رحب السودان اليوم الخميس بتحميل الولايات المتحدة قوات الدعم السريع مسؤولية التصعيد العسكري واتهامها بارتكاب فظائع بحق المدنيين.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمس إن قوات الدعم السريع متورطة في ارتكاب فظائع بحق المدنيين، من بينها اغتصاب النساء.

وأضاف روبيو أن هذه القوات لا تفي بالتزاماتها، ودعا إلى حظر تزويدها بالسلاح، من دون أن يستبعد إدراجها ضمن "قوائم الإرهاب" للمساعدة على حل الأزمة.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء السودانية اليوم، رحب وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم بتصريحات روبيو حول الوضع في السودان، وقال إن توجيه الخارجية الأميركية تهم ارتكاب مجازر ضد المدنيين لمن وصفها بالمليشيا الإرهابية، وللمرتزقة الذين استعانت بهم، يصحح وجهة المجتمع الدولي.

وأضاف سالم أن إمكانية تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية يحول دون مساواتها بجيش نظامي قومي، مشددا على ضرورة محاسبتها.

ولفت وزير الخارجية السوداني إلى أن الدعم السريع تحاصر مدن الدلنج وكادقلي وبابنوسة في كردفان (وسط السودان)، قائلا إنه يجب تدارك ذلك من المجتمع الدولي حتى لا تتكرر مأساة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب).

وأكد سالم أن الجيش السوداني والقوات المشتركة هي التي فتحت الطريق للمواطنين للخروج من الفاشر قبل انسحابها تكتيكيا، وأن المؤسسة العسكرية في السودان تمارس حقها الدستوري في حماية الأرض والعرض والمدنيين الأبرياء.

وعقب سيطرتها على الفاشر مؤخرا، اتهم خبراء أمميون والحكومة السودانية قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين شملت قتل المئات.

تصريحات ماركو روبيو.. موقف غير موفق يعرقل جهود الهدنة الإنسانية

تُعدّ التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عقب اجتماع وزراء دول السبع خطوة غير موفقة، ولا تخدم مسار الرباعية الدولية ولا المبادرة الأمريكية بشأن الهدنة الإنسانية في السودان.
فهذه التصريحات تُقرأ من…

— Elbasha Tibeig – الباشا طبيق (@ElbashaTibeig) November 13, 2025

الدعم السريع تنتقد

في المقابل، انتقدت قوات الدعم السريع في السودان تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي حمّل فيها قوات الدعم مسؤولية التصعيد في السودان.

إعلان

وقال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع إن تصريحات روبيو غير موفقة، ولا تخدم مسار الرباعية الدولية، ولا المبادرة الأميركية بشأن الهدنة الإنسانية، وفق تعبيره.

واعتبر أن هذه التصريحات تُقرأ من قبل الطرف الآخر بوصفها انتصارا سياسيا ودبلوماسيا من شأنه أن يعزز رفضه لأي هدنة.

كما دعا مستشار قائد الدعم السريع الجانب الأميركي والمجتمع الدولي إلى توجيه جهودهما نحو إيقاف تدفقات الأسلحة إلى من سمّاها مليشيا الجيش وحركات الارتزاق، وفق تعبيره.

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت مؤخرا قبولها بهدنة إنسانية، لكنها شنت هجوما على مدينة باسنوسة في غرب كردفان، كما استهدفت عدة مدن سودانية بالطائرات المسيّرة.

غوتيريش (يمين) ويوسف خلال مؤتمر صحفي بنيويورك (وكالة الأناضول)تدهور خطير

من جانبه، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تدهور خطير في السودان، معبرا عن قلقه البالغ إزاء الفظائع الجماعية في الفاشر، وتصاعد العنف في كردفان.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس المفوضية الأفريقية محمود علي يوسف بنيويورك، دعا غوتيريش كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للانخراط في مسار تفاوضي عاجل مع مبعوثه الخاص.

من جانبه، أعرب رئيس المفوضية الأفريقية عن إحباطه مما وصفه بعدم الاهتمام الدولي والإعلامي بالصراعات الأفريقية.

وقال يوسف -خلال المؤتمر الصحفي على هامش اجتماع سنوي بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة- إن معاناة السودانيين وشعوبا أفريقية أخرى قد تفوق في شدتها ما ينشر عالميا عن أزمات مثل أوكرانيا والشرق الأوسط دون أن تنال الاستجابة المناسبة.

ومنذ أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان صراعا عسكريا بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، فضلا عن تفاقم أزمة إنسانية توصف بأنها من الأسوأ عالميا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

تحول الفاشر.. السودان بين التقسيم والتصعيد

يشكل استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي منعطفا جديدا في الحرب السودانية المستمرة منذ قرابة 3 سنوات، إذ قد تمهّد لوجود سلطة سودانية شبيهة بسلطة حفتر في شرق وجنوب ليبيا.

وحول أسباب إخفاق الجيش السوداني في السيطرة على الفاشر، وسقوطها في يد قوات الدعم السريع، والتداعيات التي قد تغير شكل التركيبة السكانية في المنطقة، نشر مركز الجزيرة للدراسات تقدير موقف بعنوان "تحول الفاشر.. السودان بين التقسيم والتصعيد".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسات إعلاميةlist 2 of 2اقتصاد الحمير.. لماذا تسيطر الصين على حمير أفريقيا؟end of listأسباب سيطرة الدعم السريع على الفاشر

أشارت الدراسة إلى أن سيطرة الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم وتحرريها من الدعم السريع، من الأمور التي ساهمت في إخراجه من مدينة الفاشر، إذ ركزت الحكومة على المدن الثلاث الرئيسية: الخرطوم رمز السيادة، وبورتسودان المنفذ التجاري للبلاد الذي يتحكم في 90% من التجارة الخارجية، والقضارف التي تعتبر بمثابة السلة الغذائية.

وتمثل هذه المناطق عقدا إستراتيجية، لذلك خصصت لها الحكومة غالبية القوات العسكرية لحمايتها من قوات الدعم السريع، وأنشأت قواعد جوية جديدة في بورتسودان، ولم يتبقَّ له للدفاع عن إقليم دارفور إلا عدد قليل.

انتهز الدعم السريع نافذة انشغال الجيش السوداني بهذه المدن الثلاث، فركز عملياته في أقصى الغرب بإقليم دارفور، خاصة العاصمة الفاشر.

وتعد هذه المدينة القاعدة التقليدية لقوات الدعم السريع، لا سيما أن حميدتي ينتمي إلى دارفور، ويحظى هناك بقاعدة قبلية معتبرة. كما يتوفر على خطوط إمداد وانكفاء لقواته في الدول المجاورة للإقليم، مثل مناطق الجنوب الليبي التي يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وفي هذا السياق، تستفيد قوات الدعم السريع من عائدات ذهب جبل عامر في إقليم دارفور لتمويل عملياتها، وتوظيف المزيد من الدعم الخارجي لزيادة عدد الطائرات المسيرة التي استخدمتها في إحكام الحصار على الفاشر، وإنهاك القوات السودانية والقوات الرديفة لها المدافعة عن المدينة.

إعلان حسابات متغيرة

نبهت الدراسة إلى أن سيطرة حميدتي على الفاشر وغالبية إقليم دارفور -الذي يمثل ربع مساحة السودان– قاعدة جغرافية لحكومته الموازية التي أعلن عن تشكيلها في أبريل/نيسان 2025، وسماها حكومة السلام والوحدة.

وتعتزم هذه الحكومة العمل على إدارة 4 ولايات في دارفور وغرب كردفان، وتخطط لطباعة عملة خاصة بها، وإصدار جوازات سفر، وإنشاء سجل مدني.

ورغم أن الحكومة لم تحظَ باعتراف دولي، فإن سيطرتها على إقليم كامل قد يحولها إلى سلطة فعلية تفرض وقائع وتدفع دولا للاعتراف بها في المستقبل أو للتعامل معها دون اعتراف.

وذكرت الدراسة إلى أن مساعي حميدتي للسيطرة على تلك الولايات قد غيّرت الحسابات، وامتدت إلى تغيير التركيبة السكانية لتغليب المكونات الموالية له لتكون حاضنته الآمنة، وتهجير المكونات الأخرى التي يعدها قاعدة اجتماعية للقوات المناوئة له.

