عربي21:
2025-11-16@13:52:22 GMT

انتخابات مصر.. لم يشعر أحد ولم ينجح أحد!!

تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT

خلال الأسبوع المنصرم جرت انتخابات برلمانية متزامنة في كل من العراق ومصر لاختيار مجلس نيابي جديد، وبينما اهتمت وسائل الإعلام العربية، وحتى العالمية بانتخابات العراق، فإن الانتخابات المصرية لم يشعر بها أحد خارج لجان الانتخابات، وظلت تغطيتها قصرا وحصرا في الإعلام المحلي الذي حاول تضخيمها، وإبراز صور وهمية عن حشود الناخبين فيها، لكن ذلك كان مثار سخرية من الجميع بمن فيهم الذين شاركوا في تمثيلية تلك الحشود نفسها.



في الانتخابات العراقية كانت هناك منافسة حقيقية بين العديد من التحالفات السياسية، رغم مقاطعة التيار الصدري، وفي الانتخابات المصرية لم تكن هناك أي منافسة، فنصف المقاعد تم إعلان فوزه أصحابها قبل بدء الانتخابات نفسها، والنصف الثاني كان معروفا للجميع من سيفوز به، ذلك أن السلطات المصرية أصرت على إصدار قانون انتخابي يقسم الانتخابات بين قوائم مغلقة ولها نصف المقاعد على مستوى الدولة، والنصف الثاني للمقاعد الفردية، وقد طبخت الأجهزة الأمنية ما عُرف بالقائمة الوطنية، وهي قائمة واحدة ضمت 4 من أحزاب الموالاة، ومعها 8 أحزاب هامشية أخرى؛ بعضها أحزاب معارضة. واستأثرت أحزاب الموالاة الأربعة في تلك القائمة التي تضم 284 مقعدا بحصة الأسد، ولم تترك سوى 42 مقعدا وزعتها على شركائها الثمانية الباقين في القائمة ذاتها، ولم تسمح السلطات لأي قوائم أخرى بمنافسة القائمة الوطنية. ولم تكتف أحزاب الموالاة بهذه الحصة الضخمة في مقاعد القائمة فنافست بمرشحيها على المقاعد الفردية، وحصدت أغلبها في المرحلة الأولى من الانتخابات التي انتهت قبل عدة أيام، وهو ما سيتكرر حتما في المرحلة الثانية التي ستجري بعد أسبوع، وقد حصدت هذه الأحزاب أيضا نصيب الأسد في انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت في آب/ أغسطس الماضي.

فقدت الانتخابات المصرية أي طعم أو لون منذ انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وأصبحت عملية فولكلورية لاستيفاء الشكل الدستوري الذي ينص على وجود انتخابات. النظام الحاكم لا يؤمن أصلا بالسياسة ولا بالانتخابات، والجمهور انصرف أيضا عنها، تاركا للسلطة إخراج المشهد بما يتراءى لها، وهي مهمة تقوم بها الأجهزة الأمنية التي أنشأت 4 أحزاب سياسية جديدة، ومنحتها صدارة المشهد طيلة العقد الماضي، وكانت حصة كل حزب في غرفتي البرلمان تجسيدا لوزن الجهاز الأمني الذي يقف خلفه، لكن تلك الأحزاب الأربعة في مجموعها مُنحت الأغلبية الكاسحة. وكجزء من استكمال الديكور، استدعت الأجهزة الأمنية بعض أحزاب المعارضة لضمها معها ضمن التحالف الانتخابي في كل مرة، ومنحها تمثيلا شكليا، لكنه ظل مُرضيا لتلك الأحزاب التي أدركت أن لا فرصة لها للفوز بعيدا عن قائمة السلطة.

جرت هذه الانتخابات كسابقاتها في غياب أي معارضة حقيقية، وخاصة التيار الإسلامي الذي حرم من العمل السياسي باستثناء حزب النور السلفي الذي سُمح له بالبقاء على هامش الهامش السياسي، ليُسمح له ببضعة مقاعد، بينما حل ثانيا بنسبة 22 في المئة في الانتخابات الحرة بعد ثورة 25 يناير 2011. كما أن أحزاب معارضة أخرى رفضت الانضواء في تحالف القائمة الأمنية، وفضلت الترشح بعدد قليل من المرشحين في المقاعد الفردية، وقد أدركت مسبقا أن لا فرصة لها في الفوز، لكنها أرادت فقط الترشح الرمزي من باب الحضور في الشارع، والتمرين السياسي لكوادرها.

