لجريدة عمان:
2025-11-18@02:03:57 GMT

عمّا يستفزنا في الحديث عن إعادة إعمار غزة!

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

تقول أكثر التقديرات تفاؤلا إن إعادة إعمار غزة يتطلب 40 مليار دولار. يتم الحديث عن إعادة الإعمار بطريقتين. الأولى، بمعنى أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية، أي أن تحوّل لمساحة شاسعة «لركن السيارات». الثانية، بمعنى إعادة البناء، وإعادة توطين النازحين.

مع أن خطاب التطبيع لعبدالخالق عبدالله لا يحتاج أي فطنة لفهم حقيقته، أُريد اليوم أن أقتبس تغريدة له، وأحللها لنفهم كيف يُمكن لخطاب التفاؤل أن يكون ألد أعداء الحرية.

يقول -وقد أرفق صورة توضيحية لعمارات وشوارع وناطحات سحاب تخترق السماء-: «غزة سنة 2035 وقد تجاوزت نكبتها واستقطبت 40-50 مليارا استثمارات ومساعدات خليجية وعالمية وتحولت إلى مركز مالي وسياحي وتقني مزدهر بإدارة فلسطينية ذاتية تنافس تل أبيب وبعيدا عن محور إيران».

بالمجمل يتجاهل هذا الخطاب النية الحقيقية للاحتلال بتحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة. وأنه على نهج النكبة الأولى، لا نية لديه لأن يُعيد من هجر، أبسط ما يُمكن أن يُقال عن كلام كهذا أنه هبل، لكني أُريد مع هذا تحليله كلمة كلمة، للتنفيس عن الغضب الذي تُفجره فينا قراءة تغريدة من هذا القبيل.

أولا، الوقت المتطلب للإعمار. تقول تقديرات الأمم المتحدة إن إعادة إعمار غزة تحتاج لثمانين عاما، هذا طبعا بافتراض أن ثمة نية وتعاونا أمميا لتحقيق الهدف. الحديث عن استعادة الحياة كما كانت وأفضل خلال عشر سنوات معدوم البصيرة‘ إنه يُهوّن من حجم الدمار الذي حلّ بالقطاع، ومن الخسارات المادية والعاطفية المرتبطة بأن ترى أماكنك الحبيبات تُهرس تحت جنازير الدبابات، وحيّك مُدمر للحد الذي لا تستطيع معه تمييز بيتك من بين الركام الرمادي المكوم بطول الطريق.

ثانيا، استقطاب الاستثمارات الخليجية والعالمية. الحديث عن إعادة الإعمار بمساعدة أجنبية فيه ضرب من السذاجة لو كان متعلقا بمكان آمن، فما بالك حين يكون متعلقا بمنطقة صراعات كانت وستبقى متوترة لعقود. لا يخفى على المتحدث الإرث الاستعماري الناعم عبر الاقتصاد، ولا الأثر التراجيدي للتدخلات الخليجية في مناطق مثل اليمن والسودان. يُراد من سياسات الترفيه أن تعمل عمل المخدر (إذا ما تحول القطاع إلى منطقة ثرية، سيُشغل شعبه بالامتيازات عن الانتفاض والعمل على التحرير). بالطبع هذا لن يكون ممكنا بالنسبة لجيل وقع ضحية وحشية نادرة لا يُمكن أن تمحى صدمته الجماعية لا بالمال ولا بملهيات أخرى. بل يرى في إبقاء الذاكرة حية واجب إنساني.

ثالثا، منافسة تل أبيب. لا يكتفي هذا الخطاب برسم الأوهام حول إمكانية تجاوز النكبة، بل إنه يفعل أبشع ما يُمكن أن يُفعل: وضع تل أبيب كمرجعية، ومحك للمقارنة، ومثال للاحتذاء. إنه يطلب ممن وفرته إبادة تل أبيب الشرسة، ممن نجى بمحض الصدفة والحظ من قتلته، أن يقف على قدميه ويعمل ليكون نسخة منه. تل أبيب، وهي تمثيل لكل ما هو خاطئ في عالمنا، تُصبح مضرب المثل! خطاب كهذا -فوق امتهانه- يفشل في أن يتعلم الدرس الأول من كارثة كهذه. عوض أن ينقد أستاذ العلوم السياسية، ويناضل ضد كل ما يُمكن أن يُكرر المأساة، يبجل الظالم، ويجعله مضرب المثل.

عموما، شعب غزة لا ينتظر من أحد أن يمنحه لا الإذن ولا العون ليُعيد الإعمار. إنه يفعله الآن وعلى نحو يومي. يضع الطوبة فوق الطوبة مع علمهم أنها على الأغلب ستنهار عند القصف التالي.

الحقيقة أن أي إعمار قد يحصل هو عبر المزيد من المقاومة لا مع التسليم بلعبة السلام، وهذه ليست الطريقة الكريمة لتحقيق الحرية والعدالة، بل الطريقة العملية والممكنة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحدیث عن ی مکن أن تل أبیب

إقرأ أيضاً:

بين شرقية وغربية.. غزة تواجه تقسيمًا بالخط الأصفر والإعمار ضائع في المجهول

يشهد قطاع غزة تحديات متزايدة في عملية إعادة الإعمار، بعد تعثر تطبيق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع، وظهور مقترحات بديلة تتضمن إعادة إعمار المنطقة الواقعة ضمن ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" التي تسيطر عليها إسرائيل.

حجم التحديات المالية والزمنية

تشير تقديرات فلسطينية وأممية إلى أن إعادة إعمار غزة ستتطلب نحو 90 مليار دولار، وقد تمتد فترة التنفيذ بين 7 و10 سنوات إذا توفّر التمويل اللازم.

ويُعد تقسيم القطاع فعليًا إلى منطقة شرقية تسيطر عليها إسرائيل بمساحة تزيد عن 53%، وأخرى غربية تقع تحت نفوذ حركة حماس بمساحة 47% من أبرز العوائق أمام إعادة الإعمار. 

وفق التسريبات، ستقتصر عمليات الإعمار على "المنطقة الخضراء" التي تسيطر عليها إسرائيل، فيما ستظل "المنطقة الحمراء" التابعة لحماس في حالة دمار، مع السماح للسكان بالدخول بعد اجتياز "الفحص الأمني".

الوضع الإنشائي والهندسي

وفق وزارة الأشغال العامة في غزة، خلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية نحو 65 إلى 70 مليون طن من الركام، تتطلب إزالة وإعادة تدوير تكلفتها نحو 5 مليارات دولار، مع توفير معدات وآليات ثقيلة لم يُسمح حتى الآن بإدخالها للقطاع.

كما تبقى نحو 20 ألف مقذوف لم تنفجر، تمثل 10% من إجمالي المقذوفات، ما يستلزم معالجة هندسية دقيقة قبل بدء أي أعمال إزالة.

وتسببت الحرب باستخدام نحو 200 ألف طن من المتفجرات في تدمير 90% من البنية التحتية المدنية، بما في ذلك 300 ألف وحدة سكنية كليًا، و200 ألف جزئيًا، و25 من أصل 38 مستشفى، و103 مراكز صحية، و25 محطة توليد أكسجين من 35 محطة، و61 مولدًا كهربائيًا من أصل 110 مولدات.

إعادة تأهيل القطاعات الحيويةالقطاع الصحي يحتاج نحو 5 مليارات دولار.القطاع التعليمي يحتاج نحو 4 مليارات دولار بعد تدمير 836 مدرسة وجامعة.إعادة إعمار الإسكان تحتاج نحو 28 مليار دولار.إعادة تشغيل القطاع الصناعي نحو 4 مليارات دولار.تطوير شبكات الكهرباء والاتصالات نحو 4.2 مليار دولار.

وغياب وضوح المواقف بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يُبقي غزة في مرحلة "اللا حرب واللا سلم"، ويزيد من احتمال تقسيم فعلي للقطاع، حيث تُدار المناطق الشرقية ورفح بنظام أمني وإنساني مختلف عن المناطق الخاضعة لحماس.

وبعض القضايا تم التوافق عليها بين واشنطن وإسرائيل، لكن العقبة تكمن في إصرار تل أبيب على ربط إعادة الإعمار بإنهاء حكم حماس وتسليم سلاحها، ما يجعل أي تفاهم مشروطًا بتحقيق هذا الشرط الصعب.

ومن المتوقع أن يؤدي الخلاف الحالي بين واشنطن وتل أبيب إلى تأجيل بدء عملية الإعمار حتى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.

طباعة شارك غزة قطاع غزة إعادة الإعمار عملية إعادة الإعمار ترامب

مقالات مشابهة

  • تفاصيل مشروع القرار الأميركي بشأن غزة
  • واشنطن تواجه صعوبة في تشكيل قوة دولية لدخول غزة وقد تتجاوزه إلى مرحلة إعادة الإعمار
  • مصادر الاحتلال .. واشنطن تدرس القفز عن نزع سلاح حماس والانتقال إلى إعادة الإعمار
  • مصر تستضيف مبادرة الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار بعد النزاعات.. وخبراء يعلقون
  • تكلفة مرعبة و10 سنوات.. تحديات هائلة أمام إعادة إعمار غزة
  • بين شرقية وغربية.. غزة تواجه تقسيمًا بالخط الأصفر والإعمار ضائع في المجهول
  • تل أبيب تربط إعادة الإعمار بنزع السلاح.. وأنباء عن تحرك أمريكي لتسريع التفاهمات
  • وزير الخارجية يؤكد رفض مصر أي تقسيم لغزة والقاهرة تستعد لاستضافة مؤتمر إعادة إعمار القطاع
  • «التمويل الذكي».. ضرورة لإعادة بناء الشرق الأوسط بعد الحرب
  • اعادة الاعمار ضمن مسار زمني