هل توزع دية الميت كميراث وما هي الطريقة الشرعية للتقسيم؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية يقول السائل هل دية الميت توزع كميراث وكيف يكون التقسيم الشرعي للدية لها.
وأجابت دار الإفتاء قائلة إن دية القتيل توزع على ورثته وفق أنصبتهم الشرعية تمامًا كما توزع تركته، وأن عفو أحد الورثة عن نصيبه لا يلغي حقوق بقية الورثة في أنصبتهم المستحقة، حيث يحصل كل منهم على حقه بحسب سهمه الوارد في الميراث.
وأوضحت أن رجلا توفي في حادث وقضت المحكمة بدفع الدية لأهله، فإن زوجته ترث الثمن فرضًا لقوله تعالى فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين، ولكل واحد من والديه السدس فرضًا لقوله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، وما بقي بعد فرض الزوجة والأبوين يقسم بين الأبناء تعصيبا للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى لقوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان الأبناء إناثا فقط فلهن الثلثان فرضا وتعول التركة من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين، وإذا كان أحد الورثة متسببا في القتل فلا يرث من الدية ويرث من غيرها.
هل يرث القاتل في المقتول ؟
وتابعت أنه لا يرث القاتل من المقتول إذا كان قتله عمدًا عدوانًا، وكذلك من قتل خطأ وأوجب عليه الدية أو الكفارة فإنه لا يرث للحديث ليس للقاتل من الميراث شيء، وأجمع العلماء على أن القاتل لا يرث من المقتول إذا كان قتلا مضمونا ولو عفا الأب، لكن إن سمح الورثة الباقون له بالمشاركة وكانوا راشدين فلا حرج عليهم، أما إن كان الوارث الأب أبا المقتول وأبا القاتل وسمح بمشاركته في الإرث فالحق له إذا كان القاتل له إرث.
وأوضحت أن من قتل خطأ فعليه الدية والكفارة بصيام شهرين متتابعين لقول الله تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا، وأن الدية لا تسقط حتى لو كان القتيل هو المخطئ، وقيمتها خمسة وثلاثون كيلو جراما وسبعمائة جرام من الفضة الخام تقوّم بسعر السوق وقت الأداء، ويجوز تقسيطها لثلاث سنوات إلا إذا شاءت العاقلة تعجيلها، فإن لم تستطع فالقاتل، وإن لم يستطع فيجوز دفعها من الزكاة.
وأضافت أن دية القتل العمد تكون إذا تنازل أولياء الدم عن القصاص وقدرها سبعة وأربعون كيلو جراما وستمائة جرام من الفضة، ويمكن لهم العفو عن القصاص والدية، وإن عفا أحدهم فلا قصاص ولو رفض الباقون، بينما توزع الدية بينهم بحسب أنصبتهم الشرعية دون إسقاط حق أحد بعفو الآخر.
وأشارت دار الإفتاء إلى أقوال العلماء في كفارة القتل الخطأ، فالكفارة عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، واختلف الفقهاء فيمن عجز عن الصيام، فالجمهور على أنه لا إطعام عليه، وقول عند الشافعية يوجب الإطعام قياسا على غيره، والصواب التفصيل بين العاجز عجزا أبديًا فعليه الإطعام، والعاجز عجزا مؤقتا ينتظر قدرته، قياسا على أحكام صوم رمضان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الحكم الشرعي دار الإفتاء إذا کان
إقرأ أيضاً:
هل يجوز للمرأة الاشتراط بعقد الزواج أن تكون العصمة في يدها؟.. الإفتاء توضح الشروط والضوابط الشرعية
كثر مؤخرًا السؤال حول مدى جواز أن تشترط الزوجة أن تكون العصمة في يدها، أو أن تمنح نفسها حق تطليق ذاتها متى شاءت، وهو ما أجابت عليه دار الإفتاء المصرية موضحة الحكم الشرعي في ذلك بتفصيلٍ دقيق.
أكدت دار الإفتاء أن ما يُكتب أحيانًا في وثيقة الزواج من تمليك الزوج زوجته عصمتها يُعد صحيحًا من حيث الأصل، موضحة أنه إذا اشترطت الزوجة أن يكون لها حق الطلاق متى أرادت، فإنها لا تملك هذا الحق إلا مرة واحدة فقط، لأن الشرط يتحقق لمرة واحدة ولا يتكرر، إلا إذا جاء النص في العقد بلفظ "كلما" الذي يُفيد التكرار.
