تكشف التوترات الدولية المتصاعدة أن ساحة الصراع لم تعد تقتصر على الميدان العسكري، بل امتدت إلى الفضاء المعلوماتي الذي بات يشكل رافعة أساسية للقوة والنفوذ، وهو موضوع يحظى بنقاش ساخن هذه الأيام داخل الولايات المتحدة الأميركية.

وبحسب مقال لإيلان بيرمان -نائب رئيس المجلس الأميركي للسياسة الخارجية وعضو في مجلسي إدارة راديو أوروبا الحرة/راديو ليبرتي وشبكة البث في الشرق الأوسط– في واشنطن بوست الأميركية فإن هذه الأهمية برزت بوضوح في الحرب على غزة، إذ بدا أن من ينجح في تشكيل الرواية ويكسب "القلوب والعقول" يحقق مكاسب لا تقل أهمية عن تلك التي تُحسم بالسلاح.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكاديمي أميركي: هكذا يمكن لحركة "لا ملوك" تحويل الغضب إلى تغيير دائمlist 2 of 2نيوزويك: يمكن للرئيس ترامب فرض سلام بالسودانend of list

واستغرب الكاتب أنه رغم هذا الإدراك المتزايد لأهمية الإعلام الدولي، تتجه الولايات المتحدة إلى تفكيك واحدة من أهم أدواتها المؤسسية في هذا المجال، وهي الوكالة الأميركية للإعلام العالمي التي تشرف على منصات عدة مثل "صوت أميركا" و"راديو آسيا الحرة".

موقف إدارة ترامب

وذكر أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تواصل منذ الربيع الماضي، محاولاتها لإغلاق الوكالة وإعادة هيكلة مكوناتها في صيغ محدودة، بدلا من إصلاحها ومعالجة الأخطاء المتراكمة داخلها.

هذا التراجع الأميركي يحدث في وقت يوسّع فيه خصوم واشنطن حضورهم الإعلامي حول العالم بشكل غير مسبوق، بحسب تعبير بيرمان.

فالصين مثلا -يوضح الكاتب- تضخ مليارات الدولارات سنويا في "حملات دعاية ونشر سرديات مضللة"، وقدر باحثون في 2021 أن إنفاقها قد يصل إلى 10 مليارات دولار سنويا.

ويظهر هذا النفوذ بوضوح في أفريقيا، حيث تستحوذ بكين على مؤسسات إعلامية محلية لتوجيه الخطاب العام، وفي الحملات الرقمية التي تستهدف دولا بينها تايوان.

التراجع الأميركي يحدث في وقت يوسّع فيه خصوم واشنطن حضورهم الإعلامي حول العالم بشكل غير مسبوق، بحسب تعبير بيرمان.

أما روسيا، فرفعت إنفاقها الدعائي عام 2025 إلى نحو 1.4 مليار دولار، رغم الضغوط الاقتصادية الناتجة عن حربها في أوكرانيا، وقال بيرمان، إن تقديرات أوروبية تشير إلى أن موسكو تنفق قرابة مليار دولار إضافي عبر ميزانيات سرية، لتوسيع تأثيرها في أوروبا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

إعلان

وخلال الأشهر الأخيرة، عززت قناة  "آر تي" الروسية حضورها الإسباني في تشيلي، وأطلقت "سبوتنيك" بثا بالبرتغالية في البرازيل، كما عقدت "آر تي" شراكة إستراتيجية مع اتحاد البث الأفريقي لدعم انتشارها في القارة.

وتابع بيرمان أن إيران بدورها تزيد من استثماراتها الإعلامية رغم أزمتها الاقتصادية، إذ ارتفع إنفاقها المعلوماتي بأكثر من 30% ليبلغ 400 مليون دولار.

الكاتب قال إن إدارة ترامب لا تظهر أي تصور لإدارة منافسة إعلامية عالمية تحفظ مصالح أميركا (رويترز)

وفي مقابل هذا التوسع من جانب القوى المنافسة، تغيب الولايات المتحدة بشكل لافت عن مناطق كانت تقليديا محورا لنفوذها، مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط.

ويضيف أن إدارة ترامب، لا تُظهر حتى الآن، أي تصور متماسك لإدارة منافسة إعلامية عالمية أو لمواجهة موجات التضليل المتصاعدة.

