تجد اليونيفيل نفسها في قلب سجال جديد بعد سلسلة اتهامات إسرائيلية طاولت أداءها ودورها في الجنوب اللبناني. من هنا، جاءت مقابلة "يورونيوز" مع القوة الدولية لتوضّح موقفها من الاتهامات الإسرائيلية، وعرض رؤيتها للتطورات الميدانية ومسار الانسحاب المرتقب من لبنان.

تشهد العلاقة بين قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" وإسرائيل مرحلة من التوتر المتصاعد، وقد برزت سلسلة حوادث عمّقت حدة التوتر: اعتداءات مباشرة على دوريات اليونيفيل، اتساع الانتهاكات الإسرائيلية للأجواء والأراضي اللبنانية، وبناء جدار داخل لبنان، بالتوازي مع حملة سياسية إسرائيلية متواصلة ضد القوة الدولية، والدفع نحو إنهاء مهمتها.

داخل لبنان، تتباين المقاربات: البعض يعتبر "اليونيفيل" عنصرًا مساعدًا في الحفاظ على قدر من الاستقرار على الخط الأزرق، فيما يرى آخرون أنها ليست قادرة على تغيير ميزان القوى القائم. ومع ذلك، تبرز الخشية من أن يؤدي انسحابها إلى زيادة هشاشة الوضع الأمني على الحدود.

اليونيفيل تردّ على الاتهامات الإسرائيلية

في نهاية الأسبوع، صعّد الجيش الإسرائيلي لهجته، متهمًا اليونيفيل بأنها "تقوّض الأمن في جنوب لبنان ولا تساهم بأي شكل في نزع سلاح حزب الله" وعبّر عن "قلق عميق من احتمال تسريب معلومات عسكرية واستخباراتية إلى الحزب".

في خضم هذه الاتهامات، أجرت "يورونيوز" مقابلة مع الناطقة باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، كانديس آرديل، التي أكدت أن جنود حفظ السلام يقومون بمهامهم "بحياد كامل"، وأن اليونيفيل "لا تزوّد أي طرف بأي معلومات حساسة".

وقالت: "من يمتلك أدلة فليقدّمها"، موضّحةً أنه "في حال وجود ادعاءات مدعومة بأدلة، فسوف يتم التحقيق فيها"، مضيفة أن القوة لم تتلقَّ حتى الآن أي دليل ملموس على هذه الاتهامات. وشددت على أن اليونيفيل تطبّق ولايتها استنادًا إلى القرار 1701، وأن المجتمع الدولي ما زال يدعم استمرار هذه المهمة.

اليونيفيل لم تتلقَّ حتى الآن أي دليل ملموس على الاتهامات الإسرائيلية كانديس آرديل الناطقة باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان

وفي ردّها على الاتهامات الإسرائيلية التي تعتبر أن التنسيق بين اليونيفيل والجيش اللبناني غير كافٍ، توضح آرديل أن التعاون بين الطرفين "وثيق جدًا"، وأنه مستمر بهذا المستوى منذ سنوات طويلة.

وتؤكد أن هذا التنسيق يشكّل ركيزة أساسية في تنفيذ مهامها والعمل الميداني اليومي، مشددة في الوقت نفسه على أن اليونيفيل لا تشارك أي معلومات استخباراتية مع أي طرف، وأن وجودها في الجنوب يهدف إلى دعم الجيش اللبناني ضمن ولايتها المحددة من مجلس الأمن.

وفي معرض تقييمها لاحتمالات التصعيد في الجنوب أو في لبنان عمومًا، تشير آرديل إلى أن الخطابات المتوترة تتزايد، وأن السكان يشعرون بارتفاع مستوى التوتر، لكنها تؤكد أن تركيز اليونيفيل يبقى منصبًا على تنفيذ ولايتها: العمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني، مراقبة الخط الأزرق، وتقديم التقارير الدورية، إلى جانب التواصل المستمر مع الجانبين لتخفيف التوتر ومنع أي سوء فهم قد يفضي إلى مواجهة.

دورية لليونيفيل على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في بلدة كفركلا جنوب لبنان، في 20 آب 2025. Hussein Malla/ AP انتهاكات إسرائيلية متواصلة

تقول آرديل إن أحد أبرز التحديات التي تواجه اليونيفيل في الجنوب يتمثل في الوجود الإسرائيلي شمال الخط الأزرق، معتبرة أن هذا الوجود يشكّل عائقًا مباشرًا أمام تنفيذ القرار 1701. وتشير إلى أن استمرار تمركز القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية يعرقل جوهر القرار الذي ينص بوضوح على انسحابها الكامل من المنطقة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

وفي سياق عرضها للانتهاكات الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، توضح آرديل لـ"يورونيوز" أن اليونيفيل تسيّر دوريات ليلًا ونهارًا بموجب مهامها، وأن ما وصلت إليه الأوضاع الحالية هو نتيجة تراكمية لـ"تصرفات الطرفين". ومع ذلك، تسجل القوة الدولية حجمًا كبيرًا من الخروقات، إذ وثقت خلال العام الذي تلا اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي أكثر من عشرة آلاف انتهاك، معظمها من الجانب الإسرائيلي.

