سجن خبير الاقتصاد الدكتور عبد الخالق فاروق.. حين يعتقل السيسي العقول قبل الأجسام
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
مقدمة: الجمهورية الجديدة.. بلا فكر ولا اقتصاد ولا ضمير
اعتقال خبير اقتصادي معروف، وتوجيه تهم تتجاوز النقد إلى "الإرهاب"، وسجنه بلا محاكمة عادلة؛ هذا ما حدث للدكتور عبد الخالق فاروق. تلك ليست مبالغة بل واقع يتكشف كل يوم، حيث تتحول الدولة التي تدّعي الاستقرار إلى سجن كبير يضم العقلاء مع المجرمين، والضحية هو الفكر الحر.
في هذا المقال نكشف تفاصيل القضية من بدايات الاعتقال إلى الأوضاع داخل السجن، محاولين أن نضيء جوانب القمع القضائي الذي يكشف الإرهاب الحقيقي: إرهاب الدولة ضد الشعب.
1. الاعتقال وتفتيش المنزل: مساء 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2024
بحسب زوجته، تم اعتقال الدكتور فاروق مساء 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا، من منزله بعد اقتحامه من قِبل قوات الأمن الوطني دون إنذار مسبق.
أثناء الاقتحام، صودرت مسودات كتبه، وأجهزة الحاسوب المحمول، وهاتفه وهاتف زوجته، ولم يُسمح له بأخذ الأدوية أو متعلقات ضرورية. لم يُعلَن فورا مكان احتجازه، ما عُدَّ اختفاء مؤقتا، قبل أن يُعرض على نيابة أمن الدولة العليا في اليوم التالي.
الرواية الرسمية تقول إن الاعتقال جاء على خلفية نشره أكثر من 40 مقالا تنتقد سياسات الرئيس السيسي، خاصة مشاريع العاصمة الإدارية وسياسات الاستيلاء على الأراضي العامة.
2. التهم المعلَّبة والذريعة القانونية
وجهت إليه النيابة عدة تهم، منها الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر بيانات تحريضية ضد الدولة وقياداتها.
القضية المسجلة ضده هي القضية رقم 4937 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا. أثناء التحقيقات، طُلب منه الكشف عن كل ما كتبه على مدى سنوات: كتب، أبحاث، تدوينات قديمة، مسودات لم يُنشر بعضها. دفاعه اعترض بأن ما فعله هو مجرد ممارسة حرية التعبير، وأن التهم لا تحمل أساسا قانونيا حقيقيا.
3. الحبس الاحتياطي والتجديدات المتكررة
نيابة أمن الدولة أول قضت بحبسه 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيق، وتم إيداعه في سجن العاشر من رمضان. بعدها، جرى تجديد حبسه لفترات متكررة: 15 يوما، ثم 45 يوما، وغيرها.
في تجديد الحبس عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، انقطع الصوت والصورة فجأة أثناء حديثه، مما منعه من الإدلاء بما قد يكشف تعرضه لانتهاكات داخل السجن.
تجديدات الحبس غالبا تصدر قبل أن يُقدّم الدفاع مرافعة حقيقية أو يطلع على الوثائق، مما يكرس مبدأ أن المرحلة الاستقصائية أقوى من المحاكمة.
4. الحالة الصحية والاعتداءات داخل السجن
الأستاذ فاروق يعاني من أمراض مزمنة: ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وضيق في الشريان التاجي يُشكَّل تهديدا لحياته. نُقل إلى مستشفى داخل السجن مرات عدة بعد تعرضه لأزمات قلبية، لكن بعد ذلك أعيد إلى زنزانات شديدة العزلة.
اشتكى من حرمانه من التريض، ومن بقائه داخل الزنزانة 23 ساعة يوميا، دون تعريض الشمس أو تهوية مناسبة، مما يزيد الأذى النفسي والجسدي. أعلن دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقاله وسوء المعاملة.
رفعت أسرته دعوى جنائية أمام محكمة القضاء الإداري تطالب بنقله للعلاج في مستشفى خارج السجن أو الإفراج الصحي، أو تمكينه من الرعاية التي تناسب حالته.
5. المحاكمة المفترضة والعنوان الجائر للسجن
رغم تداول وسائل إعلام أن الحكم قد صدر بسجنه خمس سنوات، لم تُعلن الجلسة التي أُقيمت فيها مرافعة أو قرّر فيها دفاعه، ولا زالت التفاصيل الدقيقة للحكم غامضة. الحكم صدر وفق مسارات غير شفافة، دون مرافعة أو اطلاع، وتكرار استخدام الحبس الاحتياطي ليكون العقاب الفعلي وليس مجرد إجراء مؤقت.
6. السياق الأوسع للقمع الفكري والاقتصادي
قضية فاروق ليست الحالة الوحيدة: النظام يستهدف الصحفيين والكتاب والمفكرين بنفس الأسلوب، بتهم "الأخبار الكاذبة" و"التحريض على الدولة" و"الانضمام للجماعات الإرهابية".
القاضي صار طرفا في الصراع: يُعيَّن بناء على الولاء، والمحاكم تُدار بتنسيق مع الأمن، والنيابة "الأمنية" تُملي الشروط والقوانين، ما يُفقد القضاء صفة الحياد.
الحبس الاحتياطي تحول إلى أداة عقاب مسبق، وليس مجرد ضمان للمثول أمام المحكمة. الاختفاء القسري، العزل، مصادرة الأجهزة، منع التواصل مع المحامين، كلها أدوات منهجية لإخماد أي صوت مستقل.
خاتمة: عندما يصبح القضاء مسرحا لقمع الحرية
القضية التي تمر بها شخصية بحجم فاروق تكشف أن هناك استراتيجية ممنهجة لاقتصاص الفكر، وضرب الصوت النقدي في مهدّه. سجن خبير الاقتصاد الدكتور عبد الخالق فاروق، مع كل هذه التفاصيل من الاعتقال المفاجئ، والتهم الفارغة، وتكرار الحبس، وتدهور حالته الصحية، ليس خطأ قضائيا، بل قرار سياسي مدروس.
الحرية ليست امتيازا؛ هي أساس نهوض الأمة، وبهذا العسف يُعدم كل أمل في رقابة بناءة واستدامة عقلية.
سؤال للقراء:
مع معرفتكم بهذه التفاصيل كلها، هل يمكن أن يُدان عالم اقتصادي على رأيه، أم أن القضية الحقيقية هي أن النظام بات يرى في كل عقل حرّ تهديدا لوجوده؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات اعتقال مصر اعتقال انتهاكات قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة داخل السجن
إقرأ أيضاً:
خبير: قمة شرم الشيخ للسلام دشنت مسارًا جديدًا لحل القضية الفلسطينية
أكد الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قمة للسلام التي استضافتها مدينة شرم الشيخ، مثّلت نقطة تحول مهمة في مسار القضية الفلسطينية، خاصة على صعيدي المسار الإنساني وإعادة الإعمار.
وأوضح أحمد، خلال مداخلته الهاتفية عبر قناة إكسترا نيوز، أن مصر تبذل جهودًا استثنائية منذ اندلاع الأزمة في غزة، وتتحرك على مستويات متعددة لدعم الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن القاهرة تسعى لقيادة مرحلة إعادة الإعمار والتعافي بالتعاون مع الأمم المتحدة وعدد من الشركاء الدوليين.
وأضاف أن قمة شرم الشيخ أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي بعد سنوات من التراجع، مؤكدًا أن المشاركة الواسعة من الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية والإسلامية تعكس نجاح الدبلوماسية المصرية في توحيد المواقف وإحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.