يبدو أن الأسرة المصرية التى لديها طالب أو طالبة فى الثانوية العامة كُتب عليها أن تعيش المعاناة، ليس فقط على مدار العام بسبب ضغوط وتكاليف المصروفات الدراسية، والدروس الخصوصية التى فشلت كل الجهود فى القضاء عليها لأسباب كثيرة، وإنما أيضًا فى ضياع حلم الكثير من الأسر فى دخول أبنائهم كليات القمة التى يحلمون بها، واليقين بذلك قبل ظهور نتيجة الامتحانات.
                
      
				
نقول ذلك بمناسبة ما حدث فى امتحان مادة الفيزياء لطلاب الشعبة العلمية فى الثانوية العامة الذى أثار الجدل، سواء بسبب طبيعة وطريقة الأسئلة، أو تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى، بغض النظر عن طبيعة اللجنة التى تم تشكيلها لمراجعة الامتحان أو قراراتها، لأنه فى النهاية تبقى صدمة الامتحان ذات تأثير معنوى على الطلاب كما رأينا يوم الامتحانات.
والغريب فى الأمر أن امتحانات هذا العام يجب أن تتفق فى كل الأحوال مع الظروف التى يعيشها الطلاب على مدار الشهور الماضية، خاصة منذ بداية أزمة انقطاع الكهرباء، وتخفيف الأحمال، وأداء الطلاب للامتحانات فى درجات الحرارة المرتفعة، وأزمة أولياء الأمور فى توفير المراوح داخل اللجان رأفة بأبنائهم، الأمر الذى جعلنا نصف طلاب هذا العام بأنهم «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» أو«ثانوية المراوح وتخفيف الأحمال».
ولم تكن هناك أى مراعاة من واضعى الامتحانات تجاه هؤلاء، خاصة أن كل المواد التى أدى فيها الطلاب الامتحانات تضمنت العديد من الأسئلة الصعبة التى جعلت الكثير من الطلاب يشعرون بضياع حلم العمر، أو ضياع فرصة الالتحاق بكليات القمة، وهو ما جعل الكثير من الأسر لم يعد أمامها الآن سوى التفكير بقوة فى تدبير مصروفات الجامعات الخاصة ليقينها بضياع مبدأ تكافؤ الفرص لأسباب كثيرة.
والسؤال الذى يفرض نفسه بقوة الآن هو «هل تبقى الثانوية العامة بعبع كل بيت فى مصر وعرض مستمر لفوضى التداول والتسريب؟!». المؤكد أن دولة بحجم مصر ومؤسساتها لا يجب أن تظل على هذا الوضع الذى يؤكد صعوبة السيطرة على الامتحانات لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وانتشار الغش الذى يستفيد منه قلة قليلة تدمر أحلام وجهود المتفوقين.
والحديث عن ضبط الطلاب المتورطين فى الغش أو معاقبتهم بالرغم من كونه ضرورة، إلا أنه لن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. ومن هنا يجب التفكير فى حلين لا ثالث لهما، وهو إما السيطرة الكاملة على الامتحانات وتحقيق العدالة بين الطلاب، أو حتمية التطبيق الفورى لنظام ثانوية عامة يجعلها شهادة نجاح ورسوب فقط دون أى مقياس أو شروط للحاق بالكليات، مع الأخذ فى الاعتبار بأن الطريق الثانى سيفتح الباب أمام الكثير من خريجى الجامعات من عديمى الكفاءة للاعتماد هنا على الغش طوال سنوات التعليم.
كما أن الأسرة المصرية التى تعانى ويلات الظروف الاقتصادية الحالية، وغلاء الأسعار، وجبروت أباطرة الدروس الخصوصية من حقها أن تعيش أجواء الفرحة والاطمئنان على مستقبل أبنائها على الأقل خلال أيام الامتحانات بدلًا من تصدير اليأس لهم مع بداية الامتحانات أو منتصف الطريق خلال أداء الامتحانات فى المواد التخصصية.
خلاصة القول أن «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» كانت تستحق الكثير من التقدير الجيد للأوضاع التى يعيشها الطلاب وأولياء الأمور. كما أنها كانت تستحق الرحمة من واضعى الامتحانات، وتستحق تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التى غابت لسنوات طويلة سواء بسبب التسريب، أو التداول، أو عدم المعرفة الجيدة للطريق الذى نسير عليه فى قطاع التعليم..حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء وللحديث بقية إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تخفيف الأحمال الأسرة المصرية على مدار العام الکثیر من
إقرأ أيضاً:
دموع «هدرس» وفرحة «ريتاج»
دموعك غالية علينا يا هدرس.. وفرحتك يا ريتاج خطفت قلوب الملايين..
