لتنال رضا الله.. علي جمعة يوصي بعملين بهما يطيب العيش
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
لاشك أنه ينبغي الوقوف على حقيقة ماذا تفعل لتنال رضا الله تعالى عنك ؟، حيث إن رضا الله عز وجل عن العبد هو نعمة ومنة عظيمة، يسعى لاغتنامها كل لبيب، ولا يتركها إلا خاسر، فلا أهم من رضا الله تعالى، فبه تحلو الدنيا ويطيب العيش، ويحسن المآب بالآخرة، لذا عليك أن تتحرى الطاعات لتنال رضا الله عز وجل.
. النبي أوصى بهذا العمل
أوصى الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلاً : أن هناك عملين في الدنيا بهما ينال الإنسان رضا الله سبحانه وتعالى عنه، وهما التخلية والتحلية.
وأوضح «جمعة» عن ماذا تفعل لتنال رضا الله تعالى عنك ؟ ، أن عملية التخلية من القبيح والتحلية بالصحيح أمر ينبغي أن نؤمن به، وأن نسعى إليه، وأن نفهمه، وأن نطبقه حتى ننال رضى الله عنا.
وواصل: مما اخترته اليوم لكم تخلية القلب من الغل، وتخلية القلب من الغل عمل يؤدي بالإنسان إلى حالة التوازن، يؤدي بالإنسان إلى أن يرى الحقائق على ما هي عليه؛ لا يُغَبِّشُ عليه غلُّه شيئًا من الحقائق، بل ينظر إلى ما حوله بقلب صافٍ.
وتابع: يتخلى حينئذ عن الكبر وعن الأنانية وعن الحقد وعن الحسد، يتخلى حينئذ عن الظلم ، يتخلى حينئذ عن التصرفات الهوجاء التي قد يرتكبها في حق نفسه، أو في حق غيره، أو في حق أمته .
وأكد أن الغل يؤدي إلى اختلال الميزان في يد الإنسان، يأكل قلبه ويغبش عليه طريقه، ونحن ندعو الله - سبحانه وتعالى - كل يوم في صلواتنا دائمًا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} والصراط المستقيم هو طريق الله، وطريق الله لا يعرف الغل.
وأشار إلى أنه إذا تخليت عن الغل من قلبك ودربت نفسك على ضبطه، وعلى تخلية قلبك منه فإنك ستسعد، وهو أمر قد لا يلتفت إليه كثير من الناس، ويظن أن التخلي عن الغل إنما هو محض خلق راق رائق عالٍ ! أبدًا.
وأفاد بأنه أيضًا يسبب لك السعادة في الدنيا، وجعله الله - سبحانه وتعالى - علامة على السعادة في الآخرة، بل جعله - سبحانه وتعالى - جزاء للمتقين على تقواهم.
واستشهد بقوله تعالى: { إِن الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}.
ونوه بأنه ساقها الله - سبحانه وتعالى - في سياق المنّة، ولم يسقها في سياق التكليف الذي يتكلف فيه الإنسان المشقة لإزالة هذا الأمر من قلبه طلبًا لرضوان الله - جل جلاله - .
واستطرد: بل إنه جعله من هذه الأمور التي يمنّ الله علينا بها في الجنة جزاءً وفاقًا لما سبق أن قدمناه من التقوى {إِن الْمُتَّقِينَ} ما جزاؤهم؟ هم في جنات وعيون، {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} .
وأفاد بأن السلام نعمة، وليس هو محض تكليف فقط بل هو أيضًا تشريف، تكليف عندما تتكلفه في نفسك لربك وتجعل سلامك مع نفسك ومع الناس لله رب العالمين وتحت كلمة الله رب العالمين، ويكون أثره نعمة قد مَنَّ الله عليك بها فتنبه!.
ودلل بقوله عز وجل: {آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} كل ما أمرك الله به من إزالة الغل من قلبك إنما هو راجع إليك بالسعادة، وراجع إليك بالسلام، وراجع إليك بعدم النَّصَب (التعب) في هذه الحياة الدنيا وفى الآخرة {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} هذه نعمة ، {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } (نعمة)؛ إذًا نزع الغل من قلوبهم إنما هو نعمة .
ونبه إلى أنه إذا خليتم قلوبكم من الغل وهو أمر قد يحتاج إلى وقت؛ فالتربية تحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى همة، وتحتاج إلى استمرار، وتحتاج إلى نقل لمن بعدنا في أولادنا فالتربية تحتاج إلى سن صغيرة.
وأضاف: نربي فيها أبناءنا على ما قد يكون فاتنا، لابد عليك أن تفعل هذا بهمة وبديمومة، و(كانَ - صلى الله عليه وسلم - عَمَلُهُ دِيْمَة) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : (أحَبُّ الأعْمَالِ إلى اللهِ أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ) .
ونصح قائلا: سيطِر على نفسك، وحاول أن تقاوم الغل في قلبك قِبَل إخوانك وقبل العالمين، وقِبَل هذا الكون الذي هو مخلوق لرب العالمين، حاول أن تضبط هذا الغل، وألا تجعله كبِرًا أو ظلمًا أو أنانية تملأ القلوب.
وأردف: فسوف تسعد في الدنيا ثم تنقلب إلى ربك وهو راض عنك، إذا أنت خليت قلبك من ذلك القبيح فإن الله لا يترك القلب فارًغا أبدا، فإنه سوف يحليه بالرضا والتسليم والسماحة، سوف يحليه بالبصيرة والنور وأن نرى الأشياء على وجهها.
ودعا ، قائلاً: فاللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين آمنوا، وخَلِّ قلوبنا من القبيح وحَلَّها يا ربنا بالصحيح.
الحصول على رضا اللهيُعدُّ رضا الله -تعالى- هو أقصى ما يسعى إليه العبد في الدنيا، ورضا الله -تعالى- ليس بالأمر الصعب، بل إنَّ العبد يُوفق إلى نيل رضا الله -تعالى- ومحبَّته إذا كان مخلصاً، والتزم القيام بعدة أمور ، أولها الامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه .
وبيَّن الله -تعالى- للخلق بأن طاعته هي طريق رضاه عنهم، فأرسل الله -تعالى- الأنبياء وأنزل إليهم الكتب، وشرع فيها ما يأمرهم الله -تعالى- به وما ينهاهم عنه، فإن امتثل العبد بما أمر الله -تعالى- وتجنَّب ما نهاه عنه؛ فلا شكَّ بأنه سينال رضا الله.
وورد أن هناك أمورًا تجعلك تنال رضا الله، وهي : ( الامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه ، اتباع السنة النبوية الشريفة ، التقرب من الله بالنوافل، حسن الخلق ، بر الوالدين) .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لتنال رضا الله رضا الله علي جمعة الدكتور علي جمعة الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى فی الدنیا علی جمعة الله علی ن الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الجهل والكذب أصل كل انحراف وتخلف
في طرح فكري جديد يعكس عمق الرؤية الدينية والفكرية، أكد فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن ما نراه في عصرنا من انحرافات فكرية واضطرابات أخلاقية وسلوكية إنما يعود في جوهره إلى سببين رئيسيين هما الجهل والكذب، وهما أصل كل خلل يطال الإنسان والمجتمع.
وقال فضيلته في حديثه: "شاع في عصرنا أن نرى جهالاتٍ كثيرة، ونشهد خروجًا غير معقول عن المنطق وعن التفكير السليم، وكل ذلك يرجع إلى أمرين:الأول هو الجهل، الذي صار مع مضيّ الزمن جهلًا مركّبًا، إذ يعتقد أحدهم أنه على حق بينما هو في الحقيقة ليس على شيء.
والثاني هو الكذب، حيث يكذب الناس على أنفسهم، ويكذبون الحقَّ كذلك".
الجهل أصل كل انحراف
أوضح الدكتور علي جمعة أن كل ما نشهده من انحراف واضطراب فكري وسلوكي، أساسه الجهل، مؤكدًا أن الجاهل لا يضر نفسه فحسب، بل يُحدث خللًا في المجتمع بأسره.
وأضاف فضيلته أن العجب كل العجب أن نرى بعض الناس الذين يصلّون ويصومون ويؤدون العبادات، لكنهم أقل إدراكًا للواقع وأقل قدرة على عمارة الأرض ممن لا يؤمنون أصلًا، لأن هؤلاء الكافرين ـ رغم بعدهم عن الإيمان ـ قد فهموا قوانين الكون وتعاملوا معها بعلمٍ ودراسةٍ، أما المسلم الجاهل فقد غفل عن فهم السنن الإلهية التي تقوم عليها الحياة.
وقال فضيلته موضحًا: “الجهل والجاهلية هما وراء كلِّ تخلفٍ وانهيارٍ وفسق، بل يكشف الله لنا أنهما وراء كل كفرٍ كذلك. فالجهل بما نتعامل معه هو المشكلة الأساسية.”
العلم سبيل عمارة الدنيا
أكد الدكتور علي جمعة أن من أراد عمارة الدنيا فعليه أن يتعلم قوانينها وسنن الله الجارية فيها، ومن أراد أن يتفقه في الدين فعليه أن يتعلم الشريعة من مصادرها الصحيحة وألا يجهلها، ومن أراد الإيمان الصادق فعليه أن يفهم حقيقة الكون وقضية الوجود الكبرى.
واستشهد فضيلته بقول الله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ [يونس: 39]، مشيرًا إلى أن التكذيب بالحق نابع من القصور في الإحاطة بالعلم والمعرفة، وأن الإنسان حين يجهل ما لا يعرفه، يتسرع في الإنكار، فيرفض الحق دون فهم أو وعي.
وأوضح أن الجهل ليس فقط غياب العلم، بل هو ظنٌّ زائف بالمعرفة، حيث يظن المرء أنه يعلم بينما هو لا يعلم شيئًا، وهو ما وصفه فضيلته بـ"الجهل المركب".
التخصص.. طريق الإحاطة بالعلم
انتقل الدكتور علي جمعة إلى قضية أخرى شديدة الأهمية، وهي قضية التخصص في طلب العلم، موضحًا أن الله تعالى أمرنا بالرجوع إلى أهل الخبرة والعلم في كل مجال، كما قال في محكم التنزيل: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
وبيّن أن هذه الآية تحمل إشارة بليغة إلى ضرورة التخصص، إذ لا يمكن للإنسان أن يحيط علمًا بكل ما في الكون، ولذلك جعل الله لكل مجال “أهلَ ذكرٍ” يعرفون دقائق تخصصهم ويتعمقون فيه.
وأضاف فضيلته: “قوله تعالى: ﴿يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ يشير إلى الإحاطة التي نسميها اليوم التخصص.
وليس المطلوب أن يكون الإنسان كمن يقطف زهرة من كل بستان، بل أن يحيط علمًا بتخصصه.”
الإحاطة بالعلم منهج حضاري
تحدث الدكتور علي جمعة عن مفهوم "الإحاطة" في العلم، موضحًا أنها تقوم على ثلاثة أسس:
1. إتقان قواعد التخصص وأصوله.
2. ضبط المصطلحات وفهم الأحكام والأنظمة المرتبطة به.
3. تلقي العلم عن العلماء الراسخين وأصحاب الخبرة.
وقال فضيلته: “الإحاطة لا تأتي من قراءة سطحية أو من سماع معلومة عابرة، بل من دراسة متعمقة على يد أستاذٍ متبحّرٍ في العلم، ومن متابعة منهجية للكتب والمصادر الموثوقة.”
وأشار إلى أن هذا هو المنهج الذي عرفته البشرية منذ القدم، فكانت هناك المدارس، والجامعات، والعلماء، والأساتذة، وكلها مؤسسات نشأت لتحقيق غاية واحدة، هي نقل العلم الصحيح وضمان الإحاطة به.
العلم عبادة.. والجهل آفة تهدم الأمم
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن العلم عبادة، وأن طلب المعرفة هو من أعظم القربات إلى الله تعالى، لأنه سبيل الفهم الصحيح للدين والدنيا معًا، بينما الجهل آفة تهدم الأمم وتقود إلى الفتن والانقسامات والتخلف.