زين العابدين صالح عبد الرحمن
يقول دستوفسكي ( أحيانا الناس لا يريدون سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أوهامهم تتحطم)
أن الأغلبية من قيادات العمل السياسي في دول العالم الثالث التي تعجز عن تحقيق مخططاتها لا تبحث عن الأسباب التي أدت إلي الفشل، خاصة إذا كان الفعل الذي يراد تنفيذه يخالف ما ترفعه من شعارات الفضيلة و الحرية و الديمقراطية و غيرها من الشعارات التي يسهل ترديدها دون أن تكون هناك كفاءات قادرة على تنزيلها على الأرض.
صباح يوم 15 إبريل 2023م كان قائد الميليشيا داخل عربته الحربية بالقرب من القصر الجمهوري يتوعد بقتل و اعتقال البرهان و كباشي و محمد عثمان الحسين و انهم أصبحوا على مرمى فوهات بنادق عناصر الميليشيا، و أكد أنها لحظات و ينقضي الأمر و ينفض السامر.. كانت الميليشيا تسيطر على كل شيء داخل الخرطوم قبل تفجير الصراع و فشلت في انجاز مهمة الانقلاب.. إذا راجعنا الانقلابات السابقة التي نجحت جميعها سيطرت فقط على " القيادة العامة و إغلاق الكباري و المطار و السيطرة على الإذاعة و التلفزيون فقط و ينجح الانقلاب.. أما الميليشيا كانت تسيطر على كل ذلك و غيرها و أكثر من 80 ألف مقاتل داخل العاصمة و فشل انقلابها يستغلون أكثر من 4 ألف عربة مجهزة بالمدافع و الاسلحة الثقيلة.. و عندما شعرت أنها فشلت، الأمر الذي يؤكد قلة خبرتها و ضعف قدراتها العسكرية في التنفيذ، لجأت للكذب بهدف التضليل أن الحركة الإسلامية وراء اشعال الحرب و هي وراء الانقلاب.. البعض يقول أن القيادات العسكرية جميعها تابع للحركة الإسلامية و هي وراء الانقلاب.. إذا كانت هي التي تقبض على مفاصل السلطة لماذا تريد أن تنفذ انقلابا عسكريا على نفسها؟
أن طرد عناصر الميليشيا من مباني الهيئة القومية للإذاعة و التلفزيون و سيطرة الجيش عليها كشفت حقيقة الذي جرى يوم 15 إبريل 2023م، بوجود مستشار الميليشيا يوسف عزت في مباني للهيئة و هو يحمل بيانات كانت معدة سلفا للبث يوم الانقلاب، مما يؤكد حقيقة الذي جرى يوم 15 إبريل 2023م بأنه انقلابا عسكريا.. هنا تتغير المعادلة السياسية؛ لآن الانقلاب ليس صنيعة الميليشيا وحدها بل قد تكون شاركتها قيادات سياسية، حتى الآن غير معروف إذا كانت هذه القيادات قد شاركت بقرار فردي منها أو بعلم أحزابها.. أن الحقائق الجديدة تبين القصد من المسعى السياسي.. فإذا كانت القيادات ضالعة في الانقلاب تصبح غير مؤهلة لقيادة عمل سياسي من أجل التحول الديمقراطي، و أن عملية تزيف الحقائق تجعلها غير نزيهة و لا تملك الشفافية التي تجعل الآخرين يثقون فيها، فكل المواقف بنيت بأن الحرب طلقات أطلقتها عناصر إسلامية تابعة إلي على كرتي،، رغم أن السبب الرئيس هو إنقلاب عسكري من قبل الميليشيا، و أن تغير المعلومات يؤدي إلي تغيير في كلية الفكرة السابقة..
أن حالة الاستقطاب الحادة في الشارع السياسي؛ و التي كانت جارية منذ سقوط الإنقاذ في 11 إبريل 2019م ، كانت لا تقف على معلومات حقيقية، كلها حالة غضب تتبني عليها شعارات يمليها فعل وردة فعل غيب الكثير من الحقائق، فأصبح العقل عاجز أن يجاري ضخ من المعلومات التي لا تسندها أي حقائق على الأرض فقط أن تكون مع أو ضد.. الآن بدأت تتكشف الحقائق بأن الذي جرى هو انقلاب عسكري.. و أول الخيط بالضرورة يقود إلي أخره، لآن أغلبية الشعب يريدون معرفة الحقائق مجردة، و بعيدة عن التبريرات التي غدت ثقافة عامة للقوى السياسية جميعها..