فى ليلة قل إنها ليلة جبر الخواطر أو ليلة الصمود فى كبرياء والصبر فى صمت انتظاراً لفرج قريب.. فهنيئاً لكل صاحب مبدأ وكل صامد صابر دون كلل أو ملل.. عاد من ظنوا أنهم كسروا إرادتهم بحصار ظالم وسوء فهم ما كان يجب أن يكون.. عادوا فى ذكرى انتصار أكتوبر المجيد وتحت شعار «وطن السلام» هدرس الإنسان المُعلم فى مثل يومه الذى وقف فيه على خشبة المسرح ليعلم تلاميذه الحب والسلام ويبث فيهم روح الوطنية والشموخ عن جزء غالٍ من تراب الوطن عن أرض الفيروز عن أرض التجلى الأعظم عن أرض السلام سيناء وأهل سيناء البواسل.. هدرس لقب فنان إنسان اسمه محمد سلام اعتذر منذ عامين بالتمام والكمال عن دور فى مسرحية «زواج اصطناعى» ضمن فعاليات موسم الرياض متضامنا مع أهل غزة، موقف فُهم خطأ من الصديق قبل الغريب ومن القريب قبل البعيد.
مع حصار غزة تم حصار محمد سلام «هدرس».. غزة حاصرها الجميع من كل هدب وصوب مجبرين أو مكرهين أو متورطين هكذا عاش هدرس محاصراً مع أهل غزة الذى فرض عليه الحصار بسببهم ومن أجلهم.. هدرس الذى رفض عشرات الآلاف من الدولارات من أجل إضحاك الجمهور قائلاً «إنه لا يستطيع إضحاك الناس وإخواتنا بيموتوا فى غزة».
ومع فك الحصار عن غزة وأهلها شاء القدر أن يفك الحصار عن هدرس فى عمل فنى عبارة عن فيلم تسجيلى اسمه «حراس الرمال» عن حكايات أهل سيناء وأبطالها.
الجمهور اعتبر أن الصدفة تحمل دلالة رمزية مؤثرة، إذ جاءت عودته فى يوم ارتبط بموقفه المبدئى قبل عامين، ليصبح المشهد بمثابة «رد جميل» لصاحب مبدأ رفض أن يفرط فى إنسانيته.. ظهور محمد سلام الذى حظى بحفاوة لا نظير لها من الحضور كان رد اعتبار لـ«الثبات على المبدأ».. الليلة دى مكنتش جبر خاطر المُعلم بس دى كانت كمان لجبر خاطر أحد تلاميذه على المسرح، الطفلة ريتاج الغزاوية.. ريتاج وفى مشهد خطف قلوب الملايين عندما لبى الرئيس عبدالفتاح السيسى طلبها وحقق ما تمنته فى مقابلة رئيس مصر وفى مشهد أبوى مؤثر تحقق لها ما أرادت.. ريتاج طفلة غزاوية لم تكن بندقية أو رشاشاً فقدت كل أفراد أسرتها فى قذف صهيونى جبان وهى الناجية الوحيدة التى بقيت لتحرك لنا مأساة أطفال غزة.. ريتاج أصيبت وخرجت من غزة للعلاج بمصر ونتج عن إصابتها بتر ساقها.. طلب رئيس مصر من ريتاج الصعود للمنصة ليلبى طلبها واستقبلها بحفاوة وأجلسها بجواره بعد أن قبل رأسها فى مشهد أبوى إنسانى بامتياز.. مشهد جمع كل معانى الألم والأمل.. مشهد جسد أمل ريتاج القادمة من وسط ركام غزة فى الحياة لتحكى لنا مأساة أطفال غزة.. لقاء ريتاج بالرئيس السيسى جسد احتضان مصر بقلبها التاريخى والإنسانى لكل أطفال غزة الذين سالت دماؤهم من بطش عدو مجرم جبان.. مشهد ريتاج وهى تجلس بجوار رئيس مصر ليس مجرد لقطة عابرة ستحتويها الأيام بل هى نقش فى الذاكرة بأحرف من نور.. ريتاج وهى تجلس بجوار رئيس مصر، تمثيلًا حيًا لآلاف الأطفال الذين لم تصل أصواتهم، وكانت تلك القبلة على رأسها من الرئيس بمثابة لمسة حانية على جبين كل طفل فلسطينى غزاوى يتألم بصمت.. ريتاج صعدت على المنصة وهى تتكئ على عكاز بعد بتر ساقها وفقد أهلها لتقول للعالم: خلف كل طفل فُقد أو أُصيب فى مأساة غزة قلب صغير يستحق أن يحلم، وأن يعيش وأن يُحتضن.
Mokhtar [email protected]
 سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي
سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي