إعداد: عمر التيس تابِع | لويس شاهونو إعلان اقرأ المزيد

يبدو أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قرر أن يثير البلبلة في اجتماع المجلس الأوروبي حتى قبل انطلاقه الخميس.

ففي خضم استعداد دول التكتل الـ27 للنظر الخميس والجمعة في قمة ببروكسل في ملف تقديم دعم لأوكرانيا يصل إلى 50 مليار يورو ودراسة ملف ترشحها للالتحاق بالتكتل، شدد أوربان على معارضته للملفين.

وهو رفض يهدد بزعزعة الدعم الأوروبي لكييف بما أن مثل هذه القرارات تحتاج لموافقة كل دول التكتل.

"أوكرانيا تمر بظروف صعبة وهي تعاني من غزو روسي. ونحن قررنا دعمها. وبالتالي فإن من المشروع أن ترسل كل الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي إشارات جيدة لأوكرانيا. في المقابل، توجد أنواع أخرى من الإشارات التي يمكن إرسالها بخلاف فتح مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. أوافق على رفع مستوى التعاون لكن لا ذلك لا يعني (الموافقة) على انضمامها" هذا ما صرح به رئيس الوزراء المجري في حوار مع مجلة لوبوان الفرنسية الأسبوع الفائت.

وتمثل هذه التصريحات التي سبقت القمة الأوروبية نذير شؤم لكييف ولكنها تهدد بإحداث شرخ في الإجماع الغربي لدعم أوكرانيا: وحسب تقرير لمعهد كييل الألماني للبحوث الاقتصادية، فإن المساعدات الجديدة المقرة لكييف تراجعت بمقدار 90 بالمئة في الفترة الممتدة بين شهري آب/ أغسطس وتشرين الأول/ أكتوبر 2023 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. 

من جانبها، تعاني كييف من نقص فادح في الذخائر بعد فشل الهجوم العسكري المضاد الصيف الفائت.

"إنها طريقة في التفاوض"

لمنع انسداد في الدعم الأوروبي لأوكرانيا، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوربان في الإليزيه الخميس 7 أكتوبر/تشرين الأول في محاولة لتعديل موفقه. ويقول جاك روبنيك مدير بحث في مركز البحوث الدولية (سيري) في كلية باريس للعلوم السياسية: "ماكرون يملك علاقات جيدة مع أوربان. رئيس الوزراء المجري يوجه نقدا لاذعا للمفوضية الأوروبية لكن ذلك لا يشمل فرنسا بشكل مباشر".

وفي اليوم التالي، وافق وزراء مالية التكتل الأوروبي على تقديم دعم للمجر بقيمة 920 مليون يورو من أصل 10,4 مليار يورو مخصصة لإنعاش اقتصادي بعد أزمة كوفيد-19، قبل أن تعلن  المفوضية الأوروبية الأربعاء الإفراج عن كافة المبلغ، في خطوة أثارت قلق عدد من أعضاء التكتل من إمكانية "استسلام" المفوضية "لابتزاز" أوربان. 

وكان صرف التسعة مليارات المتبقية مرهونا بالإصلاحات المتعلقة بمكافحة الفساد وتضارب المصالح ودعم استقلالية القضاء وحرية التعبير والحريات الأكاديمية وحماية حقوق الأقليات والمهاجرين. وليس ذلك بالمبلغ الهين خصوصا عندما نعلم أنه يمثل نحو 5 من الناتج الداخلي الخام المجري في 2022، وأن معدلات التضخم في البلاد بالكاد نزلت تحت عتبة 10 بالمئة مؤخرا.

مع أكثر من 6 مليارات يورو مقدمة سنويا  للمجر منذ 2018، فإن بودابست هي أكبر مستفيد من صندوق الاندماج الأوروبي الذي يهدف إلى تعويض فارق التأخر التنموي بين دول الاتحاد. وفي آب/ أغسطس الماضي، تساءلت المجلة الأسبوعية الليبرالية المجرية "إتش في جي" ما إذا كانت البلاد قادرة على الصمود دون هذه المساعدات.

"فيكتور أوربان يتبع منهج الأخذ والرد: وكأن لسان حاله يقول سأقوم بالتعطيل إذا ما عطلتهم تقديم المساعدات، وهي طريقة في التفاوض مع الاتحاد الأوربي، ولكني أعتقد أنه لن يذهب إلى رفع الفيتو في المجلس الأوروبي" وفق تقديم المحلل السياسي جاك روبنيك.

انضمام أوكرانيا سيتسبب في إعادة توزيع أوراق الدعم الأوروبي

ويخشى أوربان أيضا من تضرر مصالح بلاده في حال ضم أوكرانيا للتكتل. إذ إن دخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي يعني آليا تقليص الدعم الأوروبي المخصص لدول وسط أوروبا. "خاصة وأن أوكرانيا لن تدخل بمفردها (في إشارة إلى مولدافيا). ليس من باب الوارد ضم أوكرانيا فيما تنتظر دول البلقان في قاعة الانتظار الأوروبية منذ عشرين عاما".

يخشى أوربان بالخصوص من تداعيات التوسع الأوروبي شرقا على السياسة الزراعية المشتركة (باك) والتي تمثل أكبر موازنة في الاتحاد الأوربي بـ264 مليار يورو للفترة 2023-2027.

إذ إن ضم أوكرانيا، أكبر بلد زراعي في القارة العجوز (41.5 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة) سيؤدي إلى إعادة توزيع أوراق الدعم الزراعية لكل بلد.

وحسب دراسة غير رسمية أوروبية نشرتها مجلة "فاينانشال تايمز"، فإن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيمكن كييف من الحصول على 96,5 مليار يورو على مدى سبع سنوات ضمن برنامج "باك". هنا، صرح أوربان لمجلة لوبوان "إذا ما أردتم دخول هذه الزراعة (الأوكرانية) إلى الاتحاد الأوربي، فإن النظام الزراعي الأوروبي سينهار في اليوم الموالي".

أعده بالفرنسية لويس شاهونو نقله إلى العربية بتصرف عمر التيس

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل قمة المناخ 28 الحرب في أوكرانيا ريبورتاج لأوكرانيا الأوروبي إيمانويل ماكرون كوفيد 19 أوروبا الاتحاد الأوروبي المجر الحرب في أوكرانيا أوكرانيا فيكتور أوربان للمزيد بروكسل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة إسرائيل الجيش النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الدعم الأوروبی إلى الاتحاد ملیار یورو

إقرأ أيضاً:

هل تواصل كندا دعم أوكرانيا رغم أزماتها الاقتصادية؟

ألبرتا- ترتفع أصوات المواطنين في كندا المنتقدة لاستمرار حكومتهم في تقديم الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا، معبرين عن قلقهم المتزايد إزاء أولويات الإنفاق الحكومي التي تأتي على حساب الاحتياجات الداخلية الملحة.

ويأتي ذلك في ظل أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة هي الأشد وطأة في تاريخ البلد، فضلا عن تزايد الضغوط على دخل الأسر والعاملين، وتراجع قدرة الحكومة على معالجة المشكلات الداخلية.

وأعلن رئيس الوزراء مارك كارني عقب اختتام قمة دول مجموعة السبع، عن حزمة دعم جديدة لأوكرانيا بقيمة إجمالية  4.3 مليارات دولار كندي (2 مليار للتزود بأسلحة مثل الطائرات من دون طيار، والذخائر، والمركبات المدرعة) وقرض بقيمة (2.3 مليار دولار كندي لإعادة بناء البنية التحتية)، وتوفير 57.4 مليون دولار كندي لدعم الأمن.

قدمت كندا في عهد حكومة جاستن ترودو السابقة، منذ بدء الحرب أكثر من 12.4 مليار دولار كندي (حوالي 9.2 مليارات دولار أميركي) مساعدات مالية مباشرة لأوكرانيا، والتزمت بتقديم 45 مليار دولار كندي كمساعدات عسكرية حتى عام 2029، ليصل إجمالي الدعم مع إعلان كارني إلى ما يقرب من 24 مليار دولار كندي (17.8 مليار دولار أميركي).

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أثناء استقباله للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع الدول السبع (موقع G7) سياسة التوازن

يرى مستشار الأمن المالي مدين سلمان، أن كندا يجب أن توازن بين ما تراه واجبا أخلاقيا وإنسانيا في دعم أوكرانيا لتحرير أراضيها المحتلة من قبل روسيا، وبين دعم شعبها الذي يعيش ظروفًا اقتصادية صعبة وغير مسبوقة تمر بها البلاد.

ويضيف سلمان، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن التباطؤ الاقتصادي، والتعريفات الجمركية الأميركية، وارتفاع معدلات البطالة، يجب أن تدفع الحكومة الكندية إلى إصلاح الوضع الداخلي قبل الالتفات إلى مشكلات الدول الأخرى، خاصة أن الحرب الروسية الأوكرانية باتت تدور في حلقة مفرغة وفق ما يظهر، على حد قوله.

الأولوية للأزمات الداخلية

وشدد سلمان على ضرورة توجيه الدعم الحكومي حاليا نحو معالجة الأزمات الداخلية التي تؤثر مباشرة في حياة المواطن، لا سيما في قطاعي السكن والصحة، مع التركيز على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، التي أصبحت ضرورية لتعويض انهيار الشراكة الاقتصادية مع الجارة أميركا.

من جانبه، أيد الخبير المالي أحمد جاد الله ما ذهب إليه سلمان، في أن الأولوية كان يجب أن تُعطى لتعهدات مارك كارني "الوردية" التي قدمها للكنديين، بتخصيص هذه الموارد لإصلاح البنية التحتية الكندية، ودعم برامج تعزيز الصادرات والابتكار والترويج التجاري للمنتجات والصناعات الكندية، إضافة إلى تحسين الخدمات الطبية التي تعاني أصلاً من نقص حاد في الموارد.

إعلان

وعن تأثيرات القرار على الميزانية، حذر جاد الله من تداعياته على الميزانية، التي ستجعل الحديث عن سد عجز الميزانية حلما صعب المنال، مشيرا إلى أن هذا الدعم سيؤثر سلبا على التضخم وسعر الدولار الكندي في أسواق الصرف، كما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والطاقة، مما سيقلل من القوة الشرائية للمواطنين ويزيد من صعوبة الحياة.

ويضيف جاد الله، في تعليق لـ"الجزيرة نت"، أن ذلك سينعكس أيضا على زيادة الدَّين العام، حيث يُمول جزء كبير من الدعم عن طريق الاقتراض، مشيرا إلى أن هذا سيرفع الدَّين العام على المدى الطويل، ويزيد من تكلفة خدمته، مما سيرهق ميزانية الدولة ويعرقل أي جهود أو خطط لإصلاح الوضع الاقتصادي والمالي الحالي.

وعن تحقيق التوازن في الصرف، يقول جاد الله إنه يتطلب نهجا اقتصاديا مدروسا بدقة، من خلال اعتبار رفاهية المواطن الكندي وجودة الخدمات المقدمة إليه أولوية وطنية لا تحمل المساومة.

وذلك من خلال إعطاء الأسبقية لتوفير وتحسين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مثل الصحة والتعليم، وتخفيض تكلفة السكن وتوفير إسكانات مدعومة من الحكومة بأسعار معقولة لذوي الدخل المحدود والمتوسط، والحد من غلاء أسعار المواد التموينية، ودعم قيمة العملة المحلية.

وتعاني كندا من تحديات اقتصادية تتجلى في ارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد معدلات البطالة وانخفاض فرص العمل، وارتفاع أسعار المنازل، فضلاً عن زيادة إيجارات السكن، مما أدى إلى شعور المواطنين بالإحباط جراء عجز الحكومات عن إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمات، التي أثقلت كاهلهم بشكل مباشر، وتسببت في عدم استقرار حياتهم.

كندا لم تتأثر

من جهته، قدم الخبير الاقتصادي الدكتور زياد الغزالي، رؤية مختلفة عن سابقيه، قائلاً إن تمويل الالتزامات الخارجية لم يأتِ على حساب الخدمات الأساسية للمواطن الكندي، مشيرا إلى أن الحكومة حافظت على تمويل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والإسكان، رغم الزيادة الكبيرة في عدد السكان بين أعوام 2021 و2024.

وأوضح الغزالي، في حديثه للجزيرة نت، أن المساعدات المالية التي قدمتها الحكومة الكندية لأوكرانيا استُردت عندما ارتفعت أسعار النفط والغاز خلال عامي 2022 و2023 نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، مما انعكس إيجابيا على إيرادات الدول المصدرة للنفط والغاز، إلى جانب سياسات الاقتراض وإعادة التوجيه.

دافع إنساني وحقوقي

وعن دوافع تقديم الدعم لأوكرانيا، أكد الغزالي أن كندا ترى نفسها جزءا من الدول التي تدافع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية، وتسعى للحفاظ على مكانتها الدولية كعضو في مجموعة السبع وحلف الناتو.

وأشار إلى أن هذا الدعم يهدف إلى ردع التوسع الروسي باتجاه أوروبا الشرقية، لافتاً إلى أن كندا تضم واحدة من أكبر الجاليات الأوكرانية في العالم، بما يقارب 1.4 مليون مواطن كندي من أصول أوكرانية.

كما أوصى الغزالي بأن تكون المساعدات المستقبلية، التي لا تُعد إنسانية، على شكل قروض قابلة للاسترداد أو من خلال مساهمات متعددة الأطراف، مثل إنشاء صندوق مشترك مع مجموعة السبع. كما دعا إلى زيادة كفاءة الإنفاق الداخلي وتحفيز النمو الاقتصادي لتحقيق التوازن بين الالتزامات الداخلية والخارجية.

إعلان

في المحصلة، استعادة ثقة المواطنين، يتطلب من الحكومة تحقيق توازن بين الالتزامات الخارجية والداخلية، وذلك من خلال عاملين، أولهما العمل مع الشركاء الدوليين لتوزيع العبء المالي وضمان تحقيق الالتزامات بأقل تكلفة.

وثانيا إجراء إصلاحات داخلية وتعزيز برامج الدعم الاجتماعية، وإعطاء الأولوية لمعالجة أزمة السكن والتضخم والبطالة وإصلاح وتطوير القطاع الصحي، لضمان حياة كريمة للكنديين تتناسب مع مقدرات بلادهم ومكانتها العالمية، دون تخلي كندا عن دورها الدولي الحيوي.

مقالات مشابهة

  • ترامب يدعو بوتين لإنهاء الحرب ويتحدث عن تزويد أوكرانيا بمنظومات باتريوت
  • ترامب: أتوقع إجراء محادثات مع بوتين قريبًا لمناقشة قضية أوكرانيا
  • ‏حلف الناتو يؤكد على "التزاماته السيادية الدائمة" بتقديم الدعم لأوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يقدم 20 مليون يورو للاجئين في تركيا
  • الناتو يعيد تحديد أولوياته مع تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا في ظل رئاسة ترامب
  • 95 مليار يورو خسائر سرقات المتاجر في ألمانيا خلال عام
  • هل تواصل كندا دعم أوكرانيا رغم أزماتها الاقتصادية؟
  • ألمانيا ستقترض 170 مليار يورو لدعم ميزانيتها خلال عامين
  • رماة بوتين السود في أتون حرب أوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يهدد بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في غزة