سجلات ورسوم تكشف علاقة ملوك بريطانيا القدماء بالنخاسة
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
أثناء بحثه في صفحات من سجلات قديمة، يعود تاريخها لقرون مضت في قبو المكتبة البريطانية، عثر الباحث في التاريخ، نيكولاس رادبيرن على رسوم أذهلته، رسمت خطا واضحا بين الملكية وتجارة الرقيق.
بين صفحات بعض المجلدات كان هناك رسم لتاج يشبه غطاء رأس القديس إدوارد الشهير (من التتويج البريطاني) فوقه حرفا S وC، وهي إشارة لشركة بحر الجنوب لتجارة الرقيق.
وأعلن النص المصاحب، المكتوب في عام 1715، أن هذه هي "العلامة التي سيتم وضعها من الآن فصاعدا على أجساد الزنوج لبيعهم في جزر الهند الغربية الإسبانية"، بموجب عقد بين ملكة بريطانيا العظمى آن، وملك إسبانيا فيليب الخامس.
وقال رادبيرن، المؤرخ في جامعة لانكستر، الذي اكتشف الرسم التوضيحي خلال قيامه على مشروع لرقمنة سجلات شركة بحر الجنوب لتجارة الأفارقة المستعبدين إلى الأميركتين اللتين كانتا خاضعتين للإسبان "لقد كان الأمر ملفتا للنظر".
وكان الكي بالحروف الأولى من الاسم على الأجساد ممارسة فظيعة ولكنها شائعة في عصر تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.
وكان عرض علامة تجارية مثل تلك التي كانت توسم الزنوج، على تلك الوثائق غريبا، ما أدى إلى إنشاء رابط واضح بين الملكية البريطانية وتجارة الرقيق، وفق صحيفة واشنطن بوست.
قال رادبيرن "يُظهر هذا بوضوح العلاقة الوثيقة بين التاج، سواء كانت الملكة آن شخصياً أو المؤسسة على نطاق أوسع، مع شركة بحر الجنوب وأنشطتها".
وكانت صحيفة واشنطن بوست، بإذن من المكتبة البريطانية، أول من نشر الوثائق التي يظهر فيها رسم العلامة التجارية.
Documents found by a British researcher and republished by The Washington Post show evidence of the monarchy’s intimate role in the transatlantic slave trade. https://t.co/UbO8nAE9ar
— The Washington Post (@washingtonpost) September 28, 2023وردا على سؤال حول الرسم التوضيحي، قال قصر باكنغهام في بيان لصحيفة واشنطن بوست "هذه قضية يأخذها جلالة الملك على محمل الجد".
ولم يعتذر الملك تشارلز الثالث عن دور أسلافه في تجارة الرقيق، كما فعل الملك الهولندي ويليم ألكسندر في الصيف.
وبدلا من ذلك، أعرب تشارلز عن "حزنه الشخصي إزاء معاناة الكثيرين".
وقد أبدى دعمه للبحث حول الروابط التاريخية بين النظام الملكي البريطاني والعبودية.
وعلى مدى 270 عاما، أشرف الملوك والملكات البريطانيون، بصفتهم رؤساء دول، على مشروع تجاري حرم الناس من إنسانيتهم وحكم عليهم بالعبودية، وأرسلهم عبر المحيط ليتم استغلالهم من أجل العمل، بينما مات الآلاف نتيجة لظروف السفر الوحشيةـ تقول الصحيفة الأميركية.
والتحقيقات الجديدة، المستندة إلى سجلات المكتبات ودور المحفوظات في قارات متعددة، تكشف أن الملوك البريطانيين المتعاقبين لعبوا دورا أكثر مما كان معترفا به سابقا في تجارية الرقيق، وحصدوا أرباحا لا تزال تعود بالنفع على أفراد العائلة المالكة البريطانية إلى اليوم" تقول ذات الصحيفة .
وكان المؤرخ بروك نيومان من جامعة فيرجينيا اكتشف وثيقة تعود إلى عام 1689، أعادت صحيفة الغارديان نشرها في أبريل، تظهر أن الملك ويليام الثالث، الذي بنى قصر كنسينغتون، استفاد من مزايا منحها له تاجر عبيد سيئ السمعة، هو إدوارد كولستون.
