بين غزة وأوكرانيا.. "الصفقة" كلمة سر الترامبية الجديدة
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
كثف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ تسلمه مقاليد الحكم، جهوده لرص مبادئ ما بات يعرف بالترامبية الجديدة في السياسية العالمية.
تبنى ترامب مصطلح ونهج الصفقات لحل القضايا الساخنة في العالم وقدم طروحات توصف بأنها خارج الصندوق، لدفع باقي الأطراف لتقديم مقترحات إبداعية لحل الأزمة.
في قلب هذه الجهود تبرز خطته المثيرة للجدل المتعلقة بالحرب في غزة، حيث اقترح ترامب تطبيق خطة تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في القطاع، بهدف إعادة إعمار المنطقة، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من مختلف الأطراف المعنية.
الأمر الذي دفع لعقد قمة عربية طارئة للتوافق على خطة بديلة يتم تقديمها لواشنطن، خطة تقوم على رفض فكرة التهجير القسري لسكان غزة، وإعادة إعمار القطاع مع بقاء سكانه فيه.
صفقة أوكرانيا
في الحرب المشتعلة في القارة الأوروبية قدم ترامب تصورا صادما لحلفائه عبر خطط سلام تشير إلى استغناء أوكرانيا، عن بعض أراضيها التي فقدتها لصالح روسيا وعدم انضمام كييف إلى الناتو.
ولوح بتقليص الدعم العسكري لأوكرانيا وكذلك لأوروبا .
خطة ترامب المثيرة للجدل تجلت في اللقاء التاريخي مع الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض والذي شهد مشادات غير مسبوقة واتهاما من ترامب لزيلنسكي بعدم السعي للسلام.
الأمر الذي دفع القادة الأوروبيين للتوافق على زيادة ميزانيات الدفاع، ومحاولة التوافق على خطة سلام بديلة في أوكرانيا تحافظ على المصالح الأوروبية.
في المحصلة يبدو أن ترامب يسعى في سياساته الخارجية بشأن النزاعات لتبني نهج غير متوقع يسبب صدمة حتى لحلفائه لدفع الأطراف المعنية للتحرك سريعا والبحث عن مسار مناسب وغير تقليدي لإبرام الصفقة وهذه هي كلمة السرK التي يبدو أن ترامب يقيم بها سياساته.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات ترامب الرئيس الأوكراني البيت الأبيض ترامب أوكرانيا غزة ترامب الرئيس الأوكراني البيت الأبيض أخبار العالم
إقرأ أيضاً:
قمة ترامب- بوتين: تروّض أوكرانيا وتُحبط أوروبا
فيما كانت بروكسل تحاول هضم الاتفاق التجاري المذل الذي أجبرت على توقيعه مع واشنطن، عاجلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضربة أشد قوة وتأثيرا، بإعلانه عبر منصته "تروث سوشيال" عن لقاء سيجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في 15 آب/ أغسطس الجاري في "ألاسكا"، وعنوانه السعي إلى التوصل إلى تفاهمات من أجل صياغة اتفاق سلام ينهي الصراع في أوكرانيا.
خبر هذا اللقاء أحدث اضطرابا أوروبيا وأوكرانيا، وسط شعور عارم بالإقصاء والتهميش، وتسارعت وتيرة الاتصالات بين كييف وشركائها لتنسيق الموقف إزاء هذا التطور المفزع.
رمزية "ألاسكا"
اختيار مكان الاجتماع في ولاية "ألاسكا" القريبة جغرافيا من روسيا بالذات ليس تفصيلا عابرا. كانت هذه الولاية تقع ضمن أراضي وممتلكات الإمبراطورية الروسية التي باعتها إلى أمريكا عام 1867. يقول مستشار الكرملين يوري أوشاكوف إن "ألاسكا" و"القطب الشمالي" منطقتان تتقاطع فيهما مصالح البلدين الاقتصادية، وثمة إمكانيات لتحقيق مشاريع واسعة تعود بالمنفعة المتبادلة.
تحمل مواقف وتصريحات ترامب دلالات واضحة على هذا التوجه، حيث سبق أن أظهر تأييده لشروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم إقليمي "لوغانسك" و"دونيتسك" ومقاطعتي "زابورجيا" و"خيرسون" إلى "الاتحاد الروسي"، بالإضافة إلى رفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"
بيد أن الأمور تذهب أبعد من ذلك، حيث تشير العديد من التقارير إلى أن اختيار "ألاسكا" الواقعة جغرافيا بين روسيا وأمريكا، يستبطن رمزية إبعاد القوى الأوروبية وأوكرانيا عن طاولة مفاوضات السلام لإنهاء الصراع في الثانية، في موازاة الدفع باتجاه توطيد وتوثيق عرى التحالف بين القوتين الروسية والأمريكية، وفق الاستراتيجية التي يتبناها ترامب وفريقه لمأسسة توازنات جديدة ضمن النظام العالمي.
وتحمل مواقف وتصريحات ترامب دلالات واضحة على هذا التوجه، حيث سبق أن أظهر تأييده لشروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم إقليمي "لوغانسك" و"دونيتسك" ومقاطعتي "زابورجيا" و"خيرسون" إلى "الاتحاد الروسي"، بالإضافة إلى رفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما تطالب موسكو. وهو الذي يظهر الكثير من الازدراء بالحلف ويعتبره أداة سياسية- عسكرية منتهية الصلاحية. زد عليها تصريحات نائبه، جي دي فانس، الذي قال إن أمريكا تسعى للتوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، مع ملاحظة استخدامه مصطلح "الأزمة" بدل "الحرب"، من خلال الأخذ بالاعتبار خط الجبهة الحالي على الأرض. وأضاف أنّه "إذا أراد الأوروبيون شراء أسلحة من شركات أمريكية لنقلها إلى أوكرانيا فإن واشنطن لا تمانع، لكننا لن نمول هذا بأنفسنا".
