يحتفل المركز القومى للترجمة برئاسة الدكتورة كرمة سامى بصدور الطبعة العربية من كتاب «توجيه حركة التنقلات عبر القنوات البحرية». يناقش الكتاب الدكتور أحمد زكريا الشلق، والدكتور زكريا الرفاعى والدكتور شريف يونس بحضور المترجم الدكتور محمد صبرى الدالى وذلك فى تمام الساعة الخامسة من مساء غد الثلاثاء الموافق 17 أكتوبر 2023 بقاعة طه حسين بمقر المركز القومى للترجمة.

كتاب «توجيه حركة التنقلات عبر القنوات البحرية: الهجرة والعولمة فى منطقة قناة السويس وما وراءها 1869-1914 م» من تأليف فاليسكا هوبر ومن ترجمة محمد صبرى الدالى بحسب المترجم، فقد اهتم الكتاب بالبحث وبشكلٍ موضوعى ومُعمَّق فى التجلِيَّات المُبكِرة للعولمة خارج أوروبا، وخاصة فى مجال النقل والتنقل البحرى. ولقد اختارت المؤلفة أن تقوم بتطبيق محاولتها على ذلك الممر البحرى فائق الأهمية، أى «قناة السويس» التى قامت بعض الدول الاستعمارية وخاصة فرنسا، ثم إنجلترا بعد احتلالِها لمِصر- مِن خلالها بما أسمته المؤلفة بـ«أقننة حركة النقل والتنقُّل البحرى»، بمعنى السيطرة على حركة التنقُّل وتوجيهها لما فيه مصلحة تلك القوى الكبرى، وبما كان يتناقض مع أهم الأهداف التى حفِرت مِن أجلها القناة، وهو تسريع حركة السفن وتيسير انتقال الناس والبضائع بين الشرق والغرب. وفى هذا السياق أوضح الكتاب كيف ساهمت القناة فى «صناعة العولمة» مِن ناحية، ولكنها العولمة التى استغلتها الدول الكبرى لتتحكم فى القناة وفى شروط حركة المرور والتنقل عبرها وحولها لخدمة أهدافها الإستعمارية، ووضعت لذلك العديد مِن الشروط والقوانين؛ حتى لقد تحكَّمت فى حركة أبناء مصر والمنطقة والعَالَم؛ وخاصة الحُجَّاج، خوفًا مِن أن ينقلوا أمراضًا وبائية، أو يتبادلوا أفكارًا مُعادية للاستعمار. كما يُظهِر الكتاب أن العولمة التى مورست فى القناة مرَّت بمراحل مِن التجريبِ والتخبُّطِ والتناقض؛ وتم فيها استخدام المنجزات العِلْمِيَّة لتحقيق السيطرة الاوروبية التى رفعت الشعارات الأولى للعولمة مِن خلال أدوات عديدة، منها «الحَجْرِ» و«العَزلِ» الصحى والتعقيم وغيرها مِن الأدوات التى كثيرًا ما كانت تُتخذ كذرائع بأكثر من استخدامها كأسباب حقيقية.

وفى هذا السياق تنفذ المؤلفة إلى تفاصيل كثيرة أوضحت كيف كانت العولمة أيضًا أداة للتمييز العنصرى الفج على مُستويات عدة، بداية مِن مُستويات البشر (حسب أعراقِهم، وجنسياتهم، بل وأديانهم)، مرورًا بالتمييز بين العابرين للقناة بناءً على طبقاتهم ووظائفهم؛ وصولًا إلى التمييز بين الدول.

وإذا كانت أوروبا ادَّعت بأنها نقلت «الحداثة» إلى المنطقة، فإن الكتاب يوضح أنها كانت بعض أشكال «الحداثة الظالمة»، والتى تحقق أهداف العولمة لحساب الشعوب والدول القوية قبل أن تحقق أهداف ما قيل إنه «الرسالة الحضارية» لأوروبا. والكتاب لا يوضح أهمية موقع القناة فى كل هذه الأمور وغيرها فحسب، بل ويقوم –وفى رحلة طويلة- بتوضيح علاقة ذلك بالاحتلال البريطانى لمصر، وعلاقته بالسيطرة الاستعمارية على مناطق عديدة قريبة مِن القناة أو بعيدة عنها، وصولًا إلى الشرق الأقصى؛ الأمر الذى يعكس أيضًا كيفية استغلال الاستعمار –آنذاك- لذلك الموقع لمصلحته، وعلى حساب المصريين، بل وعلى حسابِ كل شعوب المنطقة. وبهذا فإن الكتاب مُحاولة جادة لكتابة التاريخ فى إطار موضوعى وإنسانى وعالمى حقيقى، بدلًا من كتابته فى إطار هضم حقوق البعض لصالح البعض، واستخدام فِكر العولمة لسحق الشعوب الضعيفة.

يتكون الكتاب من تمهيد وثلاثة أقسام. جاء التمهيد بعنوان «حركة التنقُّل وحدودها وقيودها». أما القسم الأول «القناة كمحطَّة استعمارية وسيطة للترحيل - مكان عالمى وحدود جديدة من سبعينيات القرن التاسع عشر وحتى تسعينياته»،

فجاء فى ثلاثة فصول هى: «طقوس المرور والتصوُّرات الخاصة بالفضاء العَالَمى» و«نُظم

المرور والقوات العسكرية فى منطقة القناة» و«الشركات والعُمَّال». أما القسم الثانى «حدود الرسالة الحضارية - تنظيم حركة التنقُّلات شرق السويس خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر»، فورد فى ثلاثة فصول هى: «البدو والقوافل البرية» و«المراكب الشِراعية وتجارة العبيد فى البحر الأحمر» و«حُجَّاج مَكَّة تحت الرقابة الاستعمارية». أما القسم الثالث «نُقطة المُراقبة والتفتيش - تتبُّع الميكروبات وتعقُّب المسافرين من تسعينيات القرن التاسع عشر وحتى سنة 1914» فجاء فى فصلين: «حركة التنقل الناقلة للعدوى ومنع تسرب الأمراض» و«حقوق المرور وتحديد هوية الأفراد» وأخيرًا تأتى الخاتمة بعنوان: «طقوس المرور وحقوقه فى منطقة قناة السويس وما وراءها».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المركز القومى للترجمة قناة السويس الدول الإستعمارية فرنسا انجلترا الإحتلال البريطاني لمصر

إقرأ أيضاً:

هيئة الكتاب تصدر الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر لـ «كمال مهيب»

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، أحدث إصداراتها النقدية بعنوان «الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر: نحو أفق جمالي جديد» للباحث والناقد د. كمال مهيب، في خطوة تعكس اهتمام الهيئة بتطوير الدراسات المتخصصة في مجال أدب الطفل، ودعم مسار التحديث النقدي في هذا الحقل الأدبي المهم.

ويقدّم الكتاب رؤية نقدية جديدة تسعى لوضع أسس منهجية حديثة لدراسة أدب الأطفال العربي، باعتباره ظاهرة جمالية في المقام الأول، قادرة على حمل قيم ثقافية وتربوية، دون التضحية بتشكيلها الفني. ويأتي هذا العمل بوصفه مقدمة أولى في مشروع نقدي أكبر يأمل الباحث أن يكون خطوة تأسيسية نحو نظرية معاصرة تواكب تحولات أدب الأطفال، وتفتح له آفاقًا جمالية جديدة.

ويبدأ الكتاب من فرضية رئيسية ترى أن أدب الأطفال ليس مجرد وسيلة تعليمية أو تربوية، بل هو فن سردي يمتاز بخصوصية تشكيلية، تستحق دراسة معمقة تستكشف العناصر الجمالية والوظائف الثقافية التي يجسدها. ويؤكد الباحث أن الطفولة - بما تحمله من قدرة على التلقي والمرونة الذهنية - تمثّل فضاءً حاسمًا في تكوين الوعي، ما يجعل أدب الأطفال واحدًا من أكثر أدوات التنشئة الثقافية فاعلية في ترسيخ القيم والمثل العليا.

ويرصد مهيب، من خلال قراءة واسعة في المدونة العربية الأدبية والنقدية، مجموعة ملاحظات جوهرية، أبرزها هيمنة التوجهات التعليمية والتربوية على حساب العمق الجمالي، واعتماد عدد كبير من الدراسات السابقة على مناهج تقليدية لم تستوعب التحولات السردية الحديثة. كما يشير إلى ندرة الدراسات التي استخدمت أدوات السرديات الثقافية أو تعمقت في بنية النصوص الحفرية، سواء على مستوى التكوين الفني أو المحمولات الثقافية الكامنة فيها.

وانطلاقًا من هذه الملاحظات، يحدد الباحث مجموعة من القناعات الفكرية التي تشكّل مرتكزات كتابه، أهمها: أن أدب الأطفال ظاهرة جمالية بالأساس، تكتسب قيمتها من تشكيلها الفني لا من محتواها التعليمي، وأن تطوير هذا الأدب مرهون بدراسة تشكيلاته السردية دراسة معمقة تكشف خصوصياته المختلفة عن أدب الكبار، وأن الجمالي والثقافي عنصران متكاملان لا يمكن فصلهما عند تحليل النصوص، وأن الوصول إلى أفق جمالي جديد يتطلب وجود نظرية نقدية عربية معاصرة تصاحب هذا التطور.

ويعتمد الكتاب منهج السرديات الثقافية كمنهجية تكاملية تستفيد من إنجازات علم السرد والدراسات الثقافية معًا، لقراءة الظاهرة السردية في سياقها الفني والثقافي. ويضم العمل مقدمة وتمهيدًا نظريًا، يتبعه ستة فصول تطبيقية تتناول عناصر التشكيل السردي: الشخصية، الحدث، الزمن السردي، الفضاء المكاني، السارد، والتناص، مع بيان طبيعة كل عنصر عمومًا وخصوصيته داخل أدب الأطفال، إلى جانب أهم وظائفه السردية والثقافية.

ويُختتم الكتاب بخاتمة تجمع نتائج الدراسة، يليها ثبت شامل للمصادر والمراجع، إضافة إلى سيرة مختصرة للأديبين عبد التواب يوسف ولينا كيلاني بوصفهما من أبرز رواد أدب الطفل العربي.

بهذا الإصدار، تفتح الهيئة المصرية العامة للكتاب نافذة معرفية جديدة في مجال نقد أدب الطفل، مقدمة عملًا يؤسس لمرحلة نقدية أكثر عمقًا وتقدمًا في دراسة جماليات هذا الأدب وخصوصياته الثقافية.

طباعة شارك الهيئة المصرية العامة للكتاب الشكل والوظيفة أدب الأطفال العربي كمال مهيب الدراسات المتخصصة

مقالات مشابهة

  • هل تجُبّ العولمة مفهوم المواطنة؟
  • تنقلات واسعة في أمانة عمان ( أسماء)
  • هيئة الكتاب تصدر الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر
  • بشأن إغلاق قناة بلقيس … كتب / رياض الأديب
  • سفير السودان في الأردن “سوار الذهب” يحاضر عن الثقافة زمن الحرب في اتحاد الكتاب
  • ضبط متورطين بالاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى بقيمة 7 ملايين جنيه
  • هيئة الكتاب تصدر الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر لـ «كمال مهيب»
  • مساعد وزير التجارة والصناعة: مصر تواجه تحديات
  • تعرف على خطوات استخراج شهادة بيانات رخصة السيارة
  • اللواء وائل ربيع: الجزائر كانت بها حركة حماس وتحولت لحزب سياسي