السومرية نيوز – منوعات

أفادت تقارير صادرة من التلفزيون الإيراني بوقوع حادث "هبوط صعب" لطائرة مروحية تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في محافظة أذربيجان الشرقية، وبعدها أعلن التلفزيون الإيراني، وفاة مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي، ومسؤولين آخرين. *ملكة الحوادث
لا يُعد هذا هو الحادث الوحيد المتعلق بالمروحيات هذا العام، ففي 23 أبريل/نيسان الماضي اصطدمت طائرة من طراز "أغستاوستلاند إيه أو 139" بطائرة من طراز "يوروكوبتر فنك" فوق بلدة لوموت في ماليزيا خلال تدريب لعرض عسكري احتفالا بالذكرى التسعين للبحرية الملكية الماليزية، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم العشرة في الطائرتين.



في الواقع، شهد العالم منذ عام 2000 مئات الحوادث المسجلة (المعلن عنها إعلاميا) للمروحيات، هذا النوع من الحوادث منتشر حتى في الطائرات العسكرية، فمثلا أمرت إدارة الجيش الأميركي في أبريل/نيسان الماضي بمجموعة إضافية من التدريبات في جميع أنحاء القوات الجوية بعد وقوع عشرات الحوادث المؤسفة مؤخرا خصوصا، وعموما خلال عامي 2023 و2024 بحيث يساوي ما حصل في عام واحد فقط إجمالي الحوادث الشديدة التي أُبلغ عنها منذ 2016.

الكثير من تلك الحوادث كانت من الفئة "إيه"، التي تعرف بأنها حوادث تؤدي إلى خسائر في الأرواح أو خسارة معدات يبلغ مجموع ثمنها أكثر من 2.5 مليون دولار. من هذه الحوادث ما حصل في أبريل/نيسان 2023 حينما تحطمت طائرة أباتشي في ولاية ألاسكا، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وتصادمت كذلك مروحيتان من طراز بلاك هوك، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص في ولاية كنتاكي.

قطعة فنية خطيرة
يدفعنا ذلك كله إلى التساؤل عن السبب في أن تلك الطائرات، حتى في الفئات العسكرية منها، أكثر عرضة للحوادث مقارنة بغيرها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلِمَ يفضلها السياسيون دون غيرها من الطائرات؟

أول الأسباب يتعلق بتعقيد الطائرة، فالمروحيات آلات معقدة للغاية، على عكس ما يمكن أن تظن، وتحتوي على العديد من الأجزاء والأنظمة المتحركة بالنسبة لبعضها بعضا، حتى إذا ما قورنت بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة. هذه الأجزاء مثل الدوار الرئيسي والدوار الخلفي وناقل الحركة وغيرها من الوصلات الميكانيكية بين جوانب الطائرة، يتطلب كلٌّ منها هندسة وصيانة ومزامنة دقيقة لضمان التشغيل الآمن والفعال، ويزيد هذا التعقيد من احتمال حدوث أعطال ميكانيكية.

أهم القطع المعقدة في المروحيات هي بلا شك الشفرات الدوارة التي تولد قوة الرفع وتسمح بالإقلاع والهبوط العمودي، وترتبط هذه الشفرات بعمود مركزي متصل بالمحرك ونظام ناقل الحركة، هذا التركيب يتطلب أنظمة تحكم متطورة للحفاظ على الاستقرار أثناء التحليق والهبوط، ولا تمتلك الطائرات ذات الأجنحة الثابتة قدرة التحليق هذه، مما يؤدي إلى تبسيط الميكانيكا الخاصة بها، وبالتبعية تتطلب صيانة أقل تكرارا.

في الواقع، إن المروحيات بطبيعتها أقل استقرارا من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، لأن الأخيرة مصممة للحفاظ على طيران مستقيم ومستوٍ، مع الحد الأدنى من مساهمة الطيار، حيث تعتمد بشكل رئيسي في انزلاقها على الديناميكا الهوائية التي يتوافق معها هيكل الطائرة بشكل طبيعي، أما المروحيات فتتطلب اهتماما وتصحيحا مستمرا من الطيار للمسار لتبقى متوازنة وتحت السيطرة.

