في عالم يتغيّر بسرعة تشبه نبضًا متسارعًا، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيارًا إضافيًا في حياتنا، بل أصبح جزءًا من إيقاع يومنا، يتسلل إلى قراراتنا وتفاصيلنا الصغيرة دون أن نشعر. ومع تمدد حضوره في كل مجال، من التعليم والصحة إلى العلاقات والعمل، ظهر سؤال يلامس مناطق حساسة في فهمنا للإنسانية:
هل يمكن لآلة تتقن الحساب والمنطق أن تفهم ما نشعر به؟
إنه سؤال لا يختبر قدرة التكنولوجيا؛ بقدر ما يختبر قدرتنا نحن على إدراك حدود المشاعر، وحدود ما يمكن للعقل وحده أن يصنعه.
يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي؛ بوصفه قدرة حسابية متقدمة، يتعلم من البيانات ويُقلّد أنماط البشر في التعبير والتفاعل. لكنّ المشاعر ليست مجرد كلمات تُقال أو ردود تُصاغ. المشاعر تجربة إنسانية مكوّنة من ذكريات، وخوف، وأمل، وجراح، وحكايا صغيرة تنحفر في الروح. ولذلك، حين يتقن الذكاء الاصطناعي محاكاة التعاطف، فهو يفعل ذلك لأنه تعلّم الشكل الظاهر للمشاعر، لا لأنه اختبر ما تعنيه فعلًا.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن الآلة أصبحت قادرة على التأثير فينا. نحن نستجيب للكلمات الدافئة، للنبرة اللطيفة، وللحوارات التي تبدو صادقة. هنا يكمن جمال اللقاء بين الإنسان والآلة: ليست مشاعر حقيقية، لكن تأثيرها قد يكون حقيقيًا. قد يخفّف الذكاء الاصطناعي عبء الوحدة، يساعد في تهذيب القرارات، ويكون مساحة آمنة للتعبير دون خوف من الحكم أو الرفض.
إن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمشاعر تُذكّرنا بأن الإنسان هو مركز كل شيء. نحن من نمنح التكنولوجيا معناها، ونحن من نقرر كيف نقترب أو نبتعد. ولعل السؤال الأصح ليس: هل يشعر الذكاء الاصطناعي؟ و المهم أن نتذكّر دائمًا أن الإنسان لم يُصنع ليكون ظلًا لآلةٍ خلقها، بل على العكس… الآلة وُجدت لتخدم وعينا، لا لتقوده. وما دام الإنسان حاضرًا بعقله وقلبه، فلن تتجاوز الآلة حدود وظيفتها مهما بلغت من ذكاء.
ولن يحل الذكاء الاصطناعي محل دفء الإنسان، لكنه قادر على أن يكون أداة تفتح لنا أبواب فهم أعمق لأنفسنا، وتدعونا لتقدير ما نمتلكه من حساسية، هشاشة، وقدرة على الحب. وفي النهاية، تبقى المشاعر ملك الإنسان. أما الآلة فهي مجرد مرآة، تعكس ما نضعه نحن فيها.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
سامسونغ تعلن استثمار 310 مليارات دولار لتعزيز الذكاء الاصطناعي
صراحة نيوز -أعلنت مجموعة سامسونغ الكورية الجنوبية، يوم الأحد، عن خطة طموحة لاستثمار 310 مليارات دولار خلال خمس سنوات، مع التركيز على التكنولوجيا الداعمة للذكاء الاصطناعي، لتلبية الطلب المتزايد عالمياً.
وتشمل خطة الاستثمار بناء منشأة جديدة لأشباه الموصلات في بيونغتيك، متوقع أن تلعب دوراً استراتيجياً في سلسلة التوريد العالمية للرقائق والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي عند بدء تشغيلها الكامل عام 2028.
كما ستقيم الذراع التقنية للمجموعة Samsung SDS مركزين للبيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، فيما ستعمل Samsung SDI على تطوير خط محلي لإنتاج بطاريات الجيل القادم للسيارات الكهربائية.
وأشارت سامسونغ إلى أن أرباحها ارتفعت بنسبة تزيد على 30% على أساس سنوي في الربع الثالث، مدفوعة بالطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.