يبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم عامه التسعين، بعدما أمضى عشرين عامًا في قيادة السلطة الفلسطينية، بينما يظل السؤال مفتوحًا حول الشخصية التي ستخلفه في مرحلة شديدة التعقيد بالنسبة للفلسطينيين.

مع بلوغه التسعين يوم السبت، يواصل محمود عباس، الملقّب بـ"أبو مازن"، إمساكه بزمام السلطة وسط تراجع شعبيته.

ويُعدّ عباس ثاني أكبر رئيس دولة في العالم من حيث العمر بعد رئيس الكاميرون بول بيا البالغ 92 عامًا، وقد بقي في موقعه خلال العشرين عامًا الماضية من دون إجراء انتخابات.

يقول منتقدوه إن هذا الواقع ترك الفلسطينيين أمام فراغ قيادي في لحظة يواجهون فيها أزمة وجودية، بينما تتراجع آفاق الدولة الفلسطينية التي شكلت جوهر مشروعه السياسي.

وداخل مناطق الضفة الغربية الخاضعة لإدارة السلطة، يشير الفلسطينيون باستمرار إلى انتشار الفساد. ونادرًا ما يغادر عباس مقره في رام الله، باستثناء رحلاته إلى الخارج، في وقت يحصر القرار داخل دائرة ضيقة تضم أبرز المقربين منه، وبينهم حسين الشيخ الذي يُعدّ وريثًا محتملاً له.

من هو محمود عباس؟

ولد "أبو مازن" في مدينة صفد شمالي فلسطين في 15 نوفمبر 1935، وهو من لاجئي 1948 الذين رُحّلوا إلى سوريا. يُعدّ عضوًا مؤسسًا في حركة فتح، الفصيل الرئيسي داخل منظمة التحرير الفلسطينية، والتي انطلقت بقيادة ياسر عرفات في مطلع العام 1965.

أكمل دراسته في سوريا حيث حصل على البكالوريوس في القانون من جامعة دمشق عام 1958، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة روسية في موسكو.

وقد تولّى عباس رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية بعد وفاة عرفات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004. وتمّ تنصيبه رئيسًا للسلطة الفلسطينية في 9 كانون الثاني/ يناير 2005، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت ذلك العام.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوجّه كلمة عبر الفيديو خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الخميس 25 أيلول 2025. Angelina Katsanis/ AP

وعلى نطاق واسع، يُنظر إلى عباس باعتباره مهندس اتفاقات أوسلو، إذ بدأ المحادثات السرية مع الإسرائيليين عبر وسطاء هولنديين عام 1989، وأدار التنسيق خلال مؤتمر مدريد، قبل أن يشرف على المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق أوسلو عام 1993.

وإنّ طرحه المتكرر لضرورة التوصل إلى سلام مع إسرائيل أثارت جدلًا كبيرًا بين الفلسطينيين على مرّ السنوات الماضية.

من سيخلف عباس؟

رغم أن عباس سبق وأعلن استعداده للتقاعد، ما أوحى بأنه يستعد لنهاية مسيرته السياسية، إلا أنه في الوقت نفسه يظهر رغبة واضحة في ضمان استمرار معسكره داخل السلطة. وفي هذا السياق، اتخذ خطوة بارزة هذا العام باختياره القيادي البارز في حركة فتح حسين الشيخ نائبًا له في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

وجاء هذا القرار وسط تصاعد الدعوات العربية والدولية لإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، استعدادًا لدور أكبر في إدارة قطاع غزة بعد الحرب. ويرى مسؤولون ومحللون فلسطينيون أن تعيين حسين الشيخ يفتح أمامه الطريق ليكون الخليفة المحتمل لعباس على رأس منظمة التحرير، وربما المرشح الأقوى لرئاسة السلطة الفلسطينية في حال جرت انتخابات.

