الولايات المتحدة – أعلنت شركة الهندسة الحيوية، BrainBridge، أنها أنشأت نظاما ميكانيكيا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإجراء عمليات زرع الرأس، في خطوة هي الأولى من نوعها في العالم.

ويُظهر مقطع فيديو صادم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات لنقل الدماغ والحبل الشوكي إلى جسد متبرع ميت دماغيا.

ويمكن أن يكون النموذج الأولي المطوّر للنظام جاهزا لإجراء العملية الطبية الرائدة في أقل من 8 سنوات.

وتزعم الشركة الناشئة الأمريكية أن المستفيدين من هذه العملية يمكن أن يعيشوا أكثر من متوسط العمر المتوقع، نظرا لأن الدماغ “قادر على الاستمرار في العمل عدة مئات من السنين بشرط أن يظل باقي الجسم شابا”.

وفي حديث مع MailOnline، قال فريق من الخبراء إن المفهوم الأولي كان “تبسيطا مفرطا لكيفية عمل الدماغ”، ووصفوه بأنه “وحي من الخيال”.

ولكن BrainBridge أوضحت أن عمليات زرع الأعضاء هذه يمكن أن توفر للمرضى الذين يعانون من الشلل وإصابات النخاع الشوكي (على سبيل المثال)، فرصة الحصول على “جسم يعمل بكامل طاقته”.

وتكشف الجراحة الآلية “بعناية” الشرايين السباتية والشرايين الفقرية والأوردة الوداجية. ويتم بعد ذلك تصريف الدم بالكامل من الرأس لمنع التجلط، قبل توصيله “على الفور” بنظام الدورة الدموية لجسم المتبرع وضخه بدم مؤكسج جديد.

ويُزعم أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكنها أيضا تتبع العضلات والأعصاب أثناء الجراحة “لتسهيل إعادة الارتباط السلس”.

وبعد قضاء ما يصل إلى شهر في العناية المركزة، حيث تتم مراقبة المريض في غيبوبة وإعطائه أدوية مثبطة للمناعة، ينبغي أن يستعيد الدماغ السيطرة على الجسم.

وقال هاشم الغيلي، رئيس المشروع: “الهدف من تقنيتنا هو دفع حدود ما هو ممكن في العلوم الطبية وتوفير حلول مبتكرة لأولئك الذين يعانون من ظروف تهدد حياتهم. تعد تقنيتنا بفتح الأبواب أمام علاجات منقذة للحياة لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات فقط”.

وتأمل الشركة أن يؤدي الكشف عن هذا المفهوم إلى “جذب أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم المهتمين بدفع حدود العلوم الطبية الحيوية وتغيير العالم نحو الأفضل”.

يذكر أنه في عام 2016، أعلنت اللجنة الأخلاقية القانونية التابعة للرابطة الأوروبية لجمعيات جراحة الأعصاب، أن زراعة الرأس لدى البشر غير أخلاقية.

ومع ذلك، لا تتمتع اللجنة بأي سلطة قانونية لوقف تنفيذ العملية، ولكنها تنتج مبادئ توجيهية مهنية لممارسة جراحة الأعصاب.

وخلصت في ذلك الوقت إلى أن “المخاطر التي يتعرض لها المريض الذي يخضع لعملية زرع رأس، ستكون هائلة، بما في ذلك خطر الوفاة. لا توجد قاعدة أدلة قوية لجميع خطوات العملية، وبالنسبة للبعض، هناك نقص في إثبات المفهوم”.

 

المصدر: ديلي ميل

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

د. محمد بشاري يكتب: الذكاء الاصطناعي .. وسيلة مساعدة أم سلطة بديلة

إنّ النّاظر بعين البصيرة في حركة الواقع المعاصر، ليُدرك بلا عناء أنّنا إزاء تحوّل حضاريّ غير مسبوق، بلغ من التّعقيد ما جعل أدوات العقل البشريّ الكلاسيكيّة عاجزةً عن ملاحقة إيقاعه المتسارع. 

ولعلّ من أبرز مظاهر هذا التّحوّل ما يُعرف اليوم بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ، لا سيّما ما اصطلح عليه أهل الصناعة بـ “النّظم الخبيرة”، التي أُنيط بها تقليد العقل البشريّ في التّحليل والتّصنيف والاستنتاج. وليس من قبيل المصادفة أن تجد هذه الأدوات طريقها إلى مختلف المجالات، ومنها الحقول المعرفيّة المرتبطة بالشّريعة الإسلاميّة، خاصّة في علم الحديث رواية ودراية.

غير أنّ الفقيه الأصوليّ، إذا ما استحضر الأصول التي عليها مدار التّكليف والاجتهاد، يجد نفسه مدفوعًا إلى التّمييز بين الوسائل والغايات، على ما قرّره الإمام الشاطبي في “الموافقات” حين بيّن أنّ الوسائل تأخذ حكم مقاصدها، ولا يُعتبر بها في ذاتها إلّا من حيث ما تفضي إليه. فليست النّظم الخبيرة غايةً في ذاتها، بل هي من جملة الوسائل التي تخضع لسلطان المقاصد وضوابط الشّرع. وهي لذلك، لا تُسلّم لها زمام النّظر، ولا يُستبدل بها اجتهاد المجتهدين، بل تُجعل خادمة لما يُحصّله النّظر البشريّ المنضبط، لا منافسة له ولا قاضية عليه.

وإذ ننظر في طبيعة هذه النّظم، نجدها تشتغل وفق معادلات رياضيّة خالية من الوعي المقاصديّ، عاجزة عن إدراك روح النّص ومآلاته. فهي قد تحسن التّصنيف العدديّ والتّرابط الصّوريّ، غير أنّها تفتقر إلى ملَكة الاجتهاد الذي يُقدّر الألفاظ بمقاصدها، ويربط السّياقات بتاريخها، ويفهم النّصوص في ضوء عللها وغاياتها. وليس ذلك من باب المثلبة على هذه الأدوات، وإنّما من باب وضعها في موضعها الطّبيعيّ، دون غلوّ في الاعتماد عليها، أو تعسّف في تحقيرها.

وقد تقرّر في قواعد الأصول أنّ الحكم على الشّيء فرعٌ عن تصوّره. فمن أراد أن يحكم على هذه الأدوات بحكم شرعيّ، لزمه أوّلًا أن يتبيّن حقيقتها وحدودها، وما تحسنه وما تعجز عنه، ثمّ يردّ ذلك إلى مقاصد الشّريعة ومصالح الأمّة. ومن المعلوم أنّ الشّريعة جاءت بتحصيل المصالح ودرء المفاسد، والمصلحة كما بيّن أهل الأصول ليست محصورةً في الظّاهر المحسوس، بل تتعدّاه إلى ما يُبقي على الهويّة والرّوح والمقصد. ولأجل ذلك، فإنّ من أعظم المفاسد أن تُسلّم هذه النّظم لقيادة عمليّة التّوثيق والتّصحيح دون رقابة علميّة بشرية مؤهّلة.

كما أنّ من القواعد القطعيّة في الشّريعة أنّ وسائل العلم يجب أن تكون مأمونة الضّبط، مصونة من العبث والغلط. وأيّما وسيلةٍ غلب على الظّنّ تسرّب الخلل إليها، وجب تقييدها أو منعها. ومن ثمّ، فإنّ إخضاع النّظم الخبيرة لمعايير التّدقيق الشّرعيّ والعلميّ، هو من لوازم تحصيل اليقين، وصيانة مقام السنّة النّبويّة من التّحريف والتّزييف. وليس في ذلك حجرٌ على الابتكار، بل هو من قبيل توجيه الابتكار في مساره الشّرعيّ الصّحيح.

ويُضاف إلى ما سبق أنّ العلم في الإسلام ليس تكديسًا للمعلومات، ولا جمعًا للمرويّات، بل هو تمييزٌ بين الحقّ والباطل، والصّحيح والضعيف، والرّاسخ والزّائل. وهذا ما عبّر عنه الإمام مالك، حينما كان ينتقي من مئات الآلاف من الأحاديث ما يراه صالحًا لبناء الأمّة، غير ملتفتٍ إلى مجرّد كثرة المرويّات. فالعبرة ليست بالكثرة العدديّة، بل بالتحقيق المقاصديّ.

ومن هنا، فإنّ الموقف الأصوليّ الرّشيد يقتضي أن تُدرَس هذه النّظم في ضوء المقاصد الكلّيّة للشّريعة، وأن تُستثمر فيما تُحسنه، دون أن تُتَّخذ ذريعةً لتعطيل ملكات الاجتهاد، أو استبعاد المؤهّلين من أهل العلم. والواجب أن تبقى الكلمة الفصل بيد العلماء الرّاسخين، ومجامع الفقه المعتبرة، التي لها وحدها الحقّ في تقويم هذه الأدوات، وضبط معايير الإفادة منها.

وما لم يتحقّق هذا التّوازن، فإنّ الخطر كلّ الخطر أن تتحوّل هذه النّظم من وسيلة خادمة إلى قوّة مهيمنة، تفرض سلطتها على النّصوص والمناهج، وتدفع بالأمّة إلى الاستغناء عن العلماء. وإنّ من أعظم الفتن أن يستبدل النّاس الصّنعة الآليّة بالبصيرة البشريّة، وأن يظنّوا أنّ الخوارزميات تُغني عن الفقهاء والمحدّثين.

ولهذا، فإنّ التّعويل يجب أن يكون على الجمع بين العقل البشريّ والنّظم الذّكيّة، في شراكةٍ تحفظ للإنسان مقامه، وتستثمر في الآلة طاقتها، دون أن تُعطيها ما ليس من شأنها. وهذا هو الميزان الّذي تقتضيه مقاصد الشّريعة، وسنن الله في خلقه، وبه يكون الابتكار مأمون العاقبة، محفوظ الغاية، منصرفًا إلى خدمة الحقّ دون أن يتحوّل إلى أداة طغيان على عقول العلماء ومناهجهم. والله أعلم.

طباعة شارك الواقع المعاصر الذّكاء الاصطناعيّ تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ

مقالات مشابهة

  • إدارة ترمب تلغي قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي
  • “السعودية.. دولة يعتمد عليها العالم”..
  • الذكاء الاصطناعي.. للعقل وللدَّجل أيضاً
  • الإعلان عن أول تعاون أميركي - سعودي في مجال الذكاء الاصطناعي
  • شركة سعودية تستثمر 20 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة
  • عندما يتحدث البشر.. هل يفهم الذكاء الاصطناعي ما بين السطور ؟!
  • د. محمد بشاري يكتب: الذكاء الاصطناعي .. وسيلة مساعدة أم سلطة بديلة
  • الإفتاء تُنهي استعداداتها لعَقد مؤتمرها العالمي العاشر حول "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"
  • دار الإفتاء تُنهي استعداداتها لعقد مؤتمر «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي»
  • الإفتاء تستعد لمؤتمر “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”