في خضم تصاعد التوترات بعد الحرب الأخيرة على غزة، تتجلى تركيا كعنصر رئيس في الخطط الأمريكية لإعادة الاستقرار إلى القطاع، بل وللمنطقة بأسرها. إذ تراهن إدارة الرئيس دونالد ترامب على أنقرة ليس فقط كوسيط دبلوماسي، بل كقوة إقليمية ضامنة، قادرة على حماية الحقوق الفلسطينية ومواجهة أي محاولات إسرائيلية لتجاوز هذه الحقوق، بينما توازن بين مصالح الولايات المتحدة والغرب في الشرق الأوسط.



تركيا، بحكم تاريخها كعضو في حلف الناتو وحليف غربي قديم، تمتلك قدرة فريدة على المزج بين القوة الإقليمية والدبلوماسية الدولية. في المقابل، لا توجد دولة عربية حاليا قادرة على موازنة القوة الإسرائيلية بنفس الفاعلية، ما يجعل الدور التركي أكثر أهمية واستراتيجية.

ثقة ترامب بالدور التركي ليست اعتباطية، بل نابعة من عدة اعتبارات عملية واستراتيجية: أولا، تركيا لديها القدرة على التدخل السياسي والميداني لضمان استقرار غزة ومنع أي فراغ أمني يمكن أن تستغله إسرائيل. ثانيا، الدور التركي مقبول من الفلسطينيين وكثير من الدول العربية، ما يمنح أي تسوية أو إدارة لاحقة شرعية محلية وإقليمية، وهو ما يراه ترامب حاسما لضمان تنفيذ خططه دون صدام مباشر مع المجتمع العربي أو الفلسطيني. ثالثا، أنقرة تمتلك خبرة طويلة في إدارة الأزمات الإقليمية، من سوريا إلى ليبيا، بما في ذلك القدرة على حماية مصالح الغرب في ملفات معقدة دون الدخول في مواجهة مباشرة.

ولعل التحركات التركية الأخيرة في غزة تؤكد هذا البعد الضامن: سواء عبر الإشراف على وقف إطلاق النار، وإبداء استعدادها في المشاركة في إعادة الإعمار، وتقديم المساعدات الإنسانية والهندسية والطبية، بالإضافة إلى استعدادها لتسيير دوريات أمنية ومراقبة الحدود. فحضور تركيا لم يعد شكليا، بل هو عنصر ضمان عملي لتنفيذ الخطط الأمريكية على الأرض، مع منع أي محاولات إسرائيلية لتجاوز الحقوق الفلسطينية.

تركيا، عبر تنسيقها مع الفاعلين المحليين، بما في ذلك حماس، تضمن أن تكون الحلول الأمريكية فعالة عمليا، وليس مجرد ورقة سياسية دولية. هذا الدور الضامن يعكس استراتيجية ترامب في جعل تركيا حليفا إقليميا رئيسا قادرا على استيعاب التحديات الإسرائيلية، وموازنة القوى في المنطقة، وحماية مصالح الولايات المتحدة في ملفات الشرق الأوسط الحساسة.

في الوقت ذاته، يوضح رفض إسرائيل لمشاركة تركيا في القوة الدولية المزمع نشرها في غزة، حجم التوتر المستمر بين أنقرة وتل أبيب، لكنه لا يقلل من أهمية الدور التركي. فتركيا ليست لاعبا مرحليا، بل محورا استراتيجيا في أي معادلة استقرار مستقبلية للقطاع والمنطقة، تجمع بين حماية مصالحها، ومصالح الغرب، والمصالح الفلسطينية في آن واحد.

ختاما، حضور تركيا في غزة اليوم ليس عرضيا ولا مؤقتا؛ بل هو جزء أساسي من استراتيجية أمريكية أوسع، تمنح أنقرة دورا قياديا ضامنا في صياغة مستقبل الشرق الأوسط، وفي ضمان استقرار المنطقة أمام التحديات الإسرائيلية والفوضى الإقليمية المحتملة، مع شرعية واسعة من الفلسطينيين والدول العربية، وقدرة على حماية مصالح الولايات المتحدة والغرب على حد سواء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة تركيا الاستقرار ترامب إسرائيلية إسرائيل تركيا غزة استقرار ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدور الترکی حمایة مصالح

إقرأ أيضاً:

واشنطن تسعى لإشراك تركيا في القوة الدولية بقطاع غزة

صراحة نيوز- ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن الولايات المتحدة تسعى لإشراك تركيا في القوة الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة، رغم معارضة إسرائيل.

وأضافت القناة أن خطط تشكيل القوة الدولية لا تزال قيد الإعداد، وسيتم عرضها على إسرائيل والدول العربية خلال الأسابيع المقبلة.

وأشار المسؤولون إلى أن الجانب الإسرائيلي متوجس ومتشكك من المشاركة التركية، بسبب عدم وجود سيطرة مباشرة لإسرائيل على القوة الدولية في غزة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن سابقًا رفضه القاطع لأي مشاركة تركية في الترتيبات الأمنية أو القوات الدولية في القطاع، مؤكدًا أن دخول القوات التركية يمثل “خطًا أحمر” بالنسبة لإسرائيل ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: العالم خذل جيلا بأكمله والشرق الأوسط الجديد وهم
  • واشنطن تسعى لإشراك تركيا في القوة الدولية بقطاع غزة
  • «بين الدعم والإدانة» ..كيف تنظر القاهرة إلى تصريحات أحمد الشرع عن مصر والشرق الأوسط؟
  • سفارة أنقرة بالقاهرة تحتفل بالعيد الوطني التركي الـ102 | صور
  • تعثر تشكيل القوة الدولية لغزة
  • الأمن النيابية:الاحتلال التركي للعراق بسبب ضعف وفساد السوداني
  • «الوزراء»: المتحف المصري الكبير أول «متحف أخضر» في إفريقيا والشرق الأوسط
  • مجلس الوزراء: المتحف المصري الكبير أول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط
  • رئاسة الوزراء: المتحف المصري الكبير أول متحف أخضر يُسجَّل في إفريقيا والشرق الأوسط