رمز القوة والعظمة.. رحلة الملك رمسيس الثاني من صخب القاهرة إلى بهو المجد في المتحف المصري الكبير
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
في صيف عام 2006، شهدت مصر واحدة من أعظم عمليات النقل الأثري في تاريخها الحديث، حين تحرك تمثال الملك رمسيس الثاني، رمز القوة والعظمة الفرعونية، من موقعه الشهير في ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى مقره الجديد في المتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة. لم تكن تلك مجرد عملية نقل حجر ضخم يزن أكثر من 80 طنًا، بل كانت ملحمة وطنية جمعت بين العلم، والإرادة، والحب العميق للحضارة المصرية التي تمتد جذورها إلى سبعة آلاف عام.
بدأ التفكير في نقل تمثال رمسيس الثاني عام 2004، حين تزايدت المخاوف من التلوث البيئي والضوضاء التي تحيط بالميدان المكتظ وسط العاصمة. كان التمثال يقف هناك منذ أكثر من نصف قرن، شاهداً على تغيرات المدينة وأجيالها. ومع مرور الوقت، أصبح الوضع البيئي مهدداً لسلامة الأثر، فبرزت فكرة نقله إلى مكان أكثر أماناً وهيبة، ليكون أول ما يستقبل الزوار في المتحف المصري الكبير.
الدراسات استمرت أربع سنوات متواصلة، تخللها تعاون بين خبراء الآثار والمهندسين المتخصصين، لوضع خطة محكمة تضمن نقل التمثال دون أن يصيبه أي ضرر.
التحدي الأعظم.. كيف يتحرك رمسيس؟لم تكن المهمة سهلة بأي حال. فالتمثال يزن 83 طناً، ويبلغ ارتفاعه عدة أمتار، وكان يقف في منطقة مزدحمة أسفل كوبري ميدان رمسيس، وسط زحام العاصمة وتلوثها البيئي والبصري. احتاج الفريق الهندسي إلى ابتكار حلول غير تقليدية لتحريك هذا الأثر الضخم لمسافة تجاوزت 20 كيلومتراً حتى يصل إلى المتحف الجديد.
التحضير شمل صناعة نموذج مماثل للتمثال بنفس الوزن لإجراء تجارب عملية تحاكي عملية النقل الحقيقية. وبعد العديد من الدراسات والتجارب، استقر الرأي على نقله في وضع رأسي، حفاظاً على إحداثياته الأصلية، وعلى مظهره المهيب الذي يعكس عظمة الفراعنة.
من قلب القاهرة إلى الجيزة.. رحلة العشرين ساعةفي تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً من يوم 25 أغسطس عام 2006، بدأ التمثال رحلته التاريخية. سارت القافلة ببطء شديد، محاطة بفرق هندسية وأمنية متخصصة، وسط متابعة إعلامية وشعبية واسعة.
المصريون اصطفوا على جانبي الطريق، يصفقون ويبكون، في مشهد مؤثر يعكس ارتباط الشعب العميق بتراثه. استغرقت الرحلة نحو 20 ساعة متواصلة حتى وصلت القافلة إلى موقع المتحف المصري الكبير في السابعة صباحاً من اليوم التالي، وسط فرحة وطنية عارمة.
كشف المهندس أسامة كمال، أحد المشاركين في عملية النقل ورئيس القطاع المشرف على المعدات بشركة المقاولون العرب، عن أسرار هذا الإنجاز الهندسي الفريد. فقد استخدم الفريق سيارات خاصة من نوع All Steering تتميز بقدرتها العالية على المناورة في المساحات الضيقة، مما ساعد على تجاوز العديد من العقبات في الطريق الطويل الممتد من ميدان رمسيس إلى الهرم.
كما صمم الفريق المصري نظاماً هيدروليكياً متكاملاً مكوّناً من أربع بساتم ووحدة دعم خارجية، لرفع التمثال وإنزاله بدقة متناهية داخل بهو المتحف، دون أي خلل في توازنه أو إحداثياته. والمثير للإعجاب أن هذه التقنية صُنعت بالكامل في مصر بعد أن رفضت شركات أوروبية كبرى المشاركة في العملية خشية المخاطرة بالتعامل مع أثر بهذه القيمة التاريخية.
المرحلة الأخيرة.. الدخول إلى البهو العظيمبعد الوصول إلى المتحف، واجه الفريق تحدياً جديداً تمثل في إدخال التمثال إلى البهو العظيم، وهو المكان المخصص له ليستقبل الزوار فور دخولهم.
كانت الفكرة الهندسية المبتكرة تقضي برفع التمثال باستخدام النظام الهيدروليكي، ثم سحب السيارات من تحته بهدوء، ليهبط بعدها التمثال تدريجياً إلى موقعه الجديد في وضعه الدقيق دون أي ميل أو اهتزاز.
استغرقت هذه العملية ساعات طويلة من التركيز والدقة، حتى استقر رمسيس أخيراً شامخاً كما كان قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، لكن هذه المرة في أبهى صورة داخل المتحف المصري الكبير.
رمز وطني خالدلم يكن نقل تمثال رمسيس مجرد إنجاز هندسي، بل كان رسالة وطنية تؤكد قدرة المصريين على الجمع بين الأصالة والحداثة. فقد تحولت العملية إلى لحظة فخر جماعي، أثبتت أن مصر لا تنقل آثارها فحسب، بل تنقل تاريخها بعناية ووعي ومسؤولية.
واليوم، يقف التمثال في مدخل المتحف المصري الكبير، يرحب بالزوار من مختلف أنحاء العالم، شاهداً على مجد حضارة لا تنتهي. ومع اقتراب افتتاح المتحف رسمياً في الأول من نوفمبر، سيعود رمسيس ليتصدر المشهد من جديد، هذه المرة في بهو العظمة، ليحكي قصة مصر القديمة والحديثة معاً.
من ميدان المدينة إلى قلب الحضارةرحلة رمسيس الثاني من ميدان القاهرة المزدحم إلى بوابة المتحف المصري الكبير لم تكن مجرد عملية نقل أثر، بل كانت ملحمة وطنية وإنسانية تضاف إلى سجل الإنجازات المصرية الحديثة.
لقد أثبتت تلك التجربة أن الحضارة لا تُصان بالكلمات فقط، بل بالفعل والعلم والإخلاص. واليوم، بعد مرور ما يقرب من عقدين على تلك اللحظة التاريخية، لا يزال التمثال شامخًا، يروي للأجيال القادمة قصة مصر التي تحترم ماضيها وتبني مستقبلها بثقة وإبداع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رمسيس مصر التمثال المتحف أهرامات الجيزة المتحف المصری الکبیر رمسیس الثانی
إقرأ أيضاً:
المتحف المصري الكبير.. 8 صور جديدة لنقل رمسيس الثاني إلى البهو الكبير
ساعات قليلة تفصلنا عن الحدث الذي ينتظره عشاق الحضارة المصرية القديمة في العالم كله، والمقرر انطلاقه في الأول من نوفمبر المقبل، وسط استعدادات غير مسبوقة.
وقد نشرت الصفحة الرسمية لشركة المقاولون العرب، منذ قليل، صورا جديدة لعملية نقل تمثال الملك رمسيس الثانى عام ٢٠٠٦، من ميدان رمسيس إلى البهو الكبير، بالمتحف المصري الكبير، ليصبح أول قطعة آثار تصل إلى موقع المتحف المصري الكبير.
وبدأ التفكير في نقل التمثال من ميدان رمسيس عام 1994 بعد تعرضه المستمر للتلوث البيئي والاهتزازات الناتجة عن حركة السيارات والمترو، حيث طُرحت عدة مقترحات لنقله إلى أماكن أخرى مثل ميدان الرماية أو أمام دار الأوبرا، إلا أن تلك المواقع لم تكن توفر الحماية الكافية من العوادم والتكدس، ليقع في النهاية الاختيار على موقع المتحف المصري الكبير بهضبة الأهرام.
جدير بالذكر أن المتحف المصري الكبير يعد أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة "حضارة مصر القديمة"، ويمتد على مساحة 490 ألف م2، ويضم مدخلًا رئيسًا بمساحة نحو 7 آلاف م2، به تمثال للملك رمسيس الثاني، كما يضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تروي تاريخ مصر عبر العصور، بالإضافة إلى الدرج العظيم الذي يمتد على مساحة حوالي 6 آلاف م2، بارتفاع يعادل 6 طوابق.
كما يضم المتحف 12 قاعة عرض رئيسة بمساحة نحو 18 ألف م2، وقاعات عرض مؤقت بمساحة حوالي 1700 م2، وكذلك قاعات لعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون على مساحة تقارب 7.5 ألف م2، تشمل أكثر من 5 آلاف قطعة من كنوز الملك تُعرض مجتمعة لأول مرة، بالإضافة إلى متحف الطفل بمساحة نحو ٥ آلاف م2، ومن المتوقع أن يجذب المتحف نحو 5 ملايين زائر سنويًا.
اقرأ أيضاً:
وصفتها بالخطوة الرائدة.. اليابان تشيد بإدخال البرمجة والذكاء الاصطناعي في المناهج المصرية
قصة نجاح الطالب عمر أحمد.. من ورشة المدرسة إلى حلم عالمي في صيانة السيارات
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
نقل رمسيس الثاني إلى البهو الكبير نقل تمثال رمسيس المتحف المصري الكبير أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك:
قد يعجبك
إعلان
يوم على الافتتاح
00
ثانية
00
دقيقة
00
ساعة
0
يوم
أخبار
المزيدإعلان
المتحف المصري الكبير.. 8 صور جديدة لنقل رمسيس الثاني إلى البهو الكبير
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
31 21 الرطوبة: 48% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك