علماء للجزيرة نت: تمكنا من تحويل بقايا الطعام إلى وقود طائرات
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
ابتكر باحثون طريقة لتحويل نفايات الطعام إلى وقود طائرات مستدام يطابق مواصفات الصناعة من دون الحاجة إلى خلطه بوقود أحفوري.
ويقول الفريق إن هذه التقنية، التي كشف عنها في دراسة نشرت يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، يمكن أن تدعم هدف قطاع الطيران بالوصول إلى صفر صافي لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
تقوم الفكرة الأساسية على 3 خطوات كيميائية مترابطة؛ أولا، تحول نفايات الطعام إلى "نفط حيوي" عبر عملية حرارية كيميائية تسمى التحلل الحراري المائي.
مصطلح "النفط الحيوي" يشير إلى وقود سائل يُنتج من الكتلة الحيوية، أي من مواد عضوية حية أو ناتجة عن الكائنات الحية، مثل النباتات والطحالب والمخلفات الزراعية أو حتى النفايات العضوية.
هذه العملية تستخدم حرارة وضغطا مرتفعين لتحويل الكتلة الحيوية الرطبة مباشرة إلى زيت، على نحو يحاكي تكون النفط في باطن الأرض لكن خلال ساعات بدل ملايين السنين.
أما ثانيا، فينقى هذا النفط الحيوي بإزالة الشوائب مثل الرطوبة والرماد والأملاح، ويلي ذلك المرحلة الثالثة، حيث يُخضع الباحثون الزيت لعملية تسمى المعالجة الهيدروجينية التحفيزية، لإزالة العناصر غير المرغوبة، مثل النتروجين والأكسجين والكبريت، وترك الهيدروكربونات اللازمة فقط لإنتاج وقود الطائرات.
تقول المؤلفة الرئيسة للدراسة "سابرينا سامرز" -باحثة ما بعد الدكتوراه في العلوم الزراعية والبيئية في جامعة إلينوي في أوربانا- في تصريح للجزيرة نت، إن الهدف هو ترقية النفط الحيوي إلى وقود نقل يدخل مباشرة في البنية التحتية الحالية من دون تعديلات.
وفي هذه الدراسة استخدم الفريق نفايات من منشأة تصنيع غذائي قريبة، لكن التقنية ليست محصورة ببقايا الطعام، إذ يمكن تطبيقها على طيف واسع من المخلفات العضوية، من حمأة الصرف الصحي والطحالب إلى روث الخنازير وبقايا المزارع.
إعلانوتضيف سامرز: "هذا التنوع في المواد الأولية يمنح القطاع مرونة كبيرة في توفير مدخلات محلية ورخيصة"
وللوصول إلى أقصى كفاءة، اختبر الباحثون عشرات الظروف التشغيلية من حيث درجات الحرارة، وكمية الهيدروجين، وجرعة المحفز، وزمن المكوث في المفاعل.
كما جربوا محفزات تجارية متعددة، وتبين أن "الكوبالت-الموليبدينوم" هو الأكثر فاعلية لدفع التفاعلات المطلوبة وتحويل النفط الحيوي إلى وقود طيران بمردود وجودة مرتفعتين.
كانت النتيجة اللافتة التي توصل إليها الفريق هي أن العينات المنتجة اجتازت اختبارات ما قبل الاعتماد، واستوفت كل مواصفات الجمعية الأميركية لاختبار المواد، والهيئة الفدرالية للطيران، لوقود الطائرات التقليدي من دون إضافات، ومن دون مزج مع وقود أحفوري.
كان هذا عنصرا فارقا، لأن كثيرا من أنواع الوقود الحالية لا تستخدم إلا بنسب مزج محدودة مع الكيروسين الأحفوري، بينما يظهر هذا المسار إمكانية إنتاج وقود جاهز للاستخدام 100%، حسب المؤلفين.
"نحل في المختبر مشكلات العلم والهندسة، ثم يأتي دور الصناعة لبناء السعة" كما أوضحت الباحثة، التي أشارت إلى أن المسار نفسه يمكن تكييفه مع زيوت أخرى لإنتاج وقود طائرات مستدام، بل ويمكنه أن يحل محل مركبات نفطية لصناعة البلاستيك، ومن ثم يوفر هذا الوقود فرصا تجارية وتنموية ضخمة.
ويسعى الفريق لبناء مؤشر لقياس الاقتصاد الحيوي الدائري، ويروا أن تحويل النفايات إلى وقود عالي القيمة يملأ حلقة مفقودة في نموذج الدائرية: بدلا من "إنتاج واستخدام ثم رمي"، نسترد الطاقة والمواد من المخلفات ونحولها إلى منتج مفيد.
