4 أعداء يعوقون سير الإنسان إلى ربِّه.. تعرف عليهم وجاهدهم
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
كشف الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن 4 أعداء يعوقون طريق الإنسان خلال سيره إلى ربِّه.
4 أعداء يعوقون طريق الإنسان خلال سيره إلى ربِّه
وقال جمعة إن الإنسانُ وهو في طريقه إلى الله، هناك أربعةُ أسبابٍ تعوق سيرَه إلى ربِّه سبحانه:
أولُها: نفسُه، والثاني: الشيطان، والثالث: الهوى، والرابع: الدنيا.
وأضاف أن هذه أعداء لبني آدم؛ لأنها تحاول أن تصدَّه عن سبيل الله، وتحاول أن تجذبه إليها، وتحاول أن تجعله يخرج عن الصراط المستقيم، وعن الطريق القويم، الذي هو أقصرُ طريقٍ يصل به العابدُ إلى ربِّه، فهذه الأمور الأربعة تعكِّر على الإنسان صفوَ توجُّهه إلى الله سبحانه وتعالى.
وتابع: "وفي الحقيقة إن أشدَّ هذه الأعداء هي: "النفس"؛ لأن الدنيا قد تكون وقد لا تكون، والشيطان يذهب ويجيء، والهوى يأتي ويذهب، ولكن النفس هي التي تصاحب الإنسان من الإدراك إلى الممات، ونحن نستطيع أن نميِّز سعيَها، وحجابَها، وشهوتَها عن باقي هذه الأعداء بالعود والتكرار، وهذا معنى قولهم – وهي قاعدة أيضًا –: «نفسُك أعدى أعدائك»".
فكيف نميِّز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟
فقالوا: إن وسوسة الشيطان لا تدوم، ولا تعود، ولا تتكرَّر؛ يحاول أن يوسوس في صدور الناس، فإذا لم يستجب الإنسانُ لهذه الوسوسة، وقاومها وانشغل عنها، فإنه لا يعود إليها مرةً ثانية، ويذهب ليوسوس له في شيء آخر.
فإذا وجد الإنسان من نفسه دعوةً بالكسل عن الصلاة، أو عن الذكر، أو دعوةً تدعوه إلى شيء مكروه أو محرم، ثم لم يجد في نفسه ذلك بعد هذا، فإن ذلك من وسواس الشيطان: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}.
فهذه أذيةُ الشيطان، وهو ضعيفٌ، ولا سلطان له علينا، والله سبحانه وتعالى أوكله ولكنه أضعفه، وأبقاه لكنه خذله. والشيطان نستطيع أن نتقي شرَّه من أقرب طريق وبأبسط وسيلة:
فالأذان يذهب الشيطان، والذكر يذهب الشيطان، ونقرأ خواتيم سورة البقرة فتذهَبُ الشياطين وتُحصِّن المكان، ونقرأ آيةَ الكرسي فإذا بنا نحتَمي بها من الشيطان، ونذكر أذكار الصباح والمساء فإذا بنا نحصِّن أنفسَنا من الشيطان.
فالشيطان يُرَدّ من أقرب طريق، وبأسهل طريقة، وحياة الإنسان مع الذكر، ومع القرآن، ومع العبادة، ومع الطهارة، ومع الأذان، ومع الصلاة، ومع الصيام، تجعل الشيطان يفرُّ ويذهب.
ولكن المشكلة هي: مشكلة النفس؛ لأن النفس تحتاج إلى تربية، والنفس تُعيد على الإنسان دعوته إلى التقصير، ودعوته إلى الحرام، ودعوته إلى المكروه مرةً بعد أخرى. فإذا ما قاومتَها في أول مرة عادت تُلحُّ عليك في المرة الثانية.
هذه هي "النفس الأمَّارة"؛ ولذلك استعملوا معها صيغةَ المبالغة، فهي: "أمَّارة" على وزن «فعَّالة»، وصيغة المبالغة فيها تكرار، وعود، ومبالغة، وفعلٌ كثير. فالنفس لا تأمر مرة ثم تسكت، بل إنها تُلحّ مرة بعد أخرى.
