«ستاندرد تشارترد فينشرز»: 6% نمو اقتصاد الإمارات في 2025
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة تراوح بين 5 و%6 خلال العام 2025، فيما يأتي جزء كبير من هذا النمو من القطاع غير النفطي، بحسب توقعات محمد فيروز، رئيس عمليات الشرق الأوسط في شركة «إس سي فينشرز»، التابعة لبنك «ستاندرد تشارترد».
وقال فيروز لـ «الاتحاد» إن الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات تساهم بنسبة تصل إلى %63.
وأشار فيروز، إلى أن التقارير تبين أن 91% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات تظهر تفاؤلاً ملحوظاً بمستقبل أعمالهم، بينما يسعى 70% منهم إلى تأمين تسهيلات ائتمانية لتوسيع نطاق عملياتهم، كاشفاً أنه انطلاقاً من خبرة «إس سي فنتشرز» في تأسيس وتنمية مشاريع الشركات الصغيرة والمتوسطة، تعتزم إطلاق مشروع متخصص في هذا القطاع خلال النصف الثاني من العام الجاري، يهدف إلى إنشاء منصة عالمية متكاملة تربط هذه الشركات بشركاء منظومة أعمالهم، وتسهل عمليات التجارة والإمداد والتمويل ضمن شبكة عالمية مترابطة.
وشدد فيروز، على وجود فرصاً واعدة لنمو قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يُقدر حجم الاحتياجات التمويلية التي لم تتم تلبيتها بعد، في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها بأكثر من 250 مليار دولار، ويترافق ذلك مع انخفاض مستوى الوصول الرقمي لتلك الشركات.
وأضاف أنه في هذا الإطار، بدأنا بالفعل في بناء شراكات استراتيجية لإطلاق إمكانات الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال معالجة التحديات الرئيسية التي تواجهها، وتمكينها من تحقيق النمو، معلناً أن الشركة تعتزم الاستفادة من قدرتها المتكاملة على معالجة تحديات تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية الرقمية، وتأسيس مشاريع ناجحة للشركات الصغيرة والمتوسطة في كل من الهند وجنوب شرق آسيا والقارة الأفريقية، للتعاون مع عدد من الشركاء في المنطقة لنقل الخبرات.
جهود الإمارات
وحول جهود دولة الإمارات لدعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، أفاد فيروز، بأن حكومة دولة الإمارات وفرت بيئة داعمة ومحفزة للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تأسيس مجموعة من الأطر الاستراتيجية، فعلى سبيل المثال، تُعدّ استراتيجية الـ300 مليار الصناعية لدولة الإمارات نموذجاً بارزاً، والتي سيساهم من خلالها بنك الإمارات للتنمية في تقديم التمويل لـ13500 شركة صغيرة ومتوسطة. وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، يواصل صندوق خليفة، المؤسسة غير الربحية التابعة لحكومة أبوظبي، تقديم دعمه للشركات الصغيرة والمتوسطة منذ عام 2007، وقد شهد هذا الدعم نمواً ملحوظاً من رأسمال أولي قدره 300 مليون درهم إلى ملياري درهم، وهو حالياً يغطي هذه الشركات في جميع أنحاء الإمارات. وأضاف أنه في مجالي التكنولوجيا المالية وريادة الأعمال، نتعاون في «إس سي فنتشرز» بشكل فعّال مع وزارة الاقتصاد لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز نموها، وفي هذا الاتجاه؛ وقعت شركة أبرو أونبوردينغ سوليوشنز، إحدى الشركات التابعة لمحفظتنا الاستثمارية، مذكرة تفاهم مع وزارة الاقتصاد بهدف تمكين التسجيل الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وذكر أنه إضافة إلى ذلك هناك العديد من المبادرات الرئيسية التي تتضمن مشروعاً ناشئاً تقوده الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، والذي يهدف إلى تطوير منصة وسوق للتكنولوجيا المالية مصممة خصيصاً لتسهيل التجارة عبر الحدود لهذه الشركات، وتوفير التمويل، وربطها بالفرص العالمية، معتبراً أن هذه الجهود تؤكد التزام دولة الإمارات الدائم بتعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والابتكار.
أفضل وجهة
قال محمد فيروز، رئيس عمليات الشرق الأوسط في شركة «إس سي فينشرز»، إن الإمارات تصدرت المركز الأول عالمياً في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2023-2024، لتسجل بذلك هذا الإنجاز للعام الثالث على التوالي الذي يكتسب أهمية بالغة، إذ سجلت الدولة معدلاً قياسياً بلغ 7.7، وهو الأعلى في تاريخ التقرير.
وتابع: «وفي ضوء ذلك، صُنفت الإمارات كأفضل وجهة عالمية لبدء وإدارة المشاريع التجارية الجديدة، متفوقةً بذلك على العديد من الاقتصادات المتقدمة، إقليمياً ودولياً، منوهاً بأنه ضمن مبادرة «100 شركة من المستقبل» التي أطلقتها وزارة الاقتصاد، فقد تم اختيار «أبرو»، الشركة المتخصصة في حلول التسجيل الرقمي التابعة للشركة، كواحدة من الشركات الناشئة ذات الرؤية المستقبلية التي تساهم في تشكيل مستقبل القطاع في الإمارات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اقتصاد الإمارات الإمارات أبوظبي القطاع غير النفطي ستاندرد تشارترد الشرکات الصغیرة والمتوسطة فی للشرکات الصغیرة والمتوسطة دولة الإمارات فی الإمارات
إقرأ أيضاً:
حين يتحول التعمين إلى مُسكِّن لمرض اقتصادي مزمن
عبدالوهاب البلوشي
منذ سبعينيات القرن الماضي، ارتكز الاقتصاد العُماني على عائدات النفط الوفيرة. وعلى الرغم من ترديد شعار «تنويع مصادر الدخل» لعقود، يبقى السؤال المُلح: لماذا ظلَّ هذا الشعار حبيس الأوراق، من رؤية عُمان 2020 مرورًا بالخطط الخمسية المُتعاقبة، دون أن يتحول إلى واقع ملموس؟
الإجابة، للأسف، تكمن في غياب الإرادة السياسية الحقيقية والالتزام العملي اللذين كانا كفيلين بتحويل تلك الطموحات إلى إنجازات.
القطاع الخاص: تابع لا شريك
لم يُمنح القطاع الخاص في عُمان فرصة لينمو كقوة اقتصادية فاعلة ومستقلة. بل جرى ترويضه ليظل رهينًا لعباءة الدولة، مُعتمدًا في بقائه واستمراره على المشاريع الحكومية والعقود الممنوحة.
هذا الوضع لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة حسابات ومصالح متشابكة:
السيطرة السياسية على الاقتصاد: إبقاء دواليب الاقتصاد تحت سيطرة الدولة المباشرة. اقتصاد الوكالات والعمولات: استفادة نافذين من نظام الكفالات الذي يضمن فوز شركات أجنبية محددة بمناقصات حكومية ضخمة، غالبًا ما تتضاعف تكاليفها الأصلية أضعافًا، على حساب المال العام والكفاءة. تفضيل المظاهر على الجوهر: ضخ مليارات الريالات في مشاريع بنية تحتية وصروح ضخمة، تفتقر غالبًا لأثر مستدام على الاقتصاد الإنتاجي المحلي، مقابل إهمال الاستثمار في قاعدة إنتاجية تنافسية.التحول المجتمعي: من الفلاحة إلى الوظيفة
مع انطلاق مسيرة النهضة، بعثت الحكومة رسالة واضحة للمجتمع عبر سياسات التوظيف المباشر: «اتركوا أراضيكم وحرفكم، وتوجهوا إلى وظائف الحكومة والجيش والأمن».
