أكد المتحدث الرسمي باسم جماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد عبد السلام -في مقابلة مع قناة الجزيرة- أنهم سيقيّمون مستقبلا مستوى الدعم الأميركي لإسرائيل، وقال إن الاتفاق مع واشنطن ليس وليد اللحظة، بل جاء بعد نقاشات مطولة عبر الوسطاء.

وقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، أنه قرر وقف الضربات ضد اليمن مقابل التزام الحوثيين بوقف استهداف السفن، وقال -خلال تصريحاته للصحفيين في البيت الأبيض- إن واشنطن لم تتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين، لكنهم "استسلموا"، و"قالوا لنا: رجاء، توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف من جانبنا عن استهداف السفن".

وقال المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، للجزيرة، إن بنود الاتفاق تقضي بتوقف القصف الأميركي على اليمن، وكان من بين أهدافه وقف الإسناد اليمني لقطاع غزة. وتابع "بعد أن فشل العدوان الأميركي على اليمن وفشلت الضغوط الدبلوماسية والعسكرية لتحقيق الهدف الذي وضعته أميركا من البداية عادت لتقبل بأن توقف عدوانها، وأن نتوقف نحن عن ردة الفعل".

وقال عبد السلام إن المسألة الأخرى أن أي هجوم على الحوثيين في لحظة من اللحظات يكون من حقهم الرد والدفاع عن أنفسهم، وأوضح "إذا توقف العدوان الأميركي على اليمن ولم يعد مجددا لاستهداف اليمن تحت أي عنوان، فإننا لن نستهدف السفن الأميركية ولا السفن الأخرى باستثناء السفن الإسرائيلية التي ما زالت محظورة بموجب القرار اليمني، حتى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة".

إعلان

وعن كيفية التوصل إلى هذا الاتفاق، أوضح محمد عبد السلام أن الجهود التي قادتها سلطنة عمان بدأت منذ وقت مبكر (الأسبوعين أو الثلاثة الأولى للغارات الأميركية على اليمن)، وأن الحوثيين تلقوا رسائل تلو الأخرى وردوا عليها عبر الوسطاء، وتلقوا أفكارا ومقترحات بأن يتوقف اليمن عن أي إسناد لغزة، مؤكدا أنهم رفضوا هذه المطالب.

وأضاف أن الاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي أمس لم يكن وليد اللحظة، بل كان نتيجة مشاورات وجلسات ولقاءات مكثفة، وكل ذلك كان عبر الوسيط العماني الذي أدار تبادل الرسائل بين الحوثيين والطرف الأميركي.

ويسمح الاتفاق لليمن -يواصل المتحدث الرسمي باسم الحوثيين- بـ"مواصلة إسناده للقضية الفلسطينية، ويمنع العدوان الأميركي على اليمن، في مقابل توقف الحوثيين عن الرد على العدوان الأميركي الذي جاء لإسناد إسرائيل".

الرد على إسرائيل قادم

واعتبر المتحدث الرسمي باسم الحوثيين أن "الاتفاق هو إنجاز يخدم القضية الفلسطينية أولا ويخدم القضية اليمنية ثانيا، ويجعل إسرائيل بحالة منفردة، باعتبار أنها ستتلقى الضربات من قبل الحوثيين حتى تحقيق الأهداف المشروعة في إسناد الشعب الفلسطيني"، وشدد في السياق نفسه على أن "الرد على الكيان الإسرائيلي قادم لا محالة".

وعما إذا كان الاتفاق يشمل توقف الولايات المتحدة عن دعم إسرائيل لوجيستيا واستخباراتيا، قال عبد السلام إنهم سيقيّمون مستقبلا هذا الدعم والتنسيق، وبناء على ذلك يحددون موقفهم، وأضاف "هل سيتحرك الطرف الأميركي لتقديم الدعم والغطاء للطرف الإسرائيلي كي ينفّذ جرائمه؟.. نحن هنا نستطيع تقييم المرحلة ويكون لنا موقف حينها"، وأشار إلى أن تراجع أميركا عن موقفها يشكّل ضغطا حقيقيا على الطرف الإسرائيلي.

وحول الملف اليمني، أوضح الناطق الرسمي باسم الحوثيين أن الأولوية الآن لاستكمال إسناد القضية الفلسطينية، وأنهم يرفضون ربط موضوع الإسناد بأي ملف.

