صناديق الاستثمار الخضراء.. دعائم جديدة لبورصة مسقط
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
تتيح مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والطاقة المتجددة فرصا عديدة لتأسيس شركات مساهمة عامة تعمل في هذه القطاعات أو في الأنشطة والخدمات المرتبطة بها. وكما يعلم الجميع فإن تأسيس مصنع للأمونيا الخضراء أو إنشاء محطات لتوليد الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح يتطلب تمويلا مرتفعا ورؤوس أموال ضخمة؛ غير أن قيام الشركات بطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام من شأنه توفير السيولة التي تحتاج إليها لتنفيذ مشروعاتها.
ربما يرى الكثيرون أن تأسيس شركات مساهمة عامة تستثمر في قطاع حديث لا تزال منتجاته محدودة ولم يبدأ الإنتاج التجاري بشكل واسع حتى الآن قد يكون مخاطرة؛ نظرا لأن العائد على الاستثمار في هذه القطاعات يتطلب المزيد من الوقت، غير أن الاهتمام الذي يحظى به قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان والالتزام الدولي بدعم هذه المشروعات، يؤكد أن هذا القطاع في طريقه لتحقيق النجاح، ولعل اتفاقية التطوير المشترك لإنشاء أول ممر تجاري في العالم لتصدير الهيدروجين المسال يربط بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تم توقيعها في شهر أبريل 2025 ، تؤكد مدى الاهتمام الذي يحظى به القطاع؛ في ظل التزام 11 شركة من هذه الدول بتأسيس منظومة متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وإسالته وتوفير حلول النقل والتخزين وتحويله مرة أخرى إلى الحالة الغازية ونقله بعد ذلك إلى المستهلكين.
هناك العديد من المؤشرات التي تدعونا إلى التفاؤل بأن تتمكن مشروعات الهيدروجين الأخضر من تحقيق أهدافها، فبالإضافة إلى الالتزام الدولي بشأن ممر الهيدروجين المسال من ميناء الدقم إلى أوروبا والذي أشرنا إليه أعلاه؛ هناك أيضا اهتمام من المؤسسات الدولية العالمية بتمويل مثل هذه المشروعات، وخلال شهر أبريل 2025 أعلنت مجموعة أكمي التي تستثمر في قطاع الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أنها استلمت الدفعة الأولى من تمويل يقدر بمبلغ 540 مليون دولار أمريكي للمشروع الذي تبلغ تكلفته الإجمالية حوالي 750 مليون دولار أمريكي، وكما يعلم الجميع لا يمكن لأي مؤسسة تمويل دولية أن توافق على تمويل أي مشروع دون أن تدرسه من مختلف الجوانب، وإذا كانت مؤسسة «باور فايننس كوربوريشن» قد قدمت هذا التمويل لمشروع الهيدروجين الأخضر الذي تنفذه مجموعة أكمي بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، فإن هذا يعني أن هذه المؤسسة واثقة من نجاح المشروع وأنه سوف يحقق العائد المادي الذي يمكّن المجموعة من تسديد التزاماتها المالية بشأنه.
ولعله من الأهمية الإشارة إلى أن شركة هيدروجين عُمان «هايدروم» التي تعتبر المنسق الوطني لتنفيذ استراتيجية الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان قد أطلقت في شهر أبريل 2025 الجولة الثالثة من المزايدات العلنية على أراضي مشروعات الهيدروجين الأخضر بعد نجاح الجولتين الأولى والثانية، وهو مؤشر آخر على أهمية مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان والجهود المبذولة من مختلف الجهات الحكومية والمستثمرين الدوليين لتحقيق النجاح لها، وتسعى سلطنة عُمان من خلال الاهتمام بقطاع الهيدروجين الأخضر إلى تطوير هذا القطاع والإسهام -مع المجتمع الدولي- في بناء اقتصاد عالمي تنافسي قائم على الهيدروجين الأخضر، وتأكيدًا على اهتمام سلطنة عُمان بقطاع الهيدروجين الأخضر فقد صدر في 16 فبراير 2023 المرسوم السلطاني رقم 10/2023 بتخصيص بعض الأراضي لأغراض مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف، ويأتي طرح جولات المزايدات العلنية تنفيذًا لما أكد عليه المرسوم بشأن طرح الأراضي عبر مزايدات علنية تحقق «تكافؤ الفرص والمساواة وحرية التنافس».
