هنية يستبعد حرباً في الجنوب ولا يعارض حواراً مع القوات
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
كتب رضوان عقيل في" النهار": يتابع رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية تفاصيل مفاوضات الصفقة المنتظرة في قطاع غزة رغم ان الفريق الاسرائيلي السياسي في تل ابيب بقيادة بنيامين نتنياهو فضلا عن مجموعة اليمين المتطرف لا تزال تراهن على التملص من الضغوط الاميركية وما تطلبه الدوحة والقاهرة بغية كسب المزيد من الوقت وانتزاع تنازلات من "حماس".
وتفيد معطيات "حماس" ان اسرائيل لا تقدر بسهولة على توسيع نطاق اعمال الحرب اكثر في جنوب لبنان وهي على تنسيق تام ومفتوح مع قيادة "حزب الله". ولم تتجه الحركة الى تعليق المفاوضات الجارية وفق الشروط التي وضعتها مع التشديد على وقف الحرب والعدوان الاسرائيلي المفتوح. وتتوقف عند تداعيات الحرب في جنوب لبنان مع الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في هذا الخصوص. ويلاحظ في مجمل اكثر مواقف الحركة ابداء "ايجابية" حيال اميركا والرئيس جو بايدن في اطار سعيه
الى تحقيق الهدوء في غزة ومنع الاسرائيليين من مواصلة حربهم في غزة رغم عدم سكوت "حماس" عن الدعم العسكري والسياسي واللوجستي والمتواصل لتل ابيب والذي لم ينقطع في الاصل. وتتوقف الحركة ايضا عند حصول تحولات وتطورات ايجابية في المجتمع الاميركي فضلا عن دول اوروبية عدة اخذت تعرف حقيقة الفلسطينيين ومعاناتهم وعدالة قضيتهم.
اما في خصوص لبنان فيؤكد هنية كما ينقل عنه انه لا يريد الا كل الخير للبنان ونسج علاقات ل "حماس" مع كل مكوناته وان هذا البلد لم يقصر ولا يزال في احتضان قضية الفلسطينيين وحمل لواء قضيتهم.
وعلى عكس ما يتردد في وسائل الاعلام وما يشاع من تأليب الرأيين العامين الفلسطيني واللبناني فان "حماس" تكرر وتؤكد على سلوك قنوات الحوار والتجاوب مع كل المساعي التي تصب في مصلحة ابناء الشعبين. وتقول قيادة الحركة هنا انها مستمرة في التنسيق مع القوى اللبنانية الحليفة والصديقة لها وانها لا تعارض ايضا التلاقي والحوار حتى مع الاطراف التي لا تلتقي معها ولا تشاركها في الموقف السياسي وفي مقدمها حزب "القوات اللبنانية" "ولاتوجد اي مشكلة لدينا في التواصل معها ودخولنا في حوار مع كل الاطراف والتوقف عند كل الهواجس. ولا نمارس سياسة الانغلاق حيال كل الجهات اللبنانية. وان استقرار لبنان مسألة لا تخص اهله فحسب بل تعنينا ونحرص على ايجادها".
وفي موازة ذلك يشدد هنية على ضرورة التلاقي بين كل الفصائل الفلسطينية وعدم الدخول في اي مشكلات في ما بينها. ويقول ان وفد حركته سيشارك مع حركة " فتح" في اللقاء المقرر في بكين في الأيام المقبلة "ولا صحة ان "حماس" تتجه الى مقاطعة هذا الاجتماع برعاية صينية".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الفظائع التي لن ينساها التاريخ
يتواصل المسلسل الإجرامي في غزة بشكل تصاعدي، بعد انسحاب الكيان والراعي الرسمي له من مفاوضات الدوحة، والدخول في متاهة البحث عن مخرج من الوضع الإنساني الكارثي الذي أنتجته سياسة “جهنم” الأمريكية الصهيونية في غزة.
جريمة نكراء تنزع ما تبقى من ورق توت على خاصرة حضارة النفاق العالمي المؤطر للإجرام عبر التقتيل والتجويع والتشريد والتهجير والإبادة المنهجية في عالم القرن الـ21 وليبرالية قرن أمريكا والغرب التي باتت تتفتَّت أوراقُها مع خريف شتاء قادم يعرِّي ما تبقى من سيقان وأغصان نبتت من جذع مشترك: ديمقراطية وبرجوازية عصر ما بعد قرن الأنوار.