تشدد "سامرز" على أن هذه النتائج تأتي في وقت ملح؛ فالسفر الجوي في ازدياد، ووقود الطائرات النفطي صار مصدرا رئيسيا لانبعاثات الغازات الدفيئة.
في المقابل، يهدر أكثر من 30% من الغذاء عالميا عبر سلسلة الإمداد (من المزرعة إلى المائدة) وتؤدي مكبات النفايات ومحطات المعالجة إلى انبعاث ميثان وأكسيدات نتروجين تفاقم الاحترار.
لذلك، فإن ربط هذين الملفين بعملية واحدة -تحويل نفايات الطعام الرطبة مباشرة إلى وقود- يوفر مسارا سريعا لخفض الانبعاثات من مصدرين في آن.
وإلى جانب تقليل الكربون، تحل التقنية مشكلة لوجستية طالما أعاقت الوقود الحيوي، وهو الحاجة إلى تجفيف الكتلة الحيوية قبل تحويلها.
يعمل التسييل المائي بكفاءة على مواد رطبة بطبيعتها، مما يخفض الطاقة والكلفة، ويجعل معالجة الفضلات المحلية في المدن والمناطق الصناعية أكثر واقعية. كما يفتح الباب لاستخدام مصادر متغيرة مثل طحالب البحيرات خلال مواسم الإزهار، مما قد يحول أزمات بيئية إلى موارد طاقة، وفقا للمؤلفة الرئيسية للدراسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات النفط الحیوی إلى وقود من دون
إقرأ أيضاً:
نازحون في النيل الأزرق للجزيرة: أوضاعنا سيئة جدا ولا نستطيع العودة لمناطقنا
يعيش آلاف النازحين في إقليم النيل الأزرق جنوبي شرق السودان أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة، نتيجة المواجهات المسلحة المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. كما يعاني العائدون من اللجوء بدولة جنوب السودان ظروفا معيشية قاسية.
وسلط تقرير لهيثم آويت على قناة الجزيرة الضوء على معاناة النازحين الفارين من جحيم الحروب في إقليم النيل الأزرق، ونقل شهادات بعضهم حول الواقع المأساوي الذين يعيشونه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أبرز محاور القتال في روسيا وأوكرانيا عبر الخريطة التفاعليةlist 2 of 2الدبة تستقبل موجات النزوح من دارفور وسط أوضاع إنسانية مأساويةend of listوتقول النازحة فائزة، إنها تشعر بالأمان مع أسرتها رغم الظروف المعيشية الصعبة، وفقدانها الأمل في العودة إلى منطقتها، بعد نهبها وتدميرها بسبب الحرب.
وتضيف فائزة أن بيوتهم نهبت بعد خروجهم منها، ولم يبق لهم شيء بما في ذلك الأكل وأسرة النوم، وقالت إنهم لا يستطيعون العودة إلى منطقتهم.
ويعاني النازحون ومن بينهم الأطفال من ظروف صعبة جدا، فخيامهم لا تقيهم حر الشمس ولا تصمد أمام البرد القارس، في حين يضيف فصل الأمطار شكلا آخر من أشكال المعاناة.
كما يواجه آلاف العائدين من رحلة لجوء دامت أكثر من 10 سنوات في دولة جنوب السودان، أوضاعا معيشية قاسية، ويعدد موسى -أحد سكان مخيم العائدين- للجزيرة أشكال معاناة العائدين، ويناشد الحكومة والمنظمات ضرورة رفع المعاناة عن كاهلهم.
ويقول موسى" نحن في أوضاع سيئة جدا، عدنا من اللجوء في رحلة متعبة، والآن لا يوجد شيء، الأطفال تجدهم عراة، لا يوجد طعام ولا ماء".
اتساع دائرة الاحتياجوفي ظل الواقع المأساوي للنازحين، تقول السلطات الحكومية السودانية إن تجاوز الأزمة يحتاج إلى جهود كبيرة، يساهم فيها شركاء دوليّون ومحليون من منظمات مختلفة.
ويوضح مدير عام وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية، شهاب الدين يوسف أحمد، أنه رغم الجهود التي بذلتها الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والشركاء، فإن الفجوة لا تزال قائمة، لأن دائرة الاحتياج اتسعت مع مرور الزمن.
إعلانوتفاقمت معاناة النازحين في السودان بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وارتكبت مجازر بحق مدنيين، وفق مؤسسات محلية ودولية.
وتشير تقارير أممية إلى أن هناك أكثر من 10 ملايين نازح في جميع أنحاء السودان منذ بداية الحرب، في حين تؤكد الحكومة السودانية أن 57 ألفا نزحوا من ولايات كردفان والفاشر للولاية الشمالية شمالي البلاد.