جنود فرنسيون من قوات اليونيفيل خلال دورية في وادي السلوقي جنوب لبنان، في 20 آب 2025. Hussein Malla/ AP

وفي ما يتعلق بالإجراءات الميدانية المتخذة لمواجهة المخاطر الناتجة عن الأنشطة العسكرية الإسرائيلية قرب مواقع اليونيفيل، تؤكد آرديل أن القوة تعتمد تدابير أمنية مشددة ومتطورة منذ بداية التصعيد. وتوضح أن هذه التدابير تشمل بروتوكولات مرتبطة بالتنقّل باستخدام مركبات مصفّحة، وتعزيز حماية القواعد ضد الانفجارات أو الأحداث القريبة، مع التأكيد على أن الجيشين اللبناني والإسرائيلي على علم دائم بمواقع انتشار اليونيفيل لتجنب أي سوء فهم في المناطق الحساسة على الخط الأزرق. ورغم ارتفاع عدد الحوادث في الأشهر الأخيرة، تؤكد أن جميع هذه الإجراءات لم تمنع القوة من تنفيذ مهامها بشكل كامل.

أما في ما يتعلق بحرية الحركة، فتشير إلى أن القوة تواجه صعوبات في بعض المناطق القريبة من الخط الأزرق وحول المواقع الإسرائيلية الجديدة، وهي صعوبات سبق أن أثّرت أحيانًا على الوصول إلى بعض القواعد، إضافة إلى مواجهات متفرقة مع السكان سرعان ما تُحلّ بالحوار، بما يسمح للقوة باستكمال مهامها دون عرقلة تُذكر.

كيف تقرأ اليونيفيل مرحلة انسحابها؟

تشير آرديل إلى أن قرار تمديد ولاية اليونيفيل حتى نهاية 2026 يضع القوة الدولية أمام مسؤولية أساسية تتمثل في دعم الجيش اللبناني، الذي يُفترض أن يتولى لاحقًا المهام التي تقوم بها اليونيفيل في الجنوب.

وتلفت إلى أن الوضع يزداد تعقيدًا بفعل التخفيض الذي طرأ على عديد القوة بنسبة تقارب الربع نتيجة الأزمة المالية التي تواجه الأمم المتحدة، لافتةً إلى أن الأمين العام سيقدّم في حزيران/ يونيو 2026 خيارات حول شكل الوجود الأممي بعد انسحاب القوة.

Related "اليونيفيل" تُندّد بهجوم إسرائيلي "خطير".. وفرنسا تطالب بحماية قواتها في جنوب لبنانقنابل إسرائيلية قرب "اليونيفيل" في جنوب لبنان..والأمم المتحدة: اعتداء يُظهر عدم الاكتراث بأمن قواتناإدانات لبنانية لإسرائيل بعد استهداف اليونيفيل ومقتل 5 أشخاص في القرى الجنوبية

وفي ما يتعلّق بقدرة الجيش اللبناني على تولّي المسؤولية الأمنية كاملة بحلول 2027، ترى آرديل أن الجيش "محترف ومصمّم" ويواصل زيادة عديده وتطبيق خطة للسيطرة على السلاح، لكنه يبقى بحاجة ملحّة إلى دعم دولي في التمويل والتجهيز، خصوصًا بعد تداعيات الأزمة الاقتصادية.

أما بشأن التحذيرات التي يطلقها البعض من أن الانسحاب قد يفتح الباب أمام تصعيد أو خطوات أحادية الجانب من قبل إسرائيل، مثل فرض منطقة عازلة، فتتجنب آرديل الدخول في أي توقعات، مؤكدة أن قرار الانسحاب صادر عن مجلس الأمن، وأن ما تستطيع اليونيفيل فعله في المرحلة الحالية هو تجهيز الظروف المثلى للفترة المقبلة عبر دعم الجيش اللبناني.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دراسة الصحة روسيا دونالد ترامب غزة إسرائيل دراسة الصحة روسيا دونالد ترامب غزة منظمة الأمم المتحدة إسرائيل اليونيفيل جنوب لبنان حزب الله لبنان إسرائيل دراسة الصحة روسيا دونالد ترامب غزة بحث علمي إيران الذكاء الاصطناعي حروب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ألمانيا الاتهامات الإسرائیلیة الجیش اللبنانی القوة الدولیة الأمم المتحدة أن الیونیفیل الخط الأزرق جنوب لبنان فی الجنوب فی لبنان إلى أن

إقرأ أيضاً:

مصر تنفي تنسيقها مع إسرائيل لإعادة فتح معبر رفح

صراحة نيوز- نفت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الأربعاء ما تردد عن تنسيق القاهرة مع إسرائيل لإعادة فتح معبر رفح لسكان قطاع غزة في الأيام المقبلة، وفق قناة القاهرة الإخبارية.

وكانت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، الذراع الإسرائيلية المشرفة على تدفق المساعدات، قد أعلنت الأربعاء أن معبر رفح سيُفتح قريباً للسماح لسكان غزة بدخول مصر، مشيرة إلى أن الترتيب حصل على موافقة أمنية من إسرائيل وسيتم تنسيقه مع مصر تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي، على غرار الآلية التي نفذت في كانون الثاني 2025.

مقالات مشابهة

  • مصر تنفي الاتفاق مع إسرائيل على فتح معبر رفح لخروج سكان غزة
  • مصر تنفي تنسيقها مع إسرائيل لإعادة فتح معبر رفح
  • مصر تنفي مزاعم إسرائيل السماح للفلسطينيين بالخروج من غزة
  • الأمم المتحدة تبدأ بخفض عدد قوات اليونيفيل في لبنان.. ما السبب؟
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: قوات الجيش تقتل منفذ عملية الدهس التي وقعت قرب الخليل وأدت إلى إصابة مجندة
  • خبير إيراني: 30% من منتسبي الجيش اللبناني من أعضاء حزب الله
  • هل يرد حزب الله اللبناني بالمثل على إسرائيل؟
  • إسرائيل تحذّر: سلاح الجو سيطال مناطق جديدة إذا لم يتحرك الجيش اللبناني
  • الجيش الإسرائيلي يتهم يونيفيل بتسريب معلومات عسكرية حساسة لحزب الله ويعتبرها قوة مزعزعة