الجُرم المشهود، والإبادة الشاملة، والإنكار الأمريكي والصهيوني وحتى لدى بعض دول الغرب التي بدأ جزءٌ منها يخرج عن الصمت المريب، والخنوع المطلق لإرادة أمريكا والصهيونية العالمية، أوصل الوضع في غزة إلى حالة الفضيحة العالمية المدوِّية، دفعت الكيان وعرَّابه في سلسلة ألاعيب المفاوضات الدائرة رحاها منذ 22 شهرا، إلى انسحاب تكتيكي أمريكي صهيوني في الدقائق الأخيرة من الاقتراب من موعد التفاهم على آخر بند متعلق بطريقة توزيع المساعدات التي تريد كل من الولايات المتحدة والربيب الصهيوني الإبقاء على صيغة الرقابة التامة بشأن إدخال المساعدات وتوزيعها ولو بـ”القتل مقابل كيس طحين”، بما يمنح سيطرة لجيش الكيان على غزة ونهاية المقاومة واستسلام حماس. هذا ما لم يحدث تحت طائل المفاوضات العبثية.
انسحابٌ تكتيكي صهيوني أمريكي، بغرض إلقاء اللوم على حماس ومضاعفة المزيد من الضغط عليها للحصول على تنازلات لن تقدّمها حماس، إلا ضمن الرؤية والتصوُّر الذي قدَّمته للوسطاء من قبل ومن بعد.
إقدامُ العدوّ، في آخر لحظة بعد انسحاب الوفد الأمريكي الصهيوني من محادثات الدوحة، على ذرِّ الرماد في أعين العالم المصاب بالذهول لما يحدث أمام أعينه، عبر السماح بإدخال بعض الشاحنات شمال غزة وجنوبها وهدنة مؤقتة موقوتة، لتوزيع وجبات العار والدمار باتجاه تجمُّعات تريد فصلها عن باقي القطاع في شكل محتشد إنساني تتحكم فيه وفي إدارة المساعدات ولو بإطلاق النار على المجوّعين، أو إنزال طرود جوية، ليس في الواقع سوى مسرحية سريالية عبثية وفرجة عالمية ساخرة من سلطة احتلال وعرّابه، بغطرسته الإجرامية لما يحدث، محاولة منهما تبييض وجه أسود لكيان مجرم مدعوم أمريكيًّا بشكل لا يصدًّق وغير مسبوق: تبييض وجوه سود ببشرة بيضاء، أخرجت الحامل والمحمول من دائرة الإنسانية إلى دائرة التوحُّش الإجرامي المشهود.
مناورة سرعان ما اتّضحت نيّاتها على يد راعي الكيان: “حماس تدرك أنها ستموت بعد أن تفقد أوراق ضغطها، وستموت”، قبل أن يعلن من جديد عودة المفاوضات إلى مسارها، عندما أبلغت حماس الوسطاء والعالم عبر خطاب خليل الحية أنه لا معنى لحياة مفاوضات تحت طائل التقتيل والتجويع، بما يعني انسحاب محتمل لحماس من مفاوضات الدوحة.
هذا الوضع، لا يريح الكيان وداعميه في الولايات المتحدة والغرب، لأنهم لا يملكون ورقة أخرى لم يجرّبوها بالحديد والنار والعار، والمكر الغدار، فتسارع هذه الدوائر، إلى محاولة أخرى بائسة ويائسة معا: شيطنة المقاومة إعلاميًّا وعمليًّا عبر الظهور بوجه المتظاهر بالإنسانية، أخيرا، الرؤوف، المتباكي بدموع تماسيح على ضحايا بسبب “تعنّت حماس”.
مسرحية واحدة بإخراج متغيِّر ومشاهد متجددة لا تخفي النيّات ولا الغايات.
أعمال وممارسات وحشية، يندى لها ضمير قرن الـ21، الذي سيرسم التاريخ يوما أن المحرقة النازية تبدو أقلَّ شأنا من نازية ضحايا النازية أنفسهم، وهذا بشهادة شهود من أهلها، ممن لم تتمكّن الفظائع من جعلهم يبتلعون ألسنتهم.
الشروق الجزائرية