تلوح أزمة ديون في الأفق بالعديد من الدول الأوروبية بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حملت معها وعودا بتعزيز الاقتصاد، حيث تواجه الحكومات الجديدة التي انتخبت على أساس إحداث تغيير، مهمة صعبة للغاية، حسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه لا يتوفر لدى الحكومات الجديدة سوى وسائل محدودة لتنفيذ تلك المهمة، وذلك بعدما وصل الدين العام إلى مستويات قياسية.



وأوضحت أنه في كل من المملكة المتحدة وفرنسا، ارتفع الإنفاق الحكومي وعجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ عن مستويات ما قبل الجائحة، موضحة أن النمو الاقتصادي لا يزال ضعيفا، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، وتزايد احتياجات الإنفاق العام، بدءا من الدفاع إلى معاشات التقاعد.

ونقلت الصحيفة عن خبراء في الاقتصاد، قولهم إن "كل ذلك يعني أنه سيكون من الضروري اتخاذ إجراءات تقشف مالي، أي خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب". لكن السياسيين لم يعدوا الناخبين بذلك، بل على العكس، أشاروا إلى خطط إنفاق جريئة جديدة.


وبحسب التقرير، فإن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا،، قام باقتراح تخفيضات ضريبية شاملة وإلغاء زيادة سن التقاعد، على الرغم من أن مسؤولي الحزب تراجعوا مؤخرا عن بعض تلك الوعود.

في المقابل، يملك "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري أجندة أكثر طموحا تتضمن إبقاء الأسعار دون تغيير وزيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي يتطلب تقديم إعانات ورواتب أعلى، والتضحية بإيرادات الضرائب، وفقا للصحيفة.

والشهر الماضي، أكد وزير المال الفرنسي برونو لومير، أن فرنسا ستخفض العجز العام في موازنتها إلى ما دون 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 .

جاء ذلك بعدما وبخ الاتحاد الأوروبي فرنسا لخرقها قواعد الموازنة المتبعة في الكتلة، حسب وكالة فرانس برس.

أما في المملكة المتحدة، فقد أوضح حزب العمال الذي فاز بأغلبية تاريخية في الانتخابات التشريعية، أنه سينفق المزيد على الخدمات العامة بما في ذلك هيئة الخدمات الصحية الوطنية، على الرغم من أن مقترحاته الملموسة كانت متواضعة حتى الآن.

وخلال السنوات الأخيرة، تضرر اقتصاد المملكة المتحدة بسبب قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى جائحة كوفيد والتضخم المرتفع وما نتج عنه من أزمة في القوة الشرائية.


وأشار التقرير إلى ارتفاع الدين العام في المملكة المتحدة إلى 104 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 86 بالمئة في عام 2019 و43 بالمئة في عام 2007.
ونقلت الصحيفة عن كبيرة الباحثين الاقتصاديين في المعهد، إيزابيل ستوكتون، قولها إنه "من المتوقع أن يكون النمو مخيبا للآمال وأن تظل فوائد الدين مرتفعة".

وأضافت أن "هذه المجموعة من الأمور تبدو أسوأ من أي برلمان آخر في تاريخ المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية".

كما قال كبير الاقتصاديين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث، نيل شيرينغ إن "عجز الموازنات العامة يزيد حاليا بمقدار 3 نقاط مئوية عن مستويات ما قبل الجائحة عبر الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، ويعكس ذلك جزئيا ارتفاع مدفوعات الفائدة، وزيادة الإنفاق التي لم تعد مرتبطة بالجائحة"، وأضاف أن "ليس هناك مجال كبير للتوسعات المالية الكبيرة"، حسب التقرير.

أما ألمانيا، فقد تحولت، وفقا للصحيفة، إلى عجز كبير في الميزانية بعد أن كانت تحقق فوائض في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

والجمعة، أعلن تحالف المستشار أولاف شولتس، بعد شهور من المفاوضات الصعبة، أنه توصل أخيرا إلى اتفاق بشأن الميزانية للعام المقبل.


وتضمن الاتفاق قواعد اقتراض صارمة للبلاد مع توفير بعض الإجراءات لتنشيط النمو الاقتصادي الضعيف وتعزيز الإنفاق العسكري، حسب التقرير.

وفي إيطاليا، تجنبت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني حتى الآن تمردا من قبل المستثمرين من خلال تخفيف خططها الإنفاقية واعتماد لغة تصالحية تجاه بروكسل. إلا أن مثال ميلوني قد لا يكون نموذجا لما يحدث  إذا تولى "الشعبويون" (القوميون)، مناصب حكومية في أي دولة أخرى، حسب الصحيفة.

وكانت دراسة أجريت عام 2023 على 51 رئيسا شعبويا ورئيس وزراء بين عامي 1900 و2020، أظهرت أنهم يميلون إلى التعثر اقتصاديا.

وبحسب معهد كيل للاقتصاد العالمي، فإن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي والاستهلاك انخفض خلال الـ15 عاما الماضية، بأكثر من 10 بالمئة في ظل الحكومات "الشعبوية" مقارنة بالحكومات غير الشعبوية، كما تتجه أعباء الديون والتضخم إلى الارتفاع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الاقتصاد فرنسا إيطاليا اقتصاد المانيا فرنسا إيطاليا أوروبا المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة المتحدة الناتج المحلی

إقرأ أيضاً:

موديز تخفّض التصنيف الائتماني لواشنطن على وقع تصاعد الدين العام والإنفاق الحكومي

يرى خبراء أن هذه التطورات تأتي في لحظة هشة للأسواق الأميركية، خصوصًا في ظل التوترات الناتجة عن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين رئيسيين. اعلان

أعلنت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" يوم الجمعة عن خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة، من "Aaa" إلى "Aa1"، مشيرةً إلى القلق المتزايد بشأن حجم الدين الفيدرالي الذي بلغ 36.2 تريليون دولار، والفشل المستمر في كبح العجز المالي.

وقالت الوكالة في بيانها: "فشلت الإدارات الأميركية المتعاقبة والكونغرس في التوصل إلى تدابير فعّالة للحد من العجز السنوي الكبير وتكاليف الفوائد المتزايدة". كما غيّرت "موديز" نظرتها المستقبلية للولايات المتحدة من "سلبية" إلى "مستقرة".

جاء قرار التخفيض بعد ساعات من فشل الرئيس دونالد ترامب في تمرير مشروع قانون ضريبي كبير في مجلس النواب، حيث عارضه أعضاء جمهوريون متشددون بدعوى أنه لا يتضمن خفضًا كافيًا في الإنفاق العام.

Relatedلأول مرة منذ 100 عام .. روسيا تتخلف عن سداد ديونها بحسب وكالة موديز موديز: خطة الميزانية اللبنانية الجديدة لن تعالج مشاكل الدين

ويهدف القانون إلى تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، والتي كانت إحدى أبرز إنجازات ترامب التشريعية في ولايته الأولى، رغم تحذيرات محللين محايدين بأنها ستضيف تريليونات جديدة إلى الدين الوطني.

وقد أثار قرار "موديز" انتقادات من حلفاء ترامب. ووصف ستيفن مور، المستشار الاقتصادي السابق لترامب والباحث في "مؤسسة هيريتج"، القرار بأنه "شائن"، مضيفًا: "إذا لم يكن السند الحكومي الأميركي من فئة AAA، فما الذي يمكن أن يكون؟".

كما هاجم مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، كبير اقتصاديي "موديز أناليتيكس"، مارك زاندي، واصفًا إياه بأنه "خصم سياسي" لترامب، رغم أن زاندي يعمل في وحدة تحليل اقتصادي منفصلة عن وكالة التصنيف نفسها.

تداعيات اقتصادية محتملة

أدى القرار إلى ارتفاع عوائد سندات الخزينة الأميركية بعد إغلاق الأسواق، ويتوقع محللون أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التقلبات عند افتتاح الأسواق يوم الإثنين، نظرًا لحساسية المستثمرين تجاه المخاطر السيادية.

وقال داريل دافي، أستاذ المالية في جامعة ستانفورد وعضو سابق في مجلس إدارة "موديز": "هذا يؤكد أن الولايات المتحدة لديها ديون مفرطة، والكونغرس مضطر لأن ينضبط ماليًا، سواء بزيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق".

وأضاف سبنسر حكيميان، الرئيس التنفيذي لشركة "تولو كابيتال مانجمنت": "هذا الخفض يعكس اتجاهاً طويل الأمد من عدم الانضباط المالي، وسيؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للقطاعين العام والخاص".

وتوقعت "موديز" أن يصل عبء الدين الأميركي إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مقارنة بـ98% في عام 2024، ما لم تُتخذ تدابير فعّالة وطويلة الأمد للحد من العجز.

رئيس لجنة الموازنة التابعة لمجلس النواب الأميركي جودي أرينغتونAP Photo

يُذكر أن لجنة الموازنة التابعة لمجلس النواب الأميركي، ذات الأغلبية الجمهورية، رفضت الجمعة مشروع القانون الضريبي، رغم أنه يتضمن إعفاءات ضريبية على الإكراميات والعمل الإضافي، وزيادة في الإنفاق الدفاعي، وتمويل إضافي لسياسات ترامب المتشددة تجاه الهجرة. وحدد رئيس اللجنة، النائب جودي أرينغتون، جلسة استثنائية نادرة مساء الأحد لمحاولة إعادة طرح المشروع.

ويرى خبراء أن هذه التطورات تأتي في لحظة هشة للأسواق الأميركية، خصوصًا في ظل التوترات الناتجة عن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين رئيسيين، مما أثار مخاوف من حرب تجارية وتباطؤ اقتصادي.

اعلان

وقال جاي هاتفيليد، المدير التنفيذي لشركة "إنفراستركشر كابيتال أدفايزرز": "الأسواق حساسة للغاية الآن، وسيكون لهذا القرار وقع واضح مع بداية الأسبوع".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • ديون أميركا تُسقطها من قمة التصنيف الائتماني.. ماذا بعد؟
  • موديز تخفّض التصنيف الائتماني لواشنطن على وقع تصاعد الدين العام والإنفاق الحكومي
  • نهاية أزمة المغربي بوطيب: الزمالك يدفع 2.4 مليون يورو ويرفع حظر الفيفا
  • مؤشرات وول ستريت على أعتاب السوق الصاعدة مع هدوء مخاوف الحرب التجارية
  • قادة أوروبا يبحثون قضايا القارة الأكثر إلحاحا
  • رغم رحيله عن «القارة العجوز».. ميسي يتصدر «منصة الأساطير»
  • الأمم المتحدة تحذر: نصف أطفال اليمن يعانون من خطر سوء التغذية
  • الأمم المتحدة تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي
  • الأردن يسجل إنفاقاً صحياً بـ2.67 مليار دينار في 2022
  • قادة يهود في أوروبا يتحدثون عن أزمة كبيرة يواجهونها جراء ما يجري في غزة