ووثّقت الهيئات الحقوقية مثل هيومن راتس ووتش ومختبر ييل للأبحاث الإنسانية حملات تطهير عرقي في الفاشر، وإعدامات جماعية، لفئات إثنية وقبلية يعدها حميدتي مناوئة، مثل الفور والزغاوة والمساليت، وإحلال فئات إثنية وقبلية أخرى مكانها.

وستؤدي سيطرة حميدتي على الفاشر إلى تغيير حسابات الحكومة السودانية التي ستحرص على استعادتها حتى لا يتحول إنجازه العسكري إلى إنجاز سياسي ينازعها في تمثيل السودان خارجيا.

وسيسعى حميدتي بكل قوة إلى السيطرة على الأبيض عاصمة كردفان، لأن مساحتها تبلغ 20% من مساحة السودان، وهو الإقليم الذي يفتح الطريق إلى بورتسودان لتصدير الذهب للخارج.

من جانبها، ستسارع قوات الدعم السريع إلى خوض معركة كردفان، والسيطرة على الأبيض عاصمة الإقليم، مستغلة الزخم الناتج عن استيلائها على الفاشر، ثم لتوجيه قوات الجيش السوداني بعيدا عن دارفور.

سيناريوهات

وفي ما يتعلق بالمواجهة بين الطرفين في المرحلة القادمة وما ستشكله من أثر على الساحة السودانية، فإنها قد لا تخرج عن 3 سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: احتفاظ الجيش بكردفان

وهو السيناريو الأرجح، لأن الدعم السريع لن تستطيع فرض حصار طويل عليها، فقواتها ستكون مكشوفة لقصف القوات الجوية السودانية، وستحتاج إلى قوات كبيرة لإحكام الحصار، وهي غير متوافرة لديها.

وإذا نجح الجيش في الاحتفاظ بكردفان، سينتج عن ذلك إما انكشاف دارفور أمام معارك الجيش المضادة لاستراد مدينة الفاشر، أو تجمد خطوط القتال، وتعزز احتمال ترسيخ سلطة حميدتي على إقليم دارفور، في سيناريو شبيه بسيناريو حفتر في الشرق الليبي.

السيناريو الثاني: تمكن حميدتي من السيطرة على كردفان

وهو ضعيف، لأنه سيضطر إلى تحمل تكاليف هائلة في أفراد قواته، ورفع أعدادها، والمخاطرة بخسارة الفاشر. وإن غامر رغم ذلك، فإن الجيش لن يتردد في تصعيد المواجهة لأن خسارة كردفان ستفتح الطريق أمام خسارته السيطرة على المفاصل الرئيسية للبلاد.

السيناريو الثالث: استرداد الجيش لإقليم دارفور قبل معركة كردفان

وهو أضعف من السيناريو السابق، لأن الجيش يواجه معضلة لوجيستية في تأمين الإمدادات والدعم لجبهة دارفور وعاصمتها الفاشر.

وقد أظهر أثناء دفاعه عن الفاشر أنه لا يملك قوات إضافية يرسلها لدعم قواته المحاصرة داخل إقليم الفاشر، رغم أن معركة الدفاع هي دائما أسهل من معركة الهجوم لاستعادة الفاشر.

إعلان

مقالات مشابهة

  • السودان يرحب بتصريحات الخارجية الأمريكية حول الوضع في السودان
  • الخارجية السودانية ترحب بتوجهات واشنطن نحو تصنيف "الدعم السريع" منظمة إرهابية
  • وزير الخارجية الأميركي يتحدث عن دولة في الرباعية متورطة في الدعم العسكري لقوات الدعم السريع ويشدد على وقف تدفق السلاح وتصنيفها مجموعة إرهابية
  • واشنطن تدرس تصنيف قوات الدعم السريع في السودان كمنظمة إرهابية
  • تجدد المعارك في بابنوسة والدعم السريع يعلن سيطرته على 3 محاور
  • تحول الفاشر.. السودان بين التقسيم والتصعيد
  • وسط تحركات دولية وإدانة مصرية.. هيئة محاميي دارفور: «الدعم السريع» يرتكب مذابح في الفاشر
  • «17» دولة تُدين انتهاكات الدعم السريع في السودان و تُطالب بوقف فوري للعنف
  • السودان يستنكر الصمت الدولي على انتهاكات الدعم السريع في الفاشر وبارا