سليمان شفيق يكتب: أسبوع الآلام.. رحلة الإيمان بين الألم والخلاص
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعيش الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الأيام أقدس أسابيع العام، وهو "أسبوع الآلام"، الذي بدأ بأحد السعف، ويُختتم بأحد القيامة في ٢٠ ابريل، يُعد هذا الأسبوع ذروة الحياة الروحية في التقويم المسيحي، حيث يُستَذكر فيه ما عاشه السيد المسيح من آلام وصولًا إلى قيامته المجيدة، وهو أيضًا الأسبوع الأخير في الصوم الكبير الذي يمتد 55 يومًا.
من لعازر إلى القيامة: مسار الألم والرجاء
سبت لعازر يسبق أسبوع الآلام، وفيه تُحيي الكنيسة ذكرى إقامة السيد المسيح للعازر من الموت، في واحدة من أبرز معجزاته قبل الصلب.أحد السعف يشهد دخول المسيح إلى القدس، حيث استُقبل بأغصان النخيل وأهازيج الفرح، ويُعد هذا اليوم بداية أسبوع الآلام.أيام البصخة (من الإثنين إلى الأربعاء) تحيي ذكرى عبور شعب إسرائيل من العبودية إلى الحرية، وهو عبور يُرمز به للخلاص الروحي.خميس العهد يشهد تأسيس سرّ التناول، وإعلان المسيح عن خيانة يهوذا له، ولهذا يمتنع الأقباط عن تبادل القبلات في هذا اليوم تحديدًا.الجمعة العظيمة تمثل لحظة الصلب، حيث صُلب المسيح على تلة الجلجلة أمام جموع الشعب.سبت النور هو اليوم الذي وُضع فيه جسد المسيح في القبر، ويسمى أيضًا "سبت الفرح" انتظارًا للقيامة.أحد القيامة يُعد أعظم أعياد المسيحية، وهو اليوم الذي قام فيه المسيح من الموت، وظهر لمريم المجدلية كتأكيد لانتصار الحياة على الموت.طقوس وروحانيات: رمزية الحزن ونور الرجاء
خلال هذا الأسبوع، تتحول الكنائس إلى مساحات صمت وتأمل، وتُغطى جدرانها بستائر سوداء، لا حزنًا على موت المسيح، بل على الخطيئة التي كانت سببًا في الآلام. ويُقرأ خلاله سفر الرؤيا بالكامل، لما يحمله من رؤى حول الألم والخلاص والنهاية الممجدة.
توضع ثلاث شموع إلى جانب "المنجلية" (مكان قراءة الإنجيل)، ترمز إلى النبوات، والمزامير، والبشائر الأربع، في إشارة إلى النور الإلهي الذي يضيء درب الإيمان وسط ظلمة التجربة.
التسبحة والألحان: لغة الروح في أوقات الألم
تتردد خلال هذا الأسبوع تسبحة "لك القوة والمجد..." 12 مرة في كل ساعة من ساعات الصلاة، تعبيرًا عن الاعتراف بقوة الله وسيادته. وتُؤدى الترانيم بلحن خاص يُعرف بالأسلوب "الإدريبي"، وهو لحن طويل يميل إلى الحزن، لكنه يمنح في المقابل إحساسًا بالسلام والتعزية.
الميطانيات (السجود) والصوم: طقس الانكسار والتوبة
يمارس الأقباط خلال الأسبوع ما يُعرف بالـ"ميطانيات"، وهي سجود نصفي يرمز إلى التوبة والانكسار، ويُقرن بالصوم الانقطاعي في النهار، فيما تُخفف بعد الإفطار ليلًا. كما يمتنع المؤمنون عن أكل الطعام الحلو، تعبيرًا عن المشاركة الرمزية في مرارة آلام المسيح، خاصة في "الجمعة العظيمة" التي يُفطر فيها البعض على الخل والمر.
أيام بلا قداس.. واستدعاء الطرد من الفردوس
في أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، لا يُقام قداس داخل الكنيسة، ولا يُسمح بالدخول إلى المذبح، في تذكير رمزي بطرد الإنسان من الفردوس بسبب الخطيئة، وترسيخًا لفكرة أن العودة إلى حضرة الله تتطلب توبة صادقة.
أسبوع الآلام.. حالة توحد مع الإنسان المتألم
أسبوع الآلام ليس مجرد ذكرى دينية، بل هو تجربة روحية يعيشها المؤمنون عبر التأمل، والصوم، والصلاة، تعبيرًا عن التوحد مع من تألم من أجل البشرية. وهو أيضًا دعوة للتعاطف مع كل متألم في العالم، وللتماهي مع آلام الآخرين، انطلاقًا من درب الصليب نحو فجر القيامة.
