الإسلامُ فى حلِّ عن الأشخاص، مهما كان هؤلاء الأشخاص وأينما كانوا، اعرف الحق تعرف أهله؛ ولا تعرف الحق بالرجال؛ فإن معرفة الحق بالرجال فيها من البطلان ما يؤخِّرها عن رتبة المعرفة الحقة؛ لاختلاف الأهواء والتَصورات ومواطن القوة لديهم ومواطن الضعف.
لا تعرف حقاً قط على ألسنة الرجال، بل اعرف الحق من الحق أولاً تعرف أهله وتمادى فى العرفان! ومن أجل ذلك قال الإمام عليّ بن أبى طالب رضوان الله عليه: «لا تعرف الحق بالرجال؛ اعرف الحق تعرف أهله».
كشفت أدبيات القدماء عن مثل هذه الزعامات المتسلطة؛ إذ كانوا يتنبَّهون إلى فعل الأهواء والمطامع والأغراض والمصالح فيها جيداً, ربما أكثر ممّا نتنبَّه نحن إليها اليوم, مع تطور الزمن وشدة الادعاءات فيه. وأفاضوا فى شرح تلك السدود والحواجز والقيود؛ فهناك زعامة «الرياسة», وهناك زعامة «الجاه», وهنالك زعامة «المنصب», وهنالك زعامة «السلطة». هذه الزعامات يشملها جميعاً مفهوم العلو, والتعالى، المجموع فى التقدير القرآنى تعبيراً بقوله :"تلك الدَّارُ الآخِرَةِ نَجْعَلهَا للَّذِيِنَ لا يُرِيدُونَ عُلوَّاً فِى الأرْضِ وَلا فَسَاداً, وَالعَاقِبَة للمُتَقِينَ" (القصص: آية 83).
هذا العلو هو فى بعض التخريجات يعنى: النظر إلى النفس. أما الفساد؛ فيعنى النظر إلى الدنيا, والأمن من المكر والكبر والعجب. وأصل ذلك كله من الجهل. وليس الجهل هنا بالطبع جهلاً بالعلم, لا .. فقد يكون الإنسان عالماً ولكنه فى هذا الموطن هو من أجهل الجاهلين. الجهل هنا جهلُ بالنفس، ثم جهل بالله، مع كون الجاهلُ هنا عالماً من حملة الشهادات البرَّاقة واللافتات العلمية الكبرى. غير أنه يعدُّ جاهلاً مادام علمه لم يتحوَّل إدراكيًّا إلى علم بالجهل, فالعلماء بالله على هذا هم علماء بجهلهم؛ أى هم الذين يدركون جهل أنفسهم عن أن تصل إلى «حقيقة الحقائق»؛ أو حتى تصل إلى ما دونها, ناهيك عن احتكارها أو امتلاكها، فضلاً عن التعبير عنها بعد العلم بها. فأما الذين يعلمون ويقولون مع شدة الادِّعاء إننا علماء فهم جهلاء على التحقيق؛ وعن الجهل يكون الكبر وطلب العز فى الدنيا, والعلو فى الأرض, والتلهف على السلطة والاستبداد بها.
وطلب العز فى الناس هو الذى يتولد منه العُجْب. فالوصول إلى قرب الله تعالى وإلى مراتب دنوِّه كما نبَّه عليه سبحانه فى الآية الكريمة, لا يكون مطلقاً لمن له حب «الزعامة»: رياسة, وجاهاً, وسلطة, ومنصباً, ونفوذاً. وأترك لك أن تعدِّد أنت أنواع الزعامات التى تلاقيها فى نفوس البشر ممَّن يحيطون بك وألوان الاستبداد بها، وهو كذلك لا يكون مطلقاً لمن تمكن حب هذا كله أو بعضه من قلبه. وإنما يكون لمن حذف هذه الآفات المُمْرضة عن قلبه ولم يباشر حظوظ نفسه وهواه؛ ولم يخضع لمصالحه ومطامعه وأغراضه فيما يتوجَّه به إلى خالقه, هنالك يَخُصُّه الله بالدرجات الشريفة والسعادات الدائمة فلم تعد تأتى منه إذْ ذاك أفعال الخبيثين.
الدين لله لا للأشخاص. والجماهير العريضة، وقطاعات وفيرة منها فى الغالب, تقدِّس الأشخاص الذين يتحدثون فى الدين من حيث لا يشعرون بألوان الخطابات الطاعنة فى الدين نفسه، شعروا بذلك أم لم يشعروا؛ وتُلْبِسَهُم أثواب القداسة لمجرد أنهم يتكلمون عن الله ورسوله؛ هذا إذا مسَّت دعوة الداعى مشاعرهم, وذلك لأنها جماعات تنزع إلى المحسوس فى كل ما ترى، وفى كل ما تحسّ وتشعر, فتتخذ من الداعين إلى الله مكاناً للتجسيد القبيح؛ ليتسلط الداعى بعدها تسلطاً بغيضاً من حيث لا يشعر فتتحول الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة على يده إلى سُلطة, وتتحول الموعظة الحسنة إلى سياط يعلو قلوب الناس وعقولهم لا إلى رحمة للعالمين.