إعلان

وينفذ الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل والسفن المرتبطة بها، إسنادا لغزة، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وقد وسعوا دائرة الاستهداف لتشمل السفن الأميركية والبريطانية، بعدما شكّل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تحالفا لمواجهتهم وتنفيذ ضربات في اليمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأمیرکی على الیمن العدوان الأمیرکی عبد السلام

إقرأ أيضاً:

المتحدث الرسمي وغياب الحقيقة!

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

ثقافة تدفق المعلومات من مصادرها بانسيابية وشفافية بعيدًا عن حُرَّاس البوابات الإعلامية وعيون الرقابة، تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية؛ وذلك لأسباب ترجع للقيود التي تفرض من بعض المسؤولين الذين يرغبون بحجب المعلومات وإبعادها عن الرأي العام بحجة المحافظة على الاستقرار الوطني الذي تصيبه الحساسية من انتشار المعرفة بين الناس من وجهة نظر هؤلاء.

بينما نجد عقبة أخرى تتمثل في القوانين الموثقة والمكتوبة من السلطات الرسمية في معظم بلاد العرب؛ والتي تمنع تداول المعلومات من مصادرها الرسمية إلى وسائل الإعلام المحلية أو العابرة للحدود؛ على الرغم من التحولات الجذرية المحيطة بنا؛ مثل ظاهرة المواطن الصحفي الذي أصبح خارج نطاق الرقابة فضلاً عن سرعة وصول المعلومات عبر السماوات المفتوحة بدون قدرة وزارات وهيئات الإعلام على مصادرتها أو حتى منعها من الانتشار الواسع عبر المنصات الرقمية.

صحيحٌ أن من أهم ما جاء في قانون الإعلام الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (58/ 2024) وحملته المادة رقم (3) من خلال العديد من النقاط المُهمة التي نتوقع منها- إذا ما تم تطبيقها بحسن النية من المسؤولين- أن يكون لها الأثر الطيب في حل مشكلة مُزمِنة تتمثل في الحق في الحصول على المعلومات من مصادرها، وتداولها بشكل مشروع، كما إن حرية الرأي والتعبير باستخدام وسائل الإعلام قد أقرها القانون الجديد كحق مكتسب لا لبس فيه، وهذا تطور إيجابي كبير.

والسؤال المطروح الآن: هل بالفعل تحقق طموح الإعلاميين في الحصول على المعلومات من أدراج صناع القرار؟ للإجابة على هذا السؤال ربما نحتاج إلى نظر وتأنٍ حتى يتمكن المنظمون لهذه المواد القانونية من تكييفها ووضع توصيف واضح المعالم لتنفيذ تلك النصوص القانونية التي تحتاج إلى وقت أطول لكي يتم إقناع الأطراف التي تملك المعلومات بالسماح بتداولها خاصة تلك المعلومات المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وليس الأمنية والعسكرية.

لقد استبشرنا خيرًا بإعلان بعض الوزارات الحكومية عن تعيين ناطقين رسميين لتقديم المعلومات والحقائق المتعلقة بتلك المؤسسات بشكل انسيابي ودقيق خاصة في إطار غياب وجود متحدث رسمي مُعلَن عنه باسم الحكومة، لكي يقدم ايجازًا يوميًا في الشأن العام للإعلاميين، خاصة بعد اجتماعات مجلس الوزراء التي يترأس فيها جلالة السلطان الحكومة؛ نظرا لأهمية تلك الاجتماعات، وما تحمله من مشاريع تنموية وتوجيهات سامية لتصويب الأداء الحكومي ودفعه نحو تحقيق الأهداف المرسومة له سوى في الخطة الخمسية العاشرة التي شارفت على الانتهاء أو رؤية "عُمان 2040" التي يحرص الجميع على متابعتها والتعرف على نتائجها وتقدمها نحو طموحات المواطن الذي ينتظرها بفارغ الصبر، لعل وعسى تفرج الأحزان للمنتظرين وتُفرِح الباحثين عن التوظيف، وتنقل سفينة الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، حسب وعود القائمين عليها، الذين يعملون هذه الأيام بجدٍ واجتهاد، وفضلوا الغياب عن الساحة الإعلامية "لأمر في نفس يعقوب".

