العنف لدى البشر.. ظاهرة لم تفارق الشرق الأوسط منذ القدم. ما السبب ؟
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
إعداد: ربيع أوسبراهيم تابِع 3 دقائق
في خضم فترة من الأخبار المفجعة بسبب الحرب والدمار الحالييْن، قد يتساءل المرء عن مصدر العنف الذي يتّسم به سلوك البشر. سؤال حيّر العلماء منذ عقود. في هذا الإطار، اهتمت دراسة نُشرت مؤخرا بتاريخ العنف في الشرق الأوسط عبر تحليل آثاره على عظام وُجدت في المنطقة خلال حفريات سابقة.
نشرت مجلة Nature Human Behavior، المتخصصة في السلوك البشري دراسة اهتمت بتاريخنا مع العنف، وبالأساس، في منطقة الشرق الأوسط، مهد الحضارات. السؤال المطروح : هل أصبح الإنسان أكثر عنفا مع مرور الوقت أم بالعكس، تراجعت عدوانية البشر مع مرور القرون؟ ينطلق السؤال من نظرتين مختلفتين لدى الباحثين. إذ يعتقد بعضهم أن العنف تراجع تدريجيا مع تحضّر البشر وتنظيمهم في المدن. أما البعض الآخر فيقول إنه بالعكس، نسبة العنف ارتفعت بارتفاع عدد السكان في الحواضر وبارتفاع عدم المساواة بينهم مع تكوّن نُخب حاكمة مُهيمنة.
وتم تحليل قرابة ثلاثة آلاف وستمائة هيكل عظمي يعود تاريخها لعدة آلاف من السنين. ووُجدت تلك العظام في الشرق الأوسط، على مدى الحفريات السابقة، بين إيران والعراق والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل وتركيا. لقد حللوا قرابة ثلاثة آلاف وستمائة هيكل عظمي يعود تاريخها لعدة آلاف من السنين. الفترة التي تشملها الدراسة تغطي اثني عشر ألف سنة.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن العنف بلغ ذروة أولى. كان ذلك قبل خمسة آلاف وثلاثمائة إلى ستة آلاف وخمسمائة سنة. فترة بدأت فيها المدن الكبرى حينها في التكوّن حسب الباحثين في بلاد الرافدين، ميسوپوتاميا كما تسمى، في أرض العراق حاليا. بعد ذلك، بعد ألفيْ سنة من تلك الفترة، تراجع مستوى العنف البشري تدريجيا، في وقت ظهرت فيه القوانين والحكم المركزي للحواضر وتطورت فيه المبادلات التجارية. هي فترة ما يسمى بالعصر البرونزي المبكر والعصر البرونزي الأوسط أي ما بين ثلاثة آلاف وثلاثمائة سنة وألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد.
الباحثون يشددون على أنه لا يمكن استخلاص أي استنتاجات سببية من هذا التزامن. لكن انخفاض العنف حدث في وقت اكتسبت فيه الأنظمة الحاكمة المبكرة، اكتسبت قدرات كبيرة للحد من الصراعات في مجتمعاتها.
ولاحظ الباحثون ذروة جديدة للعنف خلال العصر البرونزي المتأخر والعصر الحديدي، ما بين ألف وخمسمائة سنة وأربعمائة سنة قبل الميلاد. تزامن ذلك وأزمات كبرى أدت بعدد من الحضارات إلى الانهيار وإلى توسع إمبراطوريات أخرى في منطقة الشرق الأوسط. ويقول مُعدو الدراسة إنهم لاحظوا تزامنا مع فترة جفاف دامت 300 عام حينها. التغير المناخي أدى إلى تدهور اقتصادي وإلى حركات هجرة كبيرة قد تفسر ارتفاع مستوى العنف.
مقارنة هذه الدراسة مع أبحاث سابقة في أمريكا الجنوبية، مثلا لدى حضارتيْ الأنكا والنازكا، أظهرت أيضا كيف أن ندرة الموارد والتغيرات المناخية أدت إلى ظهور صراعات مميتة. هذا يشير إلى خطر محدق بنا وبالأجيال المقبلة وهو ارتفاع مستوى الصراعات مع التغير المناخي الحاصل حاليا وتأثيراته المتعددة.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج علوم تاريخ الشرق الأوسط حرب عنف الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ترامب من الدوحة: قطر تلعب دورًا حاسمًا في كبح التصعيد مع إيران
في زيارة مثقلة بالتصريحات الساخنة والدلالات الجيوسياسية، أطلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سلسلة من المواقف اللافتة خلال توقفه في العاصمة القطرية الدوحة ضمن جولته الخليجية. وتحدث ترمب بصراحة عن ملفات شائكة كإيران وسوريا، ووجه إشادة غير مسبوقة بدور أمير قطر، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وسط غموض يلف مستقبل التفاهمات الأميركية في الشرق الأوسط.
قطر تتوسط.. وترمب يشكرتصريحات ترمب جاءت من قاعدة العديد الجوية، حيث اجتمع بعدد من المسؤولين الأميركيين والقطريين، مشيرًا إلى أن بعض الدول في المنطقة تدفع نحو مواجهة مباشرة مع طهران، على عكس قطر التي تنتهج – حسب وصفه – دبلوماسية حكيمة تساعد في نزع فتيل الأزمة. وأضاف أن "إيران يجب أن تشكر أمير قطر شكرًا عظيمًا"، معتبرًا أن الدوحة تلعب دورًا حيويًا في منع التصعيد الذي تسعى إليه أطراف أخرى.
تصريحات مثيرة حول إيران وسوريا
في سياق متصل، أدلى ترمب بتصريحات أخرى من القاعدة ذاتها قال فيها:
"الولايات المتحدة كادت أن تخسر الشرق الأوسط نتيجة لسياسات إدارة جو بايدن... لكننا سنحمي الشرق الأوسط."
وواصل حديثه عن إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب مع إيران، قائلًا:
"أعتقد أننا نقترب جدًا من إبرام اتفاق مع إيران"، دون الكشف مزيد من التفاصيل، ما أثار اهتمام المراقبين حول طبيعة الاتصالات التي قد تكون جارية خلف الكواليس.
موقف مفاجئ من دمشق
أما على صعيد الملف السوري، فكان لترمب تصريح غير متوقع عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض:
"الرئيس السوري شخص قوي، وسنرى ما سيحدث بعد رفع العقوبات. لم أكن أعلم أن سوريا كانت خاضعة للعقوبات لهذه الفترة الطويلة."
هذا التصريح اعتبره البعض تلميحًا بانفتاح محتمل تجاه دمشق، لا سيما مع تغير المواقف الإقليمية والدولية حيال سوريا في الآونة الأخيرة.
جولة خليجية حافلة بالملفات الثقيلة
زيارة ترمب إلى قطر تأتي ضمن جولة خليجية موسعة بدأها في المملكة العربية السعودية، حيث تم توقيع اتفاقيات استثمارية مهمة، شملت قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. ومن المقرر أن يواصل ترمب جولته إلى الإمارات العربية المتحدة للقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومن المتوقع أن يتصدر ملف الذكاء الاصطناعي جدول المحادثات في أبوظبي، وسط اهتمام متزايد من جانب واشنطن بإعادة تموضع نفوذها في المنطقة تكنولوجيًا واقتصاديًا، بالتوازي مع الشراكات الأمنية والعسكرية التقليدية.
تصريحات ترمب من الدوحة تعكس نبرة مغايرة عمّا كانت عليه السياسة الأميركية في عهده الأخير تجاه الشرق الأوسط، وربما تحمل بوادر لرؤية مستقبلية أكثر انفتاحًا على الحلول الدبلوماسية، لا سيما في الملفات الشائكة كإيران وسوريا. وبينما يُنظر إلى إشادته بأمير قطر كرسالة دعم لمواقف الدوحة، فإن حديثه عن قرب الاتفاق مع طهران يمثل لغزًا سياسيًا يترقبه كثيرون في المنطقة.