فبعد 9 أشهر -وفق بيرمان- ما يزال البيت الأبيض مركزا فقط على تفكيك الوكالة الأميركية للإعلام العالمي ووظائفها، ولا توجد أدلة تذكر تفيد بأن أي مسؤول في الإدارة قد فكر بجدية في كيفية تعزيز أولويات الولايات المتحدة المعلوماتية الأساسية، والمتمثلة في سرد قصة أميركا وشرح سياساتها، ومواجهة التحريفات والأكاذيب التي ينشرها الآخرون بفاعلية، على حد تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

تقرير استخباراتي أميركي: بوتين عازم على مواصلة الحرب

كشف تقييم استخباراتي أميركي حديث أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبح أكثر إصرارا من أي وقت مضى على مواصلة الحرب في أوكرانيا.

ونقلت شبكة "إن بي سي نيوز"، عن مسؤول أمركي رفيع ومسؤول كبير في الكونغرس، أن التقرير، الذي توصل به الكونغرس هذا الشهر، شدد على أن وكالات الاستخبارات لا ترى أي مؤشرات على أن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات بشأن أوكرانيا.

ويتماشى هذا التقييم مع رؤية وكالات الاستخبارات الأميركية والغربية لموقف موسكو منذ بداية الحرب في فبراير 2022، وفقا لشخصين مطلعين على الأمر.

ولكن التقييم الأخير شدد على أن بوتين بدا متمسكا بموقفه أكثر من أي وقت مضى، وفقا لمسؤولين أميركيين رفيعين.

تبرير الكلفة البشرية

ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها موسكو سواء عسكريا واقتصاديا، إلا أن بوتين ما زال مصمما على التوسع في الأراضي الأوكرانية لتبرير الكلفة البشرية والمالية للحرب، بحسب ما ورد في التقييم الاستخباراتي.

وجاء هذا التقييم في وقت يسعى فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوسط لعقد محادثات سلام، لمحاولة إنهاء الحرب المستعرة منذ 2022.

 وألغى ترامب، الأسبوع الماضي، اجتماعا كان من المقرر أن يجمعه ببوتين في العاصمة المجرية بودابست، وأعلن فرض عقوبات على شركتين روسيتين للنفط.

وقال ترامب للصحفيين: "شعرت فقط أن الوقت قد حان"، واصفا العقوبات بأنها "هائلة"، مضيفا أنه "انتظر طويلا" لتطبيقها لكنه "يأمل ألا تستمر طويلا".

وتابع: "نأمل أن يتم تسوية الحرب".

ومنذ قمة ألاسكا التي جمعت الزعيمين في أغسطس الماضي، زاد إحباط ترامب، واتهم بوتين بعدم اتخاذ خطوات ملموسة لدعم التصريحات الإيجابية التي يدلي بها خلال محادثاتهما.

 وفي إحدى تصريحاته، قال ترامب إنه قد يزود أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" الأميركية بعيدة المدى، لكنه تراجع عن ذلك بعد مكالمة هاتفية مع بوتين.

ومن جهتهم، حث المسؤولون الأوكرانيون وحلفاؤهم الأوروبيون ترامب على ممارسة المزيد من الضغط على روسيا، عبر تزويد كييف بالأسلحة وفرض العقوبات، لإجبارها على وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

مقالات مشابهة

  • أميركا والصين تتفقان على تعليق رسوم الموانئ
  • كشف مئات الانتهاكات إسرائيلية في غزة.. تقرير سري أميركي ويُحرج إدارة ترمب
  • مليارديرات أميركا يسيطرون على 43% من ثروة العالم
  • أسعار النفط تستقر بعد خفض ترامب الرسوم الجمركية على الصين
  • اتفاق يسمح باستئناف تصدير فول الصويا الأميركي إلى الصين
  • محللون: أميركا تساعد إسرائيل على قتل الفلسطينيين تحت مظلة وقف الحرب
  • تقرير استخباراتي أميركي: بوتين عازم على مواصلة الحرب
  • غارديان: على خطى المجر.. هكذا سقط الإعلام الأميركي في أيدي حلفاء ترامب
  • أميركا توقع صفقة بـ 80 مليار دولار لبناء مفاعلات نووية ضخمة