وسط حالة الغلاء الفاحش التى يعانى منها المواطن المصرى وارتفاع أسعار كثير من السلع بسبب الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد والمدفوعة بنقص الدولار وارتفاع التضخم، وغياب الرقابة على الأسواق، شهدت أسعار الأدوية فى مصر ارتفاعًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، وصلت فى بعض الأصناف إلى ٥٠% و١٠٠% فى فترة لا تتجاوز ستة اشهر لتزيد من أوجاع المرضى الذين عجز أغلبهم عن مواكبة هذه الزيادات والشراء بالأسعار الجديدة، واضطروا إلى تجرع الآلام والعودة إلى التداوى بالطرق البدائية والأعشاب!.
خبراء فى مجال الأدوية برروا هذه الزيادات بارتفاع تكلفة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج.
هذه الموجة من الغلاء طالت أكثر من 2000 صنف دواء خلال ستة أشهر تقريبًا، من أصل 17 ألف صنف متداول فى السوق المصرى بعضها تجاوز ٥٠ % و١٠٠% دون مراعاة البعد الاجتماعى عند النظر فى إعادة تسعير المنتجات الدوائية، وهو ما أدى إلى وجود مطالبات برلمانية للحكومة بالتصدى للظاهرة، والسيطرة على الارتفاعات المتتالية فى أسعار الدواء، والتدخل العاجل لمساعدة شركات الأدوية فى حل أزمة نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، سواء بالإفراج عن المواد الخام المكدسة بالموانئ، أو بتسهيل إجراءات الاستيراد، وتوفير العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، فلا يعقل أن تقف شركات الأدوية والمستلزمات الطبية فى الطابور انتظارًا لتوفير العملة الصعبة!!
أما الجانب الآخر من الأزمة فهو نقص أصناف كثيرة من الأدوية المستوردة والمحلية وأغلبها للأسف خاص بأمراض خطيرة مثل القلب و السكر و الغدة والسرطان، وهذا النوع من الأزمات غير قابل للتأجيل، والتراخى فى حلها غير مقبول، لأن الدقيقة الواحدة قد تزهق أرواحا كثيرة لا تجد العلاج، وكان يجب على هيئة الدواء المصرية التى تتبع مباشرة مجلس الوزراء أن تتحرك وتقوم بدورها لحل أزمة نواقص الأدوية باعتبارها الجهة الرسمية الوحيدة المسئولة بشكل مباشر عن هذا الملف واتباع فقه الأولويات لتوفير نواقص الأدوية الخاصة بالأمراض الخطيرة لإنقاذ حياة المرضى بدلًا من الهرولة وراء اللقاءات والندوات والمؤتمرات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المواطن المصري السلع الازمة الاقتصادية الدولار الأسواق الشراء الأسعار
إقرأ أيضاً:
ماذا لو أحببنا الوطن.. .؟
قد يبدو هذا المقال خياليًا بعض الشىء وبعيداً كل البعد عن ثوابت علم السياسة التى لا تعرف كثيراً كلمات مثل الحب والكره، وإنما تتعامل وفق المصالح المشتركة، وتحقيق المكاسب بكل طريق ممكن، ولكن ماذا لو جنبنا مرادفات السياسة، وقدمنا هذا الطرح المبنى على فكرة بسيطة جداً قد تندرج تحت اهتمامات علوم الاجتماع والفلسفة المتعارضة دائمًا فكرياً ومنهجياً مع علم السياسة؟
حب الوطن لا يتأتى أبداً دون أن يحب أبناء الوطن بعضهم ليحسنوا معاً، وبتلاحمهم أداء المهمة التى خلقهم الله من أجلها، وهى إعمار الأرض والبقاء على ثبات وتماسك مؤسسات الدولة، فهل نفعل هذا حالياً؟ أم أننا قد اختزلنا حب الوطن فى قلوبنا فى مجرد الشكل وابتعدنا عن المعنى الحقيقى لهذا الحب فلم يعد للود والتراحم بين سكان هذه الأرض وجود، وتبارى الأشقاء فى العداء لبعضهم وأسرفوا فى الأنانية فأصبح شعار البعص (أنا ومن بعدى الطوفان)؟
فكيف ندعى حب الوطن وقد تفننا فى السنوات الأخيرة فى الإساءة إلى بعضنا البعض وسادت روح النقد والتخوين وتوجيه الاتهامات جزافاً دونما أى موضوعية أو أدلة بشكل غير مألوف، فمن ليس معى فهو ضدى، ومن لا يوافقنى فى الرأي يصبح عدواً لى، ومن لا مصلحة لى معه يصبح فاسدًا ويستحل شرفه وعرضه، فيهان ويشهر به على الصفحات والمواقع؟
ماذا لو عادت الأخلاق كما كانت عليه قبل سنوات أو عقود ليست بالبعيدة؟ ولماذا أصبح هدف الجميع اليوم هو تثبيط الهمم والتشكيك فى أى عمل إيجابى يقدم لصالح الوطن وأبنائه؟ ولماذا تميزنا مؤخرًا فى قدرتنا الهائلة على إطفاء جذوة أى بقعة ضوء تبدأ فى التوهج تحت سماء الوطن؟ لماذا نحارب النجاح وننسى أن التنافس والغيرة فى النجاح شىء مطلوب وطيب لبناء الأوطان؟.. لماذا نقف بالمرصاد لكل من يقدم فكر جديد أو جهد مضاعف يميزه عن الآخرون؟ هل هى سنوات الفقر الإبداعى التى فرضت علينا هذا الواقع الأليم؟ أم أن هذا الوطن بالفعل قد أصبح بحاجة ملحة لثورة أخلاقية وفكرية متكاملة الأركان تعيد ترسيخ القواعد والأخلاق الاجتماعية التى تربى عليها السابقون فتميزوا وأبدعوا وهانت عليهم أرواحهم، وما يملكون فى سبيل الوطن.
إننا الآن أحوج ما نكون إلى عودة هذه المسميات التى كادت أن تندثر من مجتمعنا مثل الحب والإخاء، وإيثار مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ومساندة كل من يحاول أن يقدم جديدًا، وعدم محاربة نجاح الأشخاص لأنه فى النهاية هو نجاح للوطن بأكمله.. حفظ الله بلادنا الطيبة من تقلبات الأيام.. حفظ الله الوطن.