سبسطية، الضفة الغربية المحتلة – تسميه إسرائيل مشروعا أثريا لتسليط الضوء على التراث اليهودي وإنشاء متنزه جديد. أما الفلسطينيون فيرونه دليلا إضافيا على خطط لضم بلدة قديمة ومحو التاريخ الفلسطيني في منطقة تحكي القصة الممتدة إلى 5 آلاف عام.

وكان وزراء في الحكومة الإسرائيلية من اليمين المتطرف والمؤيدين للاستيطان في سبسطية (بلدة فلسطينية أثرية في الضفة) يوم 12 مايو/أيار كجزء من وفد للاحتفال بالاستيلاء الوشيك على المتنزه الأثري في البلدة، وهو أحد أكبر وأهم المواقع الأثرية البالغ عددها 6 آلاف موقع في الضفة المحتلة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2“ظهر المهراز”.. قلعة رسمت ملامح الحركة الطلابية في مغرب ما بعد الاستقلالlist 2 of 2ظلال سايغون.. كيف تعيش فيتنام حربها بعد نصف قرن؟end of list

وقد أشاد وزير التراث الإسرائيلي المتطرف عميحاي إلياهو، وهو نفسه من سكان مستوطنة غير شرعية في الضفة، ببدء أعمال التنقيب الإسرائيلية في الموقع والإنشاء المرتقب لـ"متنزه السامرة الوطني" الذي سيركز على التاريخ اليهودي للمنطقة.

ويقول الفلسطينيون إن ذلك سيترافق مع محاولة لطمس صلاتهم بالأرض. ووصفت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية أعمال التنقيب بأنها "تحضير لضم سبسطية وعزلها عن محيطها".

ويشير السياسيون الإسرائيليون إلى سبسطية باسم السامرة، أو شومرون بالعبرية، ويقولون إنها كانت عاصمة مملكة إسرائيل التوراتية قبل ما يقرب من 3 آلاف عام.

إعلان

ولكن الموقع الأثري يضم أنقاض كنيسة بيزنطية، ومنتدى ومدرج رومانيين، وكنيسة القديس يوحنا من العصر الصليبي، والتي أعيد بناؤها لتصبح مسجدا، ويعتقد أنها تضم موقع قبر يوحنا المعمدان، المعروف في القرآن بالنبي يحيى عليه السلام.

وتنظر منظمة اليونسكو في إدراج المتنزه الأثري في سبسطية، الذي كان يوما ما نقطة جذب سياحي ولا يزال موقع حج للمسيحيين، على قائمة التراث العالمي، والقرار رهن استكمال المسؤولين الفلسطينيين لطلب التسجيل.

وزير التراث الإسرائيلي إلياهو أشاد بقرار بدء إنشاء حديقة في سبسطية (مكتب الوزير) نهر من الدماء

لطالما حذر رئيس بلدية سبسطية محمد عازم وسكان البلدة من نية إسرائيل "تهويد" الموقع وتحويله إلى وجهة سياحية حصرية للإسرائيليين.

واشتد القلق بعد أن تلقت البلدية أمر مصادرة أراض في يوليو/تموز الماضي لإنشاء منشأة "لأغراض عسكرية" على قمة تل قديم في المنطقة.

وفي حديثه للجزيرة، من مكتبه المطل على البلدة القديمة التي تزداد خرابا، قال عازم "إن نهرا من الدماء سيتدفق إلى القرية" إذا بدأ بناء الثكنات، حسب تعبيره.

وأشار إلى أكثر من 40 ألف فلسطيني شردتهم العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة هذا العام، وأن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى جعل الحياة لا تطاق للسكان هنا، حتى يستسلموا في النهاية للواقع ويرحلوا. تماما مثل أولئك الذين تم تشريدهم في جنين وطولكرم".

وتابع عازم "حاليا، تقتحم القوات الإسرائيلية القرية بشكل يومي وبنية واضحة للقتل". وأضاف "سنقاوم البناء سلميا بالطبع. لن يتخلى أصحاب الأراضي عن أراضيهم".

ودعا رئيس البلدية إلى إدانة تصاعد العنف العسكري بالقرية واستهداف الأطفال، لا سيما إطلاق الجيش النار بشكل قاتل على الفتى أحمد جزار البالغ 14 عاما في يناير/كانون الثاني.

ومن جانبها، تجادل الحكومة الإسرائيلية بأن قرية سبسطية لن تتأثر بالأعمال الأثرية، لأنها تقع خارج حدود المتنزه المقترح.

إعلان

لكن أمينة متحف سبسطية الأثري ولاء غزال، التي أقامت طوال حياتها في البلدة، تعتبر أن هذه الخطط تمثل تصعيدا في السياسات الإسرائيلية الرامية إلى طرد السكان وأصحاب الأعمال في نهاية المطاف ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى البلدة وأنقاضها والتلال المترامية وحقول الزيتون المحيطة بها.

وقالت غزال للجزيرة الإنجليزية إن "السكان خائفون من المستقبل" خاصة أولئك القريبين من الآثار.

وأضافت "الوضع خطير للغاية. قريبا، سيمنعوننا من الذهاب إلى الموقع الأثري".

وتابعت غزال "في رأيي، لم يتبق لنا سوى أشهر قبل أن يطلب منا مغادرة منازلنا. نحن نرى المستقبل في غزة وفي المخيمات (في الضفة). إنهم يحاولون محونا".

نجمة داود محفورة على الجدار اليوناني القديم في سبسطية (الجزيرة) عصور متعاقبة

قال عازم إن الوزراء الإسرائيليين والسياسيين المستوطنين يستخدمون خطاب حماية التراث اليهودي التوراتي لإخفاء رغبتهم القديمة في ضم سبسطية.

وقد انضم إلى إلياهو في سبسطية وزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان ورئيس المجلس الإقليمي شومرون يوسي دغان الذي يسيطر على 35 مستوطنة غير شرعية في الضفة الغربية.

وقد أشادت سيلمان بالمخطط، وقالت لوسائل إعلام إسرائيلية "العدالة التاريخية تتحقق الآن" متهمة الفلسطينيين بمحاولة "محو" التراث اليهودي.

لطالما كانت الحكومة الإسرائيلية واضحة في أن سبسطية سيتم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى محور السياحة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن موقع السامرة شهد استيطانًا منذ أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد، ويعتقد أنها كانت عاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية (باسم السامرة). وتم ذلك على يد الملك عُمري حوالي عام 880 ق.م، وسقطت المنطقة بيد الآشوريين بقيادة سرجون الثاني عام 722 ق.م، وأصبحت مركزًا إداريًا في الإمبراطورية الآشورية، ثم استمرت بهذا الدور تحت الحكم البابلي والفارسي .

إعلان

وعام 331 ق.م، استولى الإسكندر الأكبر على المدينة، وأصبحت فيما بعد تحت حكم السلوقيين. وعام 108 ق.م، دمرت المدينة خلال حملة الملك الحشموني يوحنا هيركانوس. وعام 27 ق.م، أعاد هيرودس الكبير بناء المدينة وسماها "سبسطية" تكريمًا للإمبراطور الروماني أغسطس، حيث شيد معابد، وساحة عامة، ومسرحًا، ومرافق أخرى، مما جعلها مركزًا حضريًا مهمًا بالمنطقة.

وفي مايو/أيار 2023، وافقت الحكومة الإسرائيلية على مخطط بقيمة 30 مليون شيكل (وحدة العملة الإسرائيلية) لترميم المتنزه وإنشاء مركز سياحي، وطرق وصول جديدة، وتوسيع الوجود العسكري. كما تم الإعلان عن تجديد محطة سكة حديد الحجاز المهجورة، التي تبعد حوالي ميلين عن سبسطية، والتي توقفت عن العمل بالسنوات الأخيرة من عهد الإمبراطورية العثمانية، بتكلفة 4 ملايين شيكل.

وقال مكتب وزير التراث الإسرائيلي إلياهو "تهدف الحفريات الأثرية إلى كشف آثار الموقع وجعل المدينة القديمة متاحة للوصول إليها عبر جميع فتراتها: من بداية الاستيطان في القرن الثامن (ق. م) خلال مملكة إسرائيل القديمة، مرورا بالمدينة الهلنستية، والمدينة الرومانية الرائعة التي بناها الملك هيرودس (سماها "سبسطوس" نسبة إلى الإمبراطور أغسطس) وصولا إلى الفترة البيزنطية عندما تم بناء كنيسة في الموقع".

محو الهوية الفلسطينية

قالت غزال إن آثار سبسطية تظهر "ثقافة محلية متميزة" في منطقة جغرافية "عرفت دائما باسم فلسطين". وقالت إن الآثار تؤكد الأهمية الدينية والثقافية للبلدة للإمبراطوريات الغازية، وتعايش سكانها متعددي الأديان بسلام لقرون.

وفي الطلب الفلسطيني المقدم إلى اليونسكو، يشار إلى أن سبسطية الحالية لا تزال تحتفظ "بالاسم القديم وتقع في الجزء الشرقي من المدينة الرومانية، مما يشير إلى عنصر قوي من الاستمرارية الثقافية".

ولكن بالنسبة لأولئك الذين يركزون على المتنزه الوطني الإسرائيلي المخطط له، فإن التاريخ اليهودي فقط هو المهم.

إعلان

وردا على استفسار من الجزيرة، قال مكتب إلياهو إن سبسطية كانت "أولا وقبل كل شيء موقع تراث يهودي، حيث تم العثور على بقايا أثرية من فترة مملكة إسرائيل".

وأضاف "من المهم التأكيد على أنه حتى لو حفرنا في الموقع حتى نواة الأرض، فلن يتم العثور على أي دليل تاريخي على استيطان فلسطيني قديم في الموقع".

أما يوسي دغان، الذي يعيش في مستوطنة شافي شومرون المجاورة، فقد دافع طويلا عن الاستيلاء على سبسطية ويؤكد على مكانتها البارزة في التاريخ التوراتي. وقال لوسائل إعلام إسرائيلية بالموقع الأثري "عندما تحفر هنا، فإنك تلمس الكتاب المقدس بيديك".

لكن غزال قالت إن تعامل الحكومة الإسرائيلية مع القصص التوراتية في العهد القديم كواقع تاريخي يهدف إلى تهميش مزاعم الفلسطينيين بأنهم عاشوا على الأرض لآلاف السنين، ويتجاهل روابط الشعب الفلسطيني القديمة بأرضه.

وقالت غزال "لا يمكنك أن تبني مطالبتك بالأرض على أساس الدين، فالحضارات تتعلق بالشعوب التي تطور هويتها وأعمالها وآثارها، وحتى لغتها".

"إسرائيل تريد قتل قصص ماضينا واستبدالها برواية مسمومة؛ إنها جريمة ضد تاريخنا. عندما يهدمون آثارنا، ويبعدون العائلات التي تحافظ على التاريخ حيا، من سيتحدث بعد ذلك ويحمل قصتنا للجيل القادم؟"

وأضافت غزال "إسرائيل تريد قتل قصص ماضينا واستبدالها برواية مسمومة، إنها جريمة ضد تاريخنا. عندما يهدمون آثارنا، ويبعدون العائلات التي تحافظ على التاريخ حيا، من سيتحدث بعد ذلك ويحمل قصتنا للجيل القادم؟".

فلسطينيون يزورون متحف سبسطية إذ يصعب عليهم زيارة الحديقة الأثرية بسبب اعتداءات المستوطنين والوجود العسكري الإسرائيلي (رويترز) بلدة أشباح

قال أحمد كايد، وهو قروي من سبسطية يبلغ من العمر 59 عاما وناشط بارز -للجزيرة الإنجليزية- إن الآثار لن "تؤخذ دون قتال" ويجري على الدوام الحشد لتنظيم المظاهرات.

وأضاف أن إسرائيل "تخطط لشيء كبير" في سبسطية، مشيرا إلى إقامة حواجز حديدية جديدة على الطرق المحيطة بالبلدة.

وقال إنه من الخطر للغاية بالفعل على سكان سبسطية زيارة المتنزه الأثري جراء هجمات المستوطنين والاقتحامات العسكرية شبه اليومية. ولكن بمجرد إنشاء ثكنة عسكرية، ستصبح المنطقة محظورة بشكل دائم.

إعلان

وأشار كايد إلى ما لا يقل عن 40 عائلة غادرت البلدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "إنهم يعملون خطوة بخطوة للاستيلاء على سبسطية وإبقائنا نعاني طوال الوقت حتى يرحل الناس".

وأضاف "نحن نعيش نكبة ثانية، وسبسطية اليوم تحت الحصار. لكن سبسطية قوية، نحن نعرف كيف نواجههم لأننا فعلنا ذلك من قبل".

" نعيش نكبة ثانية، وسبسطية اليوم تحت الحصار. لكن سبسطية قوية، نحن نعرف كيف نواجههم لأننا فعلنا ذلك من قبل"

وأشار إلى أن السكان انتفضوا لإحباط خطط إسرائيل للاستيلاء على سبسطية أواخر السبعينيات، وفعلوا ذلك مرة أخرى لوقف ضخ المستوطنين لمياه الصرف الصحي على الأراضي الزراعية عام 2013. وبعد ذلك بعامين، أوقفت احتجاجات السكان واعتصاماتهم بناء طريق وصول جديد للمستوطنين، وهو ما برره مكتب إلياهو بأنه ضروري لـ"مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين سيرغبون في المجيء والتعلم وتجربة التراث اليهودي" لسبسطية.

لكن كايد يعترف بأن الزمن قد تغير، وأن عنف الجيش (الإسرائيلي) اليوم لا يشبه أي شيء شهده خلال عقود نشاطه.

وأضاف "عندما نقرر ما يجب فعله، سنكون أذكياء، وسنتظاهر بطرق جديدة، وسيتبعنا الجميع في سبسطية".

بلدة سبسطية القديمة من أعظم المواقع الأثرية بالأرض المقدسة (الجزيرة)

كما أعرب عن قلقه البالغ من أنه إذا جرت أعمال تنقيب، فإن الإسرائيليين سيدنسون الاكتشافات الأثرية التي تتعارض مع ادعائهم بالأرض، مع بقاء الكثير مما لم يتم الكشف عنه بعد، إذا لم يتم منع الحفريات التي يقودها الفلسطينيون.

ولا تزال البلدية تأمل أن توفر اليونسكو الحماية للقرية، وتضيف الآثار إلى قائمة التراث العالمي الخاصة بها. كما يأمل رئيس البلدية أن ينضم المتنزه الأثري إلى 56 موقعا آخر في سجل اليونسكو للمواقع الهامة التي تعتبر "في خطر".

وتقول الشركات القريبة من الموقع الأثري إنها فقدت أكثر من 3 أرباع زبائنها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وقال سامر شاعر، صاحب مقهى مجاور مباشرة للمتنزه وأعمدة سبسطية الرومانية المهيبة، إن إنشاء موقع عسكري سيكون مدمرا للشركات.

إعلان

وأضاف "ستكون هناك مواجهات يومية، ووجود عسكري دائم، وانعدام للشعور بالأمان. لن يرغب أحد في المجيء والجلوس هنا بينما يتمركز الجيش في مكان قريب، ولن يتمكن أصحاب المتاجر ولا الزوار من البقاء".

وبمجرد أن كانت أرضا مقدسة يطمع فيها الأنبياء والأباطرة الغزاة، تحولت سبسطية إلى بلدة أشباح تسكنها أطلال المجد القديم، الذي جعلها أيضا هدفا للضم من قبل الحكومة الإسرائيلية القومية المتطرفة.

وقد بدا كايد متأثرا بشكل واضح يصف شبابه وهو يلعب على تلال المتنزه الأثري، وحياته التي قضاها في محاولة إنقاذ منزله.

وكان من الواضح أنه يشعر بالأسى لأن البلدة لم تتحرك بسرعة أكبر للتوحد ضد التهديد الزاحف للثكنات العسكرية أو الضم النهائي. ولكن يبدو أن جميع المعنيين، بمن فيهم رئيس البلدية، غير متأكدين مما سيأتي بعد ذلك، أو متى.

وأضاف كايد "هذه الأرض تعني كل شيء بالنسبة لي. لقد قضيت كل طفولتي، كل حياتي أذهب إلى المتنزه".

وختم بقوله "سيصادرون أرضي (لبناء الثكنات). لقد زرعت أشجار الزيتون هناك مع والدتي، من المؤلم جدا أن أفقدها. القرية لن تتخلى أبدا عن الآثار. هذا تاريخنا، حياتنا. سنقاتل حتى النهاية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اجتماعي الحکومة الإسرائیلیة التراث الیهودی الموقع الأثری فی الموقع فی سبسطیة فی الضفة بعد ذلک

إقرأ أيضاً:

معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة

قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.


وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.

وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.

من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".

في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.

وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.


لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.

مقالات مشابهة

  • مصدر أمني إسرائيلي : هكذا نحمي المليشيات التي تعمل لصالحنا في غزة
  • لوّحت بالعقاب.. حماس تدعو سكان غزة لتسليم المتعاملين مع إسرائيل
  • تحذير دولي من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة.. وتل أبيب تؤكد: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس ليست لمختطف إسرائيلي
  • إسرائيل: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس لا تتطابق مع أي من الرهائن
  • جيش الاحتلال: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس لا تعود لأي أسير إسرائيلي
  • إعلام إسرائيلي: الجيش يعلن تشخيص هوية الجثث الأربعة التي تسلمها من حماس
  • الإعلام البريطاني: اليمن فرض إرادته على “إسرائيل” وأجبرها على وقف العدوان على غزة
  • المتحدث العسكري يكشف تفاصيل الانفجارات التي شعر بها سكان الهايكستب
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • هاشم: الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها وصلت