وفي حين تطالب كييف بضمانات أمنية أوروبية وأمريكية من ضمنها نشر قوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية لحفظ السلام، وهو ما ترفضه موسكو بحسم ضمن شروطها للسلام بأن لا تكون أوكرانيا ساحة للتمدد الجيوسياسي والعسكري الغربي قرب حدودها، فإن ترامب لا يظهر أدنى اهتمام بهذا المقترح، في ظل سياسته المعروفة بالحد من التورط الأمريكي في الصرعات، وخصوصا نشر قوات عسكرية.
زيلينسكي والتحول نحو الدبلوماسية
رغم كل المحاولات التي بذلها الرئيس الأوكراني بالتعاون مع شركائه الأوروبيين لاستثمار الفجوة التي ظهرت بين واشنطن وموسكو خلال الأسابيع الأخيرة ضمن مناورات الضغط الترامبية، من أجل تحسين موقفه التفاوضي، إلّا أنّه أظهر نوعا من البراغماتية المغلفة بالمرارة بعد الإعلان عن القمة بين الرئيسين الروسي والأمريكي.
من خلال هذه المرونة، سعى زيلينسكي إلى تعزيز الدفع نحو توسيع القمة لتصبح ثلاثية، دون أن يستطيع إخفاء شعوره بالإقصاء. هذا المقترح سبق أن أعرب المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف تأييده له، وأكد ممثلو روسيا في جولة مباحثات إسطنبول الأخيرة أنه يمكن أن ينعقد فقط في المرحلة الأخيرة من المفاوضات، بعد توافق الطرفين على شروط السلام.
غير أن الإشارة اللافتة التي تستحق التوقف عندها في مواقف زيلينسكي الأخيرة، هي مواصلته التأكيد على عدم التخلي عن الأراضي، وسعي بلاده إلى استردادها بالدبلوماسية وليس بالمواجهة العسكرية. تحمل هذه المواقف دلالات على تحول هائل يرتكز على قناعة عميقة داخل الإدارة الأوكرانية بالعجز عن تغيير الواقع الميداني، ولا سيما بعد فقدان الحليف الأمريكي الذي يواصل ابتعاده وتقنين المساعدات المالية والعسكرية، وغالبيتها مرتبطة بتنفذي تعهدات إدارة بايدن، فيما الباقي منها جرى تلزيمها إلى بروكسل.
لذلك تسعى كييف إلى التقاط الفرصة من أجل الحد من خسائرها، حيث تشير التقارير إلى أن زيلينسكي وويتكوف تفاهما في لقائهما الأخير على وساطة أمريكية لإقناع بوتين بحل وسيط يقضي بالاحتفاظ بجزء من الأراضي التي يطالب بها وليس كلها، مما يؤسس لأرضية صلبة تسرع التوصل إلى اتفاق سلام.
"يالطا" الجديدة
في المقابل، أجرت موسكو مناورة عسكرية ميدانية في أوكرانيا من خلال التقدم نحو مناطق خارج تلك التي تريد ضمها إلى سيادتها، وإنشاء رؤوس جسور فيها، من أجل توظيفها على طاولة المفاوضات. ويبدو أن واشنطن تؤيد هذه المناورة لزيادة الضغط على كييف، حيث غضت الطرف عنها وغابت عن مواقف المتحدثين باسمها.
الإشكالية الكبرى التي ما تزال تعرقل تطوير مسار جدي لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي أوروبية الطابع، حيث تواصل بروكسل والقوى المؤثرة في صياغة قرار القارة العجوز الدفع باتجاه تعميق الصراع واستدامته، وعرقلة كل المساعي والجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتوصل إلى سلام، بسبب تخلي واشنطن عن حليفها الأوروبي
ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى إمكانية إبداء بوتين لمرونة يتخلى من خلالها عن "زابورجيا" و"خيرسون"، والاحتفاظ بـ"لوغانسك" و"دونيتسك"، مقابل إيقاف الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي لأوكرانيا، وضمان عدم انضمامها إلى "الناتو" مستقبلا.
بيد أن الإشكالية الكبرى التي ما تزال تعرقل تطوير مسار جدي لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي أوروبية الطابع، حيث تواصل بروكسل والقوى المؤثرة في صياغة قرار القارة العجوز الدفع باتجاه تعميق الصراع واستدامته، وعرقلة كل المساعي والجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتوصل إلى سلام، بسبب تخلي واشنطن عن حليفها الأوروبي وإبعادها عن طاولة المفاوضات. وهذا ما يمكن تبينه في المواقف الأوروبية التي صدرت ردا على قمة ترامب- بوتين، والإشارة إلى أن أي اتفاق يجب أن تكون أوكرانيا وأوروبا شريكتين في صياغته لأن الأمر يتعلق بأمنهما.
وتظهر تقارير وسائل الإعلام الأوروبية أن مفاعيل القمة تبث شعورا في أوساط النخب الأوروبية أنها إزاء "يالطا جديدة"، في إشارة إلى اللقاء التاريخي بين الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عام 1945 في منتجع على البحر الأسود، من أجل إعادة ترسيم الخارطة الأوروبية وتقسيم مناطق النفوذ بينهم.
وبالتالي، ورغم كل التوقعات التي تشير إلى صعوبة خروج القمة الروسية- الأمريكية بتسوية للصراع في أوكرانيا، إلا أنها تشكل خرقا سياسيا جديا يفضي لإبرام سلام خلال وقت قصير، ويؤسس لشراكة جيوسياسية واستراتيجية تعيد تشكيل النظام العالمي.