Related محمود عباس يلتقي نظيره المصري ليطلعه على مستجدات القضية الفلسطينية محمود عباس: الفلسطينيون يواجهون "حربا ظالمة" على الوجود والهوية الوطنيةتهنئة ⁧‫محمود عباس لوزير الدفاع الإسرائيلي برأس السنة العبرية تثير الجدل والتساؤلات

يبلغ حسين الشيخ 64 عامًا، وهو أحد كوادر حركة فتح. أمضى أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، قبل أن يبرز لاحقًا في العمل الإداري والسياسي من خلال رئاسته للهيئة العامة للشؤون المدنية برتبة وزير، وهي الهيئة المسؤولة عن إدارة العلاقة اليومية مع الجانب الإسرائيلي.

ويتقن الشيخ اللغة العبرية التي تعلمها خلال فترة اعتقاله. ويتيح القرار الأخير له تولي منصب الرئيس المؤقت للسلطة الفلسطينية لبضعة أشهر في حال شغور المنصب بوفاة "أبو مازن" أو عجزه عن ممارسة مهامه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب الصين إسرائيل مراهقون سوريا الصحة دونالد ترامب الصين إسرائيل مراهقون سوريا الصحة محمود عباس السلطة الوطنية الفلسطينية إسرائيل حركة فتح فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب الصين إسرائيل مراهقون سوريا الصحة إيران نزوح بحث علمي حركة حماس الشتاء فضاء منظمة التحریر محمود عباس حسین الشیخ

إقرأ أيضاً:

كيف يستمر نتنياهو وحكومته بالبقاء ومن الشخصية التي تهدده حقا؟

ذكر تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أنه في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تابع الإسرائيليون عبر شاشات التلفزيون دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ وعودة آخر 20 أسيرا إسرائيليا، بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عرّاب الاتفاق، يلقي خطابا في الكنيست الإسرائيلي قال فيه: "هذه ليست مجرد نهاية حرب، بل نهاية عصر من الرعب والموت، وبداية عصر من الإيمان والأمل".

وأضاف التحليل الذي كتبه رئيس تحرير صحيفة هآرتس، ألوف بن، أن "الخطاب حضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شكره ترامب قائلاً: أود أن أعرب عن امتناني لرجل يتمتع بشجاعة ووطنية استثنائيتين، قبل أن يطلب منه الوقوف، فاستجاب نتنياهو مبتسما".

وأوضح أن "تلك اللحظة رائعة بالنسبة لنتنياهو، وأنه بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لم يتوقع أحد تقريباً بقاء نتنياهو في السلطة لعامين إضافيين، فضلاً عن تلقيه المديح من رئيس أمريكي".


وأكد أنه "عندما تعرضت إسرائيل لآخر هجوم كبير في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، استقالت رئيسة الوزراء غولدا مائير بعد الحرب بفترة وجيزة، بينما نفى نتنياهو أي مسؤولية عن فشل منع هجوم حماس، وألقى باللوم على الجيش وأجهزة المخابرات، مفضلاً إطالة أمد الحرب للحفاظ على حكومته رغم أعبائها الداخلية والضغط الدولي لإنهائها".

وذكر التحليل "بينما كان ترامب يمتدحه في الكنيست، كان نتنياهو يخطط لمعركته المقبلة — الانتخابات الإسرائيلية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وقد يتم تبكيرها إلى حزيران/ يونيو، متعهداً بالترشح والفوز مجدداً، ومصوراً حرب غزة على أنها نصر كبير، بالإضافة إلى الهجوم على معارضيه بوصفهم أعداء الداخل، كما استأنف جهوده للسيطرة على القضاء، والجيش، والمخابرات، والإدارة العامة، ووسائل الإعلام، في إطار توجه استبدادي يهدف لترسيخ سلطته".

وأشار التحليل إلى أن "الانتخابات المقبلة تُعد بمثابة استفتاء وطني على حكم نتنياهو، كما كانت جميع الانتخابات منذ عودته إلى السلطة عام 2009. ويصفه مؤيدوه بأنه "المنقذ والمقاتل في الخطوط الأمامية للحرب الثقافية" داخل المجتمع الإسرائيلي، فيما يرى معارضوه أنه "زعيم فاسد وانتهازي مستعد لفعل أي شيء للبقاء في السلطة"، بحسب ألوف بن، الزميل في مركز بيل غراهام للتاريخ الدولي المعاصر بجامعة تورنتو، الذي أشار إلى أن دافع نتنياهو الأساسي ليس إنقاذ إسرائيل بل إنقاذ نفسه من المحاكمة والحفاظ على موقعه".