إنه الإرهاب بكل ما تحمله الكلمة من وقع كريه على المشاعر الإنسانية النبيلة. إرهابُ المشاعر والأفكار, وإرهابُ الضمائر والقلوب, وإرهابُ الطمأنينة النفسية وأمان الاستقرار, وما أكثر الذين يُرْهبون الناس فيرتكبون على شاشات الفضائيات ووسائل التواصل جرائم بشعة فى أبواب الفتاوى تارة، أو تحت ستار الفكر الإسلامى تارة أخرى, وفى عناوين وشارات كلها ترتكبُ باسم الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لتكون سُلطة ما أنزل الله بها من سلطان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هؤلاء الأشخاص مواطن القوة لا تعرف الذین ی
إقرأ أيضاً:
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 11-5-2025 في محافظة قنا
تقدم بوابة الفجر الإلكترونية، مواقيت الصلاة اليوم محافظة قنا، في إطار الخدمات التي تقدمها لقرائها ومتابعيها، مواقيت الصلاة اليوم الاحد، في مدن ومراكز محافظة قنا، وتشمل مواقيت الصلاة اليوم، صلاة «الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء».
"أذكار الصباح".. بداية يوم متجددة بالذكر والتفاؤل.. تحمل أذكار الصباح في الإسلام قيمة عظيمة، حيث تمثل بداية يوم المسلم وفتح له بابًا للربط الروحي والتواصل مع الله، تعتبر هذه الأذكار لحظة هامة للتأمل والشكر، وتعزيز للروح والقلب. تركيزها على الذكر والتفكير في الله يمنح الفرد طاقة إيجابية لبداية يومه.
وفي سياق الإيمان الإسلامي، تحمل أذكار الصباح قيمة دينية تعكس الاعتماد على الله والتوكل عليه، تذكير المسلم بأسماء الله الحسنى وصفاته الكريمة يعزز الوعي بالقدرة الإلهية والحنان الذي يحيط به.
ومن الأهمية البالغة أيضًا أن يُدرك المسلم أن هذه الأذكار لا تقتصر على الجانب الروحي فقط، بل تمتد إلى التأثير الإيجابي على الحالة النفسية والسلوكية، إن تركيز الفرد على الخير والشكر في بداية اليوم يؤثر بشكل كبير في توجيه تفكيره وتصرفاته لبقية اليوم.
ومن خلال ترديد هذه الأذكار، يخلق المسلم روتينًا يوميًا يرتبط بالتفكير الإيجابي والتأمل، يعزز هذا الروتين الروح الهادئة والتواصل الدائم مع الله، مما يجعل الفرد أكثر قوة وثباتًا في وجه التحديات.
وبشكل عام، تكمن أهمية أذكار الصباح في تحقيق التوازن بين البعد الروحي والحياة اليومية، مما يسهم في بناء شخصية مسلمة قائمة على الإيمان والتفاؤل.
فضل أذكار الصباح
نقدم لكم في السطور التالية فضل أذكار الصباح:-
- توجيه الشكر:
أذكار الصباح تعزز الشكر والامتنان لله على منح الحياة والفرصة لبداية يوم جديد، مما يعزز الوعي بنعم الله.
2- تحقيق الاستقبال الإيجابي:
تساعد أذكار الصباح في بناء نفسية إيجابية، فتجعل المسلم يستعد ليومه بروح هادئة وتفاؤل.
3- تعزيز التواصل مع الله:
ترديد الأذكار يعزز التواصل الدائم مع الله، مما يعطي الإنسان القوة والثبات في مواجهة التحديات.
4- تنظيم الروتين اليومي:
تقوم أذكار الصباح بتنظيم روتين اليوم، حيث يصبح التركيز على الذكر والعبادة جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية.
5- الحماية من الشرور:
تحتوي بعض الأذكار على دعاء للحماية من الشرور والمصائب، مما يعزز الشعور بالأمان والاعتماد على الله.
6- ربط الروح بالعبادة:
تعمل أذكار الصباح على ربط الروح بالعبادة وتذكير المسلم بأهمية القرب من الله في كل جوانب حياته.
فضل أذكار الصباح يظهر في تأثيرها الإيجابي على النفس والعلاقة بالله، مما يسهم في بناء حياة مسلمة متوازنة ومستقرة.
أذكار الصباح
تمثل أذكار الصباح تمثل مجموعة من الأذكار التي يقولها المسلم في بداية كل يوم، وتتنوع هذه الأذكار بين الدعاء والتسبيح والتحميد. من بين أذكار الصباح الشهيرة:-
"أذكار الصباح".. بداية يوم متجددة بالذكر والتفاؤل
1- أذكار الاستيقاظ:
يقول المسلم عندما يستيقظ: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور".
2- أذكار الوضوء:
تشمل التسبيحات والدعاء أثناء أداء الوضوء، مما يعزز الطهارة والاستعداد للصلاة.
3- أذكار بعد الصلاة الفجر:
تتضمن تسبيحات وأدعية تعبيرًا عن الشكر والاستعانة بالله في بداية اليوم.
4- أذكار الصباح اليومية:
تتنوع بين تلاوة آيات من القرآن والتسبيح والاستغفار، مما يساعد في تركيز الفرد وتحفيزه لبداية يوم إيجابية.
5- أذكار الحماية:
يُفضل قول بعض الأذكار التي تطلب الحماية من الشرور المحتملة، مثل قول: "أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق".
ويمكن ترتيب هذه الأذكار حسب الرغبة الشخصية، ويعكس ترديدها التأمل والتواصل الدائم مع الله في حياة المسلم.