أسهمت المرأة العمانية في البحث العلمي الرياضي بجهود نوعية من خلال الدراسات العلمية والبحوث التطبيقية رافعات مستوى المعرفة والممارسات الرياضية، حيث أصبح البحث العلمي بوابة أساسية لصياغة سياسات رياضية قائمة على الأدلة وفضاء واسعا للابتكار والإبداع ما انعكس إيجابيا على تطوير الرياضية محليا وإقليميا ..

وفي هذا الاستطلاع نسلّط الضوء على الإسهامات المتنامية للباحثات العُمانيات في المجال الرياضي، وعلى الجهود التي تبذلنها بإصرار لإحداث نقلة نوعية في البحث الرياضي، يؤكد الدكتور عبدالرحيم الدروشي من قسم التربية الرياضية بجامعة السلطان قابوس بأن هناك نمواً واضحاً في حجم حضور الباحثات في مجال البحث العلمي الرياضي، وهو أمرٌ بدأ واضحاً في السنوات العشر الماضية، ما يميز الباحثات هو الإضافة النوعية في المواضيع التي تتبنى أبعاداً اجتماعية وإنسانية في أبحاثهن والذي يتمثل في قضايا كمشاركة المرأة في النشاط الرياضي، ودورها القيادي في الهيئات الرياضية، وتعزيز الهوية الوطنية، بالإضافة إلى قضايا تخصصية أخرى كالحوكمة واستضافة الأحداث الرياضية والإعداد البدني والصحي، ومن الواضح بأن ازدهار مستوى الحضور العلمي للباحثات العمانيات يسهم تقديم نظرة أكثر شمولية في قضايا علوم الرياضة وذلك لتنوع الخلفيات والتجارب الخاصة بالباحثات.

وأضاف: أن هناك توجها بحثيا متطورا لدى الباحثات نحو قضايا تخصصية الأمر الذي يتمخض عنه إنتاج علمي أوسع لصالح الباحثات، حيث تقدم دوراً محورياً في مناقشة قضاياً رئيسة في شتى المجالات، الأمر الذي ينعكس إيجاباً في تقديم قراءات حول الوضع الراهن والحلول المستقبلية الممكنة، وهناك مجموعة من الشواهد في السنوات القليلة الماضية خصوصاً في مجال الإدارة الرياضية وتناول مواضيع بحثية تشمل استضافة الأحداث الرياضية، حيث تم ربطها بالعوائد الاقتصادية والاجتماعية، وإرثها، وتطوير آليات التعامل مع المتطوعين، بالإضافة إلى عوامل جذب ودفع السياح للمشاركة في الأحداث الرياضية في سلطنة عمان، وجميعها قضايا مهمة قدمتها نخبة من الباحثات العمانيات.

وأوضح الدروشي أن التحديات التي تواجه المرأة الباحثة في المجال الرياضي، متشابهة مع الباحثين إلى حد ما، وقد تواجه الباحثات تحديات أكبر وهي مرتبطة بالبعد الاجتماعي، وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الباحثة لا سميا الارتباطات الأسرية، حيث يقلل ذلك من الوقت المتوفر للقيام بالأبحاث العلمية، سواءً في الوقت الذي تتطلبه عملية جمع البيانات، أم الخطوات الأخرى حتى الوصول إلى مرحلة النشر، من ناحية أخرى، يشكل التمويل تحدٍ آخر والذي يقف أمام الباحثة، ويقلل من مستوى إصرارها على مواصلة رحلة البحث العلمي في المجال الرياضي.

وعن الفرص المستقبلية التي يمكن أن تسهم في تعزيز دور المرأة العمانية في البحث العلمي الرياضي، وتحويل نتائج أبحاثها إلى مشاريع تخدم قطاع الرياضة، يشير الدروشي: هناك فرصاً عدة من الممكن أن يتم الأخذ بها من خلال الأبحاث العملية الممولة والتي تقدمها مجموعة من المؤسسات، وهي تبنى القضايا البحثية من بداية تطوير الفكرة البحثية حتى الانتهاء من نشر هذه الأعمال، وقد يكون بناء برامج تمويل بحثي خاصة بالمرأة فكرةً تطويرية، بالإضافة إلى تخصيص منح بحثية للباحثات اللاتي يخترن موضوعات مهمة وتتماشى مع التوجهات الوطنية في المجال الرياضي بسلطنة عمان.

تقدم علمي

وتحدثت الباحثة فيّ الجهورية عن تجربتها في البحث العلمي الرياضي، قائلة: المرأة العمانية تقوم بدورًا متناميًا في إثراء البحث العلمي في المجال الرياضي، فهي شريك فاعل في دراسة القضايا التي تمس صحة المجتمع وتطور الممارسات الرياضية بمختلف مستوياتها، وقالت إن حضور المرأة الباحثة أصبح واضحًا في المؤتمرات العلمية وازداد بروزها في نشر الأبحاث المحكمة، الأمر الذي يعزز من مكانتها الأكاديمية ويسهم في تطوير المعرفة الرياضية في سلطنة عمان.

وأضافت الجهورية: البحث العلمي يعد ركيزة أساسية للنهوض بالرياضة العمانية، فهو يوفر البيانات والتحليلات التي تساعد في وضع خطط تطويرية قائمة على أسس علمية، وتسهم في رفع مستوى الأداء الرياضي للاعبين وتحسين طرق التدريب، إلى جانب دوره في اكتشاف المواهب وصقلها بما يواكب المعايير الإقليمية والدولية، مؤكدة أن تطبيق نتائج هذه البحوث يفتح أمام سلطنة عُمان آفاقًا أوسع لتعزيز حضورها في المنافسات الدولية.

وتطرقت الجهورية إلى دراستها البحثية بعنوان "العوائد الاقتصادية من استضافة الأحداث الرياضية غير الضخمة: حجم الإنفاق في بطولة العالم سوكا عمان نموذجًا"، موضحة أنها هدفت إلى قياس العوائد الاقتصادية من استضافة بطولة العالم سوكا لسداسيات كرة القدم في سلطنة عُمان 2024، والتعرف على النوايا المستقبلية لإعادة زيارة لسلطنة عمان.

وأكدت الجهورية أن الدراسة أوصت بضرورة تضمين الأحداث الرياضية غير الضخمة ضمن الخطط الخمسية للوزارات المعنية لما تحققه من فوائد اقتصادية مستدامة وقلة تكلفتها، إلى جانب توجيه البحوث المستقبلية لدراسة العلاقة بين رضا الزوار ونواياهم المستقبلية لزيارة الدولة المستضيفة.

وأشار إلى التحديات التي تمثلت في محدودية التمويل البحثي، وقلة التخصصات الدقيقة كعلم الحركة والتحليل الرياضي، وصعوبات النشر الدولي لكن في المقابل هناك فرصًا واعدة تتمثل في الدعم الحكومي المتزايد، والطموح الكبير لدى الباحثين والباحثات، إضافة إلى أهمية التعاون مع المؤسسات والجامعات الدولية لنقل الخبرات والمعرفة، مما يسهم في رفع مستوى الرياضة العُمانية محليًا وإقليميًا.

الأداء المحلي والإقليمي

من جانبها، أكدت الباحثة الغيداء العبرية على دور المرأة العمانية في مجال البحث العلمي الرياضي، مشيرةً إلى أن هذا الدور أصبح أكثر وضوحًا مع تطور الرياضة النسائية العمانية والاهتمام المتزايد بالنشاطات البدنية والصحية للمرأة. وقالت : الباحثات العمانيات يساهمن في إجراء دراسات مهمة تشمل محاور عدة، منها: دراسة اتجاهات المرأة نحو ممارسة الرياضة ومعرفة الدوافع والمعوقات، وتحليل واقع الرياضة النسائية وتفاعلها مع العادات والتقاليد والقيم المجتمعية، بالإضافة إلى تقييم الأداء الرياضي والصحة البدنية والنفسية للاعبات، وأضافت العبرية أن هذه الأبحاث تساعد في تقديم توصيات علمية تدعم تفعيل الرياضة النسائية وتصميم برامج ملائمة تتوافق مع اهتمامات المرأة والقيم المجتمعية.

وأشارت العبرية إلى أهمية البحث العلمي في تطوير الرياضة العمانية على المستويين المحلي والإقليمي، في رفع مستوى الأداء الرياضي من خلال تحليل الجوانب البدنية والمهارية والنفسية للرياضيين، كما يسهم في اكتشاف ورعاية المواهب الرياضية منذ سن مبكرة وتوجيهها نحو الرياضة الأنسب لها.

وأضافت: البحث العلمي يوفر أدوات دقيقة لصناع القرار لوضع استراتيجيات وطنية شاملة تتماشى مع "رؤية عمان 2040"، فضلاً عن دعم الصحة الرياضية من خلال برامج علاجية وتأهيلية علمية وتعزيز أنماط الحياة الصحية، أما على الصعيد الإقليمي، فإنه يمكن الرياضة العمانية من منافسة الدول المتقدمة عبر تحليل مستويات المنافسين وتطبيق أحدث النظريات والتقنيات، كما يعزز التعاون البحثي مع المراكز الجامعية والاتحادات الرياضية الإقليمية والدولية، ويساعد على جذب الاستثمارات وتحويل القطاع الرياضي إلى صناعة اقتصادية مستدامة.

وتطرقت العبرية إلى أبرز النتائج التي توصلت إليها دراسة أجرتها حول السياحة الرياضية، بعنوان " عوامل الدفع والجذب والنوايا المستقبلية للسياح الدوليين النشطين المشاركين في ماراثون مسقط بسلطنة عمان 2025"، وأوضحت أن نتائج الدراسة أظهرت تفوق: عوامل "الجذب للمشاركة" على عوامل "الدفع"، مما يعكس إدراك السياح لأهمية العوامل الخارجية في قرار مشاركتهم، كما قدمت الدراسة توصيات مهمة، منها تسويق سلطنة عمان كوجهة رياضية طبيعية ومناخية مثالية، وتوفير برامج سياحية بعد الفعالية تشجع السياح على البقاء لفترة أطول.

وأوضحت العبرية أن مجال البحث العلمي الرياضي في سلطنة عمان يواجه مجموعة من التحديات والفرص، من بين الفرص، دعم القيادة العليا للبحث العلمي والابتكار، ووجود كفاءات وطنية مؤهلة، وإمكانية تحويل الرياضة إلى قطاع اقتصادي مستدام، أما التحديات فتشمل غياب منظومة علمية متكاملة للانتقاء والتدريب، ونقص الكوادر الفنية المؤهلة، وبعض القيود المجتمعية والثقافية على الرياضة النسائية، وضعف التنسيق الإداري ونقص التشريعات المحفزة للاستثمار الرياضي، وأكدت العبرية أن مواجهة هذه التحديات واستثمار الفرص المتاحة سيسهمان في تعزيز دور البحث العلمي الرياضي في تطوير الأداء المحلي والإقليمي، ودعم مكانة المرأة العمانية كعنصر فاعل في هذا المجال الحيوي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المجال الریاضی الریاضة النسائیة الأحداث الریاضیة الریاضة العمانیة المرأة العمانیة بالإضافة إلى سلطنة عمان فی البحث فی سلطنة من خلال

إقرأ أيضاً:

مشاركة 30 باحثا في دورة "مهارات البحث العلمي" بكلية التربية في الرستاق

الرستاق- خالد بن سالم السيابي

نظمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية كلية التربية بالرستاق ممثلة بقسم البحوث والاستشارات، دورة "المهارات الأساسية في البحث العلمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي" لطلبة الدراسات العليا، وذلك ضمن برنامج دعم الدورات التدريبية البحثية والابتكارية المقدم من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. قدم الدورة الدكتور أحمد فاروق عويس قسم العلوم، والدكتور أحمد رمضان خطيري قسم الدراسات التربوية، بمشاركة أكثر من 30 باحثا.

وتأتي الدورة ضمن برنامج دعم الدورات التدريبية البحثية والابتكارية بهدف تعزيز الفهم النظري والعملي لمبادئ البحث العلمي، وتنمية مهارات الكتابة الأكاديمية والتوثيق و تمكين الباحثين  من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مراحل البحث المختلفة باستخدام الجوانب النظرية والعملية من خلال المناقشات والتحليل والاستنتاج بالإضافة لعمليات التطبيق المتنوعة من خلال مراحل البحث العلمي.

وأكدت الدكتورة زليخة بنت طالب السعدية من قسم البحوث والاستشارات، الأهمية العلمية القيمة لمثل هذه الدورات لما تمثله من عمق معرفي في إطار علمي متقن يجسد من خلالها الباحثين المشاكلات بإطار علمي منظم، لافتة إلى أن هذه الدورات تشكل دعمها المعرفي للباحثين وفق الأسس العلمية والمنهجية في البحث.

 

 

مقالات مشابهة

  • كيف ترى المرأة العمانية صورتها في مرآة الإعلام؟
  • عائشة السعيدية.. نموذج ملهم في ساحة التحكيم الرياضي
  • باستثمارات 1.3 مليار يورو.. البحث العلمي والابتكار يقودان تطوير قطاع مستحضرات التجميل
  • يوم المرأة العمانية 2025
  • ما هي تهاني يوم المرأة العمانية؟
  • المرأة العمانية تثبت حضورها في قطاع الطيران المدني بثقة وكفاءة
  • المرأة العمانية.. هي عمان في بناء المستقبل و إلهام الأجيال القادمة
  • كلمة في يوم المرأة العمانية
  • مشاركة 30 باحثا في دورة "مهارات البحث العلمي" بكلية التربية في الرستاق