للقضاء كلمة الفصل
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
ليت كل القلوب كقلب الشيخ محمد، وليت كل العيون كعينه، وليت كل الرحابة التي يتسم بها تورَّث، وليته لم يرحل.. ولكنها كانت اللحظة الأخيرة انتهت إلى الأبد ومع تأييد المحكمة وإصدار الحكم النهائي وإثبات الحق هنا نأخذ نفسا عميقا إلى أن يحين موعد القصاص لترقد روح الشيخ محمد بسلام بعد عملية القتل المروعة والبشعة ويخيل إلى أن روحه هنا بيننا تطوف في بلادسيت البلدة الحزينة تمر على ضواحي الحي ترى القلوب المثقلة والليالي الكئيبة والأبواب المغلقة وهدوء يعم في المكان ومسؤولية عظمى ألقيت على كتف أحمد ابنه الذي بات ينظر إلى الشمس وهي تشرق بانتظار صوت الحق الذي أتى وكان كما يجب.
إن أيام الانتظار الطويلة التي أخذت منَّا مأخذا وكأننا نتابع فيلما من صنع الواقع أدمت القلوب وكانت مريعة وطويلة وقاسية ومررنا بنوبات من الخوف والترقب والأسى لكن في سبيل إظهار الحقيقة هان ما مررنا به وسيهون ما تبقى من الوقت الفاصل لتنفيذ كلمة الحق.
كان وجه الشيخ محمد يخبرنا برسالة السلام التي كان ينشرها في محيطه وبين أهله وذويه وأبناء بلده والحكمة التي كان يتسم بها مثلها قليل وكان رحمه الله مجاهرا بالحق والعدل بين الناس فقد كانوا يتقاضون فيما بينهم لديه كونه شيخ المنطقة وذا الرجاحة والفطنة والذكاء فيها فكانت خسارته خسارة فادحة لا تقدر بثمن هكذا يرحل الطيبون ويبقى الأثر.
إن مثل هذه القضايا الشائكة التي مرت علينا في الآونة الأخيرة في تتابع كانت كلمة العدل هي الرادعة لكل من تسول له نفسه ويفكر في العمل الإجرامي أو الدخول لهذا العالم الغريب بأحداثه وكل من يقوم بأعمال منافية للأخلاق؛ سواء إجرامية أو سلوكية يأتيه الردع المناسب والعقاب الأنسب فنحن دولة مؤسسات وقانون وقانوننا السلام وتطبيق شرع الله ومحاربة الفساد والعمل على إبقاء بلدنا خاليا من المجرمين يملأ حيزا من الفكر الواعي والتثقيف المستمر للفرد بحيث يكون كل فرد منا مراقبا لأعماله وضابطا لنفسه فالعقاب وخيم ولا مجال للتهاون.
إن ما يحدث في هذا العالم العربي من جرائم شنعاء ضد المسلمين وما يحدث حالياً في بلدنا فلسطين هو أمر مرفوض البتة ووجب التدخل لحل هذه الحرب القائمة فكانت عُمان منذ القدم صاحبة رسالة السلام وكانت شعلة الصلح بين الأطراف المتناحرة والشخوص فكان لها السبق والأسبقية في جعل المنطقة خالية من الأحداث التي حدثت وتحدث فنحن ننتظر بترقب دور السلطنة لحل النزاع ووقف الحرب البشعة التي تحدث في أرض فلسطين الأبية فكم شاهدنا من مجازر ومآسٍ في حق إخوتنا العرب أبناء دولتنا المستقلة فلسطين فعدد الضحايا في تزايد مستمر وما يحدث تستنكره الشعوب وتدينه القلوب وترفضه العقول.
كان العدل والقانون أساساً في المنهج الإسلامي وفي تعاليم الدين وكان الرجوع إلى شرع الله وتعاليمه هو الحل الصائب لكل ما يحدث الآن وكان تطبيق العدالة وأوامر الله هي المخرج من كل الأزمات وكان الحق أن ينتصر المظلوم بلا مساومة ولا تودد ولا مغريات فشكرا لكل من يطبق العدل وشكرا لكل من كان مخلصًا لنفسه ولبلده ولعالمه ولم يخف من قول الحق ولم يخف في الله لومة لائم فكان نطقه القرآن وحديثه سنة رسول الله.
رسالة ملهمة.. ثق أن الشمس ستشرق على وجهك الحزين مرة أخرى رغم مرارة الفقد ستعيش ما تبقى من عمرك وستتناسى الوجع سيقل تدريجيا؛ فالإنسان خلق كي ينسى ويتناسى ستبكي بحرقة لكنك ستحمد الله وستدعو للراحلين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القهوة الإماراتية/ لغة غير منطوقة تُوحّد القلوب وتُعبّر عن الترابط الاجتماعي
تجسد القهوة الإماراتية تقليدًا اجتماعيًا وتراثيًا عريقًا يعبر عن قيم الكرم والتواصل والانتماء، ويبعث برسائل إنسانية عميقة تجسّد روح المجتمع الإماراتي المتماسك، حيث يعد فنجان القهوة لغة غير منطوقة تعبّر عن التقدير والاحترام وتعزز الترابط الاجتماعي بين الأفراد.
ولا تقتصر القهوة الإماراتية على كونها رمزًا للضيافة، بل تمثل جسرًا يربط بين الأجيال، ومساحة للحديث والتآلف، وعنوانًا للأصالة في زمن التحولات المتسارعة، فهي لغة سلام تقرب القلوب، وتُسهم في بناء العلاقات بين فئات المجتمع، وتُعبّر عن قيم المحبة والتراحم في المجالس الشعبية.
وقال عيسى بن عبيد الكعبي، باحث في التراث وصانع محتوى، إن حضورُ القهوة الإماراتية يبرز كقيمةٍ ثقافيةٍ، واجتماعيةٍ، وإنسانيةٍ، تُذكّرنا بأن بعض التفاصيل البسيطة في مظهرها، تخفي في جوهرها إرثًا عظيمًا من القيم والمبادئ، فكل فنجان قهوة يُقدَّم، هو في حقيقته فنجان من القيم؛ يُسكب بكرم، ويُشرب بود، ويُعبّر عن روح مجتمع لا يزال وفيًّا لجذوره.
وأضاف: “تتألّق القهوة الإماراتية لتأخذ مكانتها الطبيعية كأداة فاعلة في تعزيز الروابط الاجتماعية، وترسيخ قيم التواصل بين الأجيال، والتراحم بين الجيران، والعطاء الرمزي الذي لا يُكلّف الكثير، لكنه يُعبّر عن الكثير. وتابع: “تعيد كل رشفة من القهوة للأذهان مجالس الأجداد، حيث كانت على الدوام رفيقة الحكايات، ومفتاحًا للصلح، وجسرًا للتواصل في اللحظات المفصلية”.
والقهوة في الإمارات، كما يقول الكعبي ” ليست مجرّد أسلوب ضيافة تقليدي، بل هي تراثٌ حيّ على عراقة السلوك الاجتماعي، فمن “الدلة” إلى “الفنجان”، ومن رائحة الهيل إلى حرارة اللقاء، تحكي القهوة قصة مجتمع اتّخذ من الكرم عادة، ومن المجلس مدرسة، ومن التواصل أسلوب حياة.
ويعد صوت طرق الفنجان بمقدمة الدلة عند التقديم إشارة رمزية عريقة تنبه الضيف إلى أن القهوة قيد التقديم له، كما أن هزّ الفنجان بعد الانتهاء من الشرب يُعبّر عن الاكتفاء، في دلالة عرفية تجسّد قيم التواصل والاحترام المتبادل في المجتمع الإماراتي.
ويتولّى المقهوي مهمة التقديم بكل دقّة وأناقة، فيمسك الدلّة بيده اليسرى والفنجان بيده اليمنى، ثم يطرق الفنجان بطرف الدلّة ليصدر صوتًا مميزًا يُنبّه الضيف الذي يعتدل في جلسته احترامًا للمضيف.
كما تعد طقوس إعداد وتقديم القهوة جزءا من الهوية الثقافية الإماراتية، إذ تتجلى فيها ملامح الاحترام والترحاب، بدءا من إعداد البن وتحميصه، مرورا بإضافة الهيل والزعفران وماء الورد، وصولا إلى طريقة الصب والتقديم التي تؤدي بدقة، في مشهد يعبر عن تقدير الضيف وإكرامه.
وتبقى القهوة حاضرة في كل بيت ومجلس إماراتي، لا بوصفها مشروبًا تراثيًا فحسب، بل كجسرٍ يحمل في كل رشفة معاني التواصل، والتراحم، والانتماء، كما تُعدّ حضورًا ضروريًا في مناسبات الصلح، والوساطة الاجتماعية، ولقاءات الشعر والخطابة التقليدية، واحتفالات الأفراح والعزاء على حدّ سواء، بما يعكس عمق ارتباطها ارتباطها بالوجدان والتراث الأصيل.