مع انتهاء أعمال الترميم، عادت منارة جامع الشاذلي في مدينة المخا لتقف شامخة كما كانت عبر القرون الماضية، شاهدة على عظمة التاريخ اليمني وروحانيته، ومؤكدة أن المخا لم تكن يوماً مجرد مدينة ساحلية، بل منارة للعلم والتجارة والتاريخ والروحانية.

واستكملت الفرق الفنية والهندسية، بإشراف مكتب الأوقاف والإرشاد في المخا، أعمال ترميم منارة جامع الشاذلي التاريخي بمحافظة تعز، وذلك برعاية ودعم عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، الفريق أول ركن طارق صالح، في إطار مشروع يُعيد الألق لأحد أبرز المعالم الإسلامية في الساحل الغربي.

وقال مدير مكتب الأوقاف بالمخا، الشيخ شهاب هزاع، إن أعمال الترميم شملت إعادة تأهيل المنارة ومعالجة الأضرار التي لحقت بها جراء الحرب الحوثية وعوامل الزمن، مؤكداً أن المشروع يأتي ضمن جهود الحفاظ على الموروث الديني والمعماري للمدينة.

وأشار إلى أن رعاية الفريق طارق صالح للمشروع تعكس اهتمامه الكبير بصون المعالم الإسلامية والتاريخية، إلى جانب دعمه المتواصل لمشاريع التنمية والخدمات في مديريات الساحل الغربي، بما يعزز الهوية الثقافية والحضارية للمنطقة.

وأوضح هزاع أن عملية الترميم راعَت المعايير الفنية الدقيقة للحفاظ على الطابع المعماري الأصيل للمنارة، مع استخدام مواد تقليدية تتناسب مع خصوصية البناء التاريخي، وإعادة الزخارف والنقوش القديمة التي تعكس جمال العمارة الإسلامية في المخا.

وتعد منارة جامع الشاذلي من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في المدينة، إذ ارتبطت باسم الإمام أبي الحسن الشاذلي، أحد أعلام التصوف الإسلامي في القرن السابع الهجري، وظلت لقرون رمزًا روحانيًا وحضاريًا يعبّر عن مكانة المخا كمركز للعلم والدعوة.

كما ارتبطت المنارة بتاريخ المدينة التجاري العريق، حين كانت المخا منذ القرن السادس عشر مرفأً عالميًا لتصدير البن اليمني، يستقبل التجار والرحالة من شتى أنحاء العالم، فيما شكّل جامع الشاذلي ومنارته علامة بارزة في هوية المدينة وروحها الدينية والمعمارية.

ويرى مختصون في الآثار أن هذا المشروع يتجاوز إنقاذ مبنى أثري من التصدع، ليجسد استعادة لذاكرة المخا التاريخية، ولروحها التي جمعت بين الإيمان والعلم والتجارة، مؤكدين أن إعادة تأهيل المنارة رسالة حضارية تعبّر عن إصرار أبناء المدينة على حماية تراثهم في وجه الحرب والتحديات.

وأكدت قيادة مكتب أوقاف محافظة تعز أن منارة جامع الشاذلي تستعيد اليوم مجدها بعد مراحل عصيبة، إذ تعرضت لأضرار جسيمة بفعل القذائف والعوامل المناخية، مشيرة إلى أن إعادة ترميمها تمّت وفق أعلى المعايير الفنية والهندسية لضمان استدامتها كرمز خالد للمدينة.

ويُنظر إلى إعادة افتتاح المنارة باعتبارها خطوة رائدة لتعزيز السياحة الدينية والتاريخية في مدينة المخا، وفتح آفاق جديدة أمام مشاريع مشابهة تهدف إلى صيانة المعالم الأثرية في تعز والساحل الغربي، لتبقى المنارة كما وصفها الأهالي: "منارة جامع الشاذلي.. أينما يممت وجهك في المخا تراها شامخة، تستقبلك كأنها تقول: أهلاً وسهلاً بك في مدينة الحضارة والتاريخ العريق."

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

ميناء المخا يعود إلى المشهد البحري.. الإعلان عن جاهزية استقبال سفن الحاويات

يشكل إعلان ميناء المخا جاهزيته لاستقبال سفن الحاويات لأول مرة خطوة اقتصادية واستراتيجية قد تسهم في إعادة تنشيط القطاع البحري والتجاري لليمن بعد سنوات من الركود نتيجة الحرب العبثية التي تقودها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران منذ 10 سنوات.

