أمريكا على حافة الهاوية: نهاية إمبراطورية
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
1 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: صفاء الحاج حميد
في إحدى القصص القديمة، نصح تاجر ثري ابنه قائلاً: “إذا فقدت كل شيء، حتى لو اضطرت للاستدانة، اشترِ بدلة فاخرة، ارتدِها، واذهب إلى السوق كما لو أنك ما زلت مليئًا بالمال. ادعُ الجميع إلى حفل فاخر، وليكن العشاء غالي الثمن. الجميع يجب أن يظن أنك ما زلت تملك كل شيء.
تفاجأ الابن وسأله: “ولكنك مفلس يا أبت، لماذا كل هذا التبذير؟” فأجابه الأب بابتسامة مكر: “السر في أن الناس سيظنون أنك لا زلت ثريًا، وهذا قد ينقذك من الإفلاس.”
وفي نفس السياق، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد طبق هذه الاستراتيجية في فترة حكمه. كان يهدد العالم بأجمعه، وهو لا يدرك أن هذه التهديدات لم تكن أكثر من زئير أسد مريض. تهديده لكندا بأن تصبح الولاية 51، وتهديداته لأوروبا بتعريفات جمركية مرتفعة، وكل التصريحات التي أطلقها بشأن الصين، المكسيك، إيران، وحتى الانسحاب من اتفاقيات مناخية وصحية دولية، كانت مجرد حيلة لإخفاء واقعٍ مُر.
لكن في الواقع، أمريكا ليست كما كانت. الولايات المتحدة، رغم تهديداتها المتواصلة، تُعد الدولة الأكثر مديونية في العالم، وديونها تتزايد بمعدل لا يمكن تصوره. الدولار، الذي كان في يومٍ من الأيام رمزًا للقوة الاقتصادية العظمى، بدأ ينحدر بشكل لا يُحتمل. الطبقات الاجتماعية في أمريكا في حالة انهيار، وأعداد الفقراء والمشردين في ازدياد، بينما الطبقة الوسطى تكاد تختفي.
وأمريكا التي كانت ذات يوم تسيطر على العالم، تجد نفسها في حالة تدهور على الصعيدين السياسي والعسكري. من أفغانستان إلى العراق، ومن اليمن إلى أوكرانيا، كلها هزائم مدمرة. حتى في اليمن، كانت البحرية الأمريكية تفر من أمام الحوثيين، في أكبر إهانة للقوة العسكرية الأمريكية.
وأمام هذا الانحدار، الصعود المستمر للقوى العالمية الجديدة مثل الصين وروسيا والهند، أصبح يشكل تهديدًا أكبر. المعركة الاقتصادية بدأت تتحول من الغرب إلى الشرق، وباتت القوى الصاعدة تمثل بديلاً أقوى وأكثر استقرارًا.
ترامب، الذي يصر على تهديد العالم بأحاديثه الجوفاء، لا يدرك أن حتى حلفاءه القدامى أصبحوا يتحاشونه. فرنسا، بريطانيا، كندا، وغيرهم، بدأوا يتنصلون من الهيمنة الأمريكية التي طالما كانت سائدة.
لكن الحقيقة المؤلمة، التي يرفض أن يراها، هي أن عصر أمريكا كقوة عظمى قد انتهى.
العالم يُسجل نهاية مرحلة الإمبراطوريات، والشرق يُعيد رسم ملامح القوة. أمريكا، مهما حاولت، لن تستطيع إيقاف هذا المد.
الوقت ينفد، والخيارات ضئيلة. إما أن يواجهوا الحقيقة، ويُقروا بأنهم أصبحوا مجرد قوة عادية في عالم متعدد الأقطاب، أو أن يستمروا في لعبة التهديدات الفارغة، ليجدوا أنفسهم في النهاية في قاع الانهيار، مثل الإمبراطوريات التي سبقتهم.
فهل ستختار أمريكا الهبوط بكرامة إلى مكانتها الجديدة، أم أن التاريخ سيبتلعها في سقوط مدوٍ، لتصبح ذكرى في كتب التاريخ، كما حدث مع كل إمبراطورية تظن أنها أبدية؟.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
بعد اتفاق السلام.. مصطفى بكري: مصر أصبحت نقطة التوازن التي يحتاجها العالم
أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حضور اتفاقية السلام بشرم الشيخ لها دلالات هام، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة.
وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، أن مصر عادت بقوة للساحة الدولية، وشرم الشيخ أصبحت مدينة السلام، وتؤكد للعالم أن القاهرة هي مركز لصناعة السلام.
موافقة ترامب على حضوره لمصر تعكس اهتمامه بالقضايا الاقليميةوتابع مقدم برنامج “حقائق وأسرار”، أن موافقة ترامب على حضوره لمصر تعكس اهتمامه بالقضايا الاقليمية، مؤكدا أن مصر أصبحت نقطة التوازن التي يحتاجها العالم.
وأشار مصطفى بكري إلى أن ترامب يسعى لحصوله على جائزة نوبل للسلام بعد إتفاق غزة.
وعلق محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، على إعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قائلا: "هذا يوم عظيم للشرق الأوسط لا شك في ذلك، فالحرب التي امتدت لأكثر من عامين وجب أن تتوقف في هذه اللحظة التي كان من الضروري أن يتدخل أو تتدخل قوى دولية مختلفة في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ومعها أطراف عربية ودولية وإقليمية".
وأضاف أبو شامة، في تصريحات مع الإعلامية نهى درويش، مقدمة برنامج "منتصف النهار"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": ما قامت به مصر خلال العامين الأخيرين هو دور كبير لا شك في ذلك، لكن ما ستقدمه مصر خلال الساعات القادمة وخلال الأيام القادمة فيما يتعلق بمسار القضية الفلسطينية ومستقبل قطاع غزة تحديدا هو دور مهم وكبير ربما يفوق ما تقدم خلال العامين الأخيرين".
وتابع: "يكفينا فخرا أن مصر كانت من الدول الأولى التي حذرت من تداعيات هذه الحرب وتأثيراتها على الشرق الأوسط، ويكفينا فخرا ما وقف خلفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ودفاعه الدائم عن الثوابت ورفضه لظلم الشعب الفلسطيني وظلم أهالي قطاع غزة ورفضه القاطع للتهجير ورفضه لإبادة الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية".
وأكد، أنّ المواقف المصرية الدبلوماسية نجحت في خلق اصطفاف عربي خلف القضية الفلسطينية وخلف الجهود الدبلوماسية التي تمارسها مصر ومعها أطراف عربية شقيقة في مقدمتها المملكة العربية السعودية والشقيقة قطر ودولة الإمارات والمملكة الأردنية والبحرين وكل الدبلوماسية العربية التي تحركت على جميع المحافل من أجل خلق هذا الزخم الدولي الذي أتى بثماره في النهاية بأن تتدخل الولايات المتحدة هذا التدخل الكبير في مسار الأحداث وتدفع الأمور ناحية السلام.