وإذا ما وجدتَ إلحاحًا على شيء، لفعلِ القبيح الذي أعرف أنه قبيح، والذي أعرف أن فيه تقصيرًا، أو فيه ذنبًا، ومعصيةً، فعليَّ أن أعرف أن ذلك من نفسي، وأنه ينبغي عليَّ أن أُربِّيها.
"النفس الأمارة بالسوء" هي أصل النفوس؛ عمومُ الناس تأمرهم نفوسُهم بالسوء. فإذا ما ارتقينا إلى ما بعدها، أي إلى "النفس اللوَّامة"، وجدنا هناك نزاعًا بين الإنسان وبين نفسه؛ مرةً تأمره بالمنكر، فيحاول أن لا يستجيب، ومرةً يستجيب ثم يتوب ويرجع، ويدخل في منازعة، وفي أخذٍ وردٍّ معها، إلى أن تستقر على "النفس المُلهَمة"، وهي الدرجة الثالثة من درجات النفس.
وبعضُهم قال: إن هذا بداية الفناء، وأن النفوس ثلاثة: "أمارة، ولوامة، وملهمة".
وبعضهم قال: إننا لا نكتفي ببداية الكمال، بل علينا أن نترقَّى فوق ذلك إلى أن نصل إلى: "الراضية، والمرضية، والمطمئنة، والكاملة".
وعلى كل حال، فهذه المراحل تبدأ في عموم الناس، مسلمِهم وكافرِهم، تبدأ بالنفس الأمارة بالسوء. إلا أن هذه النفس الأمارة عندها استعداد لأن تتحول إلى نفسٍ لوامة، وهذه النفس اللوامة لديها استعداد لأن تتحول إلى النفس الملهمة؛ فالاستعداد موجود، ولكن الشائع أن نفس الإنسان من قبيل النفس الأمارة بالسوء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة الإنسان الشيطان الهوى الدنيا وسوسة الشيطان النفس الأمارة علی جمعة ه إلى رب
إقرأ أيضاً:
لتنال رضا الله.. علي جمعة يوصي بعملين بهما يطيب العيش
لاشك أنه ينبغي الوقوف على حقيقة ماذا تفعل لتنال رضا الله تعالى عنك ؟، حيث إن رضا الله عز وجل عن العبد هو نعمة ومنة عظيمة، يسعى لاغتنامها كل لبيب، ولا يتركها إلا خاسر، فلا أهم من رضا الله تعالى، فبه تحلو الدنيا ويطيب العيش، ويحسن المآب بالآخرة، لذا عليك أن تتحرى الطاعات لتنال رضا الله عز وجل.
أوصى الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلاً : أن هناك عملين في الدنيا بهما ينال الإنسان رضا الله سبحانه وتعالى عنه، وهما التخلية والتحلية.
وأوضح «جمعة» عن ماذا تفعل لتنال رضا الله تعالى عنك ؟ ، أن عملية التخلية من القبيح والتحلية بالصحيح أمر ينبغي أن نؤمن به، وأن نسعى إليه، وأن نفهمه، وأن نطبقه حتى ننال رضى الله عنا.
وواصل: مما اخترته اليوم لكم تخلية القلب من الغل، وتخلية القلب من الغل عمل يؤدي بالإنسان إلى حالة التوازن، يؤدي بالإنسان إلى أن يرى الحقائق على ما هي عليه؛ لا يُغَبِّشُ عليه غلُّه شيئًا من الحقائق، بل ينظر إلى ما حوله بقلب صافٍ.
وتابع: يتخلى حينئذ عن الكبر وعن الأنانية وعن الحقد وعن الحسد، يتخلى حينئذ عن الظلم ، يتخلى حينئذ عن التصرفات الهوجاء التي قد يرتكبها في حق نفسه، أو في حق غيره، أو في حق أمته .
وأكد أن الغل يؤدي إلى اختلال الميزان في يد الإنسان، يأكل قلبه ويغبش عليه طريقه، ونحن ندعو الله - سبحانه وتعالى - كل يوم في صلواتنا دائمًا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} والصراط المستقيم هو طريق الله، وطريق الله لا يعرف الغل.
وأشار إلى أنه إذا تخليت عن الغل من قلبك ودربت نفسك على ضبطه، وعلى تخلية قلبك منه فإنك ستسعد، وهو أمر قد لا يلتفت إليه كثير من الناس، ويظن أن التخلي عن الغل إنما هو محض خلق راق رائق عالٍ ! أبدًا.
