71% من السودانيين تحت خط الفقر: أرقام صادمة عن واقع الحياة في السودان
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
الحرب المستمرة وما تبعها من أزمات اقتصادية وسياسية أدت إلى قفزة كبيرة في معدلات الفقر..
ارتفعت نسبة الفقر في السودان إلى 71% من السكان، أي ما يعادل نحو 23 مليون شخص، وفق ما أعلن وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية، معتصم آدم صالح خلال المؤتمر التنويري الحادي والأربعين الذي نظمته وكالة السودان للأنباء السبت ببورتسودان.
وأوضح صالح أن الحرب المستمرة وما تبعها من أزمات اقتصادية وسياسية أدت إلى قفزة كبيرة في معدلات الفقر التي كانت لا تتجاوز 21% قبل اندلاعها، مشيرًا إلى أن الوضع يتطلب تنسيقًا واسعًا بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية للحد من تداعيات الأزمة على المواطنين.
وأكد أن وزارته تعمل على الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى التنمية الاجتماعية عبر برامج سبل كسب العيش، وتوسيع مظلة التمويل الأصغر والمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال، مع التركيز على الشباب والمرأة والطفولة والمعاشيين.
وأضاف أن خطة “المائة يوم” التي أطلقتها حكومة الأمل تشمل التحول الرقمي وتوسيع الخدمات الصحية والاجتماعية.
وأشار الوزير إلى تنفيذ مشاريع في ولايات الخرطوم، القضارف، كسلا، الجزيرة، النيل الأبيض، سنار وشمال كردفان، تضمنت إنشاء تسعة مراكز صحية نموذجية وستة مخيمات علاجية استفاد منها نحو 180 ألف مواطن، مؤكدًا في الوقت ذاته أهمية دور ديوان الزكاة والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي في تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية.
كارثة إنسانية
وفي تعليقه على الأوضاع الإنسانية، وصف صالح ما يجري في مدينة الفاشر بـ«الكارثة الإنسانية» بسبب جرائم الدعم السريع ضد المدنيين، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على تحقيق العدالة والقصاص للضحايا. وشدد على أن المتمردين «غير مؤهلين لأي دور في مستقبل البلاد»، مجددًا التزام الحكومة بمواصلة المقاومة وتحرير كل شبر من الأراضي السودانية.
وقال الوزير إن نحو 50 ألف نازح من الفاشر والخوي بحاجة إلى دعم اجتماعي عاجل، وإن وزارته تعمل على إنشاء سجل اجتماعي موحد لضمان عدالة توزيع الخدمات، مضيفًا أن خطة العام 2026 ستركز على تمكين المرأة وصرف مستحقات المعاشيين وتعزيز الشراكات الدولية.
وأضاف أن مجلس أمناء الزكاة خصص 10% من فائض الفصل الأول لدعم المدن المحاصرة، منها 7% لمدينة الفاشر، إلى جانب معالجة أوضاع فاقدي الرعاية الوالدية بتحويل المخصصات إلى حكومات الولايات المتأثرة.
وتشمل برامج الوزارة أيضًا تعزيز التغذية المدرسية، وإدخال 300 ألف أسرة جديدة في التأمين الصحي، وتوحيد السجل الاجتماعي، واستمرار برامج العودة الطوعية، وتشغيل 150 ألف مواطن.
وأوضح صالح أن أكثر من 100 ألف نازح عادوا إلى مناطقهم الأصلية بفضل هذه الجهود، وأن ألف مشروع يجري إعدادها في الخرطوم لتشغيل الشباب الباحثين عن عمل.
وشهد المؤتمر حضورًا واسعًا من الإعلاميين والفاعلين المدنيين الذين أكدوا أهمية الدور الإعلامي في التوعية والتعبئة لمواجهة الفقر وتعزيز برامج الدعم الاجتماعي.
وتعهدت الوزارة بمواصلة تنفيذ برامج الرعاية والخدمات الاجتماعية رغم التحديات الاقتصادية التي خلفتها الحرب.
يأتي المؤتمر في وقت يواجه فيه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والإنسانية في تاريخه الحديث، مع اتساع رقعة النزوح وتدهور الخدمات الأساسية بسبب الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، والتي دفعت بملايين السودانيين إلى الفقر والهشاشة المعيشية.
الوسومالحرب في السودان الفقر في السودان حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرب في السودان الفقر في السودان حرب الجيش والدعم السريع فی السودان
إقرأ أيضاً:
التشخيص الخاطئ في خدمة غزاة السودان
مع أول طلقة في هذه الحرب اللعينة اتخذتُ موقفًا داعمًا للدولة ومؤسساتها ضد ميليشيا الجنجويد البربرية. هذا الموقف، الذي فصّلته مرارًا وتكرارًا، يرتكز على فرضية أساسية تتلخص في أن المليشيا الهمجية ليست دواء مناسبا لعيوب الدولة السودانية وان هذا ليس مجرد نزاع داخلي، بل غزو أجنبي.
إنّ التركيز علي أهمية العامل الخارجي لا يعني تجاهل جذور الصراع الداخلية. بل يعني الاعتراف بأن الحرب تُدبّر بالكامل تقريبًا من الخارج. فالخارج يتخذ القرارات الرئيسية، ويوفر جميع الأسلحة الفتاكة والمعلومات الحساسة، ويموّل الذراع السياسي للميليشا، ويدير حملات دعائية مُعقدة ممولة بملايين الدولارات. والأهم من ذلك، أن الخارج يوفّر أيضًا الغطاء الدبلوماسي الذي يُحيّد مراكز القوة الدولية ويُشلّ وسائل الإعلام العالمية والرأي العام في الداخل والخارج. ويتصدى للدعاية الممولة بسخاء وطنيون سودانيون بلا مقابل وبشجاعة نادرة ندرة محمد كمبال وسوزى خليل ووليد أب ركب.
كان موقفي، ولا يزال، غير محبوب على الإطلاق بين رفاقي السابقين من اليسار وفي الأوساط العلمانية والليبرالية. أصرّوا على أن الحرب مجرد صدام بين جنرالين بنفس درجة السوء – أحمد وحاج أحمد – ، أو صراعًا فصائليًا بين أجنحة مختلفة لرأسمال طفيلي، أو مؤامرة من الإخوان لقمع الثورة مع أن الأخوان لم يطلقوا كتائب ظل أو يشعلوا حربا أهلية في ١١ أبريل ٢٠١٩ بل سلموا السلطة دون أن يشعلوا حربا وان البشير قال للضباط الذين أتوا لإعتقاله “علي بركة الله، أبقوا عشرة علي البلد”.
الأصدقاء السابقين، فسروا دعم الدولة بانه يعني الانحياز إلى الإخوان والدكتاتورية العسكرية. ونتيجةً لذلك، فقدتُ العديد منهم ء. لكن، بصفتي شخصًا انطوائيًا، متوحدًا ويردو،، وجدتُ في العزلة راحةً لا عبئًا، مُتحررًا من وطأة التفاعل الإنساني المرهق.
والآن، أصدر التاريخ حكمه. يؤكد إجماع المنظمات الدولية ووكالات الاستخبارات الغربية ووسائل الإعلام العالمية أن السودان يواجه بالفعل غزوًا أجنبيًا. وهذا يُثبت بشكل قاطع أن التشخيص من قبل اليسار والليبراليين بان هذا صراع داخلي، سوداني-سوداني على السلطة في جوهره – كان خاطئًا تمامًا.
بسبب تراكم هذه الأدلة العالمية، عدّل البعض في اليسار وفي الأوساط الليبرالية خطابهم بمهارة، واعترفوا بدور أجنبي “معقد” ولكنهم حاولوا تبريره أو جعله يبدوا طبيعيا بمختلف الحجج المتهافتة مثل القول بان الجيش له من يدعمه من الخارج أو أن تدخل الأجانب في الحروب الأهلية متوقع. وقد فندنا هكذا تهافت في كتابات سابقة ولا داعي للإعادة.
ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الذين أجبرهم الإعلام العالمي علي الاعتراف بالدور المدمر للأجانب في إبادة الشعب السوداني، لم يكن لهذا الاعتراف أي تأثير يُذكر على موقفهم الأساسي من الحرب أو خطابهم أو مطالبهم. وهذه مفارقة مركزية: كيف يُمكن للمرء أن يكتشف أن الصراع هو مشروع إمبريالي يهدف إلى تفتيت الوطن، دون أن يُراجع موقفًا قائمًا على فهم مُعاكس؟ كيف يكون الموقف ثابتًا وكذلك التموقع والخطاب والمطالب والتحالفات، بغض النظر عن كونه غزوا أجنبية أم صراعا بين جنرالين أو بين أجنحة راسمالية طفيلية؟
أما الليبراليون علي سنة خطاب الهويات الأمريكي، القايلين روحهم يسار، الذين اتهمونا بالعنصرية بنزع الجنسية السودانية عن الجنجا بالقول أن هذا غزو، ديل بنقول ليهم، بنقول ليهم، بنقول ليهم …. ما بنقول ليهم حاجة. وكذلك الذين دعوا للحياد والإستثمار في توازن ضعف بين طرفي النزاع برضو ما بنقول ليهم حاجة.
ليس هدف هذا المقال هنا إلقاء اللوم على أحد. فجميعنا نُخطئ، والتشخيص الخاطئ جزء من طبيعة البشر. القضية الأهم هي أن هذا الخطأ تحديدًا خذّل المعارضة والتصدي ومنح الغزاة ميزة هائلة مجانا، لأنه ساهم في تضليل العالم بشأن الطابع الحقيقي للحرب بإخفاء البعد الأجنبي الحاسم. وهذا فصل حزين في كتاب تاريخ القوي السودانية التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية والعلمانية والمدنية.
الطريق إلى الأمام واضح. على القوى السياسية الفاعلة الآن أن تتحمل مسؤوليتها بأن تُسمّي هذه الحرب بمسماها الصحيح: غزو أجنبي. ثم عليها أن تُجيب على الأسئلة العملية المُلِحّة المترتبة التي تلي:
ما هي أولوياتنا بالضبط والوطن يستبيحه الغزاة بالإبادة والإغتصاب اليومي؟
هل يجوز الحياد بين “طرفي النزاع”؟
ما هي أفضل طريقة لمقاومة هذا الغزو بالوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية وغيرها؟
والأهم من ذلك، هل لدينا القدرة على مُقاتلة الجيش الوطني والغزاة الأجانب في آنٍ واحد؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فيجب توضيح تفاصيل هذه الاستراتيجية التي تحارب الغزاة والجيش والاخوان في آن واحد.
كيف يكون الوطني في حياد تجاه غزو أجنبي؟
ما الفرق بين “إعتزال الفتنة” واعتزال الدفاع عن الوطن ولو بالكلمة في وجه غازٍ جائرٍ؟
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب