قناة السويس وصراع الممرات البحرية
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
يكتسب كل من مضيق هرمز وباب المندب أهمية خاصة للتجارة العالمية.
هما ممران بحريان تتحكم فيهما أساساً دول عربية، حيث يعبر الأول يومياً 35% من صادرات النفط العالمية، منها 85% من صادرات النفط الآسيوية و20% من صادرات الغاز، في حين يمر بالمضيق الثاني 10% من تجارة النفط وفق وكالة الطاقة الدولية و12% من حجم التجارة الدولية، 98% من هذه النسبة عبر قناة السويس، والتي منحت هذا الممر البحري كل هذه الأهمية منذ افتتاحها قبل أكثر من 150 عاماً.ونظراً لهذا الارتباط بين هذا الثلاثي - المضيقان وقناة السويس - فقد اكتسبت المنطقة العربية أهمية استراتيجية استثنائية لا تتمتع بها أية منطقة أخرى، سواء في الجانب الاقتصادي أو العسكري أو الجيوسياسي، وهو ما يفسر الاستنفار الدولي عند تعرض هذا الثلاثي لتهديدات تتعلق بالإغلاق أو بسلامة المرور، مثلما يحدث لباب المندب الآن والمعرض للتهديد من قبل جماعة «الحوثي» باليمن والتي أصابت عدداً من السفن الستين التي تستخدم هذا الممر يومياً بأضرار، مما حدا ببعض شركات النقل البحري الكبيرة، «مرسك» الدنماركية و «أيفرغرين» التايوانية وشركة النفط البريطانية «بي.بي» إلى تعليق مرور سفنها بباب المندب وتحويلها إلى للإبحار عن طريق الرجاء الصالح، متحملة تكاليف إضافية كبيرة ومضاعفة وقت المرور ثلاث مرات.
وفيما يتعلق بالتكاليف، فان من سيدفعها هو المستهلك النهائي في أوروبا وآسيا أساساً، بما فيها منطقة الخليج العربي والبلدان العربية بشكل عام، كما سيستغل الموزعون هذه التطورات لرفع الأسعار أعلى من تكاليف النقل الإضافية التي تحملوها بسبب ذلك.
والأمر الأهم هنا، هو المتعلق بقناة السويس التي تشكل أهمية خاصة للاقتصاد المصري، وكما قلنا آنفاً من أنه لولا قناة السويس لما اكتسب باب المندب كل هذه الأهمية، والعكس صحيح، فلولا باب المندب لما كانت قناة السويس، وهو ما أدى إلى التسرع بالخروج باستنتاجات في طرح البديل للقناة، سواء من خلال مشاريع الطرق الجديدة أو باستغلال أزمة المناخ التي أتاحت لأول مرة عبور السفن للقطب المتجمد الشمالي.
والحقيقة أن أياً من هذه المشاريع، سواء «الحزام والطريق» الصيني أو «الممر الهندي الأوروبي»، الذي يمر بدوره بالجزيرة العربية، وكذلك القطب الشمالي، لن تكون جميعاً بديلاً لقناة السويس بأي وجه من الوجوه، بل على العكس من ذلك، فالحزام والطريق على سبيل المثال تشمل مشاريعه عدداً كبيراً من الدول الأفريقية، كما أن العمل بصورة مستمرة في القطب الشمالي محفوف بالمخاطر وسيعتمد كثيراً على الأجواء المناخية، وهي متقلبة إلى حد كثير، مما قد يكبد شركات النقل خسائر، علماً بأن المشاريع الجديدة سوف تستوعب الزيادة الكبيرة في حجم التجارة الدولية والتي لا يمكن لقناة السويس وحدها استيعابها، وذلك على الرغم من فتح خط عبور جديد بالقناة مؤخراً.
لذلك، فإن ما يحدث الآن بباب المندب لا يعدو كونه جزءاً من الصراع الجيوسياسي، يشكل «الحوثيون» إحدى أدواته الضعيفة ووكيلاً لا يشكل قوة يعتد بها ويمكن وقفه بسهولة إذا قررت القوى التي تدير الصراع ذلك، إذ أنهم ليسوا أكثر من بيدق على رقعة شطرنج كبيرة، مستغلين الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة وتداعياتها غير الإنسانية على الشعب الفلسطيني، في محاولة من «الحوثي» لتحقيق مكاسب على حساب الفلسطينيين، حيث لم تؤثر أعمالهم العدائية على إسرائيل، بقدر ما أضرت مؤقتاً بعائدات قناة السويس، والتي تعتبر أحد الروافد المالية المهمة لمصر الداعم الكبير للشعب الفلسطيني، تلك العائدات مصر بأمسّ الحاجة إليها والتي بلغت 10 مليارات دولار العام الماضي.
نقول مؤقتاً على اعتبار أن اللعبة الدائرة حالياً والضغوط المرافقة لها، ستنتهي سريعاً، وستعود قناة السويس النجم الساطع من بين كافة الممرات البحرية في العالم، ولن تستطيع أية مشاريع مقترحة منافستها أو تكون بديلاً عنها، إذ يتعلق الأمر هنا بجانب مهم جداً، يختص بالوقت والتكاليف والتي لا يمكن لهذه المشاريع أن تجاري فيها قناة مصر التي لا مثيل لها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل قناة السويس قناة السویس
إقرأ أيضاً:
جامعة قناة السويس تنظم برنامجًا تدريبيًا حول "التنمر وكيفية التعامل معه"
تحت رعاية الدكتور ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس، نظمت الجامعة برنامجًا تدريبيًا بعنوان "التنمر وكيفية التعامل معه" بمدرسة طه حسين، في إطار جهود الجامعة لنشر الوعي السلوكي وتعزيز القيم الإيجابية بين طلاب المدارس.
جاء تنفيذ البرنامج بإشراف عام من الدكتورة دينا أبو المعاطي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبإشراف من الدكتور مدحت صالح عميد كلية التربية، والدكتورة نهلة صابر تاوضروس وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، ونُظم بالتعاون بين إدارة تدريب أفراد المجتمع وإدارة التنمية المستدامة بإدارة جنوب التعليمية بالإسماعيلية
قدّمت المحاضرة الدكتورة نشوى سعد محمد بسطويسي، أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية للدراسات العليا، بحضور مدير المدرسة وعدد من الأخصائيين الاجتماعيين وممثلي التنمية المستدامة بإدارة شمال التعليمية، واستفاد من البرنامج التدريبي 27 طالبًا.
تناول البرنامج مفهوم التنمر بوصفه سلوكًا عدوانيًا متكررًا يهدف إلى الإضرار بشخص آخر عمدًا، سواء كان الضرر جسديًا أو نفسيًا، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي من هذا السلوك هو فرض السيطرة أو اكتساب القوة على حساب الآخرين.
كما أوضحت المحاضِرة أن مظاهر التنمر تشمل التنابز بالألقاب، والإساءات اللفظية أو المكتوبة، والإقصاء المتعمد من الأنشطة الاجتماعية.
وتطرقت الدكتورة نشوى بسطويسي إلى أنواع التنمر المختلفة، ومنها التنمر عبر الإنترنت من خلال التقاط صور الأشخاص أو نشرها دون إذنهم، والتنمر الكلامي القائم على الألفاظ الجارحة، والتنمر الاجتماعي الذي يتمثل في نشر الشائعات وكسر الروابط الاجتماعية، والتنمر العرقي أو الإثني الناتج عن التمييز بين الأفراد بسبب أصولهم أو أنسابهم، فضلًا عن التنمر البدني الذي يشمل الضرب والدفع وإلقاء الأشياء على الآخرين
كما تناولت الندوة أبعاد ظاهرة التنمر موضحة أن التركيز غالبًا ما يكون على الضحية دون النظر إلى الطرف الآخر، وهو المتنمر نفسه الذي يُعد بدوره ضحية لأساليب تنشئة خاطئة أو بيئة اجتماعية غير سليمة، مؤكدة أن علاج الظاهرة يتطلب دعمًا نفسيًا وتربويًا للطرفين معًا، فالمعتدي والمعتدى عليه كلاهما جزء من المجتمع ويحتاجان إلى التوجيه والتقويم السلوكي.
وفي ختام البرنامج، تمت مناقشة أساليب معالجة ظاهرة التنمر التي شملت غرس مبدأ التسامح بين أفراد المجتمع، وتعزيز البيئة المدرسية المادية والاجتماعية، وبناء مهارات العاملين بالمدرسة للتعامل مع السلوكيات العدوانية بطريقة تربوية بنّاءة.
نُظم البرنامج التدريبي بإشراف المهندسة وفاء إمام مدير عام الإدارة العامة للمشروعات البيئية، والمهندس أحمد رمضان مدير إدارة تدريب أفراد المجتمع، ضمن سلسلة البرامج التوعوية التي تنفذها جامعة قناة السويس لتعزيز القيم الأخلاقية والسلوكية الإيجابية داخل المجتمع المدرسي.