وأفاد بأنه أيضًا يسبب لك السعادة في الدنيا، وجعله الله - سبحانه وتعالى - علامة على السعادة في الآخرة، بل جعله - سبحانه وتعالى - جزاء للمتقين على تقواهم.
واستشهد بقوله تعالى: { إِن الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}.
ونوه بأنه ساقها الله - سبحانه وتعالى - في سياق المنّة، ولم يسقها في سياق التكليف الذي يتكلف فيه الإنسان المشقة لإزالة هذا الأمر من قلبه طلبًا لرضوان الله - جل جلاله - .
واستطرد: بل إنه جعله من هذه الأمور التي يمنّ الله علينا بها في الجنة جزاءً وفاقًا لما سبق أن قدمناه من التقوى {إِن الْمُتَّقِينَ} ما جزاؤهم؟ هم في جنات وعيون، {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} .
وأفاد بأن السلام نعمة، وليس هو محض تكليف فقط بل هو أيضًا تشريف، تكليف عندما تتكلفه في نفسك لربك وتجعل سلامك مع نفسك ومع الناس لله رب العالمين وتحت كلمة الله رب العالمين، ويكون أثره نعمة قد مَنَّ الله عليك بها فتنبه!.
ودلل بقوله عز وجل: {آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} كل ما أمرك الله به من إزالة الغل من قلبك إنما هو راجع إليك بالسعادة، وراجع إليك بالسلام، وراجع إليك بعدم النَّصَب (التعب) في هذه الحياة الدنيا وفى الآخرة {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} هذه نعمة ، {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } (نعمة)؛ إذًا نزع الغل من قلوبهم إنما هو نعمة .
ونبه إلى أنه إذا خليتم قلوبكم من الغل وهو أمر قد يحتاج إلى وقت؛ فالتربية تحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى همة، وتحتاج إلى استمرار، وتحتاج إلى نقل لمن بعدنا في أولادنا فالتربية تحتاج إلى سن صغيرة.
وأضاف: نربي فيها أبناءنا على ما قد يكون فاتنا، لابد عليك أن تفعل هذا بهمة وبديمومة، و(كانَ - صلى الله عليه وسلم - عَمَلُهُ دِيْمَة) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : (أحَبُّ الأعْمَالِ إلى اللهِ أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ) .
ونصح قائلا: سيطِر على نفسك، وحاول أن تقاوم الغل في قلبك قِبَل إخوانك وقبل العالمين، وقِبَل هذا الكون الذي هو مخلوق لرب العالمين، حاول أن تضبط هذا الغل، وألا تجعله كبِرًا أو ظلمًا أو أنانية تملأ القلوب.
وأردف: فسوف تسعد في الدنيا ثم تنقلب إلى ربك وهو راض عنك، إذا أنت خليت قلبك من ذلك القبيح فإن الله لا يترك القلب فارًغا أبدا، فإنه سوف يحليه بالرضا والتسليم والسماحة، سوف يحليه بالبصيرة والنور وأن نرى الأشياء على وجهها.
ودعا ، قائلاً: فاللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين آمنوا، وخَلِّ قلوبنا من القبيح وحَلَّها يا ربنا بالصحيح.
الحصول على رضا اللهيُعدُّ رضا الله -تعالى- هو أقصى ما يسعى إليه العبد في الدنيا، ورضا الله -تعالى- ليس بالأمر الصعب، بل إنَّ العبد يُوفق إلى نيل رضا الله -تعالى- ومحبَّته إذا كان مخلصاً، والتزم القيام بعدة أمور ، أولها الامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه .
وبيَّن الله -تعالى- للخلق بأن طاعته هي طريق رضاه عنهم، فأرسل الله -تعالى- الأنبياء وأنزل إليهم الكتب، وشرع فيها ما يأمرهم الله -تعالى- به وما ينهاهم عنه، فإن امتثل العبد بما أمر الله -تعالى- وتجنَّب ما نهاه عنه؛ فلا شكَّ بأنه سينال رضا الله.
وورد أن هناك أمورًا تجعلك تنال رضا الله، وهي : ( الامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه ، اتباع السنة النبوية الشريفة ، التقرب من الله بالنوافل، حسن الخلق ، بر الوالدين) .