الصين الواحدة"
  • الرقابة المالية: نسعى لتعزيز الشفافية لتحويل النمو الاقتصادي إلى فرص تمويل للشركات
  • جابر من واشنطن: لبنان يمتلك إرادة النهوض ولن يستسلم
  • سلامة يلتقي الصليب الأحمر.. ونقاش في الأوضاع الإنسانية
  • فرنجية يلتقي الإنماء والإعمار.. ونقاش في المشاريع الإنمائية
  • وزير الاستثمار: السياحة والفندقة من أبرز محركات النمو الاقتصادي ضمن رؤية مصر 2030
  • وزير المالية: الإصلاحات الاقتصادية والمالية تؤتى ثمارها.. فى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي ودفع النمو إلى 4,4٪
  • مديرية الانتخابات في غينيا تعلن إنشاء هيئتين لضمان شفافية الاقتراع الرئاسي
  • فاروق: الرؤية الاستباقية للرئيس السيسي ساهمت في تحويل الأزمات إلى فرص عظيمة
  • تحذير مروري عاجل.. انعدام الرؤية يهدد الطرق