سودانايل:
2025-10-15@22:29:07 GMT

عمايل الكيزان

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

بعد تجربتهم السيئة والمريرة في حكم السودان عبر انقلاب عسكري مستخدمين الحديد والنار لتوطيد أركان سلطتهم طيلة فترة الثلاثين عاماً، لم يركن الشعب لهذه السلطة الزائفة بل قاومها حتى تولدت ثورة شعبية عارمة شهد لها العالم بالبطولة والبسالة استطاعت اقتلاعهم من الحكم "ثورة ديسمبر 2018المجيدة"، ورغم ذلك مازال فلول الأخوان المسلمون في السودان يراوغون عبر عناصرهم المتبقية في مؤسسات الدولة.


فحزب المؤتمر الوطني هو جماعة إسلامية سودانية تمحورت وغيرت أسم الجماعة من المؤتمر الوطني الشعبي بعد الانقسام الذي أحل بالجماعة ما يعرف بالمفاصلة بين البشير والترابي، أسست الجماعة في السودان في أربعينيات القرن العشرين وتعد امتداداً فكريا لجماعة الإخوان المسلمون التي أسسها الشيخ حسن البنا في مصر، ، خرجت من هذه الحركة عدة تنظيمات استقلت عنها تنظيمياً أبرزها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي.
لقد عانى الشعب السوداني لسنوات طويلة تحت حكم نظام الرئيس السابق عمر البشير وقوى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والذين من خلالهم فرض الاستبداد والظلم على المجتمع السوداني. فقد كانت فترة حكمهم مليئة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقمع السياسي، والفساد المستشري. للأسف بعد الثورة الناجحة في ديسمبر 2018 التي قادها الشعب السوداني للتحرر من قبضة البشير وسط أجواء من الثورة والنضال، لا يزال هناك تحديات كبيرة تواجه السودان في مسيرته نحو بناء دولة ديمقراطية حقيقية ومستقرة.
فلول الأخوان المسلمون (الكيزان) الذين خدموا نظام البشير واعتبروا العمود الفقري لحكمه، لا يزالون يحاولون البقاء والتأثير في الساحة السياسية السودانية. يحشدون البسطاء ويستغلون تراكم الغضب الشعبي في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها السودان. ومن المعروف أن استراتيجية الأخوان المسلمون تعتمد على استغلال الدين لتمليك الناس وتوجيههم بطرق تخدم مصالحهم الضيقة. يستخدمون أدوات الحشد والدعاية الدينية للتلاعب بعقول الجماهير وتوجيهها نحو أجندتهم الخاصة، متجاهلين رغبات واحتياجات الشعب السوداني الحقيقية.
وها نحن نطالع قرار والي ولاية نهر النيل المكلف إصدار قرار بحل جميع لجان الخدمات والتغيير. وحظر عمل لجان المقاومة. وفي حالة مخالفة القرار السجن لمدة ست أشهر أو الغرامة مليون جنيه وتشديد للعقوبة في حالة تكرار المخالفة. ووجه الوالي المكلف الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحكومة الولاية في عهد الفترة الانتقالية ، وجه بأن يتم إعادة تشكيل اللجان من إمام المسجد في كل حي ومسؤول الاستنفار في الحي بالإضافة لممثل من الشباب والمرأة . الأمر الذي أعتبره قيادي بلجان المقاومة في نهر النيل أن الوالي بهذا القرار سلم الولاية تسليم مفتاح للكيزان واعاد لهم ما فقدوه منذ العام 2019.
في ظل هذا الوضع، يجب أن يكون هناك توعية وتثقيف للشعب السوداني لكي يدرك طبيعة الأخوان المسلمين وممارستهم للسياسة. يجب أن يكون هناك تفهم واضح للتاريخ المرير لحكمهم، وكيف أنهم لم يكونوا مع الشعب في أوقات الصعاب، بل كانوا يسعون لتعزيز سلطتهم الذاتية.

*الكيزان كلمة تطلق على (الأخوان المسلمون في السودان)
د. سامر عوض حسين
9 يناير 2024

--
Samir Al Awad, PhD
samir.alawad@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأخوان المسلمون

إقرأ أيضاً:

جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة

في صباح بارد من عام 1659، وطأت أقدام رجل مسلم مجهول أرض رأس الرجاء الصالح على متن سفينة هولندية. ولم يكن يدرك أن خطوته تلك ستفتح صفحة جديدة في تاريخ جنوب أفريقيا، وتؤسس لمجتمع إسلامي يضم اليوم نحو 1.6 مليون نسمة، أي ما يقارب 3% من سكان البلاد البالغ عددهم 60 مليونا.

وقد تشكل هذا المجتمع -الذي نشأ من رحم المنفى والعبودية والهجرة- عبر قرون من الاضطهاد والمقاومة، وقد أصبح اليوم جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوب أفريقي، يحمل في طياته قصصا متشابكة من الصمود والنجاح والإسهام في بناء الدولة بعد الفصل العنصري.

أحد المساجد في جنوب أفريقيا (الجزيرة)5 موجات للوصول الإسلامي: من المنفى إلى التنوع

يقول نعيم جينا كبير الباحثين في معهد مابونغوبوي للتفكير الإستراتيجي "عندما نتحدث عن المسلمين في جنوب أفريقيا، لا يمكننا التعامل معهم ككتلة واحدة. هناك 5 موجات متميزة من الوصول، كل منها تركت بصمتها الخاصة على ما نراه اليوم".

الموجة الأولى: المنفيون والعبيد (1659-1800)

بدأت القصة مع وصول الشيخ يوسف المقاساري عام 1694 من إندونيسيا، منفيا مع 49 من أتباعه. وقد أسس هؤلاء أول جماعة إسلامية منظمة في زاندفليت قرب كيب تاون.

ولاحقا، وصل العالم الإندونيسي توان غورو إلى سجن روبن آيلاند عام 1780، ليؤسس بعد 11 عاما مسجد "أوال" (أقدم مسجد في البلاد) ويبتكر نظام "العربية الأفريكانية" لكتابة اللغة الأفريكانية بالحروف العربية.

ويقول الباحث عبد الديان بيترسن إن هذا النظام هو أقدم شكل مكتوب للأفريكانية، ويكشف كيف استخدم المسلمون الأوائل معرفتهم بالعربية لحفظ لغة المهمشين ومنحها هوية وكرامة.

أول مصحف بجنوب افريقيا بخط يد رجل سجن مع نيسلون مانديلا في جزيرة روبن (الجزيرة)الموجة الثانية: العمال الهنود والتجار (1860-1920)

مع اكتشاف الذهب والماس، جُلب آلاف العمال المسلمين من شبه القارة الهندية إلى ناتال. وجاء بعضهم بعقود عمل قاسية، وآخرون كمهاجرين أحرار. ومن أبرز الوافدين المحامي الشاب موهانداس غاندي عام 1893 الذي استدعاه تجار مسلمون للدفاع عنهم.

إعلان

وهنا بدأ تطوير فلسفته في المقاومة السلمية، رغم أن سيرته في جنوب أفريقيا تكشف جوانب عنصرية تجاه الأفارقة، كما توضح الباحثة موريين سوان في كتابها "Gandhi: The South African Experience" (غاندي: التجربة الجنوب أفريقية).

الموجة الثالثة: الزنجباريون

يصفهم جينا بمجتمع صغير لكنه مثير للجدل في ديربان، إذ تحيط بأصوله قصص متضاربة: غرق سفينة، تجارة رقيق، أو هجرة قسرية. ومع قوانين الفصل العنصري في الستينيات، أعيد تصنيفهم بضغط من المجتمع المسلم الهندي كـ"آسيويين آخرين" ليتمكنوا من العيش في أحياء المسلمين.

الشيخ إسماعيل لوند إمام أول مسجد بجنوب أفريقيا (الجزيرة)الموجة الرابعة: اعتناق الأفارقة الأصليين للإسلام

يعتبرها جينا "الأهم حاليا رغم أنها ليست الأكبر" حيث وجد بعض الأفارقة في الإسلام أيديولوجية مقاومة للأبارتايد، في حين جذب هذا الدين آخرين بسبب تعاليمه حول النظافة أو مكانة المرأة.

الموجة الخامسة: التنوع المعاصر

بعد عام 1994، تدفقت موجات جديدة من الصومال ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش، جالبة معها مذاهب وتيارات مختلفة، بينها السلفية التي لم تكن معروفة في جنوب أفريقيا قبل ذلك.

جدارية تضامن مع فلسطين (الجزيرة)اكتشافات جديدة: صلات عثمانية وشبكات عالمية

في جامعة كيب تاون، يكشف الباحث عبد الديان بيترسن عن وثائق عثمانية تثبت أن المسلمين الأوائل لم يكونوا معزولين. فجده الأكبر كاريل بيلغريم، الذي كان أول مسلم من الكيب يؤدي الحج عام 1834، نسج علاقات مع السلطان عبد الله من أنجوان، مما مهد الطريق لرحلته.

ويقول بيترسن "هذه الوثائق تكشف أن مجتمع الكيب كان جزءا من شبكة إسلامية عالمية، يتبادل المعرفة والأموال مع العثمانيين وسلطنات جنوب شرق آسيا". ويحذر من ضياع المخطوطات الملايوية التي تؤرخ لهذه المرحلة، مؤكدا أنها "الأكثر حاجة للحفظ".

من المقاومة إلى التهميش السياسي

برز الإمام عبد الله هارون في ستينيات القرن الماضي كأول من نقل المقاومة الإسلامية من الطائفية إلى النضال الشامل ضد الأبارتايد. وقد دفع حياته ثمنا لذلك، إذ توفي تحت التعذيب عام 1969 بعد 123 يوما من الاعتقال.

لكن رد فعل المجتمع كان صادماً، إذ ترددت قياداته في إقامة جنازته. ويقول جينا "كتبت صحيفة مسلم نيوز أنه لم يُستشهد من أجل الإسلام بل من أجل السياسة".

وبعد عام 1994، بلغ تمثيل المسلمين ذروته في حكومة مانديلا (10% من الوزراء) لكنه تراجع تدريجيا حتى اختفى تقريبا في حكومة الوحدة الوطنية عام 2024.

أحد المصليات بجنوب أفريقيا (الجزيرة)التركيبة السكانية والمفارقة الاقتصادية

يتركز المسلمون في الكيب الغربي بنسبة 6.6% من سكان المقاطعة، ويشكلون نحو نصف مسلمي البلاد. وتأتي كوازولو-ناتال بنسبة 3.2%، ثم غاوتنغ بنسبة 2.8%.

وعرقياً، يشكل الملايو الكيبيون 45%، والهنود 35%، والأفارقة 15%، كما يمثل المهاجرون الجدد 5%.

واقتصاديا، يساهم المسلمون بـ12% من الناتج المحلي (180 مليار راند سنويا) لكن الفوارق الطبقية صارخة، إذ يعيش مسلمو الأحياء الفقيرة مثل هانوفر بارك في بطالة تتجاوز 60%.

وفي المقابل، يخصص المجتمع 500 مليون راند سنويا للتعليم الإسلامي، ويدير 74 مدرسة معتمدة بمعدل نجاح 94% في الثانوية العامة، متفوقاً على المعدل الوطني.

التحديات الثقافية والفنية

رغم القوة الاقتصادية والتعليمية، يواجه المسلمون تحديات معاصرة تتمثل في استمرار العنصرية ضد الأفارقة والصوماليين، والخلافات المذهبية بين الصوفية والسلفية، إضافة إلى تهديد السياحة المفرطة لهوية أحياء تاريخية مثل بو-كاب.

إعلان

وثقافيا، يبرز اسم موسيقي الجاز العالمي عبد الله إبراهيم الذي مزج بين الجاز والإيقاعات الأفريقية والروح الإسلامية.

كما يزدهر فن القوالي الصوفي في ديربان وجوهانسبرغ. وأما المطبخ، فيعكس بدوره التنوع: برياني الكيب بالزبيب والبطاطس الحلوة، مقابل برياني ديربان الحار بالتوابل الهندية، إضافة إلى مطابخ باكستانية وصومالية ونيجيرية في غاوتنغ.

شبكة عالمية وهوية متجددة

يحافظ المسلمون في جنوب أفريقيا على صلات وثيقة بالعالم الإسلامي، من دعم خليجي لترميم المساجد إلى برامج الحج الممولة.

ويقول بيترسن "لم نكن أبدا مجتمعا معزولا، بل في تدفق مستمر مع حركات إسلامية متنوعة. وهذا التواصل العالمي يثري المجتمع المحلي ويحافظ على حيويته".

ومن المتسلل المجهول عام 1659 إلى مجتمع متنوع يضم 1.6 مليون نسمة اليوم، تظل قصة الإسلام في جنوب أفريقيا مرآة لتعقيدات البلاد نفسها: تاريخ من المنفى والمقاومة، حاضر من التنوع والتحديات، ومستقبل مفتوح على إمكانات كبرى إذا ما نجح المسلمون في تجاوز انقساماتهم الداخلية وتعزيز دورهم في بناء جنوب أفريقيا الجديدة.

مقالات مشابهة

  • الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة
  • السيسي يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني
  • انفجارات تهز أم درمان وسط تصدي الجيش السوداني لمسيرات تابعة للدعم السريع
  • أحمد موسى: كان هناك خطة إسرائيلية في 2010 لاقتطاع 720 كيلو متر من سيناء لضمها لغزة
  • النيل الأبيض تبحث الترتيبات الخاصة باستئناف تبديل العملة في المحليات التي لم تشملها عملية الاستبدال
  • يراقب المرء بأسى التدهور العقلي الذي اصاب كاتب رصين مثل النور حمد
  • منجزات الأخوين في الثقافة والعلوم والفنون
  • ترامب: سنفعل شيئًا لا يُصدق.. وأشيد بالدول العربية التي تعهدت بإعادة إعمار غزة
  • «الشيوعي السوداني»: خطة السلام في غزة محاولة لتجميل واقع استعماري
  • جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة