عربي21:
2025-11-01@05:44:46 GMT

كذبة المجتمع دولي

تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT

من قبيل «الضحك عالدقون»، أو «تغطية السماوات بالقبوات»، أو «التذاكي والشطارة»، أو إدمان مجانبة قول الحقيقة، يجري من قبل أوساط سياسية، وإعلامية خصوصاً، نسبة كل مطالب واشنطن وتل أبيب إلى «المجتمع الدولي».

كان مسمى «المجتمع الدولي» يُطلق على الأكثرية المؤثرة في العالم. كانت تلك الأكثرية أيضاً تجنّد في خدمة مواقفها وفي إضفاء الشرعية عليها وسط توازنات نسبية، مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة: الجمعية العامة، مجلس الأمن، المؤسسات الأخرى المنبثقة عنها: أي كل وكالات الأمم المتحدة.

هذا إلى مراكز مدنية معترف، ولو جزئياً، بحياديتها وحتى نزاهة بعضها.

بعد هزيمة النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية، وإثر حلول «الأمم المتحدة» محل «عصبة الأمم»، جنح قادة الغرب الاستعماري نحو السيطرة والتحكم والاحتكار. وهكذا بدأ قادة الحقبة الاستعمارية السابقة استقطاباً دولياً جديداً. أنشأوا الأحلاف الدولية، السياسية والعسكرية، لتطويق وعزل ومحاولة إسقاط الاتحاد السوفياتي ونظامه ومنظومته.

رفع الاتحاد السوفياتي، المتوسع بنتيجة الحرب -بمعزل عن مستوى نضوج العامل الطبقي والثوري المحلي في البلدان التي حررها من النازية-، شعار «التعايش السلمي بين الأنظمة الاجتماعية المختلفة». كان ذلك من أجل محاصرة النزعة العنفية الغربية، ومن أجل تفادي حرب جديدة، مدمرة أكثر في المرحلة النووية التي بدأتها واشنطن.

وما لبثت موسكو أن انضمت إليها في عملية سباق تسلح لم تتوقف حتى اليوم، رغم كل التبدلات الهائلة! استخدمت القوى الاستعمارية، لهذا الغرض، وسائل قديمة ومستحدثة، منها: إنشاء الأحلاف الكونية والقارية والإقليمية، والتدخل العسكري المباشر كما في كوريا وفيتنام، والانقلابات العسكرية، وكان أبرزها في إيران ضد حكومة «مصدق» المنتخبة عام 1953، وفي التشيلي ضد الرئيس المنتخب أيضاً، «سلفادور أليندي» عام 1973... الاغتيالات، ومحاولات الاغتيال، والمؤامرات التي استهدفت قادة وزعماء في حركات التحرير والتحرر الناشطة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

في الأثناء، اجتاز الاتحاد السوفياتي مخاضاً شابَهُ عدد من الصعوبات أو الإخفاقات، كما استطاع تحقيق عدد من النجاحات، خصوصاً في مواجهة النزعة التسلطية الإمبريالية بقيادة واشنطن. وتجاوز خسائر العدوان النازي وحقق انتصاراً بفاعلية هي الأهم.

وفرض ثنائية قطبية، وأنجز نجاحات رائدة في غزو الفضاء، وفي التصنيع، وحمى الثورة الكوبية، وقدم مساعدات ثمينة لحركات التحرر، التي حقق بعضها انتصاراً مدوياً على التدخل العسكري الأميركي، كما في فيتنام. وساعد قوى التغيير وواكبها بدعم سياسي واقتصادي كما حصل في التجربة المصرية: من إنذاره الشهير لقوى «العدوان الثلاثي» عام 1956، إلى بناء «السد العالي»، إلى تقديم الدعم الاقتصادي المباشر لاختراق الحصار الغربي، إلى «كسر احتكار» السلاح...

حرب «باردة» خيمت على الوضع الدولي بين واشنطن وموسكو ومعسكريهما. في مجرى ذلك، كانت تتوسع وتتعمق وتتجذَّر حركة التحرر في المستعمرات السابقة، من أجل استكمال الاستقلال السياسي، ومباشرة الاستقلال الاقتصادي عبر برنامج وخطط التنمية والبناء وتحرير الثروات والتأميم...