و الذي دائما أكرره في المقالات، أن كثرة الشعارات في الساحة السياسية تعتبر دليل ضعف و فقر ثقافي و معرفي في المؤسسات الحزبية، لآن عملية التغيير تحتاج إلي فكر يقود عملية التحول الديمقراطي لكي يخلق حوارا فكريا بين جميع التيارات الفكرية، حتى يرسخ لمبدأ أحترام الرأي و الرأي الأخر، و في نفس الوقت ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح على الثقافة الشمولية المتراكمة من جراء استمرارية النظم السياسية الشمولية لعقود في البلاد، فالقوى السياسية إذا كانت شحيحة في إنتاج الثقافة الديمقراطية داخل مؤسساتها و في تعاملها مع الأخر، لا تستطيع أن تكون جديرة بقيادة عملية التحول الديمقراطي.. فالديمقراطية لا تؤسس على تزيف المعلومات، و على شعارات تعلم القيادات قبل غيرها إنها لا تملك القدرة على تنزيلها على الأرض، أن أغلبية القوى السياسية فقيرة الإنتاج الثقافي و المعرفي و الفكري..
أن فئة واسعة من المثقفين و الإعلاميين بنت قناعتها على الذي يدور في الساحة السياسية من معلومات الميليشيا و إدعاءاتها الكاذبة، و هي غير مستعدة أن تغيير هذه القناعة لأنها لم تتعود طوال تاريخها أن تراجع نفسها أو تمارس المنهج النقدي، الكل يعشق منهج التبرير لأنه يعلق الخطأ على شماعات و ليس على الأفراد الذين أرتكبوا الأخطاء. و مهما تكشفت الحقائق سيظل الكل يكابر، هذه الثقافة ستظل قائمة و تؤدي مستقبلا إلي فشل أي مشروع سياسي يمكن أن ينهض بالبلاد.. " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فالتغيير و البعد عن التبرير وحده هو الذي يغير معالات السياسية و يؤدي لثقافة جديدة في المجتمع.. كل واحد أو تنظيم يجب أن يعلم أنه يملك جزء من الحقيقة التي يملك الأخر جزءها المتبقي.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إذا کانت
إقرأ أيضاً:
السعدي : الأحرار جعل من الشباب فاعلين في السياسة وليس مجرد أدوات انتخابية
زنقة20ا الرباط
قال لحسن السعدي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار وكاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إن حزب الأحرار بقيادة عزيز أخنوش تبنى منذ البداية خيار تمكين الشباب من تحمل المسؤولية السياسية، مبرزاً أن رئيس الحزب وأعضاء المكتب السياسي “فتحوا المجال أمام الشباب ودعموهم في مسار التأطير والتكوين، مما مكّن من صناعة خطاب سياسي راق داخل الحزب”.
السعدي الذي كان يتحدث خلال اللقاء الذي احتضنته مدينة أكادير ضمن محطة جديدة من جولات “مسار الإنجازات” بجهة سوس ماسة، اليوم السبت، أكد أن الشباب داخل الأحرار لم يعد مجرد فئة للتزيين أو وسيلة انتخابية، بل أصبحوا رؤساء جماعات ومنتخبين فاعلين يشاركون في تنزيل برامج الحكومة، ويساهمون في بناء مغرب الغد.
وانتقد المتحدث بعض الأحزاب التي، حسب تعبيره، “تكتفي باستخدام الشباب خلال الحملات الانتخابية، وتحصر أدوارهم في كتائب إلكترونية مهمتها بثّ السبّ والشتم”، معتبراً أن ذلك يفرغ العمل السياسي من مضمونه.
وأوضح أن شباب حزب الأحرار مفعمون بروح “التمغرابيت”، ويحملون قيماً إيجابية قائمة على الاعتزاز بالوطن والانخراط في الخطاب البناء والإيمان العميق بجلالة الملك محمد السادس، قائداً لمسيرة التنمية والازدهار.
وأشار السعدي إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة، لكنه قادر على تجاوزها بروح وطنية جامعة، مشدداً على أن “العمل السياسي ليس طريقا سهلا، بل مسار مليء بالتضحيات”، مضيفا أن الحزب اختار مواجهة الخطابات السلبية والسوداوية بخطاب إيجابي وملتزم.
وذكر السعدي بأن جهة سوس ماسة هي المعقل التاريخي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ومنها انطلقت اللبنات الأولى لبناء الحزب، مشيداً بالأجيال السابقة التي ساهمت في ترسيخ مشروعه السياسي، ومؤكداً أن الشباب الحالي “يعتبر عزيز أخنوش نموذجاً ملهماً في القيادة السياسية”، ولا يجد حرجاً في الافتخار برجل أعمال ناجح يحمل مشروعاً تنموياً وطنياً.
وفي ختام مداخلته، أكد السعدي أن الحكومة، التي يقودها الأحرار، أطلقت سلسلة من برامج الحماية الاجتماعية الموجهة بالأساس للشباب، مشدداً على أن الحزب يساهم من داخل المؤسسات في بناء مغرب المستقبل انطلاقاً من رؤية إصلاحية متكاملة.