وبيّنت الإفتاء أن هناك فرقًا بين جعل الأمر بيد الزوجة، وبين قول الزوج لزوجته "أنت طالق متى شئت" أو "إن شئت"، وفقًا لمذهب الحنفية وهو المذهب المعمول به في مصر. فإذا قال الزوج "أمرك بيدك"، فإن ذلك من كنايات الطلاق ويُشترط فيه نية الزوج للطلاق حتى يقع، وتملك الزوجة في هذه الحالة تطليق نفسها مرة واحدة فقط، ويكون الطلاق بائنًا.
أما إذا قال الزوج "أنت طالق متى شئت"، فيكون لها أن تطلق نفسها طلقة واحدة رجعية كلما أرادت، ولكنها لا تملك تطليق نفسها ثلاث مرات دفعة واحدة.
وفي الحالتين، لا يجوز للزوجة أن تطلق نفسها ثلاث طلقات مرة واحدة، والأقرب من حيث الفهم لما يُكتب عادة في العقد أنه من قبيل "أنت طالق متى شئت" أو "إن شئت".
وأشارت دار الإفتاء إلى أن الشريعة الإسلامية جعلت الطلاق بيد الرجل دون المرأة، ولم يجز أحد من الفقهاء نقل عصمة الطلاق إلى الزوجة، وإنما الجائز شرعًا هو أن يفوض الرجل زوجته بعد العقد في أن تطلق نفسها متى أرادت، أو أن تشترط الزوجة أثناء العقد حقها في تطليق نفسها إذا لم يفِ الزوج بشرطٍ متفقٍ عليه بينهما.
وفسرت الدار ذلك بأن الله تعالى جعل الطلاق بيد الرجل لأنه أكثر قدرة على ضبط عواطفه واتزان قراراته، وهو المسؤول عن الأسرة والإنفاق عليها، بينما المرأة رقيقة العاطفة سريعة التأثر، ومن ثمّ فإن جعل العصمة بيد المرأة يخالف حكمة التشريع ومقاصده.
وأضافت أن نقل حق الطلاق من الرجل إلى المرأة يتعارض مع النصوص الشرعية من وجوهٍ عدّة؛ أولها أن الله جعل القوامة للرجل كما قال في كتابه الكريم: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)، ومن لوازم هذه القوامة أن يكون الطلاق بيد الرجل. وقد أوضح العلماء، ومنهم نجم الدين الغزي، أن جعل الطلاق بيد الرجل هو من تمام القوامة، وأن عكس ذلك يُخالف الحكمة الشرعية.
ثانيًا، بينت الإفتاء أن الشريعة جعلت عقدة النكاح وعصمته بيد الرجل، استنادًا لقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ... إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) [البقرة: 237]، وقد فسر ابن كثير أن المقصود بالذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، لأنه وحده الذي يملك إبرام العقد ونقضه.
ثالثًا، أوضحت دار الإفتاء أن القرآن الكريم أسند الطلاق إلى الرجال في كل الآيات التي تناولت أحكام الطلاق، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}، وقال أيضًا: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]. وبالتالي فإن اشتراط المرأة أن تكون العصمة بيدها يُعد مخالفًا لحكم الله وشرعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مئة شرط، شرط الله أحق وأوثق).
وبيّنت الإفتاء أن أي شرط بنقل العصمة إلى المرأة يُعد لغوًا لا أثر له، لأن الفقهاء لم يجيزوا هذا النقل، بل رأى بعضهم أن العقد يكون باطلًا إن تضمن هذا الشرط، بينما رأى آخرون أن العقد صحيح والشرط باطل، وهو القول الأرجح.
كما نبهت دار الإفتاء إلى أن الطلاق لا يقع بمجرد إخلال الزوج بشرطٍ معين، بل لا بد أن تُوقع المرأة الطلاق بنفسها فتقول: "طلقت نفسي"، ولها أن تتنازل عن هذا الحق إن أرادت.
وفي ختام البيان، أكدت الدار أن في حال تفويض الرجل لزوجته حق تطليق نفسها، فإن الصيغة الشرعية الصحيحة لذلك أن تقول الزوجة: "طلقت نفسي" أو "أنا منك طالق"، لأن الطلاق يقع عليها لا على زوجها، ولذلك لا يصح أن تقول لزوجها "أنت طالق" أو "طلقتك"، لأن هذه العبارات لا يقع بها الطلاق بإجماع كثير من العلماء.