ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

يرى كُل جيلٍ واقعهُ من منظورين مُختلفين، فينظُر للجيل الذي سبقه بأنَّه الأفضل من زاوية القِيَم والعادات والتربية مع شيء من الحنين للماضي رغم قساوته، ويمكن الإشارة لهم بجيل (x) أو جيل طفرة المواليد، كما ينظُر لجيلِ (y) الذي بعده، بنوعٍٍ من الاستصغار أو الازدراء من حيث الأخلاق العامة والمُمارسات الحياتية مع القلق من مجهول المُستقبل.

ولذلك نجد أنَّ كُل جيل يعتقد نفسهُ بأنه الأحسن حالًا من سابقه وممن سيعقبه، ونجد في كل مرحلةٍ وبشكل دائم ثلاثة أجيال تتعايش معًا وفيما بينها ضرورة الاتصال الوشائجي وسطوة الانفصال المعنوي لتبدأ الفجوة بين الأجيال بالاتساع مع جيل (z)، وقد أشار عبدالرحمٰن بن خلدون إلى ذلك في نظرية "الدورة التاريخية" لعمر الدولة باعتماد 3 أجيال؛ فالأول جيل البُناة المُؤسسون الذين توسعوا، ثم جيل المحافظين وهم على صِلةٍ بالجيل المؤسس وقد تبدو عليهم بوادر الترف، وأخيرًا جيل المُقلدين الذين ينسون عهد المؤسسين في فُسحةٍ واسعة من التطور.

هذه الأجيال الثلاثة دائمة الوجود ومستمرة في كل لحظة من عمر كل دولة وشعب، وقد يطغى أحدها على الآخر لوقوعها بين مد تيارات الظروف وجزرها، وقوى شد الأحوال المعيشية وجذبها، حسب تقلبات العدل والرفاه والظلم والفقر. وليس بالضرورة هنا التقيُّد المُطلق بعمر كُل جيلٍ في قالب عقودٍ ثلاثة أو أربعة، فقد يكون أحد تلك الأجيال أكثر حظًا من غيره وأطول عمرًا بحيث تُعتبر مرحلته هي العصر الذهبي للدولة، إلّا أن تقييد الأجيال في تراتُبيَّتها التاريخية هو الأقرب تأكيدًا.

ولطالما تحدث الخبراء والمختصون عن أن كُل جيلٍ يأتي، سيكون أضعف وأهون من سابقه، دون الإشارة الصريحة والمُفصَّلة إلى اعتماد ما يقع عليه نتيجة السياسات الخاطئة السابقة والتي لم تضع في اعتبارها مساراتٍ ورؤى مستقبلية للأجيال القادمة، بقدر ما كانت تنظر معظم المُجتمعات إلى المرحلة الآنية التي تعيشها فقط، كأولوية لا تؤصل لما سيأتي في المستقبل عمليًا وعلميًا، إلّا ما جاء نظريًا في سياق حديث مُنمَّق أو على سبيل النصح والإرشاد بأهمية الهُوية والثقافة التقليدية، وعلى الجيل الجديد من صغار السن الاستماع والإنصات له، ثم الانصياع والتقيد والعمل به، وهذا لن يحدث في معظم الأحيان؛ لأن المُتغيرات هي التي ستُملي على كُل جيل أسلوب حياته ومعيشتهِ وطريقة تفكيره وتعامُله.

وقد يأتي جيلٌ جديد لا تهُمه سرديات الماضي العريق ولا قِصصه التاريخية الأقرب للخيال ولا حتى شخصياتهُ العظيمة أو التي استُعظمت، وربما يلجأ إلى السخرية منها أو تكذيب بعضها، وسيذهب إلى أبعد من ذلك في اللامُبالاة بالفوارق بين المراحل، ولن يهتَّم بسنوات الضعف والفقر الماضية التي عاشها أجداده؛ باعتباره تاريخًا قديمًا لا يعنيه أصلًا، وقد يعتبرها مراحل مليئة بالأخطاء وأفرزت ما هُم فيه اليوم؛ ذلك لأنه جيلٌ شديد الانفتاح، ويعيش حالة من المقارنات مع الكثير من المجتمعات حول العالم، ويعتقد يقينًا بأنه ليس أقل من غيره من الشعوب التي تحظى بحياةٍ موسرة مليئة بالترف والبذخ. ومع كثرتهم وأهميتهم التي لا تشفع لهم عند الجيل الذي سبقهُ ممن يتحكم بالموارد وصناعة القرار، فقد يعتقدون أنه حجر عثرة في طريقهم ويجب التخلص منه، وهنا مَكْمن الخطر الذي قلَّما تتنبه له سياسات بعض الدول.

سوف تتعاظم الفوارق بين الأجيال مع ظهور تقسيم المجتمعات الى ثلاث شرائح طبقية، لا سيَّما في حالة عدم مُراعاةٍ معيارية حقيقية لتلك الطبقات، بحيث تبقى المتوسطة من كل مُجتمع هي العظمى؛ لأنها تشكِّل الملاذ الآمن بين طبقتي الأغنياء والفقراء، وهي -الطبقة الوسطى- المُعَّول عليها في تسيير معظم شؤون المجتمع، والقادرة على امتصاص السياسات والقوانين بالتعاطي والتعامل معها. لكن تبقى قدرتها على الاحتواء محدودة مع استمرار السياسات بالضغط عليها وستتوقف في مرحلة من المراحل عن استيعابها. وبمرور الوقت تبدأ بالتآكل في تحول تدريجي لجزء منها إلى طبقة الفقراء. ومن المُرجَّح ان استمرار هذه العملية في نفس الدورة، سيُسهم في اتساع طبقة الفقراء؛ وهي نتيجة تكاد تكون حتمية وتصبح هي الأكبر من حيث عدد السكان، ومنها يخرج الجيل الجديد عماد القوة العاملة، ويقابلهم تضخُّم طبقة الأغنياء ليس كمًا بالعدد؛ بل كيفًا من حيث التحكم بصناعة القرار والنفوذ في تمرير السياسات التي غالبًا ما تصب في مصلحة تغولها وزيادة ثرواتها، ولعلنا نلاحظ في هذا المقياس نشوء اختلال ديموغرافي عميق وغير مُبشِّر.

لا يُمكن استبعاد تشكُّل فكرة الكراهية الطبقية في هذه المرحلة؛ إذ يظهر مقت الفقراء للأغنياء وازدراء الأغنياء للفقراء جليًا؛ لأن الظروف سارت باتجاه صناعة حاضنةٍ عنصرية خفيةٍ غير مُعلنة، وهي قابلة للانفجار في أي لحظة دون إمكانية التنبؤ بوقتها وكيفيتها. لكن يمكن التأكيد أن من سيشعل شرارتها هو جيل المُقارنات الجديد والذي يعتبِر الجيلين السابقين مُسببًا رئيسًا ولم يعد قادرًا على فهمهم، ولعل ما نراه اليوم حول العالم من تظاهرات ما يُعرف بجيل (z) خير مِثالٍ للتراكمات والترسُبات التي أفضت إلى سقوط حكومات وقيادات كانت تعتقد إلى وقتٍ قريب أنها ممسكةٌ بزمام الأمور.

إنَّ جيل الشباب هو ما تُعوَّل عليه كل الأمم والشعوب والمجتمعات وهو صمام الأمان إذا ما كان صالِحًا ويحظى بالرعايةِ والاهتمام، من خلال توفير كل سُبل الحياةِ الكريمة له، وبتفهُّم رغباته وتوفير احتياجاته فإنه سيُكمل المسيرة ويقودها إلى الرِفعة والتقدم والازدهار، والعكس صحيح.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لعشاق الدراما التاريخية.. موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل قيامة عثمان الموسم 7

مسلسل قيامة عثمان الموسم 7.. يترقب عشاق الدراما التاريخية حول العالم عرض الحلقة 195 من مسلسل قيامة عثمان، أحد أبرز الأعمال التركية التي حققت نجاحًا جماهيريًا ضخمًا منذ انطلاق مواسمه الأولى، ومع بداية الموسم السابع، عاد المسلسل ليخطف الأضواء مجددًا بأحداث مثيرة، وصراعات ملحمية تجسد مراحل تأسيس الدولة العثمانية.

مسلسل عثمان الجزء السابع مسلسل قيامة عثمان

لم يقتصر نجاح مسلسل قيامة عثمان على تركيا فقط، بل امتد إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا وأوروبا، حيث تُعرض حلقاته مترجمة ومدبلجة إلى أكثر من 20 لغة، كما يحظى المسلسل بنسبة مشاهدة مرتفعة على المنصات الرقمية، ما يعكس حجم الإقبال الجماهيري الكبير الذي يحافظ عليه العمل منذ مواسمه الأولى.

موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل قيامة عثمان الموسم 7

ومن المقرر أن تُعرض الحلقة الـ 195 يوم الأربعاء الموافق 29 أكتوبر 2025، على قناة ATV التركية في تمام الساعة الثامنة مساءً بتوقيت تركيا، الموافق السابعة مساءً بتوقيت القاهرة، فيما تُعرض الحلقة مترجمة إلى العربية، يوم الخميس 30 أكتوبر 2025 عبر قناة اليرموك الأردنية و عدد من المنصات الإلكترونية، مثل «قصة عشق، ولاروزان، ونور بلاي»، خلال الساعات التالية، لتتيح للمشاهدين العرب متابعة تفاصيل الأحداث الجديدة أولًا بأول.

أبطال الموسم السابع من مسلسل قيامة عثمان

يضم مسلسل قيامة عثمان الموسم السابع مجموعة من أبرز النجوم الأتراك، ومنهم:

- بوراك أوزجيفيت «Burak Özçivit»في دور الغازي عثمان بن أرطغرل.

- أوزجه تورار «Özge Törer» بدور بالا خاتون.

- يلديز جاغري عتيقسوي في دور مالهون خاتون.

- إيمري باسال بدور علاء الدين بن عثمان.

- إلى جانب عدد من الوجوه الجديدة التي أضافت بعدًا دراميًا مميزًا للمسلسل.

تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لـ مسلسل قيامة عثمان

القمر الصناعي: نايل سات

التردد: 12034

الاستقطاب: أفقي (H)

معدل الترميز: 27500

معامل تصحيح الخطأ: 5/6

الجودة: HD

تردد قناة الفجر الجزائرية على عرب سات

القمر الصناعي: عرب سات

التردد: 11034

الاستقطاب: عمودي (V)

معدل الترميز: 27500

معامل تصحيح الخطأ: 3/4

الجودة: HD

طريقة تثبيت تردد قناة الفجر الجزائرية 2025

التوجه إلى اعدادات الجهاز من ريموت كنترول.

قم باختيار نظام التركيب اليدوي.

النقر على إضافة تردد جديد.

حدد القمر الصناعي المناسب لك.

ادخل بيانات القمر الصناعي بدقة.

الضغط على بحث، وانتظر دقائق.

وستظهر القناة، فقم بالضغط على حفظ.

ويبقى مسلسل «قيامة عثمان» واحدًا من أكثر الأعمال الدرامية تأثيرًا وشعبية في السنوات الأخيرة، لما يجمعه من حبكة تاريخية قوية، وتمثيل متميز، وإنتاج ضخم. ومع عرض عرض كل حلقة، يزداد الحماس لدى المشاهدين، لمعرفة ما سيحمله الموسم السابع من مفاجآت وأحداث درامية جديدة.

اقرأ أيضاًقنوات ومواعيد عرض الحلقة الأولى من مسلسل المؤسس عثمان 7

تردد قناة الفجر الجزائرية 2025 الناقلة لمسلسل قيامة عثمان على جميع الأقمار

مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع.. مفاجآت غير متوقعة في الحلقة 195

مقالات مشابهة

  • د. ثروت إمبابي يكتب: الاكتفاء الذاتي بين قوة التشريع وفاعلية السياسات الزراعية
  • لعشاق الدراما التاريخية.. موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل قيامة عثمان الموسم 7
  • الأجيال الجديدة لا تتخيل الحياة بدون الذكاء الاصطناعي.. الآلة تتحكم بالبشر
  • التناقض الاقتصادي في السياسات المصرية
  • بشهادة المؤسسات الدولية .. محافظ البنك المركزي ضمن أفضل مسئولي السياسات النقدية حول العالم
  • الأسرة مرتكزًا لكل السياسات الاجتماعية
  • الرئيس عون من روما: لا تتركوا الأجيال بلا تعليم
  • سناء منصور تدعو الآباء والأمهات لتطوير أنفسهم لردم الفجوة المعرفية والثقافية مع الجيل الجديد
  • كيف مهدت الثورات التاريخية إلى الحرية من الاحتلال والاستعمار؟