لو حابب أضيف مقدمة تعريفية صغيرة بالمناسبة للقارئ العام أو تختم المقال بجملة ختامية أقوى للنشر، ممكن أزودها كمان. تحب أضيف حاجة؟
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أسبوع الآلام الخلاص الألم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أحد القيامة الصوم الكبير التأمل الصوم أسبوع الآلام ا الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الهجرة مشروع الإيمان والتضحية .. دلالات إيمانية من محاضرة السيد القائد ضمن سلسلة القصص القرآني
يمانيون / خاص
تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في محاضرته الرابعة ضمن سلسلة القصص القرآني، موضوع الهجرة من منظور قرآني، موضحًا أنها استراتيجية لتحرير الدعوة من القيود وتحقيق التأثير، وبيّن أن الإيمان الحقيقي يرتبط بالتضحية والاستعداد للانتقال في سبيل الله، كما عقد مقارنة بين هجرة نبي الله إبراهيم وهجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، مبرزًا أثر كل منهما في نشر الرسالة. مؤكداً أن الهجرة ليست هروبًا، بل انتقال واعٍ يخدم المشروع الإيماني في فضاء أوسع.
الهجرة كاستراتيجية لتحرير الدعوة من القيود وتحقيق التأثير
يبرز السيد القائد البعد الاستراتيجي للهجرة في حياة الرسالات الإلهية. فالهجرة ليست مجرد تنقّل جغرافي، بل هي خطوة محسوبة لكسر الحصار والقيود التي تفرضها قوى الكفر والاستكبار على الدعوة. من خلال الهجرة، استطاعت الرسالة أن تتحرر من التهديد والملاحقة والتضييق، وتنفتح على فضاء أوسع للتأثير والانتشار. وبالتالي، هي ليست انسحابًا بل تحرّكًا نحو القوة والتمكين ، ولها مدلول إيماني يظهر أن المشروع الإلهي يحتاج إلى مرونة استراتيجية وشجاعة إيمانية، وأن التحرك من موقع إلى آخر لا يعني الضعف بل يعكس فهماً عميقاً لمعطيات الواقع.
العلاقة بين الإيمان الحقيقي والاستعداد للتضحية في سبيل الله
يركّز السيد القائد على أن الإيمان الحقيقي لا يُفصل عن الفداء والبذل والتضحية، وأن الاستعداد للهجرة وترك الأهل والوطن والمصالح الشخصية يتطلب إيمانًا صادقًا وراسخًا. فالمهاجر في سبيل الله يتحرّك بدافع روحي عميق، وليس لمكاسب دنيوية والهجرة تُعدّ ميزانًا للإيمان الصادق، حيث يتمايز فيها الصادقون عن المدّعين. وهي تأكيد أن التحرك في سبيل الله يتطلب نفسًا مؤمنة مستعدة للابتلاء والامتحان.
مقارنة بين هجرة النبي إبراهيم وهجرة النبي محمد صلوات الله عليه وآله
عقد السيد القائد مقارنة عميقة بين هاتين الهجرتين التاريخيتين، لبيان الأنماط المتكررة في مسيرة الرسالات. إبراهيم (عليه السلام) هاجر من أور إلى فلسطين ثم إلى مصر، وكانت هجرته لبناء مجتمع التوحيد بعيدًا عن الأصنام والطغيان. أما النبي محمد صلوات الله عليه وآله فكانت هجرته من مكة إلى المدينة، إيذانًا ببناء الدولة الإسلامية وتمكين الرسالة
هذه المقارنة تُظهر أن الهجرة منهج ثابت في مسيرة الأنبياء، وأنها أداة إلهية لإحداث التحول الجذري من الضعف إلى القوة، ومن الاستضعاف إلى التمكين.
الهجرة ليست هروبًا بل انتقالًا إلى فضاء أوسع لخدمة المشروع الإيماني
أكد السيد القائد أن من يظن أن الهجرة هروب أو ضعف يجهل حقيقتها. فالهجرة انتقال واعٍ وهادف لخدمة المشروع الإلهي. إنها تحوّل تكتيكي ضمن الخطة الإلهية الكبرى لنشر الهداية ومواجهة الطغيان وهنا يكرّس السيد القائد حفظه الله فهمًا راقيًا للهجرة كجزء من سُنن التغيير الإلهي، ويقدّمها كرمز للمبادرة، والحكمة، والثقة بالله.
خاتمة
قدم السيد القائد حفظه الله ’’الهجرة’’ كمفهوم إيماني عميق، يتجاوز حدود الزمان والمكان لفهم التحرك في سبيل الله كجزء من مشروع تحرري شامل، يربط بين الماضي والواقع المعاصر. وفي ذلك تأكيد أن كل من يسير على نهج الأنبياء لا بد أن يخوض تجربته في الهجرة – سواء المكانية أو المعنوية – من أجل نصرة الحق.