استراتيجية العدو الصهيوني في جنوب لبنان وغزة هي: أنه لا يريد العودة للحرب المشتركة مجددا ولم يعد قادرا على تحملها وتحمل تبعاتها، ولكن يريدها من طرف واحد فقط، من طرفه هو ليحقق بها كل أهدافه، ولكن كيف له ذلك، وما هي خططه؟
هو يرى أن الطرف الآخر يظهر ويؤكد تمسكه بالاتفاق والسلام، وأنه لا يريد الحرب والقتال، ولن يعود إليها أبدا، فيظهر للجميع ما يوهم أنه يريد العودة للحرب ويسعى لها لو لا ظروف الاتفاق والوسطاء والتزام الطرف الآخر وتمسكه بوقف إطلاق النار، وسدّ الذرائع، ليدفعهم جميعا للتمسك أكثر وأكثر بجهود السلام واتفاق وقف إطلاق النار والإصرار على عدم العودة للحرب أو توفير ذرائعها وأسبابها مجددا.
فيوفر لنفسه بمساعدة وتعاون الجميع الفرصة والحماية والأمان، وينطلق في عدوانه بكل أريحية وهدوء -فيما يسميه الآخرون والوسطاء بالخروقات- ليقتل ويدمر ويستهدف من أراد وكيفما أراد ومتى ما أراد دون أن يتلقى أي ردود أو يتحمل أي خسائر، بينما يبقى الآخرون يعدون الخروقات ويقدمون الإحصاءات ويطلقون النداءات والمناشدات، وحينها تحضر أمريكا وحلفاؤها ويؤكدون ويطمئنون الجميع بأن الحرب قد توقفت وانتهت ولن تعود أبدا، وأن وقف إطلاق النار صامد والهدنة مستمرة.
فيما هو مستمر في إجرامه وعدوانه بأقل الكلف والخسائر التي لا تتجاوز كلفة الإطلاق والإقلاع والهبوط، والجميع يقولون: الحرب توقفت وجهود السلام مستمرة، وإنما هي مجرد خروقات أمنية يجب أن تتوقف، وعلينا تفويت أي فرص يستغلها العدو لإشعال نيران الحرب من جديد؛ التي لا يعدم مبرراتها وذرائعها والتي لا يحتاج إليها أصلا، فيكون الكل قد وفر له فرصة الاستمرار في تنفيذ خططه العدوانية وتحقيق أهدافه الإجرامية، وفرصة التفلت من تبعات السخط والإثارة والإدانة والمساءلة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقتل 100 فلسطيني ثم تعلن العودة لاتفاق وقف إطلاق النار
أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، العودة للالتزام بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد قتله 100 فلسطيني بينهم 35 طفلا، بقصف استهدف مناطق متفرقة داخل القطاع.
وقال، في بيان، بتوجيهات سياسية، بدأ الجيش الإسرائيلي في التزام متجدد بالاتفاق الذي "خرقته منظمة حماس"، بعد سلسلة غارات واسعة على مسلحين وعلى أهداف أخرى كثيرة.
وأوضح البيان أن الجيش وجهاز الشاباك استهدفا أكثر من 30 مسلحا من مستويات القيادة في المنظمات العاملة في قطاع غزة، دون إيراد تفاصيل.
وفي حين قال إنه سيواصل فرض الاتفاق، هدد جيش الاحتلال بأنه سيرد بقوة على أي خرق.
وأعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 100 فلسطيني، بينهم 35 طفلا، في "مجازر" متفرقة خلال أقل من 12 ساعة.
واستهدف الجيش الإسرائيلي في غاراته منازل وسيارة مدنية ومركز إيواء ومستشفى وخيام نازحين، وجميعها غرب ما يسمى "الخط الأصفر"، أي خارج مناطق سيطرته.
الخط الأصفرو"الخط الأصفر" هو خط الانسحاب الأول المنصوص عليه بالمرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، والتي بدأت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويفصل هذا الخط بين المناطق التي لا يزال يوجد فيها الجيش الإسرائيلي في الجهة الشرقية منه وبين تلك التي يُسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها في جهته الغربية.
وادعت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الثلاثاء الماضي، أن مسلحين (لم تحدد هوياتهم) أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات ونيران قناصة على جنود إسرائيليين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
ونفت حماس، في بيان، علاقتها بإطلاق النار في رفح، وأكدت التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، وأن القصف الإسرائيلي انتهاك صارخ للاتفاق، وأنه يؤكد الإصرار على انتهاك بنود الاتفاق ومحاولة إفشاله.
وفي السياق، قال أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد أبو دية للجزيرة نت إن ما جرى في غزة يعكس هشاشة النظام الدولي بأسره، موضحا أن القطاع استيقظ مجددا على فصول جديدة من الدم، بعدما استهدفت الغارات الإسرائيلية خيام نازحين ومنازل مدنية، وذلك بعد أيام قليلة من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
إعلانواعتبر أبو دية أن هذه التطورات تكشف مجددا مأزق القانون حين يعجز عن حماية من صمم لأجلهم، فالهدنة في القانون الدولي ليست مجرد تفاهم سياسي، بل التزام قانوني صارم يلزم الأطراف المتحاربة بوقف الأعمال العدائية احتراما لحياة المدنيين.
خرق واستخفافوأضاف أن تكرار الخروق الإسرائيلية يعكس استخفافا واضحا بهذه الالتزامات، ويثير تساؤلات حول جدوى منظومة العدالة الدولية التي تكتفي غالبا بالإدانة دون عقاب، معتبرا أن ما وقع يعد خرقا فاضحا لوقف إطلاق النار وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين تحت أي ذريعة.
وخلص أبو دية إلى أن المشهد في غزة ليس مجرد انتهاك للنصوص، بل تجسيد للعجز الجماعي حين يتحول القانون إلى شاهد صامت، فلا تدفع غزة وحدها ثمن الهدنة المكسورة، بل تدفعه أيضا فكرة القانون الدولي نفسها، حين يترك الأطفال تحت الركام دون أن يجد العالم في نصوصه ملاذا لهم.