الموت يفقد مواصفاته العراقية!
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
آخر تحديث: 7 غشت 2023 - 10:46 صبقلم:كرم نعمة لن تكون المرة الأخيرة التي يفقد فيها الموت “مواصفاته العراقية” برحيل ماجد أحمد السامرائي في مغتربه البارد، أدركت ذلك وأنا أقف بين العدد الضئيل حد الخيبة من أصدقاء الراحل في صلاة الجنازة.أين توارى الأصدقاء؟ ألم تكن للموت جلجلة عراقية، أم أن الموت نفسه لم يبق لنا الكثير ممن نعرفهم أو يعرفهم الراحل أبوأحمد.
تعاطف عشرات المصلين في مسجد “كينغستون” بعد إكمالهم صلاة الظهر، مع الجثمان الموضوع أمامهم من دون أن يعرفوا الراحل، فأكملوا معنا صلاة الجنازة في طقس وداعي يستعيد ذلك المشهد التاريخي الذي يعيش العراقيون فيه حزنهم الأزلي على الموت.لكن هذا المشهد لم يكتمل، بل تضاعفت الخيبة عندما ذهب العدد الضئيل نفسه لمواراة الجثمان في طقس لندني ممطر بشدة، فهؤلاء فقط ممن بقي يودع السامرائي في رحلته الأبدية. قبل أن يسرق المرض صوته لم نتوقف عن المحادثة، كان يغدق عليّ بالثناء كلما أعدت ذاكرته إلى زمن تلفزيوني عراقي، أو كلما كتبت عن فنان كان السامرائي شاهدا على تجربته بحكم عمله كمدير عام لدائرة الإذاعة والتلفزيون، بينما كنتُ الشاهد القريب منه منذ السنوات التي عاشها في ليبيا وقصة تركه موقعه كسفير للعراق في فنزويلا في تسعينات القرن الماضي، والعذاب الذي عاشه بين المطارات عندما كانت تعيده البلدان من حيث أتى، من دون أن يعرف أين وجهته. في يوم ما قصّ عليّ جانبا من الزمن التلفزيوني العراقي الذي لن تغتفر فيه الأخطاء، فبينما كان يضع رأسه بين يديه ليخفف شيئا من آلامه، شاكيا لمن جلس قبالة مدير التلفزيون آنذاك الشاعر سامي مهدي، قائلا “لم أعد أحتمل المزيد من ضغوط رئاسة الجمهورية عن كل ما يعرض على الشاشة”. لم يجد مهدي غير حكمة الصبر في زمن الحرب، وهو يهدئ من روع مديره بالقول “الحكومة حكيمة، وعليك أن تقبل بحكمتها”. وفي صباح لندني بارد جمع مبنى صحيفة “العرب” من دون موعد مسبق عباس الجنابي وماجد أحمد السامرائي وكنتُ مع فاروق يوسف أشبه بمن يكمل “لعبة الاستذكار الصحافي”، فالثلاثة عملوا معا في الإذاعة والتلفزيون في ثمانينات القرن الماضي وكان عليهم ألا يفرطوا بفرصة اللقاء النادرة، بينما كنتُ كمن يضرم النار في موقد الاستذكار عندما أعيد الأسماء بينهم، محرضا إياهم على الذكرى. اتفقوا على ما كان يجمعهم معا، العمل العراقي الوطني، لكنهم لم يقللوا من شأن ما يفرقهم، وهو حقيقة سائدة بين العراقيين اليوم. رحل عباس الجنابي عام 2021 في مغتربه اللندني، فرثاه فاروق يوسف بتساؤل موجع وصريح وكأن الجنابي وحده في حياته وموته من يُعبّر عن جدل الزمن العراقي الملتبس! والأسبوع الماضي استعاد فاروق بمقاله في “العرب” السامرائي الكاتب والإنسان في مرثاة موازية، بينما كنت أقف تحت المطر قريبا من الجثمان وأعيد السؤال عن كل الأصدقاء الذين تواروا وعن الموت الذي يعمل بجد وكأن كل من نعرفهم قد ماتوا، ولم يبق في العمر متسع لمزيد من الأصدقاء.استقبلت مقبرة ضاحية “كينغستون” على ضفاف نهر التايمز جثمان ماجد أحمد السامرائي، تحت المطر الشديد وفي آب اللاهب! تحف به الزهور والأعشاب الرطبة مثل بقية الأرواح التي ترقد بسلام في هذا الفضاء الأخضر الصغير، لكن المشهد السينمائي لمواراة الجثمان تحت المطر لا يوقف السؤال عن القدر الغامض لموت المغترب في البلاد التي اختارها.يرقد اليوم جثمان السامرائي في المقبرة المحمية بالزهور والأشجار، بينما هناك في بلاد الموت لم يتوقف العراقيون عن مهرجان احتفالهم بأكبر مقبرة في العالم! وكأن الموت قدر العراقي وحده ولا يعمل بجد منذ الأزل في كل بقاع الأرض.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
التصريح بدفن طالب لقى مصرعه غرقا بترعة الكسرة فى المنشأة بسوهاج
شهد مركز المنشأة بمحافظة سوهاج، واقعة تمثلت في غرق طالب يبلغ من العمر 13 سنة بترعة الكسرة، أثناء الاستحمام، حيث تم انتشال الجثمان بواسطة قوات الإنقاذ النهري دون وجود شبهة جنائية في الحادث.
كان اللواء صبري صالح عزب، مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، قد تلقى بلاغًا من مركز شرطة المنشاة، يفيد بغرق طفل بترعة الكسرة بدائرة المركز، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية وقوات الإنقاذ النهري إلى موقع البلاغ، وتمكنت من انتشال الجثة.
وتبين من الفحص أن الغريق يُدعى محمد ر. م. ا، 13 سنة، طالب ومقيم بدائرة المركز، وبمناظرته تبين عدم وجود إصابات ظاهرية بالجثة. وقد تم نقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى المنشاة المركزي تحت تصرف النيابة العامة، والتي صرحت بدفن الجثة.
واستُمع إلى أقوال عدد من شهود العيان على الواقعة، وهم عم المتوفى أيمن ر. م. ا، 41 سنة، مزارع، والطالب بلال ع. ع. ت، 14 سنة، والعامل محمد ع. ا. ع، 24 سنة، وجميعهم من المقيمين بذات الناحية، حيث أفادوا بأن الطفل كان يقوم بالاستحمام في الترعة، وأثناء ذلك جرفه التيار المائي لعدم إجادته السباحة، ما أدى إلى غرقه. وأكد الشهود أنهم لا يتهمون أحدًا بالتسبب في الحادث، ونفوا وجود شبهة جنائية.
وبتوقيع الكشف الطبي على الجثمان بمعرفة مفتش الصحة، أفاد بعدم وجود إصابات ظاهرية، وأن سبب الوفاة يعود إلى "إسفكسيا الغرق".
وقد تم تحرير محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق في ظروف وملابسات الحادث، وصرحت بدفن الجثة.
مشاركة