النتائج كانت سلبية جدًا على المدى المتوسط والطويل:
تخلى المزارعُ عن أرضه. باع الراعي مواشيه. ترك الصياد شباكه. اتجهت الأجيال اللاحقة إلى الوظيفة الحكومية براتب مضمون ومستقر، بغض النظر عن الإنتاجية أو الحاجة الفعلية.وترسخت بذلك قناعة عامة بأنَّ الوظيفة الحكومية حق دائم للمواطن وأبنائه وأحفاده، لا عقد عمل مرتبط باحتياجات السوق وقدرة الاقتصاد.
النتيجة بعد نصف قرن: بطالة وهشاشة واتكالية؛ حيث إننا، اليوم، نواجه بطالة متصاعدة، خاصة بين الشباب، بينما نميل إلى تحميل العمالة الوافدة المسؤولية. لكن التشخيص الحقيقي يكشف جذورًا أعمق:
اقتصاد ريعي غير مُنتج: يعتمد على ريع النفط والغاز دون قدرة حقيقية على خلق فرص عمل مستدامة أو تنويع الدخل. بيئة أعمال غير جاذبة للاستثمار: تُعاني من بيروقراطية معقدة وتفتقر للحوافز الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي المنتج. ثقافة اتكالية: غياب روح المبادرة الفردية والمخاطرة المحسوبة، مع اعتماد شبه كلي على الدولة.في هذا السياق، تحول التعمين من سياسة جادة إلى شعار سياسي أو مُسكِّن مؤقت.
كيف يمكن إحلال مواطن محل وافد في اقتصاد قائم على الاستيراد والخدمات الحكومية، بينما يفتقر تقريبًا إلى قطاعات إنتاجية وتكنولوجية مولدة لفرص عمل جيِّدة ومستدامة؟
الخلاصة: الفاتورة المتأخرة وضرورة العلاج الجذري
التعمين بصورته الحالية ليس أزمة طارئة؛ بل هو فاتورة متأخرة لسياسات اقتصادية واجتماعية بدأت قبل نصف قرن. إنِّه عرض لمرض مزمن في بنية الاقتصاد ونظام الحوافز وعلاقة الدولة بالمجتمع.
والخروج من هذه الدائرة يتطلب شجاعة سياسية لاتخاذ إجراءات جذرية:
كسر إدمان النفط والغاز: الإسراع في التنويع الاقتصادي نحو قطاعات إنتاجية وتصديرية قادرة على خلق وظائف نوعية (صناعات متقدمة، تقنية، سياحة مستدامة، زراعة حديثة، لوجستيات). تحرير القطاع الخاص: فك ارتباطه بالمناقصات الحكومية وتهيئة بيئة تنافسية تشجع الابتكار والاستثمار المنتج، مع إصلاح جذري لنظام الكفالات والمناقصات لضمان الشفافية والكفاءة. إصلاح سوق العمل: مراجعة سياسات التوظيف والأجور في القطاع الحكومي، وتطوير التعليم والتدريب المهني بما يلائم احتياجات السوق المستقبلية. تعزيز ثقافة الإنتاج والمبادرة: تغيير العقد الاجتماعي القائم على الوظيفة المضمونة، وبناء ثقافة تقدّر العمل الحر والإنتاجية والريادة.كلمة أخيرة
الوقت ليس في صالحنا. ومع الضغوط السكانية، واقتراب عصر ذروة النفط والغاز عالميًا، فإن الاستمرار بالسياسات الحالية يقود إلى سيناريو خطير: بطالة متفاقمة، اقتصاد هش، وضغوط اجتماعية متصاعدة.
التعمين الحقيقي لن يتحقق بملء وظائف شكلية، بل ببناء اقتصاد وطني قوي قادر على استيعاب طاقات أبنائه وضمان رخائهم.
هذه ليست رفاهية؛ بل ضرورة وجودية لمستقبل عُمان.