من جانب آخر، لا تعمل محركات المروحيات لتوفير الدفع فقط (مثل الطائرات ذات الأجنحة الثابتة)، ولكن أيضا للحفاظ على دوران نظام الدوار، الأمر الذي يعقد إعدادات الطاقة في الطائرة، وبالتبعية يسهل تعطيلها، وإذا تعطل المحرك لا تتمتع المروحيات بالقدرة نفسها على الانزلاق على الهواء مثل الطائرات التي تطفو مثل المظلات في أثناء هبوطها، وهنا   يجب على الطيار إجراء مناورة معقدة تسمح للشفرات الدوارة بالاستمرار في الدوران اعتمادا على الهواء لا المحرك، مما يسمح بهبوط صعب قد تتحطم الطائرة خلاله، وخاصة أن من المعروف أن عمليات الإقلاع والهبوط تعد المراحل الأكثر أهمية وتحديا في أي رحلة، ويتعقد الأمر في حالة الظروف المناخية الصعبة.

*الطقس السيئ كابوس المروحيات
في الواقع، أشار تحليل لحوادث المروحيات المدنية والعسكرية إلى أن قرابة 79% من حوادث هذا النوع من الطائرات كانت ذات علاقة تحديدا بحالات الارتفاع عن الأرض أو الهبوط، وخاصة في الظروف المناخية القاسية (وهو ملمح نلاحظه في حادث طائرة الرئيس الإيراني لكنه بالطبع ليس دليلا على شيء)، بل إن قرابة 40% من حوادث المروحيات المدنية والعسكرية كانت بسبب له علاقة بالطقس.

تعتمد المروحيات على الشفرات الدوارة للرفع والصعود والهبوط وضبط ميل الطائرة كما أسلفنا، مما يجعلها بطبيعتها أكثر عرضة لاضطرابات الرياح وهبوبها، لأن أي تغير مفاجئ في اتجاه الرياح أو سرعتها يمكن أن يؤثر بشكل كبير على استقرار المروحية. أضف إلى ذلك أن المروحيات غالبا ما تعمل على ارتفاعات منخفضة، وتحلق قرب الأرض أو فوق الماء، وبالتالي تتعرض لطقس أكثر تطرفا.

أما الطائرات ذات الأجنحة الثابتة فتحلق عادةً على ارتفاعات أعلى، حيث يكون الهواء أكثر استقرارا ويمكن التنبؤ بحالته. وحتى بالنسبة لمروحيات ثقيلة لها قدرة على الطيران في طقس سيئ مثل "ميل مي-171″، التي يعتقد أنها أقلت الرئيس الإيراني في هذه الرحلة، تظل مفاجآت الطقس وتغيرات الرياح مؤثرة.

إضافة إلى ذلك، يعتمد طيارو المروحيات بشكل كبير على الرؤية البصرية والوعي الظرفي أثناء الرحلة، وبالتالي يمكن أن يؤثر ضعف الرؤية بسبب المطر أو الضباب أو السحب المنخفضة بشكل كبير على قدرتهم على تشغيل الطائرة، مقارنة بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة التي تعتمد بشكل أكبر على أدوات الملاحة. كما أن المروحيات تطير بسرعات أبطأ عندما يتعلق الأمر بالسرعة الأمامية مقارنة بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة، مما يعني أنها ستحتاج خلال الطقس السيئ إلى فترة أطول مما يعرضها للحوادث بشكل أكبر.

في الحقيقة، إن أحد أسباب كون المروحيات أكثر عرضة للحوادث هو عدم وجود مسارات طيران محددة على عكس الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، التي عادة ما تتبع مسارات طيران محددة مسبقا مثل الخطوط الجوية، أما طائرات المروحية فتتمتع بمرونة أكبر في مسارات طيرانها، تُعد هذه لا شك ميزة كبيرة تهم السياسيين خاصة، وهذا الأمر سنتحدث عنه بعد قليل.

لكن ذلك يضع على عاتقها أعباء ملاحية، حيث لا تكون دائما تحت الإشراف المباشر لمراقبة الحركة الجوية. وفي حالة الظروف المناخية يكون من الصعب تتبع المروحيات التي تعمل على ارتفاعات منخفضة وفي المناطق الحضرية، وهو في حد ذاته أمر يرفع المخاطر، فالطيران على ارتفاع منخفض يعطي القائد وقتا أقل للمناورة قبل الاصطدام بالعوائق مثل المباني والأشجار والأبراج.

يأتي ذلك في سياق عبء شديد يتحمله طيارو المروحيات بسبب الحاجة إلى إدارة أكثر من أمر في الوقت نفسه، وأثناء المناورات أو العمليات المعقدة في البيئات الصعبة مثل المناطق الحضرية أو التضاريس الجبلية أو فوق الماء أو في حالة الطقس الصعب، يمكن أن يؤدي عبء العمل الكبير إلى زيادة خطر الخطأ البشري.

أما عسكريا، فتكون المروحيات أسهل في الاستهداف لكونها أقرب للأرض، وعلى عكس المقاتلات مثلا التي تحتاج إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة، يمكن استهداف المروحيات بأسلحة مضادة للطائرات يمكن أن يشغلها شخص واحد فقط أو اثنان، مثل قذائف "سام 18″، وهي نظام دفاع صاروخي أرض-جو، روسي الصنع محمول على الكتف، ويمكنه ضرب الأهداف الجوية القريبة نسبيا، إذ يستخدم باحثا موجَّها بالأشعة تحت الحمراء للكشف عن البصمة الحرارية المنبعثة من محركات المروحيات، ويمكن لهذا النظام ضرب طائرة على مسافة 3500 متر في السماء. والواقع أن الطائرات المروحية أكثر عرضة كذلك للتشويش، كما أن لها تصدر صوتا مرتفعا ما يكشفها بسهولة، أضف لذلك أن مناوراتها محدودة، ويجعلها كل ذلك هدفا للعمليات العسكرية والاستخباراتية.   معشوقة السياسيين
ورغم حوادثها الكثيرة، فإن المروحيات تظل الخيار الأقرب للسياسيين حول العالم، ففي الهند مثلا شهدت إيجارات المروحيات ارتفاعا مقداره 15-20% خلال موسم الانتخابات الأخير بعد إقبال الكثير من السياسيين عليها، يأتي ذلك لأسباب عدة، أولها يتعلق بالكفاءة الزمنية، إذ تسمح هذه الطائرات للسياسيين بالسفر بسرعة بين المواقع، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو حيث يكون النقل البري بطيئا بسبب الازدحام المروري.

إلى جانب ذلك، يمكن للمروحيات الوصول إلى الأماكن التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق البر أو وسائل النقل الأخرى، مثل المناطق الريفية أو المنكوبة، أضف إلى ذلك أن منصات هذه الطائرات يمكن أن تُبنى على أسطح المنازل أو الحقول المفتوحة.

من جانب آخر، فإن الطيران بالمروحيات يجذب الانتباه بشكل كبير مقارنة طبعا بالطائرات الأخرى التي لا تهبط إلا في المطارات وتطير على ارتفاعات عالية، ويولد ذلك تغطية إعلامية كبيرة بالتبعية، ويعطي أهمية للشخصية السياسية، ولذا فغالبا ما يستخدم السياسيون الطائرات المروحية للوصول إلى الكثير من المناطق داخل البلاد لإظهار حضورهم، وخاصة في الشؤون المتعلقة بالكوارث أو افتتاح المشاريع الجديدة. في النهاية، إن الوصول إلى مكان ما بطائرة مروحية يمكن أن ينقل إحساسا بالأهمية والحسم، مما يعزز صورة السياسي. 

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: على ارتفاعات أکثر عرضة بشکل کبیر یمکن أن

إقرأ أيضاً:

متلازمة القلب المكسور تصيب النساء لكنها تقتل الرجال

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة الجمعية الأميركية للقلب عن مفارقة طبية لافتة، إذ أظهرت أن الرجال أكثر عرضة للوفاة بسبب متلازمة "القلب المكسور" مقارنة بالنساء، رغم أن النساء يصبن بها بمعدلات أعلى.

الرجال أكثر عرضة للوفاة بمتلازمة القلب المكسور 

واعتمدت الدراسة ما يقارب 200 ألف حالة دخول إلى المستشفيات في الولايات المتحدة بين عامي 2016 و2020، لرصد الفروقات بين الجنسين في ما يُعرف طبيًا باسم "اعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو"، أو ما يُطلق عليه شعبيًا "متلازمة القلب المكسور".

رجل يحقن نفسه بسم الثعابين 650 مرّة .. هذا ما حصل معه5 أشياء شائعة لا يجب تركها في سيارتك خلال الصيف.. تسبب انفجاراأعراض تشبه النوبة القلبية

وتحدث هذه المتلازمة عادة نتيجة ضغوط عاطفية أو جسدية شديدة، وتتشابه أعراضها مع أعراض النوبة القلبية، مثل: ألم الصدر وضيق التنفس، لكنها لا تكون مرتبطة بانسداد في الشرايين. 

ورغم أن معظم المصابين بها يتعافون، إلا أن نسبة من المرضى قد يواجهون مضاعفات خطيرة مثل فشل القلب أو الوفاة، وفقا لما نشر في صحيفة USA Today.

الرجال أكثر عرضة للوفاة بمتلازمة القلب المكسورالرجال أكثر تأثرًا.. رغم إصابتهم الأقل

وأظهرت نتائج الدراسة، أن نسبة الوفاة بين الرجال الذين أُدخلوا المستشفى بسبب المتلازمة بلغت نحو 11%، مقابل 5% فقط لدى النساء، وهو ما يتسق مع دراسات سابقة أشارت إلى أن الرجال، رغم ندرة إصابتهم، إلا أنهم يواجهون مخاطر أعلى عند الإصابة.

الرجال أكثر عرضة للوفاة بمتلازمة القلب المكسورمحفزات مختلفة.. ونتائج متفاوتة

ويرجح الباحثون أن طبيعة المحفز وراء الإصابة تلعب دورًا في تفاوت النتائج؛ ففي حين أن الضغوط العاطفية مثل الحزن أو فقدان أحد الأحباء هي الأسباب الأكثر شيوعًا لدى النساء، فإن الرجال غالبًا ما يصابون بالمتلازمة نتيجة ضغوط جسدية، مثل: الجراحات أو السكتات الدماغية أو العدوى.

كما أشار الفريق البحثي إلى أن انخفاض مستوى الدعم النفسي والاجتماعي لدى الرجال قد يسهم في ضعف فرص التعافي، وهو ما يُعد أحد العوامل المساعدة في تفاقم الحالة.

الرجال أكثر عرضة للوفاة بمتلازمة القلب المكسورتحدٍ في التشخيص والعلاج 

وترتبط الإصابة المفاجئة بارتفاع في هرمونات التوتر مثل: الأدرينالين، ما يؤدي إلى إضعاف مؤقت في وظيفة القلب. 

ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن التوتر وحده لا يُفسّر جميع الحالات، إذ تم تسجيل إصابات بعد مواقف بسيطة مثل الغثيان أو الانزعاج اليومي، ما يشير إلى احتمال وجود قابلية بيولوجية كامنة لدى بعض المرضى، كارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول.

ورغم استخدام بعض الأدوية في العلاج، لم تثبت أي منها فعالية حاسمة في تقليل مضاعفات المتلازمة أو خفض معدلات الوفاة، ما يجعل من "متلازمة القلب المكسور" تحديًا مستمرًا على مستوى الوقاية والعلاج.

طباعة شارك القلب القلب المكسور متلازمة القلب المكسور الرجال النساء القلب تاكوتسوبو اعتلال عضلة القلب

مقالات مشابهة

  • وفاة وإصابة 135 شخصا بحوادث مرورية خلال أسبوعين في المحافظات المحررة
  • متلازمة القلب المكسور تصيب النساء لكنها تقتل الرجال
  • لتفادي الحوادث.. هذه تعليمات القيادة داخل الأحياء السكنية
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
  • أدوية شائعة قد تجعل بشرتك أكثر عرضة لحروق الشمس الشديدة
  • ترامب: سألتقي بوتين بأسرع ما يمكن والعالم سيصبح أكثر أمانا بعد أسابيع
  • ملكة كابلي تُشعل الجدل بتعليق ساخر على خلل في قرطها الفاخر
  • نجم بريطاني يتعرض للسجن بعدما دفع ملكة جمال من السلم
  • لماذا طال اجتماع أمير قطر وترامب أكثر من وقته المحدد؟
  • لماذا نشتري.. ماذا قال ترامب عن الطائرة القطرية الهدية؟