ويعد الميناء نقطة محورية في الساحل الغربي، ويمتلك القدرة على تحريك عجلة التجارة وإعادة الدماء إلى الاقتصاد المحلي من خلال تسهيل حركة البضائع وتخفيض تكاليف النقل. 

وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن تطوير البنية التحتية لميناء المخا وتعميق القنوات الملاحية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التدفقات التجارية بنسبة كبيرة، ما يعزز الإيرادات الحكومية ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات النقل واللوجستيات والتخزين، والصناعات المرتبطة بها.

وتكتسب أهمية ميناء المخا بعدًا استراتيجيًا إضافيًا في ظل تضرر موانئ الحديدة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية والخروج عن الجاهزية التشغيلية، وهو ما أدى إلى تراجع حركة الاستيراد والتصدير التي عكست بدورها على حدة الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

ويشكل ميناء المخا، القريب نسبيًا من الحديدة، بديلًا حيويًا لتغطية هذه الحركة الاقتصادية، بما يسمح باستمرار استيراد السلع الأساسية وتصدير المنتجات المحلية، والحفاظ على جزء من النشاط التجاري البحري في اليمن، إلى جانب تعزيز دوره كبوابة بحرية مهمة على البحر الأحمر.

وأعلن مدير عام ميناء المخا، عبدالملك الشرعبي، أن الميناء أصبح جاهزًا لاستقبال سفن الحاويات الصغيرة في المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن الحمولة المتوقعة للسفن تتراوح بين 150 و200 حاوية وفق الإمكانات التشغيلية الحالية. وأوضح الشرعبي، في تصريح خاص لقناة الجمهورية، أن هذه الخطوة تمثل مرحلة أولى ضمن خطة تطوير شاملة تهدف إلى توسيع القدرة الاستيعابية للميناء تدريجيًا ورفع مستوى جاهزيته لمواكبة المعايير الدولية في الشحن والتفريغ وإدارة الحاويات.

ويشهد ميناء المخا — الذي كان تاريخيًا المرفأ اليمني الأبرز لتصدير البن — عملية تحديث واسعة تشمل تعميق القناة الملاحية وحوض الاستدارة، وتحسين الأرصفة والبنية التحتية للميناء، بدعم مباشر من عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، الفريق الركن طارق صالح.

وبحسب مراقبين اقتصاديين، فإن إعلان جاهزية الميناء لاستقبال سفن الحاويات يمثل نقطة تحول في المشهد اللوجستي اليمني، خصوصًا في ظل تعطّل معظم الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي يمنح ميناء المخا فرصة لإعادة تنشيط الحركة التجارية وتخفيف الأعباء عن الموانئ الأخرى في المنطقة.

وأكد الشرعبي أن إدارة الميناء تعمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص على تأهيل الكوادر وتحديث الأنظمة التقنية والإدارية، لضمان انسيابية العمليات واستقطاب شركات النقل البحري، مشيرًا إلى أن الميناء يسعى ليكون نموذجًا في الشفافية والكفاءة التشغيلية.

ومن المتوقع أن يسهم تشغيل الميناء في استقبال سفن الحاويات خلال الأشهر المقبلة في تنشيط الحركة التجارية في الساحل الغربي، وتوفير فرص عمل جديدة، ودعم جهود إعادة الإعمار الاقتصادي في المناطق المحررة، ليعود المخا — الذي حمل اسمه إلى واحدة من أشهر أنواع القهوة في العالم — إلى موقعه الطبيعي كبوابة تجارية بحرية لليمن نحو المستقبل.


مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: مصر رغم ما تعرضت له من محاولات غزو متعددة لكنها منارة التعايش والسلام
  • خطوات متسارعة لإنجاز ملعبي الثوباني ويختل في المخا
  • نائب رئيس الوزراء الصومالي أمام "كوب 30": الصومال من أكثر الدول تأثرًا بتغير المناخ
  • افتتاح جامع العرفان بولاية بوشر
  • اتهامات للخائن طارق صالح بحماية القتلة والفاسدين بالمخا
  • منى الشاذلي عن افتتاح المتحف الكبير: الحفل الحقيقي كان في قلوب المصريين
  • منى الشاذلي تشرح فقرات افتتاح المتحف المصري الكبير
  • ميناء المخا يعود إلى المشهد البحري.. الإعلان عن جاهزية استقبال سفن الحاويات
  • مدير الترميم بالمتحف الكبير: درع توت عنخ آمون كان قادرًا على صد السهام من مسافة مترين