ونشأ في امتداد ذلك مركز دولي جديد، هو «حركة عدم الانحياز» (1961) بقيادة زعماء وقادة كبار كنهرو في الهند، وجمال عبد الناصر في مصر، وتيتو في يوغوسلافيا... ساعدت هذه الحركة الكبيرة والواسعة في تعديل التوازن الدولي لمصلحة نضال الشعوب، وفي دعم قضايا التحرر في العالم، وفي تصفية بؤر الاستعمار المتبقية، وفي دعم كفاح الشعوب ضد العنصرية والتمييز العنصري كما في جنوب أفريقيا.

وحظيت القضية الفلسطينية باهتمام أكبر، وبرزت منظمة التحرير ممثلة للشعب الفلسطيني، في مواجهة تآمر أطلسي غربي، واستعمار استيطاني صهيوني، هو في الوقت نفسه اغتصاب وبناء لقاعدة عسكرية غربية موجهة ضد قوى تحرر الشعوب العربية، والسيطرة على «الشرق الأوسط الكبير» الممتد من موريتانيا إلى باكستان.

استمر الأمر على هذا النحو حتى أواخر الثمانينيات، حين تلاحقت بوادر انهيار الاتحاد السوفياتي، عبر التوجهات التي كان غورباتشوف أداتها الأساسية، بعد تراكم صعوبات وأخطاء في حقول متعددة.
انهارت الثنائية القطبية بانهيار الاتحاد السوفياتي، وانهارت منظومته الأوروبية بالكامل. وصمدت فقط التجارب التي كان طابعها تحررياً عاماً: في الصين وفيتنام وكوبا وكوريا. هذه جنحت جميعها (ما عدا كوبا كاسترو) نحو التكيف مع «السوق»، وتراجع دور الأحزاب الشيوعية بشكل كبير ومتفاوت عموماً.


تفردت واستفردت واشنطن بالزعامة الدولية، وجنحت التيارات الأكثر جشعاً نحو استخدام القوة وسيلة لتعظيم السيطرة الاقتصادية والسياسية. فظهرت نظرية «الحروب الاستباقية» أو الوقائية. غزو واحتلال العراق (بعد أفغانستان) كان اختباراً أول، استهدف الشرق الأوسط كله! فتمّ تحجيم أو تجاهل المؤسسات والشرعية الدولية لمصلحة الوحدانية الأميركية. لكن مناهضة الجموح الأميركي بدأت بالتبلور، من روسيا، عبر دور جسّده الرئيس فلاديمير بوتين، ومن الصين، إذ تمثّلت في تعاظم نجاحاتها في المجال الاقتصادي الشامل.

واشنطن وفريقها عمدا إلى تعطيل المؤسسات الدولية بعد تعذر استخدامها وتسخيرها كما حصل في مراحل سابقة. وبلغ ذلك ذروته في الموقف من حقوق الشعب الفلسطيني ومن مجمل قضيته. وواظبت واشنطن على تأييدها المطلق للإبادة الجماعية في غزّة خصوصاً، فعطّلت 7 مرات قرارات لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن. وتباعاً باتت وحدها بالكامل في هذه المهمة القذرة.

«المجتمع الدولي» بات مشلولاً بتعطيل واشنطن لمؤسساته: مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ووكالاتها الإغاثية والقضائية... يمكن القول واقعياً، إنه بات على نقيض السياسة الأميركية التي انسحبت من بعض المؤسسات، وقاطعت بعضها الثاني وقطعت التمويل عن أخرى، وهاجمت وعاقبت بعضها الرابع، كوكالة «الأونروا» و«محكمة العدل الدولية» و«المحكمة الجنائية الدولية».

ما ينسب إلى «المجتمع الدولي» في إعلامنا المأجور وسياستنا البائسة والخاضعة، هو محض أميركي. أما في المنطقة العربية، وحرب الإبادة الصهيونية الأميركية ضد غزة، فهو محض إسرائيلي!