من المؤسف حقًا أن المؤسسات الحكومية السباقة في تجربة الناطق الرسمي لم تنجح في ذلك؛ والسبب في اعتقادي الشخصي هو عدم تمكين الأشخاص الذين تم تسميتهم للمنصب من المعلومات التي تمثل سلطة مطلقة في النفوذ والجاذبية، فتلك المعلومات إذا ما اتُخذ القرار بنشرها لا تكون بأي حال من الأحوال من نصيب درجات المديرين الذين يحملون صفة المتحدث الرسمي؛ بل يجب أن تُمنح لكبار المسؤولين، خاصةً إذا كانت إيجابية ومبشرة بالخير للعامة؛ والأهم من ذلك كله عدم حصول الناطق الرسمي على التدريب المناسب؛ كون جميع المتحدثين الرسميين المُعلن عنهم لا يحملون شهادات في تخصص الإعلام؛ بل في مجالات الطب والإدارة والمراقبة الجوية والاقتصاد. ومن هنا، أصبح المتحدث الرسمي مع مرور الأيام، وكأنَّه يتحدث إلى نفسه لكونه فقد مصادر القوة المتمثلة في المعلومات.

ولكي نضع الأمور في نصابها، يُمكِن أن نُقسِّم الوزارات التي انتهجت سياسة العمل بالمتحدث الرسمي إلى قسمين؛ تلك التي خلقت ضجة ودعاية بزعم أنه لا توجد زوايا مظلمة في تلك الوزارات؛ فهي بعيدة عن الحقيقة وهي أقرب إلى ذر الرماد في العيون أو التضليل والدعاية الرمادية وأبعد عن تطبيق مبادئ الموضوعية والصدق والتوازن في العمل الإعلامي؛ فالوضع في تلك الوزارات والمحافظات في مكانك سِرْ، ولم يطرأ جديد بتعيين المتحدث الإعلامي.

وعلى الجانب الآخر هناك جهات رسمية وخاصة تؤمن بأهمية الناطق الرسمي وتعمل على تمكينه وتدريبه واطلاعه على ما يجب أن يعرفه المجتمع العُماني دون تردد أو مماطلة، وفي مقدمة تلك الوزارات المتميزة وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة، وكذلك شركة تنمية نفط عُمان التي أعلنت عن تسمية 3 متحدثين كل على حدةٍ؛ في قطاعات الشركة المختلفة انطلاقًا من التخصُّص والخبرة.

وفي الختام.. لقد حان الوقت لضبط ما يُفضِّل البعض تسميته هذه الأيام بالانفلات الإعلامي من بعض المسؤولين، وعلى وجه الخصوص التصريحات النارية التي تستفز الرأي العام بسبب تناقض تلك التصريحات مع التوجه العام للدولة؛ فعدم ضبط إيقاع السياسة الإعلامية ومنع الذين يدعون إلى هجرة المُواطن خارج وطنه تارة والدعوة إلى التوظيف من خلال السجل التجاري؛ فالبُعد عن التصريحات التي تُغضب المجتمع العُماني أصبح من الأولويات الوطنية، وذلك لتجنب الكثير من المتاعب غير الضرورية، وعلى هؤلاء المسؤولين أن يقولوا خيرًا أو ليصمتوا.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • أحمد ياسر يكتب: لماذا أبرم ترامب اتفاقًا مع اليمن دون علم إسرائيل؟
  • معاريف: هل باع ترامب إسرائيل مقابل مصالح وصفقات تكتيكية مع الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • إسرائيل تتوعد : الاتفاق الأميركي مع الحوثيين لا يلزمنا وسنواصل الضرب
  • المتحدث الرسمي وغياب الحقيقة!
  • (أمريكا أولاً) لماذا كان إعلان ترامب وقف الضربات على الحوثيين مفاجئًا وصادمًا لإسرائيل؟
  • تفاصيل هجوم الحوثيين على إسرائيل عبر الخريطة التفاعلية
  • هل خذلت أمريكا إسرائيل؟: اتفاق مع الحوثيين يثير عاصفة في واشنطن
  • واشنطن: لسنا بحاجة إلى إذن إسرائيل لترتيب أي اتفاق مع الحوثيين
  • السفير الأميركي لدى الاحتلال: لسنا بحاجة موافقة إسرائيل لابرام أي ترتيبات مع اليمن
  • السفير الأمريكي في إسرائيل: رد واشنطن على الحوثيين رهن بإصابة مواطنين أمريكيين