تزايدت في السنوات الأخيرة قضايا الحجر على الأشخاص بسبب الجنون أو العته أو ضعف الإدراك، سواء في نزاعات على الميراث أو قضايا مالية أو حتى نزاعات أسرية، وغالبا ما تحسم هذه القضايا بناء على تقارير طبية نفسية تحدد ما إذا كان الشخص قادرا على التمييز والتصرف أم لا.

الخلط بين الاضطراب النفسي وفقدان الأهلية القانونية يفتح الباب واسعًا أمام الجدل، ففي بعض القضايا، يستغل تقرير طبي واحد لتجريد إنسان من حقوقه، نرصد موقف القانون من دعاوي الحجر على أشخاص وتحديد الأهلية لهم.


القانون... من يملك الكلمة الأخيرة؟
تنص مادة رفع الولاية على المال في قانون الأحوال الشخصية على أن النيابة العامة هي الجهة المسؤولة عن رعاية مصالح عديمي الأهلية وناقصيها والغائبين، وتشمل صلاحياتها التحفظ على أموالهم والإشراف على إدارتها وفقًا لأحكام القانون، ويجوز لها أن تندب أحد مأموري الضبط القضائي لاتخاذ التدابير اللازمة في هذا الشأن، كما يمكنها الاستعانة بمعاونين يصدر بتعيينهم قرار من وزير العدل، ويُمنح هؤلاء صفة مأموري الضبط القضائي في حدود المهام التي تُناط بهم أثناء أداء وظائفهم.

وبموجب القانون، لا يُفرض الحجر على أي شخص إلا بقرار قضائي يصدر بعد الاستعانة بخبراء نفسيين معتمدين، وغالبًا ما يشترط القاضي تعدد التقارير الطبية قبل اتخاذ قراره النهائي، ضمانًا للعدالة والدقة في التقييم.

ويعد الطب النفسي ركيزة أساسية في القضايا المتعلقة بـ الأهلية القانونية، إذ تعتمد المحاكم على التقارير الطبية لتحديد قدرة الشخص على إدارة شؤونه أو أمواله، إلا أن تشخيص فقدان الأهلية ليس أم بسيط، بل عملية دقيقة تتطلب فحوصًا متعمقة ومتابعة مستمرة، إذ لا يمكن حسمها من جلسة واحدة، نظرًا لتغيّر السلوك البشري وتأثره بالعوامل النفسية والاجتماعية المحيطة.

ورغم وضوح الإطار القانوني، يبقى الجدل مستمرًا حول كيفية تطبيقه، ففي بعض الحالات، قد ترفع دعوى الحجر من أحد الأبناء ضد والده، وإذا صدر الحكم لصالحه، يستفيد باقي الأبناء من سلب الولاية عن الأب، وبعد اقتناع القاضي بالأدلة المقدمة، يصدر حكمه بالحجر، مع تخصيص نفقة مالية للمحجور عليه تُصرف له ليعيش منها، مع بقائه في منزله ما لم تستدعِ حالته الصحية أو النفسية نقله إلى مكان آخر.

ويمنح المحجور عليه حق الاستئناف على الحكم إذا قدّم ما يثبت سلامة قواه العقلية واستقرار سلوكه أمام المحكمة. كما يحق له، بعد صدور حكم الحجر، رفع دعوى جديدة لطلب إلغاء سلب ولايته على ماله أو نفسه في حال زوال السبب الذي أدى إلى الحجر، إذ يؤكد القانون أن الأصل هو حرية التصرف، وأن الحجر إجراء عارض ومؤقت لا يُلجأ إليه إلا في أضيق الحدود.

 



المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: محكمة الأسرة حجر حقوق الأباء خلافات أسرية عقوق الأبناء أخبار الحوادث

إقرأ أيضاً:

الاعتلال النفسي والاضطرابات العصبية المرتبطة به

الاعتلال النفسي هو حالة معقدة متعددة الأوجه؛ حيث يتميز بمجموعة من السمات العاطفية والتفاعلية، كنقص التعاطف أو الشعور بالذنب أو الندم، بالإضافة إلى الاندفاعية والجاذبية السطحية، بالرغم من الفهم الواسع لتقييم الاعتلال النفسي، إلا أنه لا يزال هناك فجوة كبيرة في فهم الاضطرابات العصبية المرتبطة بهذا الاضطراب النفسي الحاد، الذي يقدر بأنه يصيب حوالي 1% من سكان العالم. التعمق في الأسس العصبية الحيوية للاعتلال النفسي يتم من خلال دراسة ثلاث مناطق حيوية في الدماغ؛ وهي اللوزة الدماغية والقشرة الجبهية والهياكل شبه الحوفية الممتدة، حيث تلعب كل من هذه المجالات دورًا محوريًا في التشوهات السلوكية والعاطفية التي لوحظت في الأفراد ذوي السمات النفسية المرضية، إحدى المناطق الرئيسية المتأثرة في أدمغة الأفراد الذين يظهرون سماتٍ نفسية هي اللوزة الدماغية، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المشاعر كالخوف والقلق. المصابين بالاعتلال النفسي يظهرون نشاطًا ضئيلًا في اللوزة؛ ما قد يفسر استجاباتهم الخافتة للخوف وضعف قدرتهم على إدراك الضيق لدى الآخرين، ويعد هذا الخلل الوظيفي بالغ الأهمية في فهم سبب انخفاض حجم المناطق الأمامية من الدماغ لدى الأفراد المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بنسبة 18% تقريبًا، عند تعرض المصابين بالاعتلال النفسي لصور تظهر وجوهًا مخيفة أو انتهاكات أخلاقية ينخفض نشاط اللوزة الدماغية بشكل ملحوظ مقارنةً بالأفراد غير المصابين بالاعتلال النفسي، ويبرز هذا النقص في الاستجابة الانفصال العاطفي، وعدم الحساسية الأخلاقية وهما من السمات المميزة للاعتلال النفسي؛ ما يقدم تفسيرًا عصبيًا بيولوجيًا لهذه السمات السلوكية، من المناطق الحرجة الأخري المتورطة في الاعتلال النفسي، هي قشرة الفص الجبهي التي تلعب دورًا أساسيًا في الوظائف التنفيذية مثل مراقبة السلوك، وتقييم النتائج، ودمج العواطف في عمليات صنع القرار، غالبًا ما يظهر المصابون بالاعتلال النفسي انخفاضًا في حجم قشرة الفص الجبهي، ما يضعف بشدة قدرتهم على التعلم من التجارب العاطفية، وبالتالي يؤثر على اتخاذهم للقرارات المستقبلية، وقد يدفع هذا النقص المصابين بالاعتلال النفسي إلى التقليل المستمر من عواقب أفعالهم، حيث لا يستطيعون معالجة ردود الفعل العاطفية ودمجها بشكل كامل، وكلما زاد الخلل الوظيفي في هذه المنطقة زادت شدة السلوك النفسي، حيث يتسبب بانخراط الأفراد المصابين في سلوكيات متهورة وغير مسؤولة دون مراعاة النتائج السلبية المحتملة، يتجاوز الخلل في الدماغ السيكوباتي الجهاز الحوفي، ليصل إلى المناطق المجاورة له، والتي تعرف مجتمعةً بالجهاز شبه الحوفي، حيث ترتبط هذه المناطق بمجموعة أوسع من الوظائف الإدراكية، بما في ذلك معالجة الذاكرة والتجارب، المصابين بالاعتلال النفسي يعانون من انخفاض في المادة الرمادية داخل هذه المناطق، ما يسهم في حدوث تشوهات في الذاكرة والإدراك، وقد يفسر هذا الانخفاض في حجم الدماغ سبب معالجة المصابين بالاعتلال النفسي للذكريات بطريقة مختلفة جذريًا، حيث غالبًا ما ينظرون إلى دورهم في الأحداث الماضية بانفصال أو تحريف، ويمكن أن تعزى الفجوة العاطفية الملحوظة لدى الأفراد المصابين بالاعتلال النفسي إلى ضعف قدرة هذه المناطق الدماغية، ما يعقد قدرتهم على التواصل مع الآخرين وفهم الأهمية العاطفية لتجاربهم، وكلها تؤدي إلى العجز العاطفي وضعف اتخاذ القرار والتشوهات المعرفية الملحوظة لدى الأفراد المصابين بالاعتلال النفسي.

NevenAbbass@

مقالات مشابهة

  • وضع الحجر الأساس للسفارة الفلسطينية ببغداد والسفير يتعهد بفتح سفارة عراقية بالقدس
  • سخرية إلهام شاهين وهالة صدقي من لبلبة.. استشاري الطب النفسي يكشف حقيقة|خاص
  • نائب محافظ الدقهلية يترأس لجنة لاختيار أفضل الكفاءات للعمل بالبوابة الإلكترونية
  • مجلس جامعة بنها الأهلية يوافق على تشكيل مجلس إدارة مركز البحوث وتحديث برامج الطب والعلاج الطبيعي
  • تنفيذي المنصورة يناقش التقارير الخدمية ويشدد على تفعيل الأداء الإداري وتحقيق التنمية
  • مجلس بنها الأهلية يوافق على تحديث اللوائح الدراسية لبرامج كليتي الطب والعلاج الطبيعي
  • قلق إسرائيلي متصاعد من استعادة حماس لنفوذها في غزة
  • العبداللات يقرر حظر النشر في مشاجرة الجامعة الأردنية
  • الاعتلال النفسي والاضطرابات العصبية المرتبطة به