وأكد أن "توجهه الاستبدادي (نتنياهو) قد أدى إلى تآكل شعبيته. فاستطلاعات الرأي أظهرت تراجع دعم ائتلافه بقيادة "الليكود" من 52 مقعداً في أيار/ مايو 2023 إلى 44 بعد هجوم أكتوبر، ثم عاود الصعود إلى 52 مقعداً عقب اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصر الله عام 2024، وظل عند هذا المستوى".

ولم يتحول هذا التراجع لم يتحول إلى هزيمة انتخابية واضحة، نظراً للفوضى السياسية في "إسرائيل"، إذ يمنحه وجوده في السلطة أفضلية كبيرة تتيح له التحكم بالحرب والميزانية والضرائب، وبالتالي القدرة على تأجيل الانتخابات أو كسب الناخبين عبر امتيازات مالية. كما يتمتع بدعم قاعدة موحدة تتبنى رؤيته لإقامة "إسرائيل الكبرى" ورفض الدولة الفلسطينية.


في المقابل، تعاني المعارضة من الانقسام. فالأحزاب غير المشاركة في الحكومة، رغم اتفاقها على رفض نتنياهو، تختلف في القضايا الجوهرية. وبعضها يشارك أجندته القومية، فيما ترفض أحزاب أخرى التعاون مع الحزبين العربيين اللذين يُتوقع فوزهما بعشرة مقاعد ضرورية لأي أغلبية.

ورغم الانتقادات الدولية الواسعة لسياسات نتنياهو واتهام "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية في غزة، لا يزال كثير من الإسرائيليين يرون في تدمير القطاع وقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني "رداً مبرراً على فظائع حماس". وتُفسَّر تلك الانتقادات داخل إسرائيل باعتبارها "عداءً للسامية".

ويُعتبر رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت أبرز منافس لنتنياهو، كونه شخصية طموحة غير متورطة في قضايا فساد، ويمزج بين القومية الدينية والعلمانية المادية. وبينيت، الذي خدم في حكومات نتنياهو سابقاً، شكّل عام 2021 ائتلافاً متنوعاً ضم أحزاباً من اليمين واليسار وحتى حزباً عربياً محافظاً، فيما عُرفت حكومته باسم "حكومة التغيير" قبل أن تنهار بعد عام، مفسحة المجال لعودة نتنياهو.

مع ذلك، أظهرت تجربة بينيت أنه قادر على توحيد أطراف متباعدة، ويبدو أنه سيخوض الانتخابات المقبلة بشعار "نتنياهو يفرّق، وأنا أُوحّد".

واختتم تحليل فورين أفيرز بأن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ستكون اختباراً جديداً لاستراتيجية "فرّق تسد" التي بنى عليها نتنياهو بقاءه السياسي.

مقالات مشابهة

  • حسن خريشة: السلطة الفلسطينية غائبة والشعب وحده سيقرر من يحكمه
  • الرئيس الفلسطيني محمود عباس يبلغ التسعين عامًا اليوم
  • تسليم السلطة الفلسطينية هشام حرب إلى فرنسا هل هو مقايضة سياسية؟
  • عباس شومان: العلم الصحيح يكشف زيف الدعاوى الباطلة حول قضايا المرأة
  • “تلك الممثلة وهذه الفلسطينية”.. كتاب يكشف رحلة هيام عباس بين الفن والهوية
  • الرئيس الفلسطيني يصدر قرارين بتعيين وزير للنقل ورئيس للمعابر والحدود
  • الرئيس عباس يصدر مرسوما بتعديل تشكيل الحكومة الفلسطينية
  • محمود أبو الدهب لـ«الأسبوع»: تجربة جون إدوارد في الزمالك فشلت.. والأهلي عمره ما أتجامل من التحكيم
  • كيف يستمر نتنياهو وحكومته بالبقاء ومن الشخصية التي تهدده حقا؟