المستشار أسامة الصعيدي يكتب: الشائعات بين مخالب الوعي بالقانون
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
دعونا نؤكد دائماً وأبداً أن السوشيال ميديا هي مازالت فخ كبير يتصيد المواطنين ووسائل الإعلام على حد سواء كطعم سهل يساعد على الترويج للشائعات.
ودعونا نؤكد أن ظاهرة انتشار الشائعات باتت تشكل خطراً كبيراً يهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع وان اطلاق تلك الشائعات لا يأتي من قبيل المصادفة ولكنه يأتي وفقاً لأهداف محددة سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
ويجب الوعي أيضاً بخطورة منصات السوشيال ميديا بشأن مخالفة القانون من خلال التضليل الإعلامي عبر استخدام التقنيات الحديثة في فبركة الصوت والصورة والفيديو، والتعرض للحياة الخاصة للمواطنين، واقتحام خصوصية الأفراد والطعن في الأعراض والذمم المالية وعمليات السب والقذف والتنمر وتجنيد العناصر الإرهابية.
وإذا كانت الشائعات هي مصدر خطر دائم على النحو المشار إليه، فرفع مستوى الوعي هو كلمة السر في القضاء على الشائعات.
وبات ضرورياً رفع مستوى الوعي لدى المواطن وتعليمه مهارات التعامل مع أي معلومة أو خبر يصله سواء من وسائل التواصل الاجتماعي أو غيره، وعدم تصديق أي خبر دون التأكد مما ورد به من المصادر الرسمية المنوط بها ذلك.
ودعونا نؤكد أن لدينا الآن بنية تشريعية قوية لمواجهة مروجي الشائعات والأكاذيب سواء في اطار أحكام قانون العقوبات وقانون مكافحة الارهاب وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وفي النهاية "يجب أن نؤكد على ضرورة اتخاذ اجراءات وتدابير احترازية ووقائية استباقية عبر استراتيجية متكاملة لمواجهة تلك الشائعات كأحد أدوات حروب الجيل الرابع، وأهم تلك الاجراءات والتدابير صناعة الوعي بمفهومه الشامل لدى المواطنين عبر مؤسسات الدولة المعنية وأهمها الإعلام باعتباره حائط الصد وخط الدفاع الأول المسئول عن تشكيل الرأي العام لدى الجمهور، هذا بخلاف دور مؤسسات المجتمع المدني في هذا الشأن".
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
هزيمة إيران تعجل بنهاية شبكة وكلائها في المنطقة.. الحوثي الهدف القادم
تشهد المنطقة تحوّل تاريخيًا، عقب الهزيمة الكبيرة التي لحقت بإيران أو كما يطلق عليها وكلائها في الشرق الأوسط "قلعة محور المقاومة"، فالضربات التي تعرض لها برنامجها النووي خلال الـ12 يوم الماضي كانت كفيلة بإغلاق الملف وترحيله لعشرات السنوات القادمة.
ووفقًا لخبراء ومحللون يعيش النظام الإيراني لحظة تراجع إستراتيجية غير مسبوقة في نفوذها الإقليمي، بعد سلسلة من الضربات السياسية والعسكرية والدبلوماسية التي أضعفت مكانتها في المنطقة، وقلّصت من قدرة مشروعها ""النووي" على الصمود أمام التغيرات العاصفة. ومع انحسار قبضة إيران في ملفات عدة، تتجه الأنظار نحو أذرعها المنتشرة في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها جماعة الحوثي في اليمن، التي باتت تواجه تحديات متزايدة في ظل تضييق الخناق على الداعم الأكبر لها.
في تصريحه الأخير، أكد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، انتهاء الحرب مع إيران ربما يشكل عصراً جديداً لحقبة اقتصادية من الازدهار لإيران والشرق الأوسط". وأضاف: "نحن الآن في مرحلة جديدة. لقد كانت عملية عسكرية ناجحة للغاية لتدمير البرنامج النووي الإيراني. والآن، حان وقت الانتقال إلى المرحلة التالية، سواء باستخدام السلام أو القوة، وذلك يتوقف على ما ستفعله إيران من الآن فصاعداً".
وتابع: "الآن، مع انتهاء حرب الأيام الـ12 فعلياً، لدينا فرصة لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقية. وليس الأمر متعلقاً فقط بإيران وإسرائيل، بل بجميع دول الخليج العربي. فهم يريدون السلام والاستثمار وتطوير أجهزة الذكاء الاصطناعي والدخول في الاقتصاد الجديد".
وأكد أنه "في حال تصرفت إيران بحكمة في المرحلة القادمة، فقد تكون هذه فجر مرحلة اقتصادية جديدة من الازدهار لحلفائنا الخليجيين، ولنا، وللإسرائيليين، وللجميع، لكن هذا سيتطلب من إيران أن تتصرف بذكاء".
سقوط راية المرشد
وخلال الحرب الأخيرة؛ تهاوت آخر قلاع الأنظمة التي أساءت إلى الإسلام وشوهت صورته، ليس فقط أمام العالم، بل داخل المجتمعات الإسلامية نفسها. هذه الأنظمة، التي رفعت شعارات الدين لتحكم وتبطش وتقمع، وجدت نفسها في مواجهة الحقيقة: لا يمكن أن يُبنى الاستقرار على القهر، ولا يمكن أن تُستر المصالح بالأوهام العقائدية.
ما قامت به إيران بالمنطقة ارتكز على تمزيق الشعوب، من خلال مشروعها احتكار الإسلام الذي حولته من رسالة للعدل والحرية، إلى أداة للسيطرة والتسلط. هذه الأنظمة، سواء رفعت راية "المرشد" أو اختبأت خلف لافتات "الممانعة"، لم تكن سوى مشاريع قهر سياسي مغلفة بغلاف ديني هشّ.
وفي السنوات الأخيرة، برز مشهد صارخ في ساحة الصراع: الحركية الإسلاموية الشيعية لحقت بالحركية الإسلاموية السنية، وتفوقت عليها من حيث الحضور، والتمدد، والتأثير. لكن هذا "التفوق" لم يكن انتصارًا للإسلام، بل انهيارًا آخر ضمن صراع المصالح المغلفة بالدين.
الإسلاموية السنية، التي ظهرت في ثوب الحركات الشعبوية الجهادية، أو التي تسللت إلى أنظمة الحكم والانقلاب، كانت قد فتحت الباب لخطاب استئصالي، يختطف الإسلام لصالح أجندات سلطوية. في المقابل، صعدت الإسلاموية الشيعية، تحت راية "الولي الفقيه" و"المرشد"، لتبني مشروعًا عابرًا للحدود، لا يقل خطورة عن سابقه، بل يفوقه قدرة على التخريب الناعم والعميق.
السقوط حتميًا
لطالما قدّمت إيران نفسها بوصفها "قائدة محور المقاومة" في وجه ما تصفه بالهيمنة الغربية والإسرائيلية، مستندة في ذلك إلى شبكة من الأذرع المسلحة التي نشرتها في عدد من الدول العربية، من لبنان إلى اليمن، مرورًا بسوريا والعراق. هذا الخطاب، الذي روّجت له طهران لسنوات كرافعة معنوية وسياسية، بات اليوم يواجه واقعًا صادمًا، بعد أن تلقت إيران نفسها ضربات موجعة أظهرت هشاشتها وعجزها عن حماية عمقها الداخلي، ناهيك عن حلفائها المنتشرين في الإقليم. فبينما كانت تفتخر بقدرتها على دعم جماعات مسلّحة خارج حدودها، أثبتت الوقائع الأخيرة أن النظام الإيراني، الذي بنى نفوذه على تصدير الأزمات، غير قادر حتى على حماية أراضيه ومصالحه من الضربات المباشرة، سواء من إسرائيل أو من خصومه الإقليميين.
وقد بدا جليًا أن ما تصفه طهران بـ"محور المقاومة" ليس إلا مظلة لأجندة توسعية انهارت أمام أول اختبار حقيقي للردع، إذ اضطرت إيران إلى التراجع، والصمت، بل والتفاوض غير المعلن، تحت وطأة الضغوط، بينما تُركت أذرعها في المنطقة تواجه مصيرها بمفردها. هذه المفارقة كشفت زيف الادعاء بأن إيران حامية للمقاومة أو راعية للقضايا العادلة، وأظهرت أن أول من يحتاج إلى "الحماية" في هذا المحور هو طهران نفسها، التي ما إن ضُربت في الداخل، حتى انكشفت حدود قوتها وتهاوى مشروعها أمام عيون من كانت تزعم الدفاع عنهم.
الحوثي الهدف القادم
يبقى الذراع المتمثل في صنعاء- ميلشيا الحوثي- آخر نقطة التماس التي لا تزال تُستخدم كأداة للابتزاز والتخريب في المنطقة. فالهزيمة التي تلقتها طهران في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، لا تقتصر آثارها على الداخل الإيراني فقط، بل تمتد بعمق إلى شبكة النفوذ التي بنتها عبر أذرعها المسلحة في المنطقة.
بإنكشاف قدرة حزب الله اللبناني على الصمود في وجه الضربات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، وتراجعه كمصدر تهديد حقيقي في المعادلة الإقليمية، بدأ الحوثيون في اليمن يروّجون لأنفسهم كـ"الذراع الأطول" لإيران، في محاولة لتثبيت موقعهم كقوة بديلة تتولى تنفيذ أجندة طهران في الإقليم. إلا أن هذه الطموحات تصطدم اليوم بحقائق ميدانية واستراتيجية مغايرة، حيث يرى مراقبون أن المشروع الإيراني يمرّ بمرحلة انكفاء واضحة، وأن مرحلة ما بعد هزيمة طهران قد تكون عنوانها الأساسي "قصقصة الأجنحة"، لا سيما تلك التي تغذّت لسنوات على الدعم المالي والعسكري الإيراني، وكانت أداة رئيسية في زعزعة استقرار عدد من الدول العربية.
ويُتوقّع أن تكون جماعة الحوثي في مقدّمة الأذرع المستهدفة مستقبلًا، خصوصًا في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضدها في الداخل اليمني، وتنامي الأصوات الإقليمية الداعية إلى تحجيم نفوذها كخطوة ضرورية لاستعادة الاستقرار في اليمن والمنطقة.
ويشير المراقبون إلى أن الغطاء الإيراني الذي وفّر للحوثيين الحماية والتغذية العسكرية والسياسية خلال السنوات الماضية بدأ في التآكل، ما يفتح الباب أمام فرص حقيقية لإضعاف الجماعة، سواء عبر المسار العسكري أو الضغوط السياسية المتصاعدة. ومع تغير موازين القوى، ستكون قدرة الحوثيين على الصمود في مرحلة ما بعد إيران ضعيفة، خاصة إذا ما تخلت طهران عنهم ضمن أي تسوية كبرى أو تم استنزافها داخليًا بشكل يمنعها من مواصلة الدعم.
إن تحرير صنعاء لا يعني فقط إنهاء التمرد المسلح، بل هو تحرير رمزي من تحالفات تشوه الإسلام، وتستغل قضاياه لتفكيك المجتمعات، وبث الطائفية، وتغذية الحروب بالنيابة عن طموحات مشبوهة.