ناقش الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، رسالة العالِمية (الدكتوراة) في الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، والمقدمة من الباحث: أحمد محمد عبد الهادي عبد العاطي، الباحث بالإدارة المركزية للشؤون الفنية بمشيخة الأزهر الشريف، والتي جاء عنوانها: "أحكام البيع في المحاكم الشرعية المصرية في العصر العثماني".

وأعرب الدكتور الضويني عن سعادته بتواجده في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، والتي تعد أحد أعرق كليات جامعة القاهرة وأكثرها قيمة ومكانة، حيث كانت ـ ولا تزال ـ ذات باع طويل في حفظ اللغة العربية وتخرج منها العشرات من كبار العلماء والكتاب والأدباء والمفكرين، مؤكدًا أنه لا يتأخر عن حضور المناسبات العلمية وتشجيع الباحثين على الدراسة والبحث المتعمق، موجها الشكر لرئيس الجامعة وعميد الكلية وأساتذتها والسادة الحضور.

وأوضح وكيل الأزهر أن هذه الدراسة تعد بمثابة عمل علمي يفصح عن مدى عظمة الفقه الإسلامي، وأن الفقه الإسلامي والتراث الإسلامي حاضر دائماً يناقش قضايا الواقع، ولا يمكن أن يبتعد عنها، فليست مسائله من الماضي أو تنحصر في الزمن الذي قيلت فيه، بل هي دائما ذات أثر ممتد لعصور تالية، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية مرنة في أحكامها، فهي الشريعة الخاتمة للشرائع، ولا يمكن أن يتحقق لها ذلك إلا إذا كانت تمتد بأثارها لتعالج جراح الأمة وتحقق آمالها في جميع العصور، وهو ما تحقق في السابق ويتحقق الآن، فتراثنا قائم على أساس علمي سليم، بضوابطه وقواعده وآليات فهمه، ما نقله من عصر إلى عصر إلى يومنا هذا.

وأشار الضويني، إلى أن هذه الدراسة قد جاءت لتوضح لنا عصراً من العصور التي وصفت ـ خطئًا ـ بالجمود على غير حقيقة الواقع، حيث احتوت الدراسة على نماذج من التطبيقات القضائية لقضاتنا، والذين كانوا بحق علماء مجدون، اجتهدوا في الأحكام الشرعية وأجادوا في في ربطها بالواقع، لافتا أن من الظلم وصف الفقه الإسلامي في العصر العثماني بالجمود، فلو كان جامدا لفشل في استيعاب ما استجد فيه من قواعد، وهذا لم يحدث، ما يعني أن الجد والاجتهاد قد استمر في هذا العصر.

وتكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ووكيل الأزهر الشريف (مناقشاً خارجياً)، والأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان- الأستاذ بقسم الشريعة الإسلامية، بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة - (مشرفاً)، والأستاذ الدكتور إبراهيم محمد عبد الرحيم- الأستاذ بقسم الشريعة الإسلامية، بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة (مناقشاً داخلياً).

وتناولت الدراسة أحكام البيع من خلال سجلات المحاكم الشرعية في العصر العثماني، مع تأصيل هذه الأحكام وتحليلها وبيان أسبابها الشرعية والواقعية، ومناقشة تلك الأحكام القضائية التي قررها قضاة المحاكم الشرعية في ذلك العصر الممتد المترامي، ومقارنة تلك الأحكام بما قررته الشريعة الإسلامية والقانون المصري من أحكام في هذا الباب المهم الشاسع. وقد هدفت الدراسة للوقوف على النقاط المركزية والخطوط الفاصلة التي كان يحتكم إليها قضاة المحاكم الشرعية في فصلهم في قضايا البيع بكافة صوره وعناصره، والوقوف على ملامح التجديد الفقهي والقضائي في العصر العثماني.

وبعد انتهاء المناقشة وخلو اللجنة للمدوالة، اقترحت اللجنة منح الباحث درجة العالِمية (الدكتوراة) في الشريعة الإسلامية بتقدير (ممتاز) مع مرتبة الشرف الأولى.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الشريف رسالة الدكتوراة الشریعة الإسلامیة المحاکم الشرعیة دار العلوم

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر ينعى الأمين العام الأسبق للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

نعى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الدكتور عبدالله عمر نصيف، الأمينَ العامَّ الأسبق للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، الذي وافته المنية، بعد رحلةٍ حافلةٍ بالعطاء والعمل الخيري والإنساني.

شيخ الأزهر: لا حرية في الإساءة للمقدسات الدينية شيخ الأزهر يستقبل السفير الياباني بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون المشترك



ويذكر شيخُ الأزهر للفقيد الراحل حبَّه للأزهر الشريف واحترامَه لعلمائه، وإسهاماته المقدَّرة في اجتماعات المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة أثناء تولِّيه مهامَّ الأمين العام له، وقيادتَه لعدَّة مبادراتٍ رائدةٍ في مجالات العمل الإغاثي والدعوي.

وتقدَّم شيخ الأزهر بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد الراحل، سائلًا المولى -عز وجل- أن يتغمَّد الفقيدَ بواسع رحمته ومغفرته، وأن يُسكِنه فسيح جناته، وأن يُلهِمَ أهله وذويه الصبرَ والسلوانَ. 

شيخ الأزهر: نسعى لتعزيز أواصر الأخوة بين نسيج ومكونات الأمة ولمِّ شملها

 

وعلى صعيد اخر، استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الأمير رحيم أغا خان، زعيم الطائفة الإسماعيلية ورئيس شبكة الأغا خان للتنمية؛ لبحث سُبل تعزيز التعاون المشترك.

وقال فضيلة الإمام الأكبر إن رسالة الأزهر الشريف تقوم على نشر السلام وتعزيز الأخوة بين الجميع، ولذا انفتح الأزهر على المؤسسات الدينية والثقافية حول العالم بما يسمح بتحقيق هذه الرسالة العظيمة، مشيرًا إلى أن الأزهر بادر بعقد أول نسخة من مؤتمر الحوار الإسلامي-الإسلامي في مملكة البحرين، لتعزيز أواصر الأخوة بين نسيج ومكونات الأمة، وطي صفحات الماضي، والالتفاف على إنشاء منصة قادرة على لمِّ شمل كلمة علماء الأمة ومؤسساتها الدينية، والخروج بموقف علمائي موحَّد تجاه الأزمات والتحديات التي تواجهها.

وأكد فضيلته استعداد الأزهر للتعاون مع مؤسسة الأغا خان للتنمية في مشروعات تنموية وتوعوية مشتركة، وبخاصة المشروعات الموجهة للشباب ومواجهة التحديات المعاصرة، مشيرًا إلى أن مجلس حكماء المسلمين، الذي يرأسه فضيلته، له خبرة واسعة في مثل هذه المشروعات النوعية بالتعاون مع الأزهر الشريف، موضحًا أن الأزهر يتميز على مدار تاريخه بالوسطية والاعتدال، انطلاقًا من فهمه الصحيح لحقيقة الإسلام، وحرصه الكبير على تبليغ الإسلام الحقيقي للناس، وهو ما كان سببًا في ارتباط الناس به على مدار هذا التاريخ الطويل.

كما أكد فضيلة الإمام الأكبر حزنه لما آلت إليه أحوال المسلمين مؤخرًا من ضعف وهوان، والذي كان سببًا مباشرًا في استقواء عدونا علينا، موضحًا أن ما تشهده الأمة من فِراق وشِقاق هو الذي أوجد القوة الزائفة لهذا العدو، مشددًا على أن المسلمين يملكون كل أسباب القوة إذا استجابوا لنداء ربهم في قوله تعالى:
“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”.

من جانبه، أعرب الأمير أغا خان عن سعادته بلقاء الإمام الأكبر شيخ الأزهر وتقديره لما يقوم به فضيلته من جهود كبيرة لبيان الصورة الصحيحة عن الدين الإسلامي ونشر قيم الأخوة، ومبادرات فضيلته التي تستهدف لمَّ شمل الأمة وتوحيد كلمتها، مؤكدًا متابعته لأنشطة الأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر لتعزيز التعايش والحوار، وسعيه لعقد شراكات واسعة مع الأزهر والاستفادة من خبراته الكبيرة في مجال التعريف بوسطية الإسلام وسماحته، خصوصًا بين فئات الشباب في أوروبا.

وصرح الأمير رحيم أغا خان: “أشعر بالفخر الشديد لمقابلة فضيلتكم ولمنحي هذه الفرصة العظيمة، ويسعدنا أن تكون هناك فرص للتعاون مع الأزهر الشريف في جميع المجالات. نحن لدينا شبكة تنموية كبيرة تعمل في مجال الثقافة والتوعية والتعليم في باكستان وأفغانستان وطاجيكستان، كما نعمل عبر عدد من المشروعات على تعزيز التوعية بحقيقة الإسلام السمحة في العديد من دول أوروبا”، مضيفًا أن جميع الأنظار تتجه إلى الأزهر الشريف كونه منبر الاعتدال والوسطية في العالم، وهو ما تأكد له بعد لقاءاته المتعددة مع الكثير من المسؤولين في الدول العربية والإسلامية، والذين يعوِّلون كثيرًا على الأزهر الشريف في نشر السلام والإخاء وتعزيز الحوار عالميًا.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يوضح أثر اللغة العربية في فهم النصوص الشرعية
  • شيخ الأزهر ينعى الأمين العام الأسبق للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
  • شيخ الأزهر ينعى الدكتور عبدالله عمر نصيف: قاد مبادراتٍ رائدةٍ في العمل الإغاثي
  • الدكتور مصطفى عبد الغني نائبًا لرئيس جامعة الأزهر لفرع البنات
  • تفاصيل ثالث أيام أسبوع الدعوة الإسلامية للبحوث الإسلامية
  • حكم الحجامة والتداوي بها في الشريعة الإسلامية
  • الدكتور أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية تمتلك مركزًا متخصصًا لتوثيق التراث الطبيعي والمادي
  • البحوث الإسلامية: الأزهر يمد جسور التواصل لتعميق فهم الشباب بهويتهم الإيمانية
  • البنك العربي الإسلامي الدولي يرعى فعاليات ملتقى التكامل الاقتصادي الوطني – الواقع والطموح
  • كلية الشريعة والقانون بطنطا تحتفل بانتصارات أكتوبر وتستقبل طلابها الجدد