عربة السلطة الفلسطينية بدون عجلات وطنية تمضي بها إلى القاهرة
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
بعثت مصر برسائل واضحة إلى السلطة الفلسطينية، مفادها أن "القطار الذي انطلق من القاهرة سيسير على السكة التي شُيّدت له، سواء وافقت فتح أم لم توافق". الرسالة جاءت بعد حملة إعلامية أطلقتها سلطة رام الله، أنكرت فيها موافقتها على تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية محلية يترأسها الناشط والحقوقي الفلسطيني أمجد الشوا.
التقلب والتذبذب السريع في مواقف وسلوك السلطة في رام الله عكس أزمة شرعية وثقة لدى نخبها المتحكمة بمراكز القرار محليا وإقليميا ودوليا، حاولت الاستعاضة عنها بلعب دور الثلث المعطل بعد تمنّع نائب الرئيس، حسين الشيخ، ومدير المخابرات في السلطة ماجد فرج، عن لقاء قيادات حركة حماس والفصائل الفلسطينية والتيارات السياسية في القاهرة، وبعد تنكرها لكل ما تم التوافق عليه في القاهرة فيما بعد بإشراف مصري، وهي أزمة عمّقها نجاح المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في التعامل ميدانيا مع التحديات المحلية وإقليميا ودوليا وتوقيع اتفاق لوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة.
أزمة الشرعية بلغت ذروتها باتخاذ خطوات استباقية اتخذها الرئيس محمود عباس؛ بإعلان دستوري ينقل صلاحياته في حال شغور منصبه إلى حسين الشيخ، نائبه في رئاسية السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، بديلا عن رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، أو رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك المعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي. وهي خطوة جاءت بعد يوم واحد من إعلان الرئيس الأمريكي إمكانية مناقشة إطلاق سراح القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي من سجون الاحتلال، وهو توجه أمريكي فتح الباب أمام استقطابات داخلية في منظمة التحرير والسلطة وحركة فتح ذاتها، وتجديد الحركة الوطنية الفلسطينية بتحدي نفوذ النخب القائمة التي اكتسبت شرعيتها وفاعليتها من مشروع التنسيق الأمني وتفاصيله اليومية.
تذبذب مواقف السلطة وتحركاتها سلوك مكلف ويدفع ثمنه الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية التي تعاني من هجمات المستوطنين وإجراءات جيش الاحتلال وحكومة نتنياهو التي تضيف كل يوم مساحة جديدة إلى مناطق الضم والاستيطان، في حين تنشغل السلطة في رام الله بإعاقة إصلاح المنظومة السياسية الفلسطينية لمواكبة التطورات الدولية والإقليمية، وإعاقة عملها في التعامل مع التحديات المركزية والمصيرية المحلية.
قطار القاهرة لم يعد يحتمل تأخير الانطلاق على السكة بعد أن فقدت قاطرة السلطة عجلاتها الوطنية، فالقاهرة تُعد لمؤتمر الإعمار تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وتسعى لتثبيت وقف إطلاق النار الذي يعمد الاحتلال لانتهاكه ومحاولة تفجيره بتأخير الانطلاق إلى المحطة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
مصالح السلطة في ضوء موقفها تبدو متقاطعة مع مصالح الاحتلال على نحو خطير تولد عنه تخادم أزعج القاهرة، وعبّر عنه مجددا منع سلطات الاحتلال كلا من نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، وعضو اللجنتين التنفيذية والمركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح؛ من زيارة القاهرة للقاء الأسرى المحررين، ولمواصلة المشاورات مع الجانب المصري والفصائل الفلسطينية حول المرحلة الثانية لتفعيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية في قطاع غزة.
التخادم يُكسب الاحتلال والنخبة التي اكتسبت مشروعيتها من التنسيق الأمني بعض الوقت، ولكنه لن يوقف قطار القاهرة عن المضي على سكته نحو محطة الإعمار لتشغيل لجنة التكنوقراط في قطاع غزة، وهي محطة يُتوقع أن تفتح الباب لأخرى ثالثة تشق طريقها إلى انتخابات رئاسية وتشريعية لا يريدها الاحتلال والسلطة في رام الله، وتخشاها قوى إقليمية تعول على الإقصاء والتهميش لفرض أجندتها الأمنية والتطبيعية مع الاحتلال.
ختاما.. النخبة في رام الله تكافح لتعطيل مسار الإصلاح ووضع العوائق أمام المرحلة الثانية، على أمل أن يتمكن الاحتلال من إعادة رسم المشهد السياسي والأمني الذي تشكل عقب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو طموح غير مشروع، وتخادمٌ مؤذ للشعب الفلسطيني فضلا عن كونه مؤذيا لجمهورية مصر والوسطاء وللسلطة والنخبة في رام الله ذاتها، إذ يعمق أزمتها مبددا ما تبقّى لها من شرعية ومصداقية إقليمية لدى الشركاء في المنطقة وعلى رأسهم مصر، ودولية لدى الرعاة في أوروبا وأمريكا وأفريقيا وآسيا.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء مصر السلطة الفلسطينية محمود عباس الاحتلال مصر احتلال فلسطين محمود عباس السلطة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی رام الله فی قطاع غزة السلطة فی
إقرأ أيضاً:
العربية لحقوق الإنسان تنتقد اعتقال السلطة الفلسطينية للمحامي مهند كراجة
اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية المحامي الفلسطيني مهند كراجة، مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة"، في خطوة وصفها مراقبون ومنظمات حقوقية بأنها تصعيد خطير ضد العمل الحقوقي المستقل في الأراضي الفلسطينية، حيث تأتي في سياق مستمر من التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين العاملين في قضايا الحريات العامة.
وأفادت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، في بيان لها اليوم أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، أنّ النيابة العامة أصدرت قرارًا بتوقيف كراجة يوم الأربعاء 29/10/2025 لمدة 48 ساعة، بعد استدعائه للتحقيق، بتهم تتعلق بـ"إثارة النعرات العنصرية" و"نقل أخبار مختلقة بغرض إثارة الفزع"، مستندة إلى قوانين قديمة تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، غالبًا ما تُستخدم لمعاقبة المعارضين والناشطين السياسيين والحقوقيين.
وأوضحت المنظمة أن التهم الموجهة إلى كراجة مبنية على مواد رقمية مفبركة وملفقة، ضمن حملة تحريض وتشويه استهدفت شخصه ومجموعته الحقوقية. وسجل كراجة فيديو موثقًا فيه تفاصيل توقيفه على جسر الأردن عند عودته من السفر، حيث تم استجوابه وطلب منه مقابلة جهاز المخابرات، وأُفرج عنه مع بقاء تهديد الاعتقال قائمًا، مشيرًا إلى تعرضه وعائلته وزملائه في المكتب للتهديدات والابتزاز بهدف إرهابه.
وأشار المحامي في الفيديو إلى أنه تقدم بشكاوى للنيابة حول هذه التهديدات، إلا أنّها تم تجاهلها بالكامل، مؤكدًا دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على التهم الموجهة ضده واستهدافه بسبب نشاطه المهني والحقوقي.
وقالت المنظمة إن اعتقال كراجة ليس حالة فردية، بل يعكس نمطًا متواصلًا من الملاحقات والاعتقالات التي تستهدف النشطاء والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الضفة الغربية، في ظل غياب المساءلة واستمرار سياسة تكميم الأفواه، ما يقوض الفضاء المدني ويخضع المؤسسات الحقوقية المستقلة لضغوط مكثفة.
كما شددت المنظمة على أنّ التعاون الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي يعزز من هذه الممارسات، حيث يتم تبادل الاعتقالات والاستجوابات بين الطرفين، في سياق "الإبادة الزاحفة" التي تشهدها الضفة الغربية من مصادرة أراضٍ وبناء مستوطنات، واعتداءات على الممتلكات والمواطنين، وهدم المنازل، وإطلاق النار، واستخدام الطائرات في القصف، وتنفيذ حملات اعتقالات عشوائية.
وطالبت المنظمة السلطة الفلسطينية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي مهند كراجة، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه، ووقف كافة أشكال الترهيب والملاحقة التي تستهدف العاملين في المجال الحقوقي والقانوني، داعية نقابة المحامين الفلسطينيين إلى التحرك لحماية أعضائها واتخاذ موقف واضح تجاه هذا الانتهاك لحرية العمل القانوني.
كما حثّت المنظمة المقررين الخاصين في الأمم المتحدة المعنيين بحرية الرأي والتعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وبعثات الدول الراعية لحقوق الإنسان في فلسطين، على التدخل العاجل لضمان الإفراج عن كراجة وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان من الاستهداف الممنهج الذي يهدد المجتمع المدني الفلسطيني.
وأكدت المنظمة أن استمرار السلطة الفلسطينية في استخدام الأجهزة القضائية والأمنية كأدوات للقمع السياسي سيؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة في المنظومة القضائية، وتفاقم الانقسام الداخلي، وتدهور صورتها أمام المجتمع الدولي، داعية إلى احترام الالتزامات الدولية لفلسطين وضمان حرية التعبير والعمل الحقوقي دون قيود أو انتقام.