توهم البعض أن يستغل النظام الحاكم هذه الانتخابات لبدء إصلاح سياسي جزئي يسمح بهامش ولو قليل من المنافسة الانتخابية كمرحلة أولى، لكن هذا الحلم تبدد سريعا، وكشفت العملية الانتخابية منذ لحظاتها الأولى حرص النظام على استمرار هيمنته على البرلمان، خاصة أن هذا البرلمان هو الذي سيقوم بهمة تعديل الدستور ليسمح للسيسي بالترشح لمدد جديدة بعد انتهاء ولايته الثانية في 2030، وبالتالي تم تنقية المرشحين من أصحاب الصوت العالي حتى لو كانوا بضعة أفراد لا يؤثرون على التصويت النهائي، لكنهم كانوا سيتصدون لتلك التعديلات بصوت قوي.

نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي انتهت، والتي ستشبهها حتما نتائج المرحلة الثانية بعد أيام، هي رسالة جديدة عن استمرار سياسة الانسداد السياسي في مصر، وتعبير عن انتصار القوى الاستئصالية داخل أجهزة الدولة، والتي أطاحت بمحاولات قادتها أطراف أخرى داخل السلطة للتنفيس السياسي تجنبا لانفجار شعبي في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وتصاعد أزمة الديون، وتراجع قيمة العملة، وارتفاع نسب البطالة.. إلخ.

لقد أفسد هذا الجناح المتصلب من قَبل مبادرةِ الحوار الوطني، وأفرغها من مضمونها، حيث قصر المشاركة في الحوار على بعض الأحزاب والقوى والشخصيات من معسكر 30 يونيو فقط، ثم ألقى مخرجات هذا الحوار في سلة القمامة، والتي كان منها إجراء انتخابات برلمانية وفقا لنظام القائمة النسبية لمنح المعارضة مساحة أوسع نسبيا. كما أفسد هذا الجناح مبادرة لجنة العفو الرئاسي التي كان المستهدف منها تصفية أوضاع عدد كبير من سجناء الرأي خاصة من معسكر 30 يونيو نفسه، وأفسد أخيرا الانتخابات البرلمانية، وجعلها أضحوكة العالم.

وكما لم يشعر أحد بالانتخابات المصرية؛ لم ينجح فيها أحد أيضا. تتفاخر أحزاب الموالاة، ومن حالفها من أحزاب أخرى وشخصيات عامة، بالفوز في الانتخابات، وتعددت الاحتفالات بفوز هذا المرشح أو ذاك، لكن الحقيقة أن ذلك ليس نجاحا، بل هو فشل سياسي جديد يصب المزيد من الزيت على نار الغضب الشعبي المتنامي، فلا أحزاب الموالاة نجحت في الحقيقة، ولا أحزاب المعارضة التي شاركتها ضمن القائمة نجحت، ولا أحزاب المعارضة التي ترشحت من خارج القائمة نجحت أيضا، كما أن المعارضة التي لم تشارك في الانتخابات سواء الموجودة داخل مصر أو خارجها لم تنجح أيضا في تقديم بديل لهذا الهزل، الجميع يتراقصون فوق سفينة تايتانيك التي تغرق بالتدريج، ولن يفيقوا إلا حينما تملأ المياه أفواههم وبطونهم، ولات حين مناص.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء انتخابات العراق المصرية أحزاب العراق مصر السيسي انتخابات أحزاب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات المصریة فی الانتخابات

إقرأ أيضاً:

طريق البرلمان بين الطعون والمصادقات.. و تشكيل الحكومة يختبر الجدول السياسي

15 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: يفيد تحليل مطّلعين على مسار الاستحقاقات الدستورية في العراق بأن المشهد الذي يلي إعلان نتائج الانتخابات يبدو معقّداً بطبيعته، لكنه محكوم بسلسلة خطوات زمنية واضحة تفرضها النصوص النافذة. ويبدو أن المرحلة الأولى تبدأ دائماً من لحظة نشر النتائج الأولية، إذ تُفتح فوراً مهلة الطعون أمام المرشحين والكيانات، في وقت تؤكد فيه مصادر قانونية أن الهيئة القضائية المختصة ملزمة بالحسم خلال عشرة أيام فقط من تاريخ استلام الطعون، ما يجعل المسار محكوماً بإطار زمني ضيق لا يسمح بالمماطلة.

وقال التميمي لـ المسلة، انه بعد الانتهاء من التصويت العام يتم اعلان النتائج الاولية للتصويت الخاص والعام لغرض اتاحة الطعن فيها من قبل ذوي الشان ويكون قرار الهيئة القضائية الثلاثية بالبث في الطعون خلال 10 أيام من تقديمها، وفقا لقانون مفوضية الانتخابات 31 لسنة 2019.

واضاف، ان مجلس المفوضية ملزم بالاجابة على استفسارات الهيئة القضائية الثلاثية خلال 7 ايام من الطلب وفق المواد 18 و19 و20 من قانون مفوضية الانتخابات 31 لسنة 2019، ومن ثم بعد الانتهاء بالبت في الطعون التي تكون باتة نكون امام اعلان النتائج النهائية من قبل مجلس المفوضية، حيث قد تستغرق عملية اعلان النتائج النهائية 17 يوما وفق ما تقدم من اجراءات.

واستطرد القول، يكون اعلان النتائج النهائية والأسماء 329 الفائزة في الانتخابات من قبل مفوضية الانتخابات بعد كل التحقيقات والتدقيقات المتخذة وهم الفرسان الذين سيمثلون عموم الشعب العراقي في التشريع والرقابة.

و تُعد مفوضية الانتخابات الطرف الأكثر انشغالاً في هذه المرحلة.

كما أن إعلان قائمة الفائزين خطوة لا تكتمل إلا بعد تدقيق المحكمة الاتحادية للأسماء، باعتبارها الجهة الوحيدة المخوّلة بإضفاء الصفة الدستورية على النواب الجدد. ولا يمكن نسيان أن المحكمة سبق أن استبعدت مرشحين في دورات سابقة لأسباب تتعلق بالشروط الدستورية أو المخالفات القانونية، ما يجعل مسار المصادقة احتمالاً مفتوحاً على تغييرات اللحظة الأخيرة.

وتقول التقديرات إن اكتمال هذه المراحل يفتح الباب أمام دعوة رئيس الجمهورية لعقد الجلسة الأولى للبرلمان خلال خمسة عشر يوماً، وهي الجلسة التي يُنتخب فيها رئيس المجلس ونائباه بالأغلبية المطلقة. ومن الضروري الإشارة إلى أن هذه الخطوة تمثّل مفتاحاً للمرحلة التالية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية نفسه خلال ثلاثين يوماً.

وتشير المراصد السياسية إلى أن تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة يبقى آخر الحلقات، فيما تؤكد الأحداث المتكررة في الدورات السابقة أن هذا التكليف كثيراً ما يتحول إلى اختبار سياسي حاد، قد يُفضي إلى إعادة التكليف إذا فشل المرشح الأول.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • حزب «الحرية»: التنافسية القوية في الانتخابات تعكس حيوية المشهد السياسي
  • أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب يناقشون الابتكار والتدريب ودعم الشباب في الصالون السياسي
  • طريق البرلمان بين الطعون والمصادقات.. و تشكيل الحكومة يختبر الجدول السياسي
  • 7 مرشحين لرئاسيات أفريقيا الوسطى
  • أحزاب القائمة الوطنية تواصل حراكها الجماهيري.. مستقبل وطن يحشد بالشرقية والجبهةفي الغربية اليوم
  • الف مبروك للمال السياسي الذي انتصر في الانتخابات البرلمانية
  • الهيئة الوطنية: النتيجة الرسمية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب الثلاثاء
  • قبل إعلان النتيجة الثلاثاء المقبل.. ماذا تحتاج القائمة الوطنية للفوز بالصعيد وغرب الدلتا؟
  • قاض أميركي متقاعد: 6 قواعد دكتاتورية تكشف منهج ترامب السياسي