عوائد مجزية
وإذا انتقلنا إلى العائد على الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر والقطاعات المرتبطة به، فإن هناك عددًا من الدراسات التي ترى أن العائد مجدٍ على المديين المتوسط والطويل؛ نظرا للدعم الحكومي لمثل المشروعات من جهة، والتقدم التكنولوجي الذي يشهده القطاع من جهة أخرى، كما أن التوجه العالمي للاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر باعتباره «وقود المستقبل» وقيام العديد من الدول بتحديد عام 2050 موعدًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، يؤكد التوقعات المتفائلة بارتفاع الطلب مستقبلا على منتجات الهيدروجين الأخضر عالميا.
كل هذه المؤشرات التي تؤكد أن العائد على الاستثمار في القطاع يعتبر عائدًا مشجعًا؛ تعني أن هناك فرصًا عديدةً لانفتاح قطاع سوق رأس المال في سلطنة عُمان على مشروعات الهيدروجين الأخضر والمشروعات المرتبطة بها سواء في الشق السفلي أو الشق العلوي، ومن شأن انفتاح قطاع سوق رأس المال على مشروعات الهيدروجين الأخضر ليس مجرد تمويل هذه المشروعات وتوفير السيولة التي تحتاج إليها فقط وإنما أيضا تعزيز قطاع سوق رأس المال وتنويع الخيارات المتاحة للمستثمرين في بورصة مسقط وإدراج شركات ذات رؤوس أموال ضخمة يمكن من خلالها استقطاب شركات عالمية إلى البورصة، وقد أثبت قطاع سوق رأس المال خلال السنوات الماضية قدرات جيدة في تمويل العديد من المشروعات عبر قيام الشركات بطرح سندات أو صكوك أو أسهم لممارسة حق الأفضلية أو اكتتابات عامة أو خاصة.
ومع هذه الأهمية لقطاع سوق رأس المال من جهة؛ والاهتمام الذي يحظى به قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان من جهة ثانية، فإنه من المناسب تأسيس صندوق أخضر للاستثمار في القطاع من قبل جهاز الاستثمار العُماني والمؤسسات الاستثمارية الأخرى، ويكون هدف الصندوق هو تأسيس شركات تستثمر في الهيدروجين الأخضر والقطاعات الخضراء المرتبطة به ويتم طرح هذه الشركات لاحقا في بورصة مسقط، وإذا تمكن جهاز الاستثمار العُماني من قيادة هذا المشروع، فإنه لن يحقق عائدا استثماريا فقط وإنما أيضا سوف يُسهم في توفير مئات وربما الآلاف من فرص العمل أمام الشباب العماني، بالإضافة إلى المساهمة في تحقيق استراتيجية سلطنة عُمان للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.
إن إمكانيات نجاح تأسيس شركات مساهمة عامة تستثمر في قطاع الهيدروجين الأخضر والقطاعات المرتبطة به عديدة؛ فبالإضافة إلى ما سبق أن ذكرناه من تشجيع سلطنة عُمان للاستثمار الأخضر واستقطاب الشركات العالمية للاستثمار في القطاع والالتزام الدولي بدعم هذه المشروعات واهتمام الصناديق الاستثمارية العالمية بتمويلها؛ نجد أن الفترة الماضية شهدت إرساء ثمانية مشروعات كبرى في محافظتي الوسطى وظفار ضمن جولتين من المزايدات العلنية بإجمالي استثمارات مباشرة تتجاوز 49 مليار دولار أمريكي وبسعة إنتاجية متوقعة تزيد على مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًّا بحلول عام 2030. إذا نظرنا إلى هذا كله فإننا نجد أن إمكانيات نجاح تأسيس شركات مساهمة عامة تستثمر في قطاع الهيدروجين الأخضر والقطاعات المرتبطة به قائمة للعديد من الاعتبارات التي أشرنا إليها سابقا، كما أن التوجه العالمي نحو الاستثمارات الخضراء من شأنه تشجيع تأسيس صناديق تستثمر في هذا القطاع، وهناك العديد من التجارب العالمية للصناديق الخضراء التي تستثمر في الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وهي تجارب ناجحة علينا الاستفادة منها بما يدفع الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر بسلطنة عُمان إلى الأمام ويوفر قاعدة مهمة لنمو قطاع سوق رأس المال وبورصة مسقط في هذا الاتجاه.
محمد بن أحمد الشيزاوي كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مشروعات الهیدروجین الأخضر فی قطاع الهیدروجین الأخضر تستثمر فی قطاع هذه المشروعات الاستثمار فی العدید من من جهة
إقرأ أيضاً:
مطارات عُمان تحقق نموًّا بنسبة 9 بالمائة في عدد المسافرين خلال أبريل الماضي
العُمانية/ أعلنت "مطارات عُمان" عن تحقيقها نموًّا في الحركة الجوية وعدد المسافرين في مطارات سلطنة عُمان، خلال شهر أبريل الماضي، حيث نما عدد المسافرين بنسبة 9 بالمائة، كما حققت حركة الطائرات نسبة نمو بلغت 6 بالمائة مقارنة مع الشهر نفسه من عام 2024.
وأكدت "مطارات عُمان" أن هذا النمو يؤكد استمرارية الجهود في قطاع النقل الجوي لتعزيز حركة المسافرين عبر مطارات سلطنة عُمان، في دلالة واضحة على استمرار الزخم في حركة النقل الجوي، خاصةً في مطاري مسقط وصلالة.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، فقد بلغ إجمالي عدد المسافرين عبر مطارات سلطنة عُمان خلال أبريل 2025 نحو مليون و163 ألفًا و163 مسافرًا، مقارنةً بمليون و66 ألفًا و942 مسافرًا في أبريل 2024.
ويُعد مطار مسقط الدولي المحرك الأكبر لهذا النمو، حيث ارتفع عدد المسافرين من 947 ألفًا و449 مسافرًا في أبريل 2024 إلى مليون و39 ألفًا و208 مسافرين في أبريل 2025، مسجّلًا زيادة بنسبة 9.7 بالمائة.
أما مطار صلالة، فسجّل هو الآخر نموًّا إيجابيًّا، إذ ارتفع عدد المسافرين من 109 آلاف و844 مسافرًا في أبريل 2024 إلى 118 ألفًا و390 مسافرًا في أبريل 2025، بنسبة زيادة بلغت 7.8 بالمائة، وهو مؤشر يُبشّر بموسم سياحي نشط، خصوصًا مع اقتراب موسم خريف ظفار، الذي يشهد إقبالًا كبيرًا نحو محافظة ظفار لما تتمتع به من أجواء طبيعية فريدة.
وتتوقّع الجهات المعنية استمرار النمو في أعداد المسافرين خلال الأشهر المقبلة، بدعم من الفعاليات السياحية والمبادرات الترويجية التي تسهم في تعزيز مكانة سلطنة عُمان كوجهة سياحية جذابة على مستوى المنطقة.
وكشفت "مطارات عُمان" بأنها شرعت في خططها لتبسيط العمليات وتعزيز تجربة المسافرين وتحسين الأداء التجاري، والسعي نحو جذب مزيد من شركات الطيران العالمية إلى مطاري مسقط الدولي وصلالة.