أونروا: إنكار إسرائيل مجاعة غزة أبشع تعبير عن انعدام الإنسانية
تاريخ النشر: 25th, August 2025 GMT
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن إنكار جحيم المجاعة في قطاع غزة يمثل أبشع تعبير عن انعدام الإنسانية.
وجاء التصريح في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية إنكار وجود مجاعة من الأساس في القطاع المحاصر، محملة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية أي حالات جوع قد تحدث.
وأوضح المستشار الإعلامي لأونروا عدنان أبو حسنة في مداخلة للجزيرة، أنه رغم إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي -وهو المرصد الوحيد المخول بإعلان حالات المجاعة عالمياً- عن وجود مجاعة في غزة، لم تستجب إسرائيل بزيادة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات أو السماح بإدخال مئات الشاحنات يومياً كما كان متوقعاً.
بل على العكس، تمادت في إنكار هذه الحقيقة لدرجة أن أحد المسؤولين الإسرائيليين ادعى وجود أشخاص جائعين في ضواحي تل أبيب أيضاً، في مقارنة لا يمكن تخيلها حسب تعبير المستشار.
وتشير المعطيات المتاحة إلى أن الواقع الفعلي قد يكون أكثر قتامة مما هو معلن رسمياً، فتقرير التصنيف المرحلي المتكامل، والذي وصفه أبو حسنة بالمتواضع والمحافظ، أشار إلى نقص المعلومات المفصلة عن الأوضاع في شمال القطاع، مما يعني أن الحالة قد تكون أسوأ بكثير من المتوقع.
وتنذر التوقعات بانتشار المجاعة إلى جنوب ووسط قطاع غزة خلال الأسابيع القادمة من الشهر المقبل، مما يستدعي تحركاً عاجلاً من المؤسسات السياسية العالمية لوقف هذه المأساة والجنون الدائر في القطاع كما وصفه المستشار الإعلامي.
وفي هذا السياق، شدد أبو حسنة على الدور المحوري لأونروا في مواجهة الأزمة الإنسانية، مؤكداً أن أي عملية إغاثة حقيقية في قطاع غزة لا يمكن أن تتم دون الوكالة الأممية.
وتمتلك أونروا قدرات لوجيستية هائلة تشمل 13 ألف موظف ومئات المؤسسات، إضافة إلى قاعدة بيانات شاملة تحتوي أسماء وأعداد العائلات ومستويات الفقر والمواقع الجغرافية.
إعلانكما أثبتت الوكالة فعاليتها في الأشهر الماضية عندما تمكنت من توزيع مواد غذائية على مليوني فلسطيني خلال عشرة أيام فقط في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، وهي قدرة لا تمتلكها أي مؤسسة أممية أخرى رغم الاحترام لجهود "المؤسسات الشقيقة".
ولفت المستشار إلى أن استبعاد أونروا من العمل، خاصة في توزيع المواد الغذائية، كان أحد الأسباب الرئيسية وراء انتشار المجاعة في قطاع غزة، مما يؤكد ضرورة عودة الوكالة للعب دورها الكامل في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية.
وكانت الأمم المتحدة وخبراء دوليون قد أعلنوا رسميا للمرة الأولى -الجمعة الماضية- تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط.
فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كيف يواجه اليمنيون المجاعة المحدقة في بلادهم؟
تتسارع مؤشرات أزمة المجاعة في اليمن خلال العام 2025، مع تحذيرات دولية متزايدة من دخول البلاد مرحلة هي الأخطر منذ بداية النزاع قبل أكثر من عقد.
تقرير حديث للبنك الدولي أكد أن الاقتصاد اليمني واجه ضغوطاً غير مسبوقة خلال النصف الأول من العام الجاري، نتيجة الحصار المفروض على صادرات النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع حجم المساعدات الإنسانية، إضافة إلى تراكم آثار سنوات الصراع والانقسام المؤسسي.
وفق التقرير، يتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% هذا العام، وهو ما يعني استمرار الانكماش الاقتصادي الذي ينعكس مباشرة على قدرة ملايين الأسر على تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية.
ويشير البنك الدولي إلى أن أكثر من 60% من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تواجه مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي، ما يدفع شريحة واسعة منها إلى اللجوء لآليات تكيف سلبية، مثل تقليص عدد الوجبات أو إرسال الأطفال للتسول أو العمل في مهن شاقة.
كما كشف التقرير عن تراجع إيرادات الحكومة بنسبة 30% خلال العام الجاري، نتيجة توقف صادرات النفط وتضاؤل الموارد المحلية، الأمر الذي دفع السلطات إلى خفض الإنفاق العام وتأخير صرف الرواتب، وهو ما انعكس بشكل مباشر على قدرة المواطنين الشرائية. وفي المقابل، تواجه مناطق سيطرة الحوثيين أزمة سيولة حادة وصعوبة في تدفق المواد الأساسية، خصوصاً بعد الضربات الجوية التي استهدفت موانئ رئيسية، ما أدى إلى اضطراب حركة التجارة وارتفاع تكاليف النقل والإمداد.
ولم تقتصر التحذيرات على البنك الدولي، إذ أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي تقرير "بؤر الجوع" الذي يغطي الفترة من نوفمبر 2025 حتى مايو 2026، مشيرا إلى أن اليمن يُعد من أكثر البلدان المعرضة لخطر تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ويؤكد التقرير أن النزاع والعنف يمثلان المحركين الأساسيين للجوع في معظم البؤر الساخنة التي يشملها التقرير، ومنها اليمن، حيث أدت المعارك المتقطعة والاضطرابات الاقتصادية إلى تعطّل سلاسل الإمداد وتراجع الإنتاج الزراعي المحلي.
ورغم الجهود المحلية المحدودة لتحسين آليات توزيع الغذاء ودعم الفئات الأكثر هشاشة، فإن حجم الأزمة يفوق قدرات المؤسسات المحلية التي تعاني أصلاً من الانقسام وغياب الموارد.
ويرى خبراء أن استمرار الحصار الاقتصادي، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وتراجع العملة المحلية، كلها عوامل تجعل مواجهة الأزمة أكثر تعقيدا، فيما يتزايد اعتماد السكان على المساعدات الإنسانية التي تشهد بدورها تراجعا كبيرا مع تخفيض التمويل الدولي.
ويحذر خبراء الإغاثة من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي واسع سيؤدي إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد، خصوصا بين الأطفال، وقد يدفع البلاد إلى حافة مجاعة واسعة النطاق.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن شريحة كبيرة من الأسر أصبحت تعتمد على وجبة واحدة في اليوم، فيما تشير تقارير أخرى إلى انتشار مظاهر جديدة للفقر المدقع في المدن والريف على حد سواء.
ومع غياب حل سياسي قريب للصراع، يستمر اليمنيون في مواجهة واحدة من أعنف الأزمات الغذائية في العالم، ضمن ظروف اقتصادية وأمنية وصحية متدهورة، بينما يزداد القلق الدولي من أن يتحول الجوع إلى مأساة يصعب احتواؤها خلال المرحلة المقبلة.