في واحدة من أفظع فصول الحرب السودانية، تروي حياة يعقوب حسين، وهي أم من دارفور في الثلاثينيات من عمرها، لصحيفة تايمز البريطانية كيف ركضت بأطفالها وسط الجثث لتنجو من الموت بعد أن سقطت مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع عقب حصار دام 18 شهرا أودى بآلاف الأرواح وأغرق المدينة في مجاعة خانقة.

تقول حياة يعقوب من مخيم للناجين في بلدة طويلة غربي الفاشر "كانت الجثث ملقاة على قارعة الطريق ومن يتوقف يُجلد، ومن يتعثر يُقتل".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: غزة قد تعود للحرب مجددا والسودان بحاجة لتفعيل آليات العقابlist 2 of 2واشنطن تايمز: هكذا غير الذكاء الاصطناعي قواعد الحرب في أوكرانياend of list

ووفق تايمز، اضطرت حياة لترك جثة ابنها المراهق دون دفن بعد أن قُتل قصفا، ولا تعلم مصير زوجها الذي أخذته قوات الدعم السريع مع رجال آخرين، أو ما حصل لجيرانها العاجزين عن الفرار.

وأكدت تقارير الأمم المتحدة أن ما جرى في الفاشر يعيد إلى الأذهان فظائع إبادة دارفور قبل أكثر من 20 عاما. فبعد انسحاب الجيش السوداني، سيطرت قوات الدعم السريع على المدينة بعد أن فرضت عليها حصارا خانقا، منعت خلاله وصول الغذاء والدواء حتى تفشّت المجاعة، حسب الصحيفة.

"لا تصلنا صرخاتهم ولكن الرعب مستمر. النساء والفتيات يُغتصبن، والناس يُعذبون ويُقتلون دون أن يُحاسب أحد على ذلك"

بواسطة منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر

وكشفت صور أقمار صناعية عن دلائل لعمليات قتل جماعي، في وقت أفادت فيه منظمة الصحة العالمية بمقتل نحو 460 شخصا في مجزرة داخل مستشفى الولادة السعودي بعد اقتحامه.

وحذر رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند من أن "قلة عدد من وصلوا سالمين إلى مخيم طويلة يجب أن تثير فزع العالم بأسره"، واصفا ما يجري بأنه "فصل جديد من الرعب في دارفور".

وتقول حياة يعقوب، التي تطهو لعائلتها أول وجبة ساخنة منذ شهور بعد أن عاشت على علف الحيوانات، "ما نحتاجه هو الأمان لأطفالنا". وهي اليوم ترعى أيتاما فقدوا ذويهم في القصف.

صمت دولي

وفي جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، وجّه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر انتقادا لاذعا لصمت المجتمع الدولي قائلا "لا تصلنا صرخاتهم ولكن الرعب مستمر. النساء والفتيات يُغتصبن، والناس يُعذبون ويُقتلون دون أن يُحاسب أحد على ذلك".

إعلان

ومع سقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي أنشأ سلطة موازية، بات السودان فعليا منقسما بين جيش يسيطر على الخرطوم وشرقي البلاد، ومليشيا تُعيد إلى الأذهان جراح الإبادة في دارفور، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.

المئات من سكان الفاشر نزحوا منها بعد إعلان قوات الدعم السريع السيطرة عليها (مواقع التواصل الاجتماعي)

ونقلت تايمز عن ناجية من مجازر دارفور السابقة تُدعى امتثال محمود، التي تقيم حاليا في الولايات المتحدة، القول إنها تعرّفت على ابنة عمها نظيفة في مقطع فيديو نُشر على حسابات تابعة لقوات الدعم السريع.

وأضافت في حديثها لوكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس "يمكنك أن ترى جثتها ملقاة على الأرض، وتسمع أحد مقاتلي الدعم السريع يقول لها: انهضي إن استطعتِ".

وتابعت بأسى "كانوا يسخرون من جثتها، وهذا شكل آخر من أشكال التعذيب. الكثير من أفراد عائلتنا ما زالوا محاصرين داخل المدينة، ولا نعرف من منهم على قيد الحياة ومن قُتل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات قوات الدعم السریع بعد أن

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع تعلن القبض على عيسى أبو لولو تمهيدا لمحاكمته في انتهاكات الفاشر

أعلنت قوات الدعم السريع السودانية اليوم عن اعتقال ضابط بارز يُعرف باسم عيسى “أبو لولو” في مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، تمهيداً لإحالته إلى المحاكمة بتهم ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. 

وتأتي هذه الخطوة في سياق الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي لفتح تحقيقات في سلسلة من الانتهاكات التي شهدتها الفاشر.