كما عثرت الباحثة ديزيريه بابتيست المقيمة في لندن على وثائق تفيد بأن أحد الأسلاف المباشرين للملك تشارلز الثالث اشترى ما لا يقل عن 200 شخص مستعبد لدعم مزرعة التبغ الخاصة به في فرجينيا.
وتوفر مثل هذه الاكتشافات دليلا لأولئك الذين يدعون إلى إجراء حساب في بريطانيا وخارجها حول إرث الاستعمار.
وقد تظهر النتائج أيضا في بعض دول الكومنولث المتبقية حول ما إذا كان يجب الاستمرار في الاعتراف بالعاهل البريطاني كرئيس لهم أم لا.
وقال رادبيرن تعليقا على ذلك "كل الزخارف التي لدى العائلة المالكة البريطانية من قصور وفن واحتفال والأبهة المصاحبة لها يجب أن تتم تسويتها مع الجانب المخفي من التاريخ".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
خمنوا ماذا يكون الإرهاب في نظر الحكومة البريطانية؟
في العشرين من يونيو الجاري، وقع حدث أصبح الآن مألوفا لنا ألفة مريعة، إذ قامت القوات الإسرائيلية مرة أخرى بفتح النار على فلسطينيين في موقع لتوزيع المساعدات، مما أسفر في هذه المرة عن مصرع ثلاثة وعشرين شخصا. وفي اليوم نفسه، أميط اللثام عن قيام ناشطين تابعين لجماعة بريطانية اسمها «الفعل الفلسطيني» [Palestine Action] باقتحام قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي وتشويه طائرتين عسكريتين على سبيل الاحتجاج.
قام أحد الفعلين على استعمال عمدي للعنف القاتل ضد مدنيين، وأسفر عن مصرع ثلاثة وعشرين مدنيا. والآخر لم يقم على عنف ضد كائن حي ولم يسفر عن وفيات أو إصابات. ثم أعلنت الحكومة البريطانية عزمها معاملة أحد الفعلين دون الآخر بوصفه جريمة إرهابية. فخمنوا أنتم أي الفعلين هو هذا.
تجمع المنظمات الدولية إجماعا نادر المثال على تقديرها بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب شديدة الشناعة في غزة. ففي نوفمبر من العام الماضي، توصلت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة إلى أن حملة إسرائيل في غزة تتفق مع خصائص الإبادة الجماعية. وفي ديسمبر، انتهى تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل «ارتكبت وتستمر في ارتكاب إبادة جماعية». والآن نجحت سلسلة هجمات طوعية غير قانونية من إسرائيل على إيران في استدراج الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة مع إيران، في انتهاك للقانونين الأمريكي والدولي. وفي حين أن المجازر تستمر في غزة، ينذر العنف الإسرائيلي بإطلاق شرارة صراع إقليمي بل لعله يكون صراعا كوكبيا.
وبرغم ذلك تستمر المملكة المتحدة في إمداد إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية العسكرية، وتستمر الشركات البريطانية في بيع الأسلحة الفتاكة للدولة الإسرائيلية. وفي استطلاع للرأي أجري العام الماضي، أيَّد 56% من الناخبين البريطانيين الحظر الكامل لمبيعات السلاح لإسرائيل. وفي شتى أرجاء المملكة المتحدة شارك آلاف الناس في مظاهرات أسى على ضحايا هذا الصراع مطالبين بإنهاء المذبحة.
لكن الحكومة البريطانية تصر في عناد على تأييدها لحملة إسرائيل العسكرية. ولم يسفر التظاهر الشعبي السلمي، برغم دعم غالبية الشعب له، عن أي نتائج. وفي مواجهة دعم الدولة للإبادة الجماعية، ما الذي يفترض أن يفعله أصحاب الضمائر اليقظة؟
لقد كان النشطاء الذين اقتحموا قاعدة سلاح الجو الملكي في برايز نورتن يعلمون بطبيعة الحال أن أفعالهم خارجة على القانون. فالحركات السياسية ابتداء من حركات المطالبة بحق الاقتراع للنساء، وحتى حركة حقوق المثليين والنضال ضد الفصل العنصري وغيرها من حركات المقاومة السياسية الأصيلة تتعلق دائما باختراق القانون. والأمر مثلما كتب مارتن لوثر كنج الابن من سجنه في بريمنجهام هو أن «على المرء مسؤولية أخلاقية بعصيان القوانين المجحفة». والإمداد بالأسلحة لتيسير إبادة جماعة أشد إجحافا، فهو هاوية هول أخلاقي. ومن يتحلون بقدر من الشجاعة يخول لهم انتهاك القانون احتجاجا ـ
وكثير منهم ينفذون بالفعل عقوبات حبس بسبب أفعالهم ـ يستحقون منا أقصى درجات الاحترام.
ولكن حظر منظمة بأكملها بموجب قانون الإرهاب لا يعني مقاضاة أفراد معينين بسبب تجاوزات معينة. وفي حال مضي الحكومة في ما تعتزمه من تصنيف جماعة «الفعل الفلسطيني» باعتبارها منظمة إرهابية، فإن محض الانضمام إلى الجماعة من شأنه أن يمثل جريمة. وواقع الحال هو أن محض مناصرة الجماعة بالكلمات ـ وهو ما أفعله إذ أكتب هذه السطور ـ قد يمثل هو الآخر جريمة قانونية جسيمة، عقابها في القانون قد يصل إلى الحبس لأربعة عشر عاما. والتعاملات المالية مع أعضاء في الجماعة أو أنصار لها قد يكون أيضا غير قانوني، حتى لو أن الأفراد المعنيين لم يخرجوا على القانون إلا بانتمائهم إلى حركة احتجاجية أو بتعبيرهم عن مناصرتها.
بموجب القانون في المملكة المتحدة، يحظى وزير الداخلية بحرية تصرف واسعة النطاق في حظر أي منظمة «متورطة في الإرهاب». وحتى الآن، لم يستعمل هذا الإجراء ضد الجماعات المسلحة المنخرطة إما مباشرة أو المناصرة فعليا لصراع عنيف مسلح. ولكن المهم هو أن القانون يعرف الإرهاب تعريفا غامضا بالقدر الذي يجعله ينطبق على محض إتلاف ممتلكات أو قطع أنظمة إلكترونية حتى في ظل الغياب التام لأي تهديد للحياة البشرية أو السلامة العامة.
وفي حال مضي الحكومة قدما على هذا المسار، فإن أي شخص عادي في المملكة المتحدة سيكون معرضا من الناحية النظرية للحبس لمحض تعبيره عن مناصرة لفظية لعمل غير عنيف. وبعيدا عن المبدأ الأوسع، فإن من شأن هذا أن يمثل تقييدا لحرية التعبير يبعث على القلق.
ليست جماعة الفعل الفلسطيني بجماعة مسلحة. ولم تحمل قط مسؤولية أي وفيات ولا تمثل أي تهديد للشعب. والمناهج التي تتبعها تتعلق بتخريب ممتلكات، وهذا بلا شك أمر خارج على القانون.
لكن لو أن قتل ثلاثة وعشرين مدنيا في موقع توزيع مساعدات ليس إرهابا، فكيف يكون من المتوقع أن نقبل أن يكون نثر الطلاء على طائرة إرهابا؟ لقد عجزت المظاهرات الملتزمة بالقانون حتى الآن عن إيقاف الإبادة الجماعية. ومات وأصيب أكثر من خمسين ألفا من الأطفال الأبرياء. ففي أي ظروف قد يكون العصيان المدني مبررا أكثر مما هو الآن؟
ليس بوسعي إلا أن أقول إنني معجبة بمنظمة الفعل الفلسطيني ومناصرة لها قلبا وقالبا، وسوف أبقى كذلك، سواء أصبح الأمر جريمة إرهابية أم لم يصبح كذلك.
سالي روني روائية أيرلندية أثارت اهتماما عالميا حينما رفضت ترجمة أعمالها إلى العبرية اعتراضا على سياسات إسرائيل.
عن الجارديان البريطانية