يلخص ذلك ما ردده مراراً الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من أن 80% من أسباب عزلة واشنطن في العالم هو نتيجة دعمها لإسرائيل! وما يردده الرئيس الحالي ، وكان أحد أهم أسباب خطته لوقف المقتلة، بعد الصمود الفلسطيني المدهش، عندما ردد مخاطباً علانية نتنياهو: «لا تستطيع الاستمرار في مواجهة العالم». طبعاً كان الحري به أن يقول «لا نستطيع».

الأخبار اللبنانية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المجتمع الدولي الأمم المتحدة الأمم المتحدة الولايات المتحدة الاحتلال المجتمع الدولي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد السوفیاتی المجتمع الدولی الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

المعايير الدولية في مواجهة الإدمان | الجلسة الأولى لمؤتمر الوقاية العربية تضع البعد الاجتماعي في الصدارة

استعرضت الجلسة الأولى من فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر "تنفيذ الخطة العربية للوقاية والحد من اخطار المخدرات على المجتمع العربي من منظور اجتماعي"، المنعقد داخل أحد المراكز العلاجية التابعة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، المعايير الدولية للوقاية من تعاطي المخدرات من منظور اجتماعي.

وتناولت الجلسة من خلال الخبير  الدكتور وديع معلوف مدير البرنامج الوقاية الدولى بمكتب  الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة بفيينا  ،أبرز الممارسات العالمية في مجال الوقاية، مع التركيز على أهمية إدماج البعد الاجتماعي في تصميم وتنفيذ السياسات الوقائية، بما يضمن التوازن بين الجوانب الصحية والتربوية والمجتمعية والتنموية في التعامل مع قضية المخدرات، بالإضافة إلى إدراك الخطر والتوعية.

وشهدت الجلسة مناقشات موسعة حول الدور المحوري للأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني في بناء بيئة داعمة للوقاية، إلى جانب استعراض نماذج ناجحة  تبنت استراتيجيات قائمة على المشاركة المجتمعية والتمكين الاجتماعي للشباب.

تأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة فعاليات المؤتمر الذي يعقد برعاية الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة الإدمان ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وبحضور الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان القائم على إعداد الخطة العربية للوقاية والحد من اخطار المخدرات على المجتمع العربي، والوزير مفوض طارق النابلسي مدير إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية وعضو الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب، وممثلي حكومات 14 دولة عربية والمجالس واللجان المعنية على مستوى الوطن العربي،زومكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة والقيادة العامة لشرطة الشارقة، والأستاذ مدحت وهبه المستشار الاعلامى والمتحدث الرسمى لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي ،بالإضافة الى عدد من المؤسسات الدولية والخبراء المعنيين بالقضية.

طباعة شارك الخطة العربية للوقاية والحد من اخطار المخدرات المخدرات منظور اجتماعي فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر تنفيذ الخطة العربية للوقاية والحد من اخطار المخدرات المجتمع العربي

مقالات مشابهة

  • بعد سقوط دارفور شبح التقسيم يلوح في السودان.. فمن هي الأطراف الدولية التي ساهمت في هذه النتيجة؟
  • ما هي المنتخبات التي ستضمن تأهلها لكأس العالم 2026 بالتوقف الدولي؟
  • واشنطن تسعى لإشراك تركيا في القوة الدولية بقطاع غزة
  • اللمسات الأخيرة.. خطة "القوة الدولية" في غزة تتكشف
  • اللمسات الأخيرة.. خطة "القوة الدولية" في غزة تتكشف
  • أستاذ قانون دولي: دارفور تنزف والعالم يكتفي بالمشاهدة.. والتدخل الدولي لم يعد خيارا بل واجبا
  • الحب يحرق المدارس الدولية
  • وزير الشئون النيابية: استضافة المحفل الدولي تعكس ثقة المجتمع
  • المعايير الدولية في مواجهة الإدمان | الجلسة الأولى لمؤتمر الوقاية العربية تضع البعد الاجتماعي في الصدارة