لأول مرة.. البرلمان الفرنسي يعتمد مشروعاً لليمين المتطرف لإنهاء اتفاقية الهجرة مع الجزائراقتحام مطار العاصمة دار السلام.. احتجاجات غاضبة بعد انتخابات مثيرة للجدل تهزّ استقرار تنزانيا| صور

وقالت في بيان رسمي إنها “تمكنت من ضبط أبو لولو وإحالته إلى جهات التحقيق المختصة، وإنها لن تتهاون مع أي عنصر ارتكب تجاوزات، وستعرضه للقضاء”. وقد ربط البيان بين عملية الاعتقال وبين التزام قوات الدعم السريع بإبلاغ الجهات الدولية المعنية بنتائج التحقيقات في أحداث الفاشر، كما سبق أن أعلنت.

ويُعرف أبو لولو باسمه الحقيقي عُمر الفاتح عبد الله إدريس، وهو ضابط برتبة عميد داخل قوات الدعم السريع، وقد ظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر فيها وهو يُشرف على تصفيات ميدانية بحق مدنيين في الفاشر، ما أثار استنكاراً واسعاً من منظمات حقوق الإنسان. بحسب التحقيقات الصحفية، فقد ظهر بأحد المقاطع وهو يسأل محتجزاً عن انتمائه القبلي، ثم يطلق عليه النار فوراً، في عملية وصفها أحد الحقوقيين بأنها “إعدام ميداني لأجل الهوية”، سودان بوست.

واتهمت مستشفيات محلية وشبكات طبية مستقلة بتحويل مقاطع فيديو وصور تُظهر ما لا يقلّ عن 500 قتيل خلال 72 ساعة فقط، إثر اقتحام قوات الدعم السريع للفاشر، بينهم نساء وأطفال. 

ومن جهتها، قالت القيادة في قوات الدعم السريع إن “الانتهاكات ارتكبت من عناصر غير منضبطة”، وإنه جرى “فتح تحقيق فوري واتخاذ إجراءات محاسبية”، لكنها لم تُفصح بعد عن تفاصيل التهم الموجَّهة رسمياً إلى أبو لولو أو عن مكان احتجازه وما إذا كان أمام القضاء المحلي أو الدولي. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من القوات لاحتواء الموقف الداخلي والتخفيف من الضغط الدولي المتصاعد بشأن ملف دارفور.

ورغم أن الاعتقال يُعد خطوة رمزية مهمة، إلا أنّ محللين يرون أن مصير أبو لولو سيشكل اختباراً حقيقياً لمدى جدية السلطات في السودان في تطبيق مبدأ المساءلة. إذ إن تنفيذ الإجراءات وتوفير محاكمة نزيهة وشفافة سيُعد مؤشّراً على إمكانية تغيير واقع الإفلات من العقاب في مناطق النزاع. وبغياب تلك الضمانات، قد يُنظر إلى هذا الاعتقال على أنه تحرُّك شكلي للتخفيف من حدة الانتقادات دون تغييرات جوهرية على الأرض.

وتبقى الأنظار متجهة نحو ما ستُعلنه قيادة قوات الدعم السريع في الأيام المقبلة من تفاصيل حول التحقيق، وما إذا كان أبو لولو سيُحال إلى محكمة مدنية أو عسكرية، وإلى أي مدى ستُشارك هيئات دولية أو منظمات حقوق الإنسان في متابعة سير المحاكمة.

طباعة شارك قوات الدعم السريع السودان اعتقال ضابط مدينة الفاشر ولاية شمال دارفور أبو لولو أحداث الفاشر

مقالات مشابهة

  • مقتل واختفاء المئات بعد سقوط مدينة سودانية في أيدي قوات الدعم السريع
  • الدعم السريع تعتقل “أبولولو” بعد تنفيذه إعدامات بالفاشر
  • مجلس الأمن يدين جرائم الدعم السريع بحق المدنيين في السودان
  • قوات الدعم السريع تعلن القبض على عيسى أبو لولو تمهيدا لمحاكمته في انتهاكات الفاشر
  • مجلس الأمن يندد بهجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر
  • غوتيريش يدعو لوقف القتال في السودان بعد مجزرة مستشفى الفاشر
  • مجزرة الفاشر تتسبب بنزوح جماعي واستنكار دولي واسع: 36 ألف شخص فرّوا من المدينة خلال أيام
  • نازحة من الفاشر تروي فظاعات ارتكبها الدعم السريع بعد سقوط المدينة
  • كاتب سوداني: الدعم السريع